د. "جعفر عبدالسلام": العمليات الاستشهادية مقاومة مشروعة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د. "جعفر عبدالسلام": العمليات الاستشهادية مقاومة مشروعة

[27-03-2004]

مقدمة

المشاريع الأمريكية تستهدف فرض الهيمنة على بلدان المنطقة.

تدريس الثقافة الإسلامية بالجامعات خطوة لمواجهة محاولات (أمركة) العقول.

أجرى الحوار: "علي عبدالوهاب"

حين أقدمت الإدارة الأمريكية على غزو العراق دون تفويض من مجلس الأمن الدولي تأكد للكثير من المراقبين أن العالم أصبح يعيش حقبة جديدة يتم فيها تهميش الأمم المتحدة، ويمارس فيها القطب الواحد المتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية ما يمكن تسميته بالبلطجة الدولية؛ استنادًا إلى قوتها العسكرية الكاسحة، ضاربة بالمواثيق الدولي عرض الحائط، وباتت التساؤلات المطروحة تدور حول مستقبل الأمم المتحدة؟ ومدى جدوى بقائها؟ وكيف تحمي الدول الضعيفة نفسها من هيمنة القطب الواحد؟ ومصير الاحتلال الأمريكي للعراق؟

وفي مقابلة مع الدكتور "جعفر عبدالسلام"- أستاذ القانون الدولي بجامعة الأزهر، والأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية- طرحنا عليه هذه التساؤلات وغيرها في محاولة للتعرف على مصير الأمم المتحدة، والمخاطر التي تهدد المجتمعات الإسلامية في ظل الهيمنة الأمريكية، وتأثير العولمة على منظومة القيم الإسلامية، ودور الجامعات الإسلامية في التصدي للمخاطر المختلفة، وفيما يلي نص الحوار:

نص الحوار

  • بعد قيام الإدارة الأمريكية بشنِّ الحرب على العراق، واحتلاله بدون تفويض من الأمم المتحدة ما هو مصير المنظمة الدولية في ظل التجاهل المتعمد، وعدم الالتزام بالقانون الدولي؟
حين أنشئت الأمم المتحدة كان الهدف هو إيجاد آلية دولية لفض المنازعات الدولية بالطرق السلمية؛ ولكن احتلال العراق، وضرب أفغانستان بعيدًا عن موافقة مجلس الأمن الدولي من شأن وضع المنظمة الدولية في وضع لا تُحسد عليه، وتهميش وإضعاف هذه الهيئة الدولية، ووضع سابقة خطيرة في الخروج على ميثاقها، ونسف الهدف الذي أنشئت من أجله.
وقد جاء احتلال العراق خرقًا مؤكدًا للقانون الدولي الذي لا يجيز احتلال أراضي دولة ذات سيادة، وإعلان الحرب عليها بدون موافقة صريحة من مجلس الأمن الدولي.
ولذلك فإن كل الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق هي إجراءات باطلة من وجهة نظر القانون الدولي، بدءًا من إعلان الحرب، وتغيير نظام الحكم، ورأس الرئيس العراقي "صدام حسين" الذي لا يزال الرئيس الشرعي للعراق، كما أن محاكمته من جانب الولايات المتحدة الأمريكية هي باطلة أيضًا؛ لأن الجهة الوحيدة التي يحق لها محاكمته هي الشعب العراقي من خلال ممثلين عنه يقررون ذلك، وتتم المحاكمة أمام القضاء العراقي.


(الشرق الأوسط الكبير)

