د. "صلاح سلطان": (الإخوان) ليسوا تاريخًا فقط بل هم مستقبل الأمة
[09-02-2004]
مقدمة

•300ألف أمريكي يعتنقون الإسلام سنويًّا.
• كلما تعمقتُ في دراسة أصول الفقة زادت قناعتي بوسطية دعوة (الإخوان).
الدكتور "صلاح سلطان" أحد رموز العمل الإسلامي في الجامعات المصرية، منذ أن كان طالبًا في كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة إلى أن أصبح مدرسًا فيها قبل أن يسافر إلى (سلطنة عمان)، ثمَّ إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تولى رئاسة الجامعة الإسلامية في ولاية (ميتشجان) الأمريكية.. وهو- حفظه الله- لا يَكلُّ ولا يَمَلُّ من الصَّدع بالحق أينما حلَّ أو ارتحل التماسًا لكل ما يخدم دعوة الله تعالى، لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يَأْبَه لكيدِ حاقدٍ أو صادٍّ عن سبيل الله.. ولا تكاد عينه تنال قسطها من منامنها حتى يفزع لاستكمال برنامجه الدعوي، أو إعطاءِ محاضرةٍ هنا ومشاركةٍ في مؤتمر هناك..
التقى موقع (إخوان أون لاين. نت) بالدكتور "صلاح سلطان" أثناء زيارته للقاهرة، وأجرى معه حوارًا حول رؤيته لجماعة (الإخوان المسلمين) وقضايا العمل الإسلامي في الغرب والولايات المتحدة بصفة خاصة، بعد أحداث 11 سبتمبر، وما تمخَّض عنها من فرص للعمل الإسلامي أو قيود عليه هناك.
نص الحوار
- في البداية نود التعرف على كيفية تعرفك على (الإخوان المسلمين)؟
- بحثت عن هذه الجماعة بحثًا مليًّا، وبالرغم من انتمائي لفكر (الإخوان) قبل دخولي الجامعة فإنني كنت أعتقد أن (الإخوان) ليسوا إلا تراثًا وفكرًا مدونًا في الكتب فحسب، وقد تعرفت بدايةً على منهج (الإخوان) عن طريق رسالتَي الإمام الشهيد "حسن البنا": (نحو النور)، و(إلى أي شيء ندعو الناس)، فضلاً عن مجلة (الدعوة)، التي كانت تَصدُر حينئذ.
- وبعد دخولي كلية (دار العلوم)، التي صمَّمت على الالتحاق بها؛ لأنها احتضنت الإمام "البنا" والشهيد "سيد قطب" وغيرَهما من رموز (الإخوان)، وذلك بالرغم من إصرار أسرتي على دخولي كلية الطب، والتحقت بالكلية لإعداد دعاةٍ على منهج هذه الجماعة، وبعد أسبوع من بداية الدراسة قمت بتكوين جماعة (الخطابة)، وفي أول مناسبة ذهبت إلى الدكتور المشرف على الجماعة، وطلبت منه أن ندعو الأستاذ "مصطفى مشهور"- رحمه الله- لإلقاء محاضرةٍ في الكلية فوافق على الفور، ولم تكن هناك صلةٌ محددةٌ بيني وبين الأستاذ "مشهور"- عليه رحمة الله.
- وحملت دعوة الكلية، وتوجَّهت إلى مقرِّ (الإخوان) السابق بـ(التوفيقية)، واستقبلني الأستاذ "شحاتة هُدهُد" استقبالاً حارًّا أثلجَ صدري، وعرضت على الأستاذ "مشهور" أن يزورَنا في الكلية، فقال لي: "إن علينا دَينًا لـ(دار العلوم) يجعلني أذهب إليها ولو زحفًا"، وبالفعل ألقى المحاضرةَ، وحضرها عددٌ كبيرٌ من الطلاَّب، الذين امتلأ بهم أكبر مدرجات الكلية، وتغلغلت كلماتُه في أعماقي حرفًا حرفًا، وبعدها ذهبت لتوصيلِِه إلى المحطة، ومنذ ذلك الحين التزمتُ مع هذه الجماعة، وعرفتُ أنها ليست تاريخًا فقط بل هي باقيةٌ، وبدأ التواصل الذي أدعو الله أن أموتَ عليهِ.
الدروس المستفادة
- بعد هذه السنوات التي عشت خلالها في رحاب دعوة (الإخوان) ما هي أهم الدروس التي استفدتها؟
- منذ أكرمني الله بالانتماء لهذه الدعوة أدركت عدة أمور، أهمها: أنَّ هناك تطابقًا في الفهم والحركة بين الإسلام وبين دعوة (الإخوان)، ووجدتُ أن المنتمين لتلك الجماعة المباركة هم من أرقى الناس خُلُقاً ووطَنيةً وولاءً لوطنهم وأمتهم وأنفعهم لبلادهم.
- وما هي النصائح التي يمكن أن توجهها لإخوانك بعد هذه الرحلة؟

