حماس.. عندما تكون المقاومة التزامًا!!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث


حماس.. عندما تكون المقاومة التزامًا!!

كتب- أحمد التلاوي:

خطأ في إنشاء صورة مصغرة: الملف مفقود
حماس.. عندما تكون المقاومة التزامًا!!

"المقاومة التزام".. في هذه العبارة يتلخص تاريخ حركة المقاومة الإسلامية حماس؛ فالمقاومة عبر تاريخ الحركة الذي أتمَّ 21 عامًا لم تكن مجرَّد شعارات أو مجرد وسيلة للحصول على تعاطف الشارع الفلسطيني لتحقيق أهداف سياسية ضيقة لزعامات أو ما شابه، بل إنَّ المقاومة كانت كلمة سر الحركة وقياداتها عبر تلك السنوات الطويلة، وأبرز دليل على ذلك التضحيات الكبيرة التي قدَّمتها، منذ سقوط أول شهيدٍ لها في العام 1988 م وحتى الآن.

و حماس - بحسب تعريفها لنفسها في أدبياتها- هي حركة مقاومة شعبية وطنية تعمل على توفير الظروف الملائمة لتحقيق تحرر الشعب الفلسطيني وخلاصه من الظلم، وتحرير أرضه من الاحتلال الغاصب، والتصدي للمشروع الصهيوني المدعوم من قِبل قوى الاستعمار الحديث.

ومن خلال هذا التعريف يتبيَّن لنا أنَّ أهداف الحركة تتجاوز القضية الفلسطينية إلى هموم الأمة، وعلى رأسها مواجهة الاستعمار الحديث، أٍي إنَّ الحرب التي تخوضها الحركة ضد العدو الصهيوني تتجاوز في أهدافها تحرير فلسطين كوقفٍ إسلاميٍّ من النهر إلى البحر، إلى الاصطفاف مع باقي شعوب الأمة الإسلامية وقوى المقاومة فيها ضد موجات المد الاستعماري الجديدة.

جذور النشأة

ويؤكد هذا المعنى جذور نشأة الحركة؛ فعلى الرغم من أنَّ الحركة قد وزَّعت بيانها التأسيسي في 15 ديسمبر من العام 1987 م، في مبدأ الانتفاضة الفلسطينية الأولى، إلا أن نشأة الحركة تعود في جذورها الأصلية إلى الأربعينيات الماضية.

فحماس تعتبر نفسها امتدادًا للإخوان المسلمين الذين خاضوا معركة فلسطين قبل غيرهم، ومن قبل حرب 1948 م نفسها، وتحديدًا منذ العام 1942 م عندما استشعر الإخوان في مصر وفلسطين و العراق و سوريا خطورة المشروع الصهيوني في فلسطين خلال سنوات الحرب العالمية الثانية (1939- 1945 م).

وقبل استخدام اسم حماس استخدم الإخوان المسلمون في فلسطين أسماءً أخرى للتعبير عن مواقفهم السياسية تجاه القضية الفلسطينية؛ منها "المرابطون على أرض الإسراء" و "حركة الكفاح الإسلامي" وغيرها.

إلا أنَّ النشأة المباشرة للحركة جاءت في عام 1987 م؛ نتيجةً لعاملَيْن أساسيَّيْن، وهما:

1- التطورات السياسية للقضية الفلسطينية من الأربعينيات وحتى عام 1987 م، وبخاصة وضوح اتجاه القوى التي كانت تقود المقاومة الفلسطينية في ذلك الحين للتخلي عن الكفاح المسلح لحساب خيار التسوية، وتهميش القضية الفلسطينية عربيًّا ودوليًّا لحساب الأزمة المستجدة في الخليج العربي منذ عقد الثمانينيات.

2- الصحوة الإسلامية في فلسطين ، وبخاصة في أوساط الحركة الطلابية في الجامعات الفلسطينية، لا سيما أزهر غزة ، والجامعة الإسلامية في قطاع غزة ، وجامعتا النجاح وبيرزيت في الضفة الغربية.

وفي ظل الظروف التي مرَّت بها القضية الفلسطينية في تلك الفترة، أيقنت الحركة الإسلامية أنَّها أمام تحدياتٍ كبيرةٍ تتعلَّق بتراجع مستوى الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية، وتنازل قوى الثورة الفلسطينية عن خياراتها وثوابتها الأولى.

الانتفاضة الأولى

وكانت كل العوامل مهيّأةً لظهور حماس كرأس حربةٍ للمقاومة الإسلامية في الأيام الأولى لانتفاضة الثمانينيات؛ فبعد الاعتداء الذي نفَّذه سائق شاحنة صهيوني في 6 ديسمبر من عام 1987 م، ضد سيارة صغيرة كان يستقلها عمال فلسطينيون في مخيم جباليا في قطاع غزة ، واستشهد فيه 4 فلسطينيين، سارعت حماس إلى إعلان دخولها رسميًّا حلبة المواجهة؛ حيث بدأت بإعلان بيانها الأول في 15 ديسمبر.

وكانت الأدوات في البداية عبارةً عن حشد الجماهير في الإضرابات، والقيام بعمليات أَسْر جنود صهاينة، ثم بدأت حرب الأسلحة البيضاء في العام 1990 م، وهو ما أثار قوات الاحتلال الصهيوني، ومن ثم أجهزة المخابرات الصهيونية التي عملت على رصد الحركة الناشئة وقياداتها، وبدأت في تنفيذ حملات اعتقالات في صفوف الحركة؛ كان أهمها الحملة التي جرت في مايو 1989 م، وطالت مؤسس الحركة الشهيد أحمد ياسين رحمه الله.

ثم تلك الحملة التي جرت في ديسمبر 1990 م، على إثر حرب السكاكين، وقامت خلالها سلطات الاحتلال الصهيوني بإبعاد أربعة من رموز الحركة وقيادييها، واعتبرت الانتساب إلى الحركة جناية عسكرية يعاقب عليها بأحكامٍ كبيرةٍ.

مرحلة جديدة

ثم دخلت الحركة مرحلة جديدة من تاريخها النضالي بالإعلان عن تأسيس الجناح العسكري لها باسم "كتائب الشهيد عز الدين القسام" في نهاية العام 1991 م، ويُنسَب الاسم إلى المجاهد السوري عز الدين القسام الذي كان لاستشهاده في نوفمبر من العام 1935 م على يد قوات الانتداب البريطاني في فلسطين دور كبير في إشعال الثورة العربية الكبرى التي استمرَّت من عام 1936 م، وحتى عام 1939 م.

وفي ديسمبر 1992 م وعلى إثر تنفيذ القسام عملية أَسْر الجندي الصهيوني نسيم توليدانو، قام الاحتلال الصهيوني بحملة اعتقالات شرسة ضد قيادات الحركة وأنصارها، كما اتخذ رئيس الوزراء الصهيوني الهالك إسحاق رابين قرارًا بإبعاد 415 من قيادات العمل الفلسطيني من حماس و الجهاد الإسلامي وغيرها إلى مرج الزهور في جنوب لبنان ، وكان من بين هؤلاء الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي .

وكانت نقطة التحول في أنشطة حماس ضد العدو الصهيوني في عام 1994 م، بعد تنفيذ الإرهابي الصهيوني باروخ جولدشتاين جريمته النكراء بحق المصلِّين في الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل؛ حيث استشهد نحو 30 فلسطينيًّا وأصيب 100 آخرون؛ حيث أعلنت حركة حماس الحرب الشاملة ضد العدو الصهيوني، وظهر للعلن لأول مرة سلاح الