د."الراوي": نشدد على إنهاء الاحتلال وإخراجه من بلادنا

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
د."الراوي": نشدد على إنهاء الاحتلال وإخراجه من بلادنا

[15-02-2004]

مقدمة

•نعمل جاهدين على إنهاء الاحتلال بكافة السبل.

•إعادة بناء النفوس هدف رئيسي للحزب.

•مشاركتنا في مجلس الحكم كانت لها مبررات قوية.

•وجود معوقات لنقل السلطة أمر وارد.

•إذا أُبعد العراق فالأمة كلها في خطر.

•اعتداءات مستمرة على أعضاء الحزب.

تحتاج الأوضاع من حين لآخر إلى الوقوف عليها للتعرف على طبيعة الأمور التي اصطلح الكثيرون على أنها شديدة التعقيد، فضلاً عن التعرف على بعض المواقف للقُوى السياسية العراقية، وفي مقدمتها الحركة الإسلامية، التي أثارت كثيرًا من الجدل بمشاركة عضوَين منها في مجلس الحكم الانتقالي..

التقينا بالدكتور "فؤاد الراوي"- عضو المكتب السياسي للحزب الإسلامي بالعراق- ليُزيح لنا الستار عن كثير من الأمور حول القضايا المختلفة، فذكر لنا أن مشاركتَهم في مجلس الحكم الانتقالي لها كثيرٌ من الإيجابيات، وأن المقاومة تتدَّرج لديهم؛ حتى يتم إخراج الاحتلال الأمريكي من العراق.

كما أكد لنا أن الحزب الإسلامي يعمل جاهدًا على توحيد الجبهة الداخلية للخروج بالعراق من الأوضاع الطاحنة، التي يرضخ فيها هذه الأيام..


نص الحوار

وإلى تفاصيل الحوار:

الحزب الإسلامي تأسس عام 1960م بقرارٍ من أعلى هيئة قضائية؛ هي محكمة (تمييز العراق)، وتمَّ حل الحزب بعد عام من نشأته من قبَل السلطة الحاكمة، واستمرَّ العمل سرًّا، وأُوذي أعضاء الحزب الإسلامي وقياداته، وسُجنوا، واستُشهد منهم الكثير، وفرَّت بعض الكوادر بدينها إلى الخارج، وأسسوا الحزب الإسلامي العراقي في لندن.
واستمرَّ هذا التواصل إلى أن سقط النظام في 9/4/2003م، واستأنف (الحزب الإسلامي) نشاطه، ورفع الراية من جديد، وبدأ العمل السياسي، ووُجدت له ركائز قوية في الساحة العراقية، وفُتحت المقرات والمراكز والفروع والشُّعَب، وبدأ العمل بجدِّيَّة، وتزايَد مؤيدوه يومًا بعد يوم، وأقبل الناس على الحزب؛ حيث وجدوا فيه الملاذ الآمن مما يلاقوه من تحديات في الساحة المضطربة.. فالأمن منفلت، والحالة الاقتصادية مرتبكة، والبطالة مستشرية في المجتمع.


