د. حمزة زوبع يكتب: 100 يوم نكد!
قال الشاعر: من يهن يسهل الهوان عليه ما لجرح بميت إيلام
هؤلاء قوم موتى، ماتت ضمائرهم وأرواحهم، فما الذي تتوقعه منهم في مائة يوم أو مائة عام. فمن يزرع الشوك لا يجني به العنب، وهؤلاء لم يزرعوا الشوك بل زرعوا القتل والسجن والتشريد، ولن يجنوا سوى الغضب والمرارة وسوء العاقبة.
في مائة يوم انقضوا على الشرعية، وعطلوا الدستور، وأغلقوا مجلس الشورى، وهي إنجازات شعب بأكمله.
في مائة يوم اختلفوا حول الدستور الذي يحيكونه على يد نفر لا علم لهم بالقانون ولا بالدساتير، وكل خبرتهم أنهم من المتمردين على الشرعية.
في مائة يوم أغلقوا القنوات والصحف، وأغلقوا الأحزاب والجمعيات، ونشروا الخراب في عموم البلاد.
في مائة يوم قتلوا الآلاف، وهو رقم يتجاوز من قتلهم جيوش العرب من جيش بني صهيون.
في مائة يوم فُتحت السجون وأغلقت المستشفيات في وجه المصابين والجرحى الذين تجاوزوا الآلاف، ولم يجدوا يدا تحنو عليهم، وأنى لهم أن يجدوها وقد تحولت يد الانقلاب إلى يد قتل وعربدة.
في مائة يوم تسولنا مليارات الدولارات، فأنفقها الانقلابيون على نشر القوات في ربوع مصر، ووزعوها على الإعلاميين والمفسدين من القضاة والقتلة في جهاز الشرطة وقناصة الجيش وجحافل البلطجية المجرمين.
في مائة يوم عمت الفوضى، وانتشر البلطجية، وزادت حالات الخطف والتحرش، وللأسف بعض هذه العمليات كانت تقوم بها الشرطة نفسها أو تحت إشرافها.
في مائة يوم قامت طائرات العدو بالتحليق في سماء سيناء الطاهرة لتقتل وتعربد، ووجدت من بني وطننا من يدافع عنها ويبرئها، رغم أن إعلام العدو اعترف بالواقعة.
في مائة يوم وقعت عدة مذابح عند الحرس الجمهوري والمنصة ورمسيس والمنصورة ورابعة والنهضة ومسجد الفتح والتحرير، واقتحمت المدن والقرى والنجوع، وحرقت البيوت كما حرق "البني آدمين".
في مائة يوم اعتقلت النساء والأطفال وكل من يحمل شارة رابعة العدوية من تلاميذ المدارس الابتدائية.
في مائة يوم تعطلت عجلة الإنتاج، وحوصر المصريون ومنع عنهم الكيل والميزان والبيع والشراء، ووسائل المواصلات.
في مائة يوم اهتم الانقلابيون بميدان التحرير وأنفقوا الملايين من أجل حصاره وإبادة كل من يقترب منه.
في مائة يوم تم عسكرة مصر بالكامل، فالمحافظون من الجيش وقلة من الشرطة ونفر أو اثنين من القضاة، والوزراء منهم جيش وشرطة ونواب الوزارات المهمة كلهم من الجيش والشرطة.
في مائة يوم أعادوا مصر للخلف فتساوى قدرها مع دول كنا نتندر بها في الأفلام والمسلسلات، واليوم أصبحنا دولة انقلاب لا يقبلنا أفارقة ولا يقربنا أوربيون، ولا تصافحنا دول كانت تتمنى ذات يوم أن نأتي على ذكرها ولو عرضا في المحافل الدولية.
في مائة يوم لم تعد لنا علاقة إلا بدول كانت تتسول من مصر خبزها، ولا تزال مصر تمدها بخيرة أبنائها، فردوا إلينا الجميل بتأييدهم للانقلاب الملعون.
في مائة يوم أصبحت إسرائيل العدو السابق، وأصبح الانقلابيون أكثر فرحا كلما خرجت كلمات التأييد لهم من العدو.
في مائة يوم تغيرت عقيدة الجيش وأصبح الإخوان ودعاة الشرعية هم العدو، أما حدودنا فهي مفتوحة بلا حراسة، ومن أين تأتيها الحراسة وجنودنا منتشرون في داخل المدن والميادين.
في مائة يوم خشى رئيس دولة الانقلاب المؤقت من الوقوف أمام منصة الأمم المتحدة حتى لا يواجه غضب وفود العالم، فأرسل وزير خارجيته الذي وجد المقاعد خالية، فخاطب نفسه وتحدث مع ذاته ومع جوقة الإعلاميين المرافقين له.
في مائة يوم ذهبت عشرات الوفود الكاذبة لتسوق الانقلاب وعادوا بخفي حنين، لم يجدوا من يستقبلهم وحتى من استقبلوهم واجهوهم بأشرطة المذابح التي وقعت وبأدلة دامغة على حملات الكراهية المتصاعدة.
في مائة يوم عادت الصومال إلى البرلمان الدولي في نفس اليوم الذي طردت منه مصر؛ لأنه ليس بها برلمان منتخب.
في مائة يوم رفض صندوق النقد الدولي التفاوض مع حكومة غير منتخبة وقال إنها حكومة انقلاب.
في مائة يوم علمنا من هو الطرف الثالث، وفهمنا من هم الطابور الخامس، فالجيش والشرطة والبلطجية هم الطرف الثالث، والطابور الخامس هو علي جمعة وسالم عبد الجليل وعمرو خالد والشيخ كريمة.
في مائة يوم اكتشفنا من يقود الانقلاب ويهيمن على مقاليد السلطة، وعلمنا من يدعمه ومن يؤيده ومن يناصره ومن يموله، ومن يوفر له الغطاء السياسي.
في مائة يوم أعيد استخراج عمرو موسى وسامح عاشور والسيد البدوي وأبو الغار والشوبكي ومصطفى بكري والمعتز بالله عبد الفتاح وسامح سيف اليزل وعماد الدين أديب من قاع التاريخ الذي ابتلعهم لأنهم "فلول".
في مائة يوم كممت الأفواه، وسلط السفهاء على الشعب، فلا صوت يعلو فوق صوت الانقلاب، ومن يرفع صوته بالحق إما أن يقتل أو عذاب عظيم.
في مائة يوم أنجز الانقلابيون أوبريت "تسلم الأيادي"، وغنى الحجار أغنية "احنا شعب وانتو شعب" فماذا يريد هذا الشعب أكثر من هذا؟.
في مائة يوم ضاعت مصر، وضاعت هيبتها، وتلوثت سمعتها، ولو بقي هؤلاء مائة يوم أخرى فربما يتلاشى اسم مصر من خارطة العالم، وهل جاءوا إلا من أجل ذلك؟!
المصدر
- مقال:د. حمزة زوبع يكتب: 100 يوم نكد! موقع: إخوان الدقهلية