د. محسوب يكتب: غزوة ليبيا
(2/28/2015)
حاولت عصابة القمع أن تحمل كل ماراكمته من أزمات وكوارث داخلية في مجال الأمن والانشقاق المجتمعي وزيادة عدد الشهداء من كل أطياف المجتمع وتجاوز قمع الشرطة لكل حدود وأزمات الغاز والكهرباء والاقتصاد وسعر الصرف.. لتلقي به عبر الحدود الغربية إلى الداخل الليبي..
لكن أداءها المغرض والمرتبك والمتسم بكل موروثات مبارك من ضعف ومرض الانحناء للغرب أدى إلى زيادة الأزمات والمصاعب لا تراجعها..
وبينما ظهرت مصر باعتبارها تساند طرفا على طرف في الصراع الليبي ظهر الغرب قائدا لمسار المصالحة بين أطراف الأزمة الليبية.. وبالتالي أمست النتائج كارثية على المدى القريب وأشد كارثية على المدى المتوسط البعيد..
فعلى المدى القريب:
- - ارتفاع مستوى التهديد الذي يتعرض له المصريون بالداخل الليبي..
- - تنامي مستوى التهديد الذي تتعرض له حدودنا الغربية الممتدة لما يزيد على 1100 كيلو..
- - تبديد عدة عشرات من ملايين الدولارات في محاولة رسم بطولة مزيفة في مواجهة لا شئ..
- - الغرق أكثر بمستنقع الصراع الليبي مساندة للطرف الأقل حظا في المستقبل وفي تركيبة العلاقات القبائلية الليبية لمجرد كونه يمثل ثورة مضادة كعصابة قمعنا..
أما على المدى المتوسط والبعيد:
- - فقدان أي فرصة في المشاركة في إعادة إعمار ليبيا، سواء انتهى الصراع فيها بحسم لصالح فجر ليبيا أو بمصالحة وتشكيل حكومة وطنية موسعة..
- - فقدت مصر أي قدر من التأثير السياسي على مجريات الأحداث الليبية..
- - تغير النطاق الجغرافي لعمل القوات المسلحة المصرية لأول مرة في تاريخها وكأنها تواجه عدوا على حدودها الغربية بما يستتبعه من زيادة نفقات الأمن المرتفعة فعلا دون وجود نظرية محترمة للأمن القومي بل ودون وجود عدو حقيقي سوى ما اصطنعه الانقلاب بسبب سوء إدارته للعلاقة مع ليبيا..
- - انهيار احتمالات الاستفادة من البترول الليبي، سواء مشاركة في مشروعاته أو معالجته أو نقله أو استهلاكه، ومن ثمّ تبقى مصر أسيرة الحاجة للبترول الخليجي إجابا أو سلبا باحثة عن فتيات يقدمن ورودا لسائحي الخليج لتحتفظ بتدفق المساعدات..
- - لكن الأهم، أن ليبيا أمست مرشحة لوجود مذهل للقوى الدولية بعد أن ظهرت تلك القوى وكأنها، على غير الحقيقة، الحضن الأكثر دفئا بينما ظهرت مصر باعتبارها الجار الانتهازي الذي يحاول السيطرة على ثروات ليبيا بادعاءات مسطحة.. بينما أن وجود ليبيا قريبة من كافة الأطراف ومحاولة رأب الصدع بينها كان كفيلا بحفظ دور محوري للدولة المصرية وتوفير دعم قومي للأطراف الليبية في مواجهة التدخلات والضغوط الدولية..
- - بالتالي تمسي مصر بسبب كارثية أداء عصابة القمع، محاصرة بين عدوى مدجج بالسلاح، بما فيه النووي، في شمالها الشرقي، ووجود غربي أمني واقتصادي لا يقبل بسهولة أي صعود عسكري أو اقتصادي للدولة الأكبر في المنطقة..
- - ولو أضفنا لذلك الحصار المضروب من إيران لمنطقة باب المندب بعد الخليج العربي، فمن الممكن أن يرى أي قارئ للأحداث كيف يتبدد كل دور استراتيجي لمصر على المدى القريب أو المتوسط، مالم تحدث تغيرات في الداخل المصري تغير من أداء الدولة المصرية لتستعيد المبادرة في حماية أمنها وأمن أشقائها العرب والتخلي عن دور الخادم الأعمى في نظام دولي مختل..
لكن المأساوي أن عصابة القمع روّجت لنصر مظفر على شاشات الميديا في مواجهة شعب محتجز بقاعة مظلمة لا يرى العالم إلا من خلال نافذة افتراضية، هي في حقيقتها شاشة تلفزيون عريضة يتداول الظهور عليها أراجوزات تحركهم أصابع مكتب سكرتارية أحد المسئولين..
بينما تزداد جروح مصر في جنبها الغربي بعد أن ملأت الجروح جنبها الشمالي الشرقي وهي تنزف في منطقة القلب..
الثورة فقط هي الجراح القادر على أن ينقذ بلدا عظيما من يد طغمة تافهة تعتقد أنها تدير عصابة مافيا لا وطنا بحجم مصر..
#عودوا_إلى_ثورتكم
المصدر
- مقال:د. محسوب يكتب: غزوة ليبيا موقع: الشرقية أون لاين