تحدٍّ كبير

  • كلامك يشير إلى أنكم تعيشون الآن أجواءً أكثر حريةً من أجواء النظام العراقي السابق.. ألا تواجهكم تضييقات من الاحتلال الأمريكي؟
يقينًا.. إننا وجدنا بعض منافذ الحرية في العمل السياسي في الساحة، لكن لا يعني هذا أننا بعيدون عن الاعتقالات والمداهمات؛ حيث تتعرض مقراتنا وبيوت أعضاء (الحزب الإسلامي) للمداهمات، ويتعرَّض شبابنا للقتل بلا مبرر، ولا يمرُّ يوم دون أن تحدُث مثل هذه الاعتداءات على حزبنا في بغداد وفي المحافظات؛ وهو ما يدل على أن الاحتلال تحدٍّ كبير.
أضِف إلى ذلك بعض التحديات الأخرى، مثل: النعرة الطائفية والتصفيات الشخصية؛ وهو ما جعل الشارع يُعاني من الفوضى وعدم الأمان وعدم الاستقرار؛ وهي الأمور التي يعمل على معالجتها (الحزب الإسلامي)؛ حيث يعملُ على إيجاد الاستقرار والطمأنينة، ويعمل جاهدًا لإعادة عافية البلد، والسعي في قضاء حاجات الناس؛ ولذلك فإن الحزب يَعملُ على إعادة بناء النفوس وإعادة إعمار العراق من خلال التعاون مع القوى المخلِصة في الساحة؛ لضمان سلامة العراق واستقلاله ووحدته وتماسك نسيج المجتمع، وألا تُفرقُه الطائفية أو العِرقية أو المحتلُّ، وهذا هو منهجنا في المرحلة الحالية.
  • وما هي أهم محاوركم لتحقيق هذه الأهداف؟
لا شكَ أن الخَطب كبير، والمشكلة ليست هينة؛ ولهذا فإن الحزب الإسلامي- على قدر طاقته- يُعطي هذه الأمور أولويةً، لكنَّ يدًا واحدةً لا تصفِّق، فالحزب الإسلامي له اتفاقاتٌ مع بقية القوى المخلصة الفاعلة في الساحة لتحقيق هذه الأهداف، وردِّ عافية هذا البلد.


مواجهة المحتل

  • أنتم تسيرون في اتجاه بناء المجتمع من جديد، وهذا اتجاه محمود.. لكنْ ما هو موقفكم من مقاومة المحتلِّ؟
لدينا الخطاب السياسي، ولدينا المنهج السلمي، والحجَّة والبيان.. نتعامل معهم ولا نتعاون.. نتَّصل برءوسهم من أجل العراق، ومن أجل إبعاد الأخطار، ونستعجلهم في نقل السلطة، وأن تُعادَ الأمورُ إلى أهلِها، ونشدِّد على انتهاء الاحتلال وإخراج المحتل من بلادنا.
  • رغم اعتناقِكم المنهجَ السلميَّ، فإن هناك اعتداءاتٍ من الاحتلال الأمريكي، وهناكَ مَن يرى أن خيار المقاومة المسلَّحة هو الخيار الوحيد لإنهاء هذا الاحتلال.. فما تقديركم لهذا الموقف؟
نحن نعلم أن الساحة بها كثير من مناهج مقاومة الاحتلال؛ فهناك من يعمل بالقوة، وهناك من يستخدم العمل السياسي والحجة والبيان، وهناك مَن يعمل برد الفعل، وهناك مَن يؤمن بأن الجهاد هو طريق التحرير، فكلٌّ له منهجُه، والحزب الإسلامي اختار في هذه المرحلة منهج المقاومة السِلمية؛ لأنه يعلم أن هذه هي الوسيلة الناجحة في الوقت الحاضر، لكنَّ الحزبَ لا يعيبُ أو ينكرُ على أحد منهجَه.
  • اسمح لي- وأتمنى أن يسعَني صدرُكم-: هناك اتهامات وُجِّهت إلى (الحزب الإسلامي) لمشاركته بعضوَين في مجلس الحكم الانتقالي.. فما موقفكم من هذه الاتهامات؟
الحقيقة دخولنا المجلس كان له مبررات ومنافع كثيرة ودوافع كبيرة؛ لأن دخولنا في مجلس الحكم جاء من منطلق مصلحة البلد؛ حيث ملأْنا موقعًا مهمًا، إن لم نملأه نحن ملأه غيرنا؛ ولذلك تحرك الحزب الإسلامي في هذا الاتجاه؛ حتى يحقق كثيرًا من الأمور التي لا يستطيع تحقيقها في غيابه عن المساهمة والتمثيل في مجلس الحكم وفي الهيئة الرئاسية، ومن هذه المكاسب: إعطاء صبغة قانونية للعمل الإسلامي، وإعطاء حصانةً له في العراق وفرصةً لأن يعبر (الحزب) عن أهدافه، وأن يعمل بجماهيرية في هذه الساحةِ التي تحتاجُ بشكل قويٍّ إلى وجود (الحزب الإسلامي)، فإن لم تُملأ الساحة بالأبيض والأخضر، فسوف تمتلئ بالأحمر والأسود؛ لذا فإن وجودنا ضرورةٌ ملحَّةٌ للعمل الإسلامي في العراق.


