د. حبيب: نحن في حاجة إلى جبهة وطنية لمجابهة النظام

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. حبيب: نحن في حاجة إلى جبهة وطنية لمجابهة النظام
31-05-2005


مقدمة

الدكتور محمد حبيب

هل حققت مظاهرات الإخوان المسلمين هدفها؟ ولماذا صعَّدت الجماعة موقفها فجأةً في قضايا الإصلاح السياسي وبهذه السخونة؟! ثم لماذا توقف كل شيء؟ وماذا عن قبول الإخوان مبدأ تداول السلطة؟ ولماذا اختفى موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية في أولويات الجماعة الآن؟

وهل لدى الإخوان استعدادٌ للتحالف مع الأحزاب المعارضة في الانتخابات المقبلة؟!

هذه وغيرها من الأسئلة حملتها (الأسرة العربية) للنائب الأول للمرشد العام للإخوان المسلمين- الأستاذ محمد السيد حبيب- فكان هذا الحوار:

  • ألا يعتبر تعديل المادة (76) بشأن اختيار رئيس الجمهورية خطوةً إلى الأمام حتى وإن كانت بسيطةً؟ وهل من المعقول أن يتم الإصلاح دفعةً واحدةً؟!
بسم الله الرحمن الرحيم.. أقول إن نص المادة 76 من الدستور الذي وافق عليه مجلس الشعب في 10/5 الماضي فُرِّغ من مضمونه ومحتواه، فقد وضع النص شروطًا تعجيزيةً تمنع أي مواطن مستقل من الترشيح لهذا المنصب الرفيع، فيما عدا مرشح الحزب الحاكم؛ إذ اشترط حصول المرشح على تزكية وتأييد 250 عضوًا منتخَبًا من مجلسَي الشعب والشورى والمجالس المحلية، وبذلك نكون قد عُدنا إلى المربع رقم 1، وبالتالي سوف يكون الانتخاب عبارةً عن استفتاء مقنَّع، إضافةً إلى ذلك فإن النص تعامل مع الأحزاب بطريقة تختلف عن تعامله مع المستقلين.. الأمر الذي يتصادم مع القواعد الدستورية التي تقول بضرورة المساواة في المعاملة وفي الحقوق والواجبات بين المواطنين؛ ولذلك كان يلزم أن يُعرض نصُّ التعديل- الذي وافق عليه مجلس الشعب- على المحكمة الدستورية لمعرفة ما إذا كان يتعارض مع مواد الدستور أم لا، قبل أن يُطرح للاستفتاء العام عليه؛ حتى لا يتعرض هذا المنصب الرفيع لأي اهتزاز أو شك بعدم الدستورية.. باختصار نحن وافقنا على التعديل من حيث المبدأ، لكننا لم نوافق على النص؛ ولذلك أعلنا مقاطعتَنا للاستفتاء عليه؛ لِما به من عوار سبق ذكره، فضلاً عن عدم الإشراف القضائي الكامل والحقيقي على عملية الاستفتاء.
  • هل حققت مظاهرات الإخوان الهدف من قيامها؟ وإلى أي مدى نجحت كوسيلة ضغط سياسي بهدف الإصلاح؟
قامت مظاهرات الإخوان لعدة أسباب:
أولاً: رفضًا للضغوط التي تمارسها القوى الأجنبية على مصر تحت دعاوى الإصلاح.
ثانيًا : احتجاجًا ورفضًا لتراجع النظام أمام هذه الضغوط والإذعان للمطالب الأمريكية الصهيونية على حساب مصر .
ثالثًا: طلبنا من النظام أن يسارع باتخاذ إجراءات حقيقية للإصلاح السياسي والتعديل الدستوري؛ حتى تستطيع مصر أن تنهض من كبوتها وتقوم بدورها المحوري والإستراتيجي على المستويين الإقليمي والعالمي.
رابعًا: لكي يترك الشعب سلبيتَه ويتخلى عن لامبالاته، ويشارك بإيجابية وفعالية في صنع الحياة وتقرير المصير، وذلك بالضغط السلمي والحضاري- عبر القنوات الدستورية والقانونية- على النظام لإحداث الاستجابة المطلوبة نحو الإصلاح الذي يحقق آمالَه وأمانيَه، وأتصور أن هذه الرسائل الأربع قد وصلت إلى أماكنها وحرَّكت كثيرًا من المياه الراكدة.
ويكفي أن أقول: إن العالم كلَّه- على المستوى المحلي والإقليمي والدولي- قد أحس بها وبأثرها، وأظنُّ أن إلقاء القبض على ما يقرب من ثلاثة آلاف من الإخوان يعطي انطباعًا بمدى إحساس النظام بالارتباك، وأن الضغط السياسي كان شديدًا عليه.. عمومًا فإن الاستجابة لطلبات الإصلاح تحتاج إلى ممارسة مزيد من الحركة والجهد.


تصعيد الإخوان.. لماذا؟!