  • تطرح الولايات المتحدة الأمريكية مشروعًا جديدًا حول (الشرق الأوسط الكبير) فما تعليقكم على هذا المشروع؟
هذا المشروع هو عودة لمشروع الشرق أوسطية الذي يستهدف زرع الكيان الصهيوني في بيئة المنطقة، واعتبارها جزءًا رئيسيًّا من الكيان العربي والإسلامي الممتد من المغرب غربًا حتى إندونيسيا شرقًا، وهو محاولة لدفع العولمة نحو المزيد من التدخل في شئون البلاد العربية والإسلامية، وأخطر ما في المشروع الجديد هو إعلان الرغبة في التدخل في مناهج التعليم العربية والإسلامية بحجة أن الثقافة الإسلامية هي أحد أسباب بروز ظاهرة التطرف والإرهاب التي أدت لضرب الولايات المتحدة الأمريكية في 11 سبتمبر 2001م.
وفي الحقيقة فإن تغيير المناهج الدراسية وفق الرؤية الأمريكية من شأنه سلخ النشئ المسلم عن هويته، فالأفكار الأمريكية للتغير تتضمن إزالة عدد من الآيات القرآنية التي تتحدث عن اليهود والمشركين ويرون أن هذه الآيات لا تتفق وثقافة السلام والتسامح مع الآخر كما تتضمن الدعوة لإغلاق الكثير من المدارس الدينية خاصة في المملكة السعودية واليمن وباكستان، وهذا تدخل سافر في شئون دول ذات سيادة، وتكريس لمبدأ الهيمنة الذي تسعى الإدارة الأمريكية لفرضه على شعوب المنطقة تحت دعوى الإصلاح.
  • ولكن المبادرة الأمريكية حول (الشرق الأوسط الكبير) تزعم أنها تسعى لنشر الديمقراطية في المنطقة وتعزيز حقوق الإنسان فما تعليقكم على هذه المزاعم؟
ما يجري في العراق يؤكد فشل تجربة فرض الديمقراطية من الخارج فقد كان من السباب التي طرحتها واشنطن لاحتلال العراق بعد فشلها في العثور على أسلحة الدمار الشامل المزعومة هو إحلال الديمقراطية في العراق، وانتهى الوضع بانقلاب أمني وعدم استقرار واستمرار تدهور المرافق العامة والمزيد من المعاناة للشعب العراقي ونهب ثرواته، وحتى الآن لم تقم القوات الأمريكية باعتبارها سلطة احتلال بواجبها الذي تفرضه عليها المواثيق الدولية بتوفير الأمن للعراقيين، ونقل السلطة لحكومة منتخبة انتخابًا حرًّا من جانب الشعب العراقي.
إن الوثائق الأمريكية قبل طرح مبادرة (الشرق الأوسط الكبير) تؤكد أن الإدارة الأمريكية أعدت خطة متكاملة الأركان لغزو الشرق الأوسط والتدخل في سياسات الدول العربية والإسلامية في كل المجالات خاصة المجال التعليمي وأهم الوثائق في هذا المجال خطاب "كولن باول" أمام مؤسسة (التراث) بتاريخ 13/2/2002م، وكذلك بيان الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بتاريخ 24/6/2002م، والمتأمل لتلك الوثائق يخرج بنتيجة مؤداها أن الإدارة الأمريكية تريد (أمركة) العالم العربي والإسلامي.
  • الإعلام الغربي إلى جانب المسئولين في الإدارة الأمريكية يرون في المقاومة الفلسطينية والعراقية إرهابًا، فما تعليقكم على هذا الاتهام من وجهة نظر القانون الدولي؟
وفق القانون الدولي فمن حق أصحاب الأراضي المحتلة اللجوء للقوة لتحرير أراضيهم إلى جانب حقهم في تقرير مصيرهم بأنفسهم، وليس من جانب قوات الاحتلال ومن هنا فالمقاومة العراقية للاحتلال الأمريكي البريطاني والمقاومة الفلسطينية للاحتلال الصهيوني الاستيطاني هي المقاومة المشروعة طبقًا لاتفاقيات (جنيف) الصادرة عام 1949م وملاحقها، وهي بالتأكيد ليست إرهابًا، والعمليات التي يقوم بها المقاومون الفلسطينيون ليست انتحارًا؛ ولكنها عمليات استشهادية، خاصة وأن تلك العمليات هي وسيلة الدفاع الأخيرة الباقية في أيدي الفلسطينيين، ومن الأفضل الحرص على عدم الاقتراب من المدنيين في هذه العمليات كلما أمكن ذلك، والحرص كذلك على إظهار الطابع الدفاعي لهذه العمليات لإبعادها عن مفهوم الإرهاب.
والزعم بأن من العمليات الاستشهادية هي إرهاب؛ لأنها تستهدف مدنيين صهيونيين زعم خاطئ لأن الصهيونيون الذين يتواجدون في أراضي فلسطينية محتلة لا يمكن أن يكونوا مدنيين؛ لأن عن طريقهم يتم اغتصاب الحق والاحتلال والاستيطان في أماكن ليست لهم، والشرعية الدولية مستقرة على أن أراضي الضفة الغربية، وقطاع غزة والقدس الشريف، هي أراضي فلسطينية محتلة يطبق عليها قانون الاحتلال الحربي، والاحتلال بمقتضى هذا القانون حالة مؤقتة يجب أن تنتهي فورًا، وأن يتم تسليم هذه الأراضي إلى السلطة الفلسطينية التي أعطيت حق تمثيل الشعب الفلسطيني في اتفاقيات (مدريد) و(أوسلو) والتي تتنكر لها اليوم حكومة "شارون" التي تمارس إرهاب الدولة، وتقتل- بشكل متعمد- المدنيين الفلسطينيين مما يدفعهم للمقاومة المسلحة.