مدى شرعية الاحتلال

  • لكن مجلس الحكم يرأسه "بريمر" وهو أمريكي، ومن ثمَّ فإن وجود مجلس الحكم يُعطي شرعيةً للاحتلال!!
المجلس متكوِّنٌ من 25 عضوًا يمثلون الأحزاب والقوى السياسية المختلفة، ومنهم مستقلون، لكن كلُّهم عراقيون..

أما موضوع "بريمر" فهو حاكم مدني يحضُر يومًا واحدًا في الأسبوع، وقد يقدم مشروعًا ويُرفض، وهو يقول: نحن لا نريد التصادم معكم؛ ولذلك فهو- حتى الآن- لم يستخدم حق (الفيتو)، ونحن لا نُنكر أن الجيش الأمريكي هو المُهيْمِن على الساحة، وهو الذي يتجاوز ويقتحم المنازل، ويعتدي ويسرق، ونحن لا نحتمل ولا نرضى لهذا الاحتلال بأي وجود كان، ولكن نتعامل معه بعقلانيةٍ وتوازُنٍ، ونعمل جاهدين على إنهاء هذا الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، وبالتعاون مع كل القوى الخيِّرة، التي تفهم ما نفهمه، ونلتقي معهم في قواسم مشتركة؛ وهي إنهاء الاحتلال، وضمان استقلال ووحدة العراق، وإعادة العراق إلى الأسرة الدولية.

  • هل يوجد داخل مجلس الحكم تنسيقٌ بين القوى المختلفة، أم أنَّ التنافرَ هو سيد الموقف؟
هذه وتلك.. ليس المجلس على وتيرة واحدة، فقد يعرِض مشروعًا يتَّفق عليه الجميع، وقد يعرض آخر ويكون هناك نقاش ساخن واختلافات في وجهات النظر.


انتقال السلطة

  • في تقديركم.. كيف ترون آلية انتقال السلطة في الفترة القادمة؟ هل ستتم بسلاسة أم تتوقعون العقبات؟
برنامج نقل السلطة محدد بمراحل وتواريخ تبدو في ظاهرها أنها ممكنة التنفيذ، إلا أنه من الوارد أن تكون هناك بعضُ المعوقات، والدليل على ذلك أنه قد تمَّ الاتفاق على الانتخابات القطاعية، إلا أن كثيرًا ممن وقَّعوا على قرار نقل السلطة بدأوا ينادون بالانتخابات المباشرة، ومن ثمَّ يتم تأجيل الاستقلال وإنهاء الاحتلال، على عكس البرنامج المرسوم، والذي يجري الانتخابات في المجالس البلدية والمحلية والاستشارية، ثم مجلس حكم المحافظة، ثم مجلس الحكم الانتقالي؛ وهي خطوات بدأ تنفيذُها؛ حيث بدأوا بالمحاضرات والندوات لشرح كيفية تنفيذ هذه الخطوة حتى 30 من يونيو القادم، ومن ثم إيجاد مجلس وطني استشاري يتكوَّن من 250 عضوًا يمثلون كافة المحافظات بمعدل 100 ألف نسمة يُنتخَب منه عضو؛ أي أن العامل الديمجرافي هو الذي سيحكم المسألة الانتخابية.
  • هل تتوقعون سلاسةً في إتمام هذا البرنامج، أم تتوقَّعون مماطلةً في نقل السلطة؟
لا يُستبعد هذا الأمر من المحتل.. لكنهم يتماشَون مع مصالِحِهِم، وعليهِم أن يلتزموا بما وقَّعوا عليهِ في 15 نوفمبر الماضي، أمَّا إذا تخلَّوا عن وُعودِهم، فحينها يكون لكل حادث حديثٌ، ويعلَن حينَها ما هو الإجراء الذي يُتخَذ في ذلك الوقت.
  • أريد أن أنتقل إلى نقطةٍ أخرى؛ وهي علاقة (الحزب الإسلامي) بالشيعة والأكراد؟
(الحزب الإسلامي) صاحب منهج متوازن ومعتدل، ويفتح أبوابه للجميع، وقيادة الحزب على توافق واتصال وتنسيق بكل القوى المؤثرة في الساحة العراقية، فنحن على وفاق مع القوى الكردية ممثلةً في الأحزاب الثلاثة (الديمقراطي الكردستاني– الاتحاد الإسلامي الكردستاني- الاتحاد الوطني الكردستاني)، كما أن لنا علاقاتٍ بالشيعة، مثل: حزب الدعوة الإسلامية بقيادة الدكتور "إبراهيم الجعفري"، وحركة الدعوة الإسلامية بقيادة "عز الدين سليم"، كما أنَّ لنا علاقةً بالمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وبقيةِ الأحزاب على الساحة، ويُعدُّ الحزب الإسلامي أكثرَ الأحزاب علاقةً بكافة القوى الأخرى؛ لأن منهجه معتدلٌ، ويدعو إلى التكاتف وتقوية نسيج المجتمع، وينبذ الطائفية والعِرقية والعنصرية.