  • ما زال السؤال مطروحًا أمام الكثيرين.. لماذا صعَّد الإخوان موقفهم السياسي في قضايا الإصلاح فجأةً وبهذه السخونة أيضًا؟!
أولاً: صعَّد الإخوان من موقفهم حينما أعلنوا عن وقفة صامتة تضم بضعَ مئات من الإخوان أمام مجلس الشعب؛ بهدف تقديم رؤيتهم، عبر لافتاتٍ رفعوها مطالِبةً بالتعجيل بوتيرة الإصلاح السياسي، وبتعديلٍ دستوريٍّ حقيقيٍّ، بعيدًا عن الالتفاف حوله بالشروط التعجيزية التي كان النظام يسعى لوضعها ضمن التعديل، وقد فوجئنا بالنظام يصعِّد ممارساته القمعية تجاهنا؛ إذ قام فجر ذلك اليوم 27 مارس بمداهمة بيوت 84 من الإخوان وإلقاء القبض عليهم.
ثانيًا: إصرار النظام على إبقاء الحال كما هي عليه، وعدم وجود أية رغبة جادة أو نية صادقة لديه لاتخاذ خطوات للإصلاح السياسي- فضلاً عن فشله في حواره مع الأحزاب ووصولها معه إلى طريق مسدود- كل ذلك جعل الإخوان يرفعون صوتَهم بالرفض والاحتجاج، خاصةً ونحن في سنةٍ تكاد تكون مفصليةً في حياة مصر سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، ففيها ستجري انتخابات الرئاسة، وانتخابات المجلس النيابي، وانتخابات النقابات المهنية.
ثالثًا: أجمع كل المراقبين والمحللين السياسيين والخبراء على أن الوضع في مصر يوشك على الانفجار، والمعاناة الشديدة التي يعانيها الموطن في كل مجالات الحياة، وحالة الاحتقان والتوتر داخل المجتمع المصري تُنذر بخطر عظيم.. الأمر الذي جعل الإخوان يدقُّون ناقوس الخطر؛ لعلهم يستطيعون- مع غيرهم من القوى السياسية والوطنية- إنقاذ سفينة الوطن، فلم يكن من المنطقي- والحال هكذا- أن نصم آذاننا وأن نغضَّ الطرف عما يجري أمامنا وحولنا.
  • قمتم بالضغط من أجل قضايا الإصلاح.. فماذا بعد؟ هل توقف كل شيء؟
نحن نقوم الآن بمراجعةٍ كاملةٍ وتقويمٍ شاملٍ وتحليلٍ دقيقٍ لهذه المرحلة، ومعرفة وتحديد الإيجابيات والسلبيات وحجم المرحلة التالية، وبالطبع لن يتوقف كل شيء، لكن لا بد من تحديد الوسائل الأنجع والأفضل لمواصلة الحركة والعمل والضغط من أجل الإصلاح، وواضح أن الطريق ما زال طويلاً وأحسِب أننا في حاجةٍ ماسةٍ إلى إنشاء جبهةٍ وطنيةٍ تضم أشخاصًا ورموزًا وطنيةً معبرةً عن كل التيارات السياسية في مصر، ولها مكانتها ومنزلتها، وينظر إليها الشعب بقدر كبير من الاحترام والتقدير، ولديها الاستعداد للبذل والعطاء، وأظن أن مصر مليئةٌ بالكفاءات والقدرات وأصحاب المواهب الحقيقية، الذين يمكن أن تتشكَّل منهم هذه الجبهة.. هذه المرحلة الفارقة في تاريخ مصر تحتاج إلى تضافر كل الجهود وتكاتف كل القوى، وألا يعمل أي فصيل سياسي منفردًا أو مستقلاًّ عن الآخرين؛ حتى لا تتبعثر الطاقات وتتشتت الجهود.
  • وصل عدد المعتقلين من الإخوان في الشهر الأخير إلى أكثر من ألفي معتقل..!! فهل الضغوط الأمنية وراء توقف التصعيد من جانب الجماعة حاليًا؟ وإلى مدى تشكل هذه الأعداد ضغطًا على الحركة؟!
للنظام آلياتُه في الضغط على الجماعة حتى تتخلى عن مطالباتها بالإصلاح، وللجماعة أيضًا آلياتُها في الحركة والانتشار وممارسة الضغط على النظام حتى يكفَّ عن انتهاج الأسلوب القمعي والاستبدادي.. نحن منحازون إلى جانب الشعب وإلى الخندق المواجِه للديكتاتورية والقمع والاستبداد، ولا يصح في النهاية إلا الصحيح، وعمومًا سوف تُحسم نتيجة السباق للشعوب الأكثر صبرًا والأطوَل نفَسًا والأكبر رصيدًا في موازين القوى، ثم نحن لا ننسى أننا أصحابُ دعوةٍ وحَمَلةُ رسالةٍ، لن نتخلى عنها ولو كلفتنا كلَّ مرتخصٍ وغالٍ.


