د. حبيب: الجماهير لمست طهارة الإخوان فمنحتهم ثقتها

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. حبيب: الجماهير لمست طهارة الإخوان فمنحتهم ثقتها

[20-07-2004]

مقدمة

أجرت إحدى الصحف الألمانية حوارًا صحفيًّا مطولاً مع النائب الأول للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين الدكتور محمد حبيب، الذي حرص- خلال الحوار- على إبراز الوجه الذي يحاول البعض طمسه، خاصةً فيما يخص علاقة الإخوان المسلمين بالجماهير والثقافة والفنون، ومدى قدرتهم على اكتساب ثقة الشعوب.. وفيما يلي نص الحوار:


نص الحوار

  • قرأت عن الإخوان عمومًا سواء في الصحف أو في غيرها، لكن أحب أن أتعرف منكم على الحركة؟
الإخوان هيئة إسلامية شعبية جامعة، أسسها الإمام البنا سنة 28 من القرن الماضي، وهدفها الأساسي تطبيق الشريعة بمفهومها العام؛ وذلك من خلال تغيير المفاهيم والأسس والمنطلقات والعادات والتقاليد للفرد والأسرة والمجتمع، وهذا يتم من خلال الوسائل السلمية والقانونية.
والإخوان يؤمنون بالديمقراطية التي ترتكز على التعددية السياسية والحريات العامة، والفصل الحقيقي بين السلطات الثلاث (التشريعية- القضائية- التنفيذية)، ويعتبرون احترام الدستور وسيادة القانون والامتثال لأحكام القضاء من المظاهر الأساسية لتقدُّم ورقيِّ وحضارة الدولة، ويعتبرون الشعب أو الأمة هي مصدر السلطات، ويجب أن تكون الحكومة مدنية ذات مرجعية إسلامية وليست دينية بالمفهوم الكنسي الذي كان موجودًا في القرون الوسطى بالغرب.


الإخوان حزب أم نادي أم جمعية خيرية

  • ما الشكل التنظيمي للإخوان.. حزب أم نادي أم جمعية خيرية؟
الإخوان كجماعة تعتبرها الحكومة من الناحية القانونية محظورة، لكن نحن نباشر كافة الأعمال السياسية والاجتماعية المختلفة، وإن كان هذا يتعرض لضغوط ومحاولة للتهميش والتحجيم من قبل الدولة.
  • هل هناك أفرع في المحافظات.. ومكاتب ولافتات؟
كما تلاحظون، لا توجد لافتة على المركز العام.. ونحن لنا إخوان منتشرون في كل مكان، وهم يعلنون عن أنفسهم ومبادئهم وأهدافهم من خلال الأنشطة المختلفة، وغالبًا ما يعملون تحت غطاء قانوني؛ مثل الجمعيات والنقابات، والذين يشكلون في الواقع- سواء على المستوى المركزي أو الفرعي- أغلبية مجالس إدارتها.
  • قرأت أن الإخوان أخذوا 15 مقعدًا في البرلمان.. فما علاقة الأعضاء بالجماعة؟
عام 2000م نجع 17 عضوًا، وانتخبهم الناس على أنهم إخوان، وكانوا من جملة 75 مرشحًا؛ حيث وقفت الحكومة بكل أجهزتها لتمنع الناس بالقوة من الوصول إلى اللجان الانتخابية، ورغم ذلك نجح الإخوان في الحصول على عدد من المقاعد يفوق العدد الذي حققته الأحزاب مجتمعة، وقد دخل الإخوان المرشحون الانتخابات تحت لافتة المستقلين، وقد قمنا بترشيح سيدة في الانتخابات في إحدى دوائر الإسكندرية، ولكنهم وقفوا ضد ذلك بالمرصاد، وألقَوا القبض على زوجها كنوع من الضغط؛ حتى لا تستمر في العملية الانتخابية؛ بل إنهم اعتقلوا المئات من أنصارها، حتى ينقطع التواصل مع جماهير الدائرة، وقاموا بتزوير الانتخابات بشكل قبيح وفاضح، وهذا معلوم للكافة.