سقوط بغداد

  • قضية سقوط بغداد وظهور "صدام" بهذه الصورة، والإعلان عن محاكمته كمجرم حرب، ثم التخفيف والإعلان عن محاكمته كأسير حرب.. تُثير الشكوك، حتى إن البعض ذهب إلى أن "صدام" كان عَميلاً للولايات المتحدة، وكل ما حدث كان مخططًا له؟
والله لا نستبعد أن يكون هذا الرجل (بيدقًا كبيرًا) كُلِّف بمهمة خطيرة جدًا؛ وهي تخريب هذا البلد وتخريب العلاقة بين العراق وبين دول الجوار والأمة العربية والإسلامية، ولا يقوم بهذا الدور إلا مَن يكون ركيزةً للمحتل، ومكلفًا من قِبَله، وهناك كثير من الشواهد تدلُّ على ذلك- والله أعلم- خاصةً أن كل الأحداث التي افتعلها "صدام" مرسومةٌ له، ولم يكن جديرًا بالاستمرار في الحكم إلا أنه كان مكلَّفًا من القوى التي لها مشاريع وأهداف في منطقتنا فإذا لم تجد هذه القوى الباب مفتوحًا لمَا حدث ما حدث، فالجيش العراقي كان خامس جيش في العالم وانهار في لمح البصر.
(أم قصر) تصمد أمام الغزو خمسة عشر يومًا، و(بغداد) تُسقط بدبابتين.. هذا أمر يُثير العجب ويُعطي يقينًا بأن هناك مؤامرةً على العراق وعلى هذا الشعب.


الدعم العربي

  • كيف ترون الدعم العربي والإسلامي اللازم للعراق في الفترة القادمة؟
لا أجد الدعم العربي على المستوى المطلوب، وقد طالبنا عبْر وسائل الإعلام ألا يُترك العراقُ وحدَه، فهناك مؤامرةٌ مستمرةٌ على العراق يريدون أن يَفصلوه عن أمته؛ ولذلكَ فإن الحكومات العربية والإسلامية معنيةٌ بهذا الواجب؛ بأنْ تمدَّ يد العون المادي والمعنوي لهذا البلد المنكوب، وألا يتركوه فريسةً لهذه المخططات، وعليهم أن يقوموا بدورهم من باب الأخوَّة والدين تجاه هذا البلد الذي إن أُسقِط وأُبعد عن الأمة الإسلامية فإن الأمة كلَّها سوف تكون في خطرٍ؛ فالعراقُ هي البوابةُ الشرقيةُ، وأهل السنة في العراق هم حجَر الزوايةِ لهذه الأمَّة، فليس هناك ثغرٌ كثغرِ العراق.
  • الأوضاع الراهنة في العراق.. نقلتنا إلى تساؤل عن ظهور عناصر وبضائع صهيونية في العراق؟
إن انفلات الوضع الأمني، وحل الجيش، وفتح الحدود، وانهيار السدود، واستباحة البلد.. جعل كلَّ من هبَّ ودبَّ يدخل العراق للتخريب أو للنفع، ولا أستبعد أن تكون هناك منظماتٌ تخريبيةٌ أو منظماتٌ جاسوسيةٌ دخلت العراق تحتَ الغِطاء والتجارب.

المصدر