خالد مشعل: المقاومة أجبرت شارون على الانسحاب من غزة
[22-09-2004]
محتويات
مقدمه
- الأوروبيون يُجرون اتصالات بنا رغم وضعهم حماس على قائمة الإرهاب
- لا يهمنا نقل مكاتبنا من سوريا لأن ملعبنا الأساسي داخل فلسطين
أجرى الحوار: عبد المعز محمد
الحوار مع خالد مشعل- رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) والمسئول عن نشاط الحركة وهو خارج فلسطين - له طابع خاص؛ فهو سياسي من طراز نادر، كما أنه مجاهد صُلب.
ولذا فمجرد الحديث معه حتى ولو لدقائق مكسبٌ كبيرٌ، خاصةً إذا كانت الأحداث في فلسطين تتصاعد، فهناك خطة رئيس الوزراء الصهيوني أرئيل شارون، التي تُعد انتصارًا للمقاومة التي أكدت أنها الخيار الوحيد للشعب الفلسطيني، وقضايا أخرى متعلقة بالحوار الفلسطيني الفلسطيني والدور المصري فيه، إضافةً لما يتردد عن ضغوط صهيونية وأمريكية عن نقل مكتب حركتَي (حماس) و(الجهاد) من سوريا..!!
وفي حوارٍ مع خالد مشعل- المطلوب رقم واحد للكيان الصهيوني- أكد أن المقاومة هي التي أجبَرت الأوروبيين على الحوار مع (حماس)، رغم وضعهم الحركة على قائمة الإرهاب، والذي أشار أيضًا إلى أن لقاءه ووفد الحركة مع المسئولين المصريين يأتي ضمن لقاءات ومشاورات عديدة، بدأها المسئولون المصريون مع قادة (حماس)، وأن زيارته للقاهرة التي بدأت مساء السبت 18 سبتمبر 2004 م تأتي استكمالاً للقاء سابق في أغسطس الماضي.
كل هذه القضايا وقضايا أخرى تكلم فيها المطلوب رقم واحد للصهاينة، نتناولها في هذا الحوار:
نص الحوار
- يتردد أن هناك ضغوطًا تتم ممارستها على سوريا و لبنان لغلق مكاتب (حماس) و(الجهاد) بالبلدين، وأن هناك احتمالات لنقل مكاتبكم إلى إيران.. فما صحة هذا الكلام؟!
- هناك ضغوطٌ صهيونية، وهناك تهديدات باغتيالنا في كل الساحات، وهناك تهديدات بضرب سوريا ، وهو أمر بات معروفًا للجميع، إلا أن ما يجب أن يعرفه أعداؤنا هو أن ساحة الفعل الأساسية لكل من (حماس) و(الجهاد)- بل وللمقاومة الفلسطينية كلها- هي فلسطين؛ فهي الأرض المحتلة، وبها تنظيمُنا، وهناك مقاومتُنا وأجنحتُنا العسكرية، وهناك شعبُنا وجماهيرُنا، ففلسطين هي الساحة الأساسية، كما أننا لسنا موجودين في سوريا وحدها، ونحن- بفضل الله- نلقَى ترحيبًا في كل الساحات العربية والإسلامية، رغم التضييق والحصار والضغط الأمريكي والصهيوني، وبالتالي فالقصة ليست أن ننتقل من موقع إلى آخر؛ لأننا على تواصل مع الأمة جميعًا.
- فهل من الممكن إذن أن تؤتي هذه الضغوط ثمارَها وتنتقلون بالفعل إلى إيران ؟!
- نحن لا نتحدث عن انتقال؛ لأننا في الأساس لسنا موجودين في مكان محدد ننتقل منه لمكان آخر، فـ(حماس) أساسًا داخل فلسطين، أما من هو في الخارج- من حماس- فلهم علاقات مع الدول العربية والإسلامية، ولدينا ممثِّلون في الخارج، ولدينا مكاتب، ولنا حركةٌ سياسيةٌ وإعلاميةٌ موجودةٌ في ساحات متعددة، فالقصة إذن أننا لسنا محصورين في عاصمة محدَّدة لنبحث عن ترحال إلى عاصمة أخرى.