الاعداد للأنتخابات

  • كيف تعدون أنفسكم للانتخابات القادمة.. هل هناك خطة بديلة لمنع مثل هذه الأحداث؟
نحن نستعد للانتخابات عمومًا، ونحاول ألا نكون مستفزين للسلطة الحاكمة؛ بمعنى ترشيح عدد محدود من الإخوان، وترك بعض الدوائر ذات الحساسية الخاصة بالنسبة لحزب السلطة.. إلخ؛ لأنها تعلم أن أية منافسة شريفة وحقيقية بيننا وبين الحزب الوطني سوف تكون لصالحنا؛ لذلك فهم يستخدمون كل الوسائل لتزوير الانتخابات، وذلك مثل العبث في جداول الناخبين والقيام بأعمال الاعتقال، والضغط على الإخوان، سواءً كانوا مرشحين أو ناخبين؛ وذلك بغلق محالِّ عملهم ومصادر أرزاقهم، ولقد وصل عدد المقبوض عليهم في انتخابات 2000م أكثر من 5000 شاب، إنهم يحاولون وضع كافة العراقيل أمام المرشحين أنفسهم ليتنازلوا.
عمومًا نحن نسعى للمشاركة بشكل فاعل للإسهام في نهضة وتقدم مصر؛ لكنَّ هناك من لا يريدون لها أن تخرج من حالة التخلف والضعف والتردي الذي تعانيه.
  • كيف تصف الموقف في مصر لأنه في أثناء حوارات مع آخرين كان (اليأس) هو الأساس والخوف من اختفاء الطبقة الوسطى؟
هناك حراك اجتماعي حدث خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أثناءها حدث تآكل شديد في الطبقة الوسطى.. إذ يوجد لدينا الآن طبقة معدمة وفقيرة (منفصلة عن السلطة تمامًا) وأخرى ثرية ثراءً كبيرًا (متحالفة ومتصلة بالسلطة)..
الفساد رائحته تزكم الأنوف.. لدينا ركود اقتصادي شديدٌ جدًّا.. الناس في حالة من الذهول والشعور بالضياع.. البطالة موجودة بشكل حاد، وتمثل لغمًا موقوتًا.. ومشكلة الإسكان هي الأخرى تحتاج إلى حل، فقد نهبت المليارات من البنوك لبناء كتل خرسانية على مستوى عالٍ من الرفاهية في الساحل الشمالي..
وهذه مغلقة طول الوقت.. ولا يستفيد منها إلا أصحاب الثروة.. عندنا 9 مليون عانس، ولا يوجد بصيص أمل في النفق المظلم الذي نعيش فيه، وما لم يكن هناك إصلاح سياسي جذري فلن يكون هناك إصلاح في أي اتجاه أو ميدان آخر..!!
  • هل هناك اتجاهات أخرى تسلكونها غير البرلمان، مثل الاقتراب من طبقات عليا، ومفكرين وفنانين..؟
تحاول الحكومة بطبيعة الحال ضرب حصار حولنا، وتحاول منعنا من الاتصال بالجماهير أو النخب أو حتى الأحزاب، بل إنها تقوم بحل مجالس إدارات الجمعيات الأهلية من الإخوان، أو تقف أمام إنشاء جمعيات أهلية للإخوان، وتقوم بفرض حراسة على النقابات، وكذا تقوم بتزوير انتخابات اتحاد الطلاب في الجامعات، وعمدت إلى تعيين عمداء الكليات في الجامعات والعمد في القرى وكانوا من قبل بالانتخاب، أي إننا بدلاً من أن نتقدم خطوةً نتراجع خطوات إلى الوراء، وهو وضع محزن..

لكننا مع كل هذا نحاول أن تكون لنا صلاتٌ مع الأحزاب والقوى السياسية والأقباط، ومن خلال ما بقي في النقابات وعبر المناسبات الاجتماعية نحرص أن يكون لنا نشاط مؤثر وفاعل.

  • لا يمكن أن يكون لكم كل هذه القوة إلا من خلال علاقات ونفوذ وإلا كيف حققتم مكانتكم؟
النخب المثقفة التي لها قدرٌ من الحيادية والمصداقية تتعاطف مع الإخوان؛ لأنهم أصحاب فكر وسطي معتدل..
أيضًا تواجدنا في النقابات وكأساتذة في الجامعات، وما قدمناه من خدمات ومشروعات لا زالت آثارُها قائمةً حتى الآن في كل موقع شغلناه، إضافةً إلى وجودنا بين الناس، فضلاً عن ذلك التاريخ الناصع والتضحيات الكثيرة التي قدمها الإخوان، ومواقفهم ضد الفساد والاستبداد..
كل ذلك أوجد تعاطفًا معنا... لقد لمس الناس مدى حرص الإخوان على بلدهم، ومدى وفائهم لأهلهم ووطنهم.. إن أيديهم نظيفة.. بيضاء، وهذا أهم ما يميزهم.