مواجهة (الأمركة)

  • كيف يمكن التصدي للهجمة الأمريكية على عقيدة الأمة ومحاولاتها فرض تغيير المناهج التعليمية على البلدان العربية والإسلامية؟
المطلوب إجراء تغيير في مناهج التعليم لإعطاء مساحة أكبر للدراسات والعلوم الإسلامية في جميع مراحل التعليم خاصة التعليم الجامعي حتى تعود للغة العربية سيادتها على أرضها وتسترد دورها كلغة علم وحضارة كما كانت عبر قرون طويلة، وأن يهتم الإعلام في البلدان العربية والإسلامية بغرس القيم الإسلامية، وكشف المخططات الأمريكية، وتحذير الرأي العام من الإذاعات والقنوات الفضائية الأمريكية في المنطقة.
وإسهامًا من رابطة الجامعات الإسلامية في صد الهجمة الأمريكية أصدرت سلسلة كتب (المواجهة) لتحقيق الشباب المسلم ضد محاولات فرض الثقافة الغربية على الجامعات الإسلامية في العالم العربي والإسلامي في العالمين العربي والإسلامي وصدر من سلسلة كتب المواجهة (الإسلام وحوار الحضارات)، (الإسلام وتطوير الخطاب الديني)، (حقوق الإنسان في الإسلام)، (حقوق الطفل المسلم)، (المنظمات الدولية الإسلامية)، (الحرب والسلام في الإسلام) ، (الإسلام والعولمة).
كما أقامت الرابطة العشرات من الندوات والمؤتمرات داخل جامعات البلدان العربية والإسلامية، وداخل أوروبا لتوضيح موقف الإسلام من القضايا المختلفة والرد على ما يثار من شبهات وأباطيل خاصة في المجتمعات الأوروبية؛ حيث ينشط الإعلام الذي تحركه المنظمات الصهيونية، وشكلت لجنة الإعلام والخبراء لتجميع كل ما يكتب عن الإسلام في الوقت الحاضر أو ما يبث من خلال شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) واختيار ما يصلح للتعليق عليه وتنفيذه من خلال مجلس العلماء الذي تم تشكيله بالرابطة.
وتقوم الرابطة بالتنسيق مع (وزارة الخارجية المصرية)، و(وزارة الأوقاف)، و(المجلس الأعلى للشئون الإسلامية)، و(رابطة العالم الإسلامي)، و(المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة)، و(المجلس العالمي للدعوة والإغاثة)، و(جامعة الأزهر) فيما يجب اتخاذ من تدابير لنشر هذه الردود والأعمال على مختلف وسائل الإعلام وعلى الشبكة الدولية للمعلومات (الإنترنت)، إلى جانب تكليف عدد من الخبراء وأساتذة الجامعات بمناقشة مجموعة من الكتب الأجنبية ذات العلاقة بالأحداث الجارية، والتي تدور حول المفاهيم المغلوطة حول الإسلام والمسلمين للرد عليها وتصويب ما بها من أخطاء.

المصدر