خارج نيسان والمكان
2008-11-12
بقلم : الأسير باسم الخندقجي
صباح نيساني..سأقول عنه :
جميل وغيمه متناسق بمودة مع الدفء ..والمشهد ألوانه في مثل هذه الساعة حقيقية وطبيعية..وأنا رائع..أرشف قهوتي التركية بلذة تذكرني بشغفٍ عابر أصابني في البلدة العتيقة ذات الجبليْن.. صباح نيسان:شرفة في الذاكرة..و ورد وفل وياسمين..وأصوات منبعثة من سوق قديم..ثم سيجارة تتفق بصراحة مع سيجارتي التي لا تحبذ السكر بالرغم من ملاحظة على المغلف تقول:أضف ملعقة سكر بعد تلقيم الماء الساخن بمعلقتي قهوة –
مرة أخرى صباح نيساني سأقول عنه:
تتململ الكلمات بعد ليلة كتابة طويلة الصفحات...وتنادي بموسيقى فيروزية"أرتشف قهوتك بسرعة وتعال لأنني لم أصل بعد إلى ذروتك ألا تعلم أن نيسان هو شهر شبق الكلمات؟!
في هذا الصباح أُداعب أوراق الجوري وأُراقب طفولة الياسمين التي تسعى ببراءة إلى تقليد الورد..ومن شرفتي أنظر إلى بعض مدينتي..هل هي مدينتي بالفعل؟-بعد أن كان هذا السؤال يهجم علي في الليل ها هوَ يَهجم علي حين الصباح :-
أنه الصباح..حمام يتأرجح ما بين مياه ساخنة وباردة ولكنها ليست دافئة ربما لا يوجد رمز لوصف حمامي هذا .. فتهتاج كلمة قائلة"لستُ رمزاً أنا إلهه على عجلٍ..أخلقُ الأسطورة بلا إختزال..بلا إيمان لحوح متطفل..إعشقني تنالني في نيسان"
أٌنهي حمام الصباح بدندنات لفيروز تارة ولأم كلثوم تارة أخرى..وربما أيضاً فرانك سيناترا!! ولكن مع القهوة والسيجارة فقط صوت فيروز التي لا تستحقها الأرض..ويا فيروز أرجوك لا تموتي الآن .. أنه الصباح..جارتي إمرأة مجنونة تُعلن وتُكشف عن تفاصيل وأحداث ليلها المختل على حبل غسيلها لكي تثبت لي أنني الخاسر..فأبتسم وأعود إلى صحيفتي وهي عبرية بنت عبرية،..ثمة أخبار مزعجة عن ذلك الوطن المختل الذي بات يقتل فيه الأحلام المشروعة..ولكن هذه الجريدة..ربما حبرها من النوع الحنون الكريم الذي يُحب أن يمنح كل من يُصافحه تذكاراً أسود منه..
أعود للحظة فقط من طقس الكتابة لأشاهد ما حولي ... فلا أرى سوى زنزانة و أحلام أسيرة ... فأعود مجددا إلى سيجارتي وقهوتي ...
إنه صباح نسياني ... روعته تتجلى في قطر الندى على جسد وردة تعشق على مهل ما يتناسب وحلمها الشذى ... الآن ... كم هي قهوتي لذيذة الرشفة الأولى هي الألذ دوما .... إذ هي التي تبدأ ترتيب البرنامج اليومي ... وتقوم بتنسيق مواعيدي في مكتب الذاكرة ... وتنبهني _ تلك مهمتا الأساسية _
ثم تنادي الرشفة الثانية سيجارة على عجل لكي تساعدها على تعزيز الوهم ... والسيجارة من ماركة ( مارلبورو ) حتى أساهم قي حرق الإمبريالية بشكل أسرع واشد فتكا وهلاكا ... وأما بعد أن كافئني نسيان بطقس صباحي رائع ... أصبح ( ألان ) يتطلب حلما ... أبدأ بتذكر حلم الليل ... فأقلق وأنزعج لأنني لم أعد أقدر كما في السابق على مراجعة أحلامي بسرعة _ ماذا يعني السابق ؟
أتذكر شذرة بعد رشفة قهوة ... ولكنها ليست كافية ... ربما حلمت بأنني معتقل يقع في مكان سحيق .. لا .. لا ...
إنه صباح نيساني ... بأناقة أستقبل تفاصيله العذبة ... وأنظر إلى السماء فأحصي سبع غيمات فوقي فقط ... وأنتشي أكثر مع موسيقى العصافير المنسجمة تماما مع صوت فيروز _ والشمس أيضا هذا الصباح تعرض علي صداقتها بعد عداوة طال ليلها ... فأقبل العرض بقهوة تركية لذيذة تخلص لها سيجارة في نعمة الطقس .. ثم .. أعود رغما عني إلى ما أنا فيه وليس في ... إنه سجن ... ولكني أصر على إنهاء طقسي الصباحي هذا على ورق ...
في نيسان ... حيث الصباح امرأة أسطورية الجمال تستحم بالشمس بصحبة الغناء والموسيقى العفوية ... أعد بفرح طقسي الصباحي ... ما أن يكتمل حتى اشعر أنني وصلت إلى أعلى مراحل النقصان لأتذكر حلمي :
لقد حلمت بأنني شجرة تنثر على العاشقين أوراقها ...