الإخوان والإعلام

  • السياسة الإعلامية هل لكم نوافذ من خلالها؟ وما هو رأيكم حول الإعلام عمومًا؟
الحالة الأمنية ومحاولات التحجيم التي تمارسها الحكومة وأجهزتها ضدنا تحول دون أن يكون لنا نوافذ عادية، نستطيع أن نخاطب من خلالها الرأي العام، فنحن محرومون من التحدث في الإذاعة أو التلفاز، أو أن تكون لنا صحيفة ولو كانت مدرسية.. نحن نكتب في صحيفة تابعة لحزب الأحرار، ونضمِّن هذه الصحيفة آراءنا..
كما نتواجد من خلال مشاركاتنا في الندوات والمؤتمرات والمداخلات التي تتم عبر الفضائيات؛ حيث نتحدث فيها عن رؤيتنا حول القضايا الداخلية والخارجية.. نحن لدينا كذلك جهاز بشري متميز في نقل أفكارنا وتصوراتنا ومفاهيمنا.. هناك أيضًا (إخوان أون لاين)، التي نطرح من خلالها ما نريد على مستوى العالم.
  • هناك محطات أقرب إلى الدينية (اقرأ- المجد).. هل هناك تعاون أو رؤيةٌ لإقامة قنوات مشابهة؟
هذه القنوات تسد بعض الثغرات، لكنها لا تفي بالغرض كله، ولا يوجد بيننا وبينهم تعاون.. نحن نتمنى أن يأتي اليوم الذي تكون لنا فيه قناة فضائية نبث من خلالها أفكارنا ورؤانا فيما ينبغي أن يكون عليه الفرد والأسرة والمجتمع في العالم العربي والإسلامي، وما ينبغي أن تكون عليها العلاقات مع الدولة الأجنبية، فضلاً عن الدفاع عن قضايانا القومية وفي مقدمتها قضية فلسطين.. ولدينا أمل كبير أن يتحقق ذلك.. ولكن حتى يتحقق نحن ماضون في طريقنا رغم العوائق والحصار.
  • قلت: هذه القنوات لا تفي بالغرض.. ما هو الغرض؟
بالإضافة إلى ما ذكرنا نحن لدينا قضايا أساسية، تتمحور في الوقوف ضد الاستبداد وخاصةً السياسي، الذي يعتبر سبب التخلف العلمي والتقني، والتدهور الحضاري الذي تعانيه أمتنا.. الأمر الذي جعل بيننا وبين الغرب فجوةً كبيرةً.. نحن نعيش للأسف عالةً على الغرب؛ حيث نستورد كل شيء، ولا نقوم بتصنيع أي شيء، وهذا يحتاج إلى تغيير وإصلاح المناخ السياسي الذي نعيشه.
  • هل تعني أن على هذه المحطات أن تنادي بتغيير النظام والخروج على الحكام؟!
نحن ضد الثورات أو الانقلابات.. نحن نريد أن تفهم الشعوب حقوقها، وهو حق طبيعي.. الرأي العام في أوروبا وأمريكا له تأثيره في صنع القرار.. لا بد أن تقوم هذه المحطات بإلقاء الضوء على أهمية الحريات بالنسبة للشعوب وضرورة أن تعطي الحكومات الفرصةَ لها في ممارسة حقوقها، وهي المشاركة في صنع الحياة وتقرير المصير.. باختصار نحن نريد أن تسهم هذه المحطات في إيجاد رأي عام قوي يدفع الحكومات للاستجابة لمطالب الشعوب.
  • هناك برامج مثل (عمرو خالد)، وهي برامج تتبنى التركيز على الأخلاق ولا تحض على الثورات.. فهل عندكم برامج تقدم شخصًا مثله؟
عمرو خالد يؤدي دورًا جيدًا، ونحن سعداء به، ولا شك أنه ترك أثرًا وملأ فراغًا، نحن نريد أن يكون هناك مثله الكثير، وأن نركز على قيم الحرية والعدل والتي تعتبر أساس قيام الدول واستمرارها.
  • ما هو رأيكم في الإنتاج السينمائي والفيديو كليب؟
