د. عوض السيد يكتب: إلى الذين شيطنوا مرسي

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. عوض السيد يكتب: إلى الذين شيطنوا مرسي

بتاريخ : السبت 14 سبتمبر 2013

دائما أحاول أن ألتمس العذر للمخالف في الرأي ، أحسن به الظن و أفترض فيه حسن النية ،وأعتبره حريصا على الوصول إلى الحق لكنه يراه من وجهة نظر أخرى ، لذلك أحاول أن أرى الأمور من وجهة نظره هو لعلي أتفهم موقفه أو أرى الحق كما يراه هو.

فيقيني أن هناك كثيرين حريصون على أن يكونوا مع الحق وأن يصلوا إلى الصواب - وإن أخطأوه.

وأعرف الكثيرين من الناقدين الناقمين بشدة على الرئيس مرسي بل المتحاملين عليه جدا ، لكنني لا أشك أبدا في صدقهم وإخلاصهم ووطنيتهم وحرصهم على الانحياز إلى الحق والصواب.

ولأنني شخصيا كثيرا ما اتخذت موقفا أو تبنيت رأيا أعتبره عين الحق والصواب ثم اكتشفت بعد ذلك أن هذا الموقف أو الرأي لم يكن هو الموقف الصحيح.

ولأن الصحابة اختلفوا فيما بينهم وتقاتلوا حتى قتل منهم عشرات الآلاف ولم يكن أحدهم يريد إلا الحق فأصابه بعضهم وأخطأه البعض لكنهم جميعا فازوا بأجر أو أجرين ونحتسب قتلاهم جميعا شهداء.

لمثل هؤلاء أتحدث وليس لمن اتخذ موقفا مبدئيا مخالفا بل معاديا معاندا بغير مبرر أو منطق إلا حسد القلب وكرها للحق وأهله ممن ارتكست فطرهم أو ارتبطت مصالحهم بوجود الفساد والفاسدين.

لهؤلاء الذين شيطنوا مرسي رغم حرصهم على طلب الحق أقول :-

بالله عليكم ... ماذا نقمتم من الرجل

• هل من العقل والإنصاف أن نحاسب الرجل بعد سنة من حكمه على تركة فساد أكثر من ثلاثين عاما حتى اعترف سدنته أنفسهم بذلك ( فقالوا إن الفساد أصبح للركب ) وقال رئيس الموساد الصهيوني السابق ( لقد أفسدنا الوضع في مصر بدرجة تستعصي لا ينفع معها أي إصلاح ) ؟
• وهل توقف الأمر على ذلك ، بل وجدنا من تآمروا عليه وتعمدوا صناعة الأزمات والمشكلات وكلنا نعرف من وراء ذلك
• ووجدنا كل مفاصل الدولة العميقة ( شرطة – قضاء – مؤسسات وجهاز بيروقراطي – وأخيرا نكتشف العسكر الذي كان يتصل بأمريكا ويخطط معهم باعتراف السيسي نفسه ) إما متآمرين أو متقاعسين معوقين عن عمد
• هل من الإنصاف أن نحكم على الرجل وهو تحت كل هذا القصف والتشويه المتعمد من الاعلام فضلا عن الحرب المتعمدة في كل المؤسسات
• لقد فاز الرجل بـ51% في تجربة فريدة في مصر كدول العالم العريقة في الديموقراطية ، لكننا لم نر في العالم كله الملايين الذين اختاروا المنهزم يتترسون ضد المنتصر ويصدرون له الأزمات عن عمد دون ان يعطوه ادنى فرصة لتنفيذ برنامجه و دون النظر لمصلحة الوطن ، فهل من المنطق أن ننحاز مع من تعمد صناعة المشكلات ضد من حاول حلها وإن فشل ، رغم أن الرجل حاول جاهدا وقطع أشواطا حقيقية رغم قصر المدة واستشراء الفساد وشدة القصف
• في أكثر دول العالم تتعالى الدعوات بإعطاء الفرصة للرئيس بعد أربع سنوات من حكمه لأنه لم يأخذ فرصته بعد ( حدث ذلك في أمريكا وفرنسا وغيرها )، بل لقد تعالت هذه الدعوات في مصر تطالب أن نعطي الفرصة لمبارك في مسرحية انتخابات رئاسته الأخيرة ثم أثناء ثورة يناير وبعد ثلاثين سنة من الفساد فلماذا نرفض ذلك مع مرسي
• في كثير من الدول كانت استطلاعات الرأي تقول إن الرئيس فلان تراجعت شعبيته بشدة بعد انتخابه بفترة ومع ذلك لم يطلب احد من رئيس منتخب ان يرحل دون ان يكمل مدته ، بل كثير من الاحيان كنا نجد الرئيس الذي تراجعت شعبيته يفوز في الانتخابات التالية
• هل رأينا في العالم كله من يحكم على شعبية رئيس بالحشد الميداني ؟ نحن نعلم ان اكثر من 11مليون لم يختاروا مرسي فمن الطبيعي ان نجد في الشوارع ملايين ضد الرجل لكن هل هذا هو المشهد الكامل
• مباراة كرة القدم 45 دقيقة فاذا نظرنا لنتيجة المباراة بعد 20 دقيقة مثلا هل يمكن ان نعتبرها نتيجة نهائية ومعبرة وان الخاسر في هذه اللحظة هو الخاسر في النهاية