- كلما ازددت تعمقًا في دراسة أصول الفقه زادت قناعتي بأصول هذه الدعوة الوسطية، التي يجب أن نتحرك بها في كل مكان، وأعتذر إلى الله من إخوة يخجلون من الإعلان عن ولائهم وانتمائهم لـ(الإخوان)، كما أوصيهم بالاستفادة بالوسائل التربوية قدر الإمكان، فلا ينفع الإنسان- سواءٌ كان عالمًا أو متعلمًا، مسئولاً أو جنديًّا- مثل محافظته على الوسائل التربوية، فما نفعنا الله بشيء مثلما نفعنا بالانتظام في هذه الوسائل.
- وأؤكد أنه يجب أن يكون هناك اهتمام بتوصيل دعوة الإسلام عامةً ودعوة (الإخوان) خاصةً إلى الناس جميعًا؛ فهي المنفذ؛ لأنها أكثر الجماعات اعتدالاً، والحقيقة أنني لا أفضل أن تكثر الإداريات على حساب الإيمانيات والانطلاقة الحركية، فالتنظيم يجب أن يخدم الدعوة وليس العكس.
- وماذا عن أسرتك ودراستك وعملك الحالي؟
- أنا من مواليد المنوفية في عام 1959م، متزوج ولديَّ خمسةُ أولاد، تدرس الكبرى العلوم السياسية بجامعة (ميتشجان) بأمريكا، والباقي في مراحل التعليم بين الثانوي والابتدائِي، وعينت في كلية (دار العلوم) بحكم قضائي، بعد أن رفضت جامعة القاهرة تعييني، وما زلت أعمل أستاذًا مساعدًا بالكلية، وقمتُ بالتدريس في جامعة السلطان (قابوس)، وأعمل منذ 4 سنوات في رئاسة الجامعة الإسلامية الأمريكية في ولاية (ميتشجان).

- كنتَ من المتفوقين دراسيًّا ودعويًّا؛ فكيف قمتَ بالتوفيقِ بين دراستك وأعبائك الدعوية؟
- بفضل الله كان لي نشاطٌ واضح خلال فترة دراستي الجامعية، وكنت في اتحاد طلاب الجامعة ونائبًا لرئيس اتحاد طلاب المدينة الجامعية، التي كانت المحرك الأول للأنشطة داخل الجامعة، كما كنت عضوًا في جوالة الجامعة، وشعرت حينئذ أن النشاط هو الذي يفتق الأذهان عن المادة العلمية بعكس ما يتصوره البعض، وفي الوقت الذي كنا نمارس فيه نشاطًا طلابيًّا كبيرًا كنا نحصل على امتياز خلال سنوات الدراسة.
- فليس هناك تعارض إطلاقًا بين الدراسة والنشاط، بل بالعكس، فالأنشطة تثمر تعاونًا مع الآخرين، وتوسيعًا للأفق، ونقلاً للخبرات.
ضعف العمل الطلابي
- في رأيك هل ضعفُ النشاط الطلابي الإسلامي داخل الجامعات سببُه التضييق الأمني؟
كلا أريد التعليق على شماعة التضييق، فالإنسان لا يعدم وسيلة في إطار ما يُتاح له من إمكانات، وفي آخر كتاب للأمريكي "بول فيندلي"، وعنوانه (لا سكوت بعد اليوم)، يقول: "بإمكان شخص واحد أن يحدث فَرقًا"، وهو نفس ما قاله الإمام الشهيد "حسن البنا" من قبل: "إن بوسع رجل واحد أن يحيي أمة لو صحت رجولته"، فطلابنا مطالبون بالتحرك؛ سواء على المستوى الفردي أو الجماعي.. والتضييق ليس عذرًا أو سببًا للتراخي، فيجب أن نمتلك الفاعلية رغم التضييق.
- باعتبار أنك تعيش في أمريكا منذ فترة، وعاصرت أحداث سبتمبر وتداعياتها على المسلمين؛ هل ترى أن المسلمين في أمريكا أضيروا بتلك الأحداث بشكل كبير؟
- بالرغم من أن أحداث سبتمبر سببت تضييقًا على المسلمين، إلا أنها كانت فتحًا على الإسلام، وهو أمر حتمي لاتساع النشاط الإسلامي، وكان لابد من الابتلاء ليُعرف الأدعياء من الدعاة، لكن بالرغم من ذلك فما زالت مساحات الحرية المتاحة في أمريكا أكثر من أي مكان آخر في العالم، وحرية الحركة متاحة لمن أراد، والدليل على انتشار الإسلام في الفترة الأخيرة ما ورد على موقع الحكومة الأمريكية من أن الإسلام هو أوسع الأديان انتشارًا في أمريكا. وأكد الموقع أن هناك 17.500 من الأمريكان السود يدخلون في الإسلام سنويًّا منذ عام 1990م حتى 1995م، ولم يورد الموقع عدد البيض الذين أسلموا، وإذا علمنا- حسب إحصاءات الأمريكان أنفسهم- أن هناك ألفَي مركز إسلامي في أمريكا فإن عدد المسلمين الذين يسلمون حديثًا لا يقلُّون عن 300 ألف سنويًّا.
- والسؤال هو: هل قام المسلمون بواجبهم نحو هؤلاء المسلمين حديثًا واستيعابهم من ناحية الفهم والتربية؟ وأودُّ أن أشير إلى أن الواقع يحتاج إلى أن ينهض مسلمو أمريكا أنفسهم بواجبهم قبل غيرهم.
- وكيف يخرج المسلمون من أزمتهم في رأيك؟
- أرى أن هناك عدة نقاط يجب علينا جميعًا الالتزام بها؛ حتى نخرج من كبوتنا، وهي الأمل في الله تعالى، وبذل قصارى الجهد والشجاعة في الانطلاق من أجل الدين، والسعي نحو وحدة إسلامية، وإطلاق قنوات فضائية باللغات الأساسية في العالم؛ حتى يصل صوت المسلمين إلى الجميع، والاهتمام بالشباب، وإعطاء السيدات حقهن في الانطلاق حركيًّا وتربويًّا، وتوحيد المرجعية الشرعية للمسلمين في العالم.
المصدر
- حوار: د. "صلاح سلطان": (الإخوان) ليسوا تاريخًا فقط بل هم مستقبل الأمة موقع اخوان اون لاين