الأدب والفن والفكر هذه الأيام هو انعكاس للمناخ السياسي الذي تعانيه بلداننا.. في الأربعينيات كان لدينا إنتاج سينمائي يهتم بالقيم.. صحيح لم يكن يخلو من ابتذال، إلا أنه أفضل كثيرًا مما هو قائم الآن، وكان لدينا أم كلثوم وعبد الوهاب في الغناء، وزكريا أحمد والقصبجي والسنباطي في التلحين، وطه حسين والرافعي والعقاد والمازني والزيات في الفكر والأدب..
هل يمكن المقارنة بين أم كلثوم وعبد الوهاب وبين ما يحدث الآن؟ أنا أتصور أن هناك حملةً إعلاميةً موجهةً ضد الأمة العربية والإسلامية، ممثلةً في "الأمركة" التي تريد من الشعوب أن يأخذوا من حضارة الغرب أحطَّ ما فيها ويتركوا أهم ما فيها.. إن الانزلاق إلى الهبوط لا يُنشئ أمةً ولا ينهض دولة.
  • إن كان الأمر بيدك سوف تغلق new tv , mtv وتمنع روبي من الغناء..!!
بدايةً هناك دستور وقيم تحكم كل مجتمع، والإسلام له قيمه وتقاليده وأعرافه، نحن حريصون على الحفاظ على هذه القيم.. إن مثل هذه القنوات والمشاهد وما تعرضه يتناقض وقيم وأعراف مجتمعنا، وبالتالي لا بد من وقفها.. نقابة الموسيقيين نفسها طالبت بمنعها.
  • في حوارات أجريتها مع المخرجين أكدوا أن الممثلات الآن يرفضن مشاهد العُري والقبلات.. هل تعتبرون هذا نجاحًا لاتجاهكم؟
بلا شك هذا نوع من النجاح.. الفنان إن لم يكن موصولاً بالشعب مرتبطًا به وبقيمه، بل عاملاً على الارتقاء بذوقه وحسه فليس بفنان.. في أمريكا من ربع قرن كانوا يرون أجدادهم، أي في الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي أفضل منهم.. أما الآن فموجة العري عالية.
  • من التناقض السائد أن ترفضوا الانفتاح.. في حين أن عدد الأطباق اللاقطة "دش" كبير، وكل فرد يتكلم في الشأن الذي يريد، والحرية أصبحت متاحة..!!
نحن لا نرفض الانفتاح ابتداءً، لكننا نرفض الإباحية التي تتعارض مع قيمنا وتؤدي إلى فساد شبابنا.. صحيح المسئولية ملقاة على عاتق الفرد، لكن المسئولية أيضًا تقع على الدولة، والسبب أن عدد الأطباق اللاقطة كبير هو الاستبداد السياسي، و محاولة تجهيل الشعب والكذب عليه، وحرمانه من معرفة الحقيقة.. الأمر الذي يدفعه إلى أن يبحث عنها في إذاعات وفضائيات أخرى..
إن ألمانيا وفرنسا كلاهما تحرصان على لغتيهما وهويتهما وقوميتهما وثقافتهما.. نحن كذلك يجب أن نحرص على لغتنا وثقافتنا.. فلماذا يعتبون علينا ذلك؟!
  • هل تعتقد أن وسائل الإعلام يجب أن يكون لها وحدة في الفلسفة الإعلامية؟
لا بد من إعلام يعبر عن ثقافة الأمة وهويتها، ثم نترك الفرصة بعد ذلك للقنوات الأخرى أن تقول ما عندها، والشعوب لن تختار إلا ما يوافق خصوصياتها.
  • زرت ألمانيا.. هل للإخوان تواجُد في ألمانيا؟
الإخوان موجودون في أوروبا وأمريكا وكل العالم، ونحن في مصر حريصون على التواصل الفكري معهم؛ ضمانًا لوحدة الفهم والفكر، والتعاون في علاج الهموم التي تعانيها الأمة والإسلام.. اليوم هناك هجمة شرسة تواجِه الإسلام، وهي محاولة ربطِه بالإرهاب، ونحن بقدر الإمكان نتعاون مع الآخرين لدفع هذه التهمة.

المصدر