حوار الفصائل الفلسطينية
- جاءت زيارتُكم للقاهرة بعد تأكيدات فلسطينية ومصرية بتأجيل اجتماع الفصائل الفلسطينية الذي كان مقررًا عقدُه في القاهرة نهاية سبتمبر الجاري.. فما هي إذن أسباب زيارتكم للقاهرة؟!
- لقاءاتنا بالإخوة المصريين متواصلة، وليست لقاءات عابرة، فالقضية الفلسطينية قضية خطيرة، وهناك تسارع في الأحداث على الساحة الفلسطينية، وتتطلب استمرارًا للحوار والتواصل، سواء الفلسطيني الفلسطيني أو الفلسطيني العربي، وزيارتنا لمصر هي للحوار والتحضير لحوارات قادمة؛ من أجل بحث قضيتَين:
- الأولى هي ترتيب البيت الفلسطيني، وإيجاد حالة من التوافق الفلسطيني على تشكيل قيادة وطنية موحدة، ومرجعية عُليا للقرار الفلسطيني توظِّف الطاقة الفلسطينية بأفضل صورها في مواجهة استحقاقات المرحلة، وفي مواجهة العدوان الصهيوني أيضًا.
- ولذلك فإن هذه المشاورات- التي استمرت طوال يومين مع الإخوة المصريين- جرت في أجواء إيجابية، وإنها ستُستكمَل بحوارات ثنائية مع التنظيمات الفلسطينية الأخرى؛ تمهيدًا لبدء الحوار الوطني الفلسطيني بالقاهرة خلال الفترة المقبلة، كما أن الفترة المقبلة سوف تشهد استضافةَ مصر لمندوبين عن الفصائل الفلسطينية لبحث ورقة عمل حول قضايا البرنامج الوطني الفلسطيني للمرحلة المقبلة؛ تمهيدًا للقاء على مستوى قادتها بالقاهرة؛ للتوقيع على برنامج العمل الوطني الفلسطيني في صيغته النهائية وباتفاق كل الفصائل.
- هل تناول الاجتماع قضية مشاركة (حماس) في حكومة وطنيةفلسطينية بعد الانسحاب الصهيوني من غزة؟!
- الاجتماع ارتكز في الأساس على المبادئ العامة الرئيسية ولم يتناول قضايا تفصيلية.. كإقامة حكومة وحدة وطنية فلسطينية أو غيرها؛ لأن المهم في المرحلة المقبلة هو إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، والحوار من أجل برنامج العمل المشترك ورؤية فصائل المعارضة الفلسطينية لمسألة المشاركة السياسية.
- أشرت إلى أن زيارتكم للقاهرة كانت لقضيتين: الأولى- كما أوضحت- تعلقَت بالحوار الفلسطيني الفلسطيني، فما هي إذن القضية الثانية؟
- القضية الثانية تتعلق بالأطروحات الصهيونية، فهناك مبادرة لشارون تتحدث عن احتمال الانسحاب من غزة، وهذا استحقاق قد يحدث على أرض الواقع، وهو ما يتطلَّب أن نتفاهم فلسطينيًّا عليه، كما يجب أن نتفاهم عليه أيضًا مع الأطراف العربية المعنية، وعلى رأسهم مصر.
- أنا لم أقل ذلك، ولكن ما أقصده هو أن هناك احتمالاً نحن نتعامل معه إن تم على أرض الواقع، كما أن هناك اجتهادات لدى الأطراف المختلفة؛ ولذا فنحن نريد أن نتحاور معهم لتتقارب تصوراتنا؛ لنكون في أفضل صورة.. هذا بالإضافة إلى أننا في (حماس) دائمًا في كل هذه الحوارات منحازون لمصلحة شعبنا الفلسطيني وانتزاع حقوقه.
