حوار "المصري اليوم" الذي امتنعت عن نشره الجريدة ( 2-2 )

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حوار "المصري اليوم" الذي امتنعت عن نشره الجريدة ( 2-2 )


بقلم : الدكتور عبد الرحمن البر

عضو مكتب الإرشاد وأستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

• هل الشعب المصرى مؤهل لممارسة الديموقراطية أم كما يشيع البعض انه شعب يمكن الضحك أوالتغرير به ؟

- أثبت الشعب المصري خلال الشهور الأربعة الأخيرة وعيا غير عادي حين تمكن بثورته السلمية الرائعة من إسقاط النظام المستبد ، ثم قدم تلك التجربة الديمقراطية الأروع في الاستفتاء الذي تم في ظل انهيار كبير للشرطة ، ومع ذلك خرج عشرون مليون مصري للاستفتاء تمكن منهم ثمانية عشر مليونا من الإدلاء بأصواتهم في التاسع عشر من مارس في عرس ديمقراطي بهيج، وفي كل جمعة يعلن الشعب وعيا عاليا بخروجه المنظم إلى ساحة ميدان التحرير ليعبر عن مطالبه بصورة ديمقراطية مذهلة ورائعة.

- فكيف يمكن القول مع كل هذا بأن هذا الشعب غير مؤهل للديمقراطية ؟ إن الذي يقول بهذا يسيء لهذا الشعب الحر الكريم، ولا أتصور أن الشعب يمكنه القبول بهذه الإهانة.

• وماهو رأيك فى نظرية الشعب الذى لايثور " او كما كان يسمينا البعض شعب البطن والجنس " وما تحليلك لثورة مصر فى 25 يناير؟

- تلك نظرية فاسدة قدم الشعب العظيم دليل سقوطها وفسادها في 25 يناير التي أكدت أن هذا الشعب الحر يملك كل مقومات النهضة والريادة والحضارة والتقدم ، وأثبتت للعالم أن هذا الشعب لا يزال قادرا على صناعة التاريخ

• ماهو موقف الإخوان كجماعة من الاقباط وماهى الضمانات التى تقدمها لهم فى حالة وصولها للحكم ؟

- أعلن الإخوان عشرات المرات أن موقفهم من الأقباط هو الموقف الإسلامي العظيم، فهم شركاؤنا في الوطن والتاريخ والكفاح والمستقبل ، اختلطت دماؤنا جميعا في الدفاع عن هذا الوطن، كما اختلط عرقنا جميعا في مصانعه ومزارعه ، ولهذا فلا معنى للقول بضمانات يقدمها الإخوان أو غير الإخوان لهم أو لغيرهم في هذا الوطن ، بل الضمانات الدستورية يجب أن تكون للجميع بما يضمن عدم عودة شبح الاستبداد مرة أخرى تحت أي عنوان ، وحتى يبقى الشعب وحده بكل مكوناته دون تمييز هو صاحب الحق في اختيار حكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم وإسقاطهم أو عزلهم من خلال دستور قوي يتوافق عليه الشعب وتتفق عليه جماهير الشعب في استفتاء حر نزيه.

• ولكن هناك مخاوف لدى الاقباط من جماعة الإخوان المسلمين فما ردك على ذلك ؟

- أنا لا أرى أي داع على الإطلاق لهذه المخاوف المزعومة، وأرجو أن ينفتح الإخوة الأقباط على الجماعة وعلى إخوانهم المسلمين من أبناء هذا الوطن ليروا ويدركوا أن الوحدة التي تجمع كل المصريين والتاريخ المشترك والحضارة الممتدة التي اشترك الجميع في صنعها لا يمكن بأي حال أن تهددها تخوفات موهومة، أو محاولات دعاة الفتنة التي ساءها ويسوؤها أن ترى مصر قوية فتية ناهضة بسواعد كل أبنائها من غير تمييز، وهذا هو ما نفهمه من إسلامنا العظيم الذي دعانا إلى البر بشركائنا في الوطن وإخوتنا في الدفاع عنه ، فقال تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين ).

• وماهو موقف الجماعة من البنوك والقروض والاقتصاد وموقف حزب العدالة كحزب من ذلك كله ؟