ثانيا :- ماذا رأينا من الرجل خلال سنة

1- على المستوى الشخصي : تنازل عن حقوقه وتصدق بعرضه - لم يأخذ راتبه طول مدة رئاسته – وجه بعدم تعليق صورته في المصالح والمؤسسات وكذا إعلانات تهنئته – ظل في شقته ولم ينتقل للسكن في قصور الرئاسة – لم يأخذ زوجته معه على طائرة الرئاسة بل على طائرة عادية على حسابه الخاص
2- تعامله مع معارضيه ومن تطاول عليه من الاعلاميين والفضائيات :- لم يقصف قلما أو يغلق قناة أو يرد على إساءة أو يرفع دعوى ضد أحد ترسيخا وحفظا لكرامة المصريين ومكتسبات الثورة ( قارن بين سمة حكمه وبين ما فعله الانقلابيون من أول لحظة حتى مع المختلفين معهم في الرأي من رفقاء طريقهم أمثال البرادعي وعمرو عبد الهادي وأبو تريكة وأيمن نور واسماء محفوظ ونوارة نجم وأبو دراع و.... )
3- تعامله الراقي مع مؤسسة القضاء وكذلك الإعلام رغم الانحياز الفج والانحراف والظلم الواضح البين الذي لا تخطئه عين منصف واحتياج الأمر في عدة مواقف إلى استخدام صلاحياته للفصل بين السلطات ورغم ذلك لم يلجأ لذلك إنضاجا للتجربة وتشجيعا على الحرية ( لقد كان – غفر الله له - يتعامل بمثالية ، وكان يظن أن الخلاف لا يتعدي مجرد اختلاف في وجهات النظر وكان لا يتصور أبدا أن يصل الأمر إلى العمالة والخيانة والكيد والتدبير ضد مصلحة البلد
4- حرصه على استقلال الوطن من التبعية وتحقق كرامته عن طريق :-
أ‌) الخروج من عباءة التبعية مع الاخذ بالاسباب التي تجعل ذلك واقعا وليس مجرد أماني مثل :-
ب‌) العمل الجاد على الاكتفاء الذاتي من الغذاء خاصة القمح وتحقيق انجاز ملحوظ في ذلك خلال السنة
ت‌) تنويع مصادر استيراد السلاح وكسر التحكم فينا بسبب الاكتفاء بالتسليح من مصدر واحد فقط فضلا عن اتخاذ خطوات لتصنيع بعض الاسلحة
ث‌) فتح ابواب للتصنيع الذي يخرجنا من الاعتماد على الغير فضلا عن فوائد اخرى كثيرة
ج‌) عودة مصر سريعا الى الحضور الاقليمي والدولي المؤثر والذي يليق بقيمة ومكانة مصر التاريخية بعد تراجع حاد لهذا الدور بسبب أداء النظام البائد
5- حرصه على الانتقال بنظام الحكم في مصر من حكم الفرد الى نظام مؤسسي حتى لا تبقى مصر تحت رحمة الحاكم إن كان صالحا صلح الحكم وإن كان غير ذلك هدم كل شيء وذلك عن طريق :-
أ‌) إنجاز دستور للبلاد لم يحدث في تاريخ مصر ويعد من أعظم دساتير العالم بداية من إجراءات اختيار جمعيته مرورا بخطوات اختيار مواده وصولا إلى المنتج النهائي وذلك بشهادة المنصفين رغم بعض الملاحظات التي أثيرت حوله ، فالكمال لله وحده
ب‌) حرصه على وجود سلطة تشريعية مستقلة تتشكل عن طريق إجراءات صحيحة وبإرادة حقيقية للشعب ، فقد تم تحديد موعد لانتخابات البرلمان في شهر ابريل الماضي لكن حكم الدستورية عطل ذلك
ت‌) حرصه على وجود سلطة قضائية مستقلة وذلك عن طريق احترام القضاء وعدم التدخل في شئونه بل وتراجعه عن قراراته ونزوله على أحكام القضاء رغم وجود شبهة عدم النزاهة
ث‌) قام بتغيير أسلوب الإدارة في الرئاسة من فرد حاكم بأمره يأمر وينهي والجميع سكرتارية له إلى نظام مؤسسي يتكون من رئيس ونواب ومساعدين ومستشارين دون أن تتوه المسئولية