- وهل جاءت الزيارة لأنكم تريدون معرفة ما تم التوصل إليه بين مصر والمسئولين الصهاينة؟
- كما قلت فإن موضوع الانسحاب من غزة موضوع سياسي، ونحن نتعامل معه على أن هناك احتمالاً للانسحاب من غزة ، ولا شكَّ أن مواقف الأطراف الأخرى تؤثر إما في بطء الإيقاع أو في سرعته، وكلنا يعلم أن هناك معارضةً واسعةً لخطة شارون لفك الارتباط من طرف واحد والخروج من غزة ، سواءٌ داخل الليكود أو في الوزارة الصهيونية، فضلاً على أن الاختبار القادم سيكون في الكنيست، وبالتالي فإن الموقف الصهيوني لا يزال غامضًا وقد لا يستطيع شارون تمرير مبادرته وانتزاع قرار الكنيست، إضافةً إلى أن هناك بعدًا آخر في الموضوع وهو انغماس الإدارة الأمريكية تمامًا في الانتخابات، وبالتالي فإن الموقف الأمريكي لا يشكِّل قوةَ دفعٍ لموضوع الانسحاب.
- وهذا كله يجعل هناك ضرورةَ أن نكون على صلةٍ مع الأطراف المعنيَّة في الموضوع وعلى رأسها مصر ، فشارون يتحدث عن مبادرة مضللة ومخادعة، وإن كان هناك ما يوجب انسحابه من غزة ؛ لأنه مضطَّر ومجبَر، فانسحابه إذن ليس اختياريًّا، والفضل يرجع في ذلك- بعد الله تعالى- للمقاومة الفلسطينية، ونحن كقوة فلسطينية وكأطراف عربية معنية- وخاصةً مصر - نهتم أولاً بترتيب البيت الفلسطيني من الداخل بالشكل الذي يساهم في أن نتعامل مع أي مستجدٍّ يحدث على الأرض الفلسطينية، مثل الانسحاب الصهيوني من غزة أو من غيرها، انطلاقًا من قاعدة واحدة ومهمة وهي كيف نستخدم خطوةَ الانسحاب في مصلحة الشعب الفلسطيني؟ وكيف نجعلها خطوةً على طريق استعادة الأرض وتطهير المقدسات وانتزاع حقوقنا؟ وكيف نجعلها خطوةً أيضًا في سياق إنجاز الحقوق الفلسطينية؟!
- وهذا هو المعيار الذي ننطلق منه وليس أن نبقى فقط ننتظر ماذا سيحدث من الطرف الصهيوني، وأنا أقول ذلك سواءٌ نجحشارون في خطته المخادعة أو لم ينجح، فإن آجلاً أو عاجلاً سوف يخرج شارون من غزة وسيخرج من أرضنا الفلسطينية؛ لأن الذي سيجبره على ذلك هي المقاومة بإذن الله تعالى.
ترتيب البيت الفلسطيني
- أشرتَ إلى أن زيارتَكم للقاهرة من بين أهدافها توحيد الصف الفلسطيني وترميم البيت من الداخل.. فلماذا ما زال حتى الآن البيت الفلسطيني تشوبه الخلافات والانقسامات رغم أن نقاطَ اتفاقه أكثر بكثير من نقاط خلافه؟!
- رغم أن ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل يسير جيدًا في الفترة الأخيرة إلا أن هذا لا يمنع أن هناك أطرافًا فلسطينيةً تتحمَّل المسئولية الأكبر في أن تبادر إلى خطوات جادَّة من شأنها أن تعجِّل بإنضاج الموقف في التوافق على تشكيل قيادة وطنية موحَّدة، وتحقيق شراكة حقيقية في القرار الفلسطيني، وأعتقد أننا ماضون باتجاه ما نشاء في هذا الموضوع.
- إذا كانت خطوات ترتيب البيت الفلسطيني من الداخل تسير بشكل جيد- كما أشرت- فلماذا إذن تأجَّل حوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة أكثر من مرة؟
- كانت هناك تقديرات أولية بعقد اجتماع في القاهرة خلال شهر سبتمبر 2004 م، ولكن لم تكن هناك ترتيبات فعلية ودعوات وُجِّهت لعقد هذا الحوار ثم تأجل، وبالتالي نستطيع أن نقول إنه ليس هناك تأجيل وإنما كانت هناك تقديرات أولية، ومن ناحية أخرى فإن الحوارات الفلسطينية لم تتوقف؛ فهناك حوارات في الداخل، سواءٌ في غزة أو في الضفة، وهناك حوارات تجري في القاهرة بشكل ثنائي، وما زلنا نواصل هذا الحوار، لكن بالتشاور مع الإخوة في مصر خلال زيارتنا السابقة، وربما هذا حدث أيضًا مع غيرنا من الفصائل.