الإخوان وتداول السلطة

'
قوات الامن تمنع الناخبين من الادلاء بأصواتهم
  • هناك من يثير عدم قبولكم لمبدأ تداول السلطة، وأنكم لن تتنازلوا عنها أبدًا.. ما ردُّكم؟!
هذا غير صحيح، والذين يقولون بذلك يحكمون على النوايا والقلوب، وهذا أمر مرفوض!!
نحن أعلنا رأيَنا مرارًا وتكرارًا، وهو قبولنا لمبدأ التداول السلمي للسلطة، ولن نَحِيد عنه أبدًا، وأريد أن أقول لك شيئًا: إننا نمارس الديمقراطية على جميع المستويات داخل الجماعة، وبالنسبة لغيرنا اعتمدنا على مبدأ المشارَكة لا المغالَبة بالنسبة لانتخابات النقابات المهنية، وقمنا بعمل تحالفات مع جميع القوى السياسية والوطنية، ونسعى لإيجاد تيار شعبي قوي قادر على استرداد حقوقه من جانب، ولكي يكون ضمانةً للمحافظة على الديمقراطية مستقبلاً من جانب آخر.. نحن نسعى لإنشاء حزب مدني ذي مرجعية إسلامية، شريطةَ أن ينشأ برغبةٍ شعبيةٍ، بعيدًا عما يسمى بلجنة شئون الأحزاب، فهي لجنة معوِّقة وتمثل خصمًا وحكمًا في آنٍ واحد، فضلاً عن أنها غير دستورية، وإذا اختارنا الشعب عبر الانتخابات الحرة والنزيهة لتشكيل حكومةٍ وفق البرنامج المعروض فبها ونعمت، وسوف نعمل على حسنِ ظن الشعب بنا، وفي حالة إذا لم نحقق للشعب ما يتمناه فله أن يعزلَنا ويأتيَ بآخرين بإرادته الحرة وعبر الانتخابات النزيهة، وفي النهاية دعني أهمس في أذنك: هل النظام الحالي يؤمن بالتداول السلمي للسلطة؟!
  • البعض لاحظ أن موضوع تطبيق الشريعة الإسلامية- الذي كان أحد أولويات الجماعة منذ تأسيسها- قد اختفى مؤخرًا من تصريحات الإخوان.. هل هذا صحيح؟
تطبيق الشريعة الإسلامية هو الهدف الذي قامت من أجله وتسعى إلى تحقيقه جماعةُ الإخوان المسلمين ، ولا يزال هو نفس الهدف لم يتغير.. إنَّ جوهر الشريعة الإسلامية هو إقامة العدل بين الناس، حكامًا ومحكومين، مسلمين وغير مسلمين، ومن الشريعة تطبيق الشورى، وأن تكون الأمة مصدرَ السلطات في اختيارها لحكامها وممثليها عن طريق الإرادة الحرة، وأن يكون هناك فصل حقيقي بين السلطات الثلاث: التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، ومن الشريعة أيضًا كفالة الحياة الحرة للمواطنين، والحفاظ على حقوق الإنسان، والنهوض بالأمة، وإحراز التقدم والسبق في كل مجال وميدان، والدعوة إلى الخير، ومحاربة الفساد والشر.. إلخ.
وإذا كنا ندعو الآن لتعديل دستوري حقيقي- من حيث انتخاب رئيس الجمهورية وفترة الرئاسة وتحديد صلاحيات الرئيس- فذلك يتفق والشريعة الإسلامية ولا يتعارض معها، وإذا كنا أيضًا نطالب بالإصلاح السياسي.. من إنهاءٍ لحالة الطوارئ، وإطلاقٍ للحريات العامة، وإلغاءٍ لجميع المحاكم والقوانين الاستثنائية المقيِّدة للحريات والموسومة بأنها سيئة السمعة، والإفراج عن جميع السجناء والمعتقَلين والسياسيين.. فذلك يصبُّ في خانة تطبيق الشريعة الإسلامية.
  • هل بدأتم الاستعداد- كجماعة- لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة؟! وهل ترحِّبون بالتحالف مع أحزاب من المعارضة، خصوصًا بعدما أعلن نائب رئيس حزب الأحرار- محمود ياسر رمضان- استعداد الحزب لبحث مسألة التحالف مع الإخوان أو غيرهم؟!
الجماعة على استعداد لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، كما أنها على استعداد دائم لخوض غيرها من الانتخابات، ونحن نقوم بدراسة حجم المشاركة في هذه الانتخابات.
  • وهل من الممكن أن يتم تنسيق مع الأحزاب؟! وما هذه الأحزاب؟!
هناك ضبابية فيما يتعلق بقانون الانتخابات وقانون مباشرة الحقوق السياسية، ولا أحدَ يعرف ما تخبِّئه الأيام.. عمومًا دعنا ننظر بعيونٍ مفتوحةٍ وعقلٍ واعٍ وقلبٍ يقظٍ ثم نرى، ساعتها سوف يكون لكل حادث حديث.
  • ما أولويات الإخوان في المرحلة المقبلة؟
سوف نظل نؤكد المطالَبة بالإصلاح السياسي، وفي طليعته إنهاء حالة الطوارئ، وإطلاق الحريات العامة (من حيث إنشاء الأحزاب وإصدار الصحف والمجلات)، وإنهاء حالة الاستبداد القائم، ونستبدل به نظامًا ديمقراطيًا حقيقيًا.

يُنشر بالتنسيق مع جريدة (الأسرة العربية).

المصدر