- حدد برنامج حزب الحرية والعدالة في الباب الرابع رؤيته الاقتصادية المستمدة من مرجعية النظام الاقتصادي الإسلامي القائم على قاعدة أن الأصل في المعاملات هو الحل؛ والذي يعالج كافة صور الانحراف من ظلم واستغلال وغش واحتكار وتدليس ... إلخ ، وإقامة السوق التي تعتمد على المنافسة العادلة والحرية الاقتصادية المنضبطة، والتي تقدم صيغ التمويل والاستثمار الإسلامية ، وتراعي البعد الاجتماعي في العمل الاقتصادي ، ودفع البنوك والمؤسسات المالية إلى القيام بالجهد الإنمائي المستدام في كافة القطاعات، وعلى أساس من التكامل والتوازن والتدرج، والاشتراك الفعلي في النشاط الاقتصادي والمنافسة الشريفة ، ثم تعظيم دور الاقتصاد المجتمعي في المنظومة الاقتصادية ، ومكافحة الفساد الحكومي وإعادة هيكلة البنوك العامة ومنع الإنفاق الحكومي الترفي، مع التوزيع العادل للمشروعات الاقتصادية بين المحافظات المصرية، والسماح للمصرفية الإسلامية بأداء دور قوي في الحياة الاقتصادية ، ومع دعم الاستثمار المحلي باعتباره عماد التنمية فإن من المهم تهيئة البيئة الاقتصادية لجذب المال المصري في الخارج والاستثمارات الأجنبية. هذه باختصار شديد أهم ملامح البرنامج الاقتصادي لحزب الحرية والعدالة ، ومن شاء الاستزادة فليراجع البرنامج.

- فماهو موقفها مثلا من الفوائد ويردد البعض انها سوف تلغى البنوك القائمة من أجل اقامة مايسمى بالبنوك الاسلامية؟

- من العبث القول بأنه يمكن الانتقال من نظام اقتصادي إلى نظام آخر فجأة وبدون تمهيد وتهيئة مناسبة، ولهذا فالقول بإلغاء البنوك القائمة من أجل إقامة بنوك إسلامية هو خطأ محض ، فضلا عن أننا يجب أن نفهم أن أعمال البنوك ليست مجرد قروض وفوائد ، بل الأصل أن تقوم بمشروعات واستثمارات تحقق الخير والتنمية في الأمة، فضلا عن أن النظام الاقتصادي ليس مجرد بنوك وقروض ، بل منظومة متكاملة لإدارة الموارد العامة والخاصة وتوجيهها إلى ما فيه مصلحة الأمة.

• وهل الحزب سيغنى عن وجود الجماعة أم أنه سيتحول الى فرع من فروعها ؟

- لن يغني الحزب عن وجود الجماعة، ولن يكون فرعا من فروع الجماعة، بل هو حزب مستقل ماليا وإداريا عن الجماعة ، ويمكنه التنسيق مع الجماعة في بعض المواقف كما ينسق مع سائر القوى السياسية الأخرى. أما الجماعة فستبقى هيئة إسلامية جامعة تحمل رسالة الإسلام بشمولها لكل مناحي الحياة.

• فاذا تعارض موقف اعضاء الحزب وموقف الجماعة فى احدى القضايا فما الاتجاه الذى سيتخذه الحزب ؟

- الحزب مستقل في قراره والجماعة لا تملي عليه القرارات التي يتخذها ، كما أنه لا يملي على الجماعة اتخاذ مواقف معينة، لكن الاستراتيجيات العامة للحزب هي ذات الاستراتيجيات العامة للجماعة، ولهذا لا أتصور هذا التناقض المتوهم أو المفترض في القضايا المهمة، وأعضاء الجماعة الذين يتمتعون بعضوية الحزب سيكونون فاعلين في المناقشات الجادة ومشاركين في اتخاذ القرارات المختلفة باعتبارهم أعضاء في الحزب، ولهذا فتصور التناقض الحاد في المواقف افتراض بعيد.

• وماهى العلاقة الحقيقية بين الإخوان والسلفيين خاصة وأنهما كانا مختلفين فى السابق ونجدهم متفقين فى الكثير الآن ؟

- الإخوان والسلفيون وغيرهم من الحركات الإسلامية جميعا يحملون مشروعا إسلاميا قد يتفقون في كثير من الأمور ويختلفون في بعض التفاصيل والوسائل ، ولا ريب أن من مصلحة الأمة أن يجتمع الجميع على المتفق عليه وأن يعذر بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه ، وهذا ما ندعو إليه .

• وهل هناك تنسيق بينكما فى الانتخابات القادمة كما يردد بعض شيوخ السلفية ؟

- لا يمانع الإخوان في التفاهم والتنسيق مع أية قوى سياسية تريد الخير لهذا الوطن ، وهذا ينسحب على القوى الإسلامية التي تنبذ العنف وتنتهج المنهج السلمي ، ومن ثم فيمكن أن يحصل تنسيق في بعض الدوائر بين حزب الحرية والعدالة وبين بعض المترشحين من الاتجاه السلفي .

• وماهى علاقة الإخوان حاليا من الاحزاب والقوى السياسية الأخرى وردها على الاتهامات التى توجها تلك القوى اليها مثل خيانة القضية وشق الصف وعقد الصفقات لتحقيق مصالحها والقفز على الثورة وخلافة ؟

- هذه الاتهامات خالية من الجدية ولا معنى لها ولا تستحق الرد، ويدرك كل منصف أن الإخوان لا هم لهم إلا مصلحة الوطن وحماية الثورة والعمل على وحدة الصف ، ولا يزالون يمدون أيديهم لكل قوى المجتمع للتعاون على ما فيه مصلحة الوطن .