ثالثا : ما أهم نقد وجه لمرسي

• هل وجه له اتهام بالخيانة أو العمالة أو عدم الوطنية ؟ دعك من الافتراءات التي لفقت للرجل بعد الانقلاب عليه
• هل وجه له اتهام في الذمة أو الأمانة والشرف ؟ لقد اكتشفنا أنه لم يقبض راتبه – لم يترك شقته ويسكن مع أسرته في قصور الرئاسة ولو فعل ما لامه أحد – لم يصطحب زوجته على طائرة الرئاسة
• إن أقصى ما اتهم به الرجل أمران :- أ) أخونة الدولة ب) عدم شدته مع المعارضين الفاسدين
• أما أخونة الدولة فقد ثبت كذب هذا الادعاء ويستطيع كل منصف أن يفند هذه التهمة بالأرقام
• ولو ثبت صحة هذه التهمة فإنها لا تعد تهمة في الأساس وراجعوا ما يحدث في العالم كله ، إن كل حاكم لكي ينجح يختار من يساعده ويتبنى برنامجه
• أما تهمة التسامح الزائد عن الحد فقد راينا النقيض الآن فأيهما أسوا وأنكى
• وحتى لو صحت التهمتان فهل يعد ذلك مبرر للانقلاب عليه والإطاحة بالتجربة برمتها؟

نحن لا نفترض في الرجل الكمال ولا نعتبره بغير أخطاء ، لكن الحقيقة التي لا ينكرها منصف أن الرجل مهما كانت أخطاؤه فإنها :

لا تشكك في نزاهته أو أمانته أو وطنيته أو نيته ولا يمكن أن نجد فيها شبهة تعمد الخطأ ، في حين نجد من الطرف الآخر : تعمد الإفساد بصناعة الأزمات – تعمد التشويه والكذب والخداع – ثبوت الاتصال بجهات خارجية دون علم الرئاسة – التآمر على الرئاسة داخليا وخارجيا – تعمد عدم التعاون وعصيان الأوامر

ثم نجد بعد كل ذلك من يشيطن مرسي ويقف في صف الجلاد ضد الضحية او مع الخائن ضد الأمين

و نجد رد الفعل ضد مرسي أكبر بكثير من الأخطاء التي يمكن أن تنسب إليه الصحيحة منها وغير الصحيحة

بل نجد أن الحرب عليه بدأت من أول يوم لولايته وقبل أن يكون له أي أخطاء

وهذا يعني أن الحرب على الرجل لا علاقة لها بأدائه بل بأمر آخر

إنه المشروع الذي يحمله والذي عبر عنه السيسي ووزير الخارجية والبرادعي وعمرو حمزاوي وحلمي نمنم وغيرهم

إنهم يقفون ضد المشروع الإسلامي حتى وإن حاولوا أن يخدعونا بغير ذلك

ولو كان مكان مرسي أي حاكم آخر ذو مرجعية إسلامية لكانت نفس الحرب ونفس الافتراءات

لقد حارب العرب مع المدعو " لورانس العرب " ضد جيش الخلافة بدعوى الاستقلال عن الاحتلال التركي وحين انتصروا عليه فوجئوا بقائدهم الفرنسي لورنس يقف أمام قبر صلاح الدين ويضع قدمه على قبره ويقول " ها قد عدنا ياصلاح الدين "

أخي ... بالله عليك ... حين تجد من يتضرر من حكم مرسي وفي نفس الوقت يفرح بما فعله السيسي هم اليهود والأمريكان هل يطمئن قلبك لما حدث

أسأل الله أن يبصرنا بالحق قبل فوات الأوان وأن يرزقنا اتباعه ونصرته حسبة لله وطمعا في جزائه واستنقاذا لأمتنا ووطننا من الهوة السحيقة التي يريدونها لنا

المصدر