- كان هناك ما يشبه الاتفاق أن الأجدى في المرحلة الراهنة هو إنضاج الحوار ثنائيًّا كمرحلة أولى؛ حتى تتبلور الرؤى والتصورات وتتقارب المواقف لنقترب في النهاية من صيغة معقولة يرتضيها الجميع ثم بعد ذلك يتوَّج هذا كله بحوار جماعي في القاهرة، فهذا هو السيناريو للترتيب الذي توافقنا عليه جميعًا، وأعتقد أننا ماضون في هذا الأمر، فعندما تنضج الحوارات التي أجراها الإخوة بمصر مع (حماس) و(الجهاد) ومع الإخوة في (فتح)- إضافةً إلى الفصائل الأخرى التي سيتم الحوار معها- سوف تدعو الجميع لحوار جماعي بالقاهرة.
- وأنا أؤكد أن الجميع حريص على هذه الحوارات؛ لأن الجميع يشعر بحاجته للحوار، كما أن ضرورات الواقع الفلسطيني تحتِّم هذا الحوار، فالجميع إذن يتعامل مع الحوار بهذه الجدية، ونحن في (حماس) بالتأكيد جادُّون في التوصل عبر الحوارات لنتائج مُرضية للشعب الفلسطيني.
خطة الانسحاب الصهيوني
- هل تعدد اللقاءات بين المسئولين بمصر مع قادة (حماس) و(الجهاد) والفصائل الفلسطينية الأخرى يرجع إلى وجود أجندة ومطالب استباقية متشددة من الفصائل، في حالة اتمام الانسحاب الصهيوني من غزة، وبالتالي فإن مصر من جانبها تريد تليين الأمور؟!
- هذه القراءة ليست هي الأصح فيما يتعلق بتعدد اللقاءات بين فصائل المقاومة وبين الإخوة بمصر، إلا أنه من الطبيعي أيضًا أن حركةً مثل (حماس)، وكذلك الإخوة في (الجهاد)، وغيرنا من القوى التي تمارس نضالاً على الأرض الفلسطينية ولها حضورها ووزنها على الأرض.. من الطبيعي أن كل من يتعاطف مع الشأن الفلسطيني أن يتحاور معهم، وهذا أمر لا يحتاج إلى تفسير على شاكلة لماذا الحوارات ولماذا تتعدد اللقاءات.. بينما يكون العكس هو الذي يحتاج إلى هذا التفسير إذا لم يكن هناك حوارات.
- ولأن حماس موجودة في الساحة الفلسطينية فمن الطبيعي أن يتحاور الإخوة بمصر معنا في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، وما ينطبق علينا ينطبق على غيرنا من قوى المقاومة، ويكفي أن أقول لك إن الأوروبيين- رغم أنهم وضعوا (حماس) على قائمة الإرهاب نتيجةَ الضغوط الصهيونية والأمريكية- يواصلون الحوار معنا؛ لأن (حماس) مكوِّن أساسي في الساحة الفلسطينية، وثبت لديهم أن كل المشاريع التي عملوا لها طوال سنوات طويلة فشلت؛ لأنها كانت بعيدةً عن الواقع الموجود على الأرض؛
- ولذلك فإن كل المشاريع المبنية على مجرد تبريد الصراع هي مشاريع فاشلة، وهناك معادلة إن لم يُدخِلوها في خطتهم فلن يكتب لهذه المشاريع النجاح، وهذه المعادلة ببساطة هي المقاومة في وجه الاحتلال، فإن كانوا يريدون خروجًا من المنطقة فليخرج الاحتلال، أما أن يستمر الاحتلال ثم يريدون من الشارع الهدوءَ فهذه معادلةٌ مجحفةٌ، وبالتالي فإن الأمور لن تستقيم.
المصدر
- حوار: خالد مشعل: المقاومة أجبرت شارون على الانسحاب من غزة موقع اخوان اون لاين