• ولكن الاأحزاب تتهم الإخوان بالتعالى عليها فما رايك ؟

- هذا اتهام باطل والإخوان لا يمكن أن يكون فيهم أي تعال أو تكبر وهو يعلمون أن مثقال ذرة من كبر تمنع الإنسان من دخول الجنة، والشواهد الواضحة ترى أن الإخوان لا يترددون ولا يتوقفون عن دعوة جميع القوى إلى التعاون، وأن بعض تلك القوى والأحزاب هي التي كانت ولا يزال بعضها يعلن أنه لا يقبل بالتعاون مع الإخوان . ومع هذا كله فالإخوان لا ينظرون إلا لمصلحة الوطن العليا ، ولا يتوقفون عند أية تصريحات من هذا الحزب أو ذاك تسيء لهم أو تتجنى عليهم.

• ولماذا رفض الإخوان المشاركة فى جمعة الغضب الثانية وما تقييمك لها ؟

- أعلن الإخوان أسباب رفضهم للمشاركة فيما سمي بجمعة الغضب أو الثورة الثانية في بيان نشر على موقع إخوان أون لاين وتناقلته جميع الصحف والفضائيات ولا معنى لتكرار الكلام الوارد فيه ويستطيع أي قارئ أن يراجع هذا البيان

- أما تقييمي الشخصي فلا شك أن مشاركة عدد كبير في ذلك اليوم يعد شيئا إيجابيا، لكن انشغال كثير من المشاركين والمؤيدين بالتهجم على الإخوان كان أمرا سيئا.

• وماهى حقيقة مشاركة شباب الجماعة فيها وهل هناك خلافات بين الجماعة وشبابها ؟

- كما ظهر في الإعلام فقد شارك عدد قليل جدا من شباب الجماعة بالمخالفة لقرار الجماعة ، ومخالفة عدد قليل جدا لقرار الجماعة لا يمكن تصويره على أنه يعني وجود خلافات بين الجماعة وشبابها، فإن الغالبية العظمى من شباب الإخوان قد التزمت بقرار الجماعة.

• ولكن هل هناك خلافات حاليا بين شباب الإخوان وقيادات الجماعة كما يردد البعض ؟

- ما يردده البعض من وجود خلافات بين الشباب والقيادة هو أمر مبالغ فيه ، فالاختلافات في الرأي بين عموم أعضاء الجماعة أمر طبيعي ولكن الحوار الجاد المستمر هو دائما الذي يجمع الكلمة والرؤي، وينضج الرأي الذي تتبناه الجماعة، وستبقى هذه الجماعة شديدة الحيوية بهذا الحوار المستمر بين الإخوة والأخوات من مختلف الأعمار ؛ لأن الجميع يحرص على تقديم الخير لأمته وجماعته.

• ماتقييمك للتجربة الحزبية فى مصر خلال السنوات الماضية وماهى رؤيتك لمستقبلها فى ظل المتغيرات الحالية ؟

- ما سبق في ظل النظام المستبد لا يمكن وصفه بأنه كان تجربة حزبية ناجحة لأن غالب تلك الأحزاب كان يعيش في حضن السلطة ويخرج من عباءتها ويعتمد على دعمها، والذي أتوقعه أن تبدأ مصر بعد الثورة حياة حزبية حقيقية مستقرة، سيكون البقاء والنماء فيها للأحزاب الحقيقية ذات القاعدة الشعبية والمعبرة عن قوى الشعب المتنوعة تعبيرا حقيقيا

• يطالب البعض بحل تلك الاحزاب والاعتماد على الأحزاب الجديدة التى نشأت قبل الثورة فما رايك فى ذلك ؟

- أرى أن الممارسة السياسية الديمقراطية السليمة هي التي ستعطي لهذا الحزب أو ذاك مبررات بقائه ونموه ، وأن الأحزاب الكرتونية لن تستمر ما لم تجدد دمائها وتمارس السياسة بشكل صحيح وتقدم برامج حقيقية تقنع المواطن بالمشاركة معها .

• وماهى رؤيتك لقضايا الانهيارالتى يعانى منها الاقتصاد المصرى وفقرغالبية الشعب وما رأيك فى سيطرة رأس المال على الاقتصاد ؟

- أرى –والله أعلم- أن دعاوى انهيار الاقتصاد المصري غير صحيحة وفيها كثير من المبالغة، والمأمول في ظل النظام الجديد الذي سوف يتم تأسيسه بالانتخابات الحرة أن يكون لملف الاقتصاد أهمية قصوى، وأن يكون هناك وسائل عملية للتوزيع العادل للثروة ومحاربة الفقر ، ومكافحة التزاوج بين رأس المال والسلطة بعد أن عانت البلاد من جراء ذلك ما عانت خلال العهد البائد، وأتصور أنه لن يكون أمام رأس المال من سبيل للتسلط والاستغلال ، وأنه سيكون أمام قواعد جديدة للعمل والاستثمار تحقق المصلحة المتوازنة لكل من رأس المال والعامل بما يحقق المصلحة العليا للوطن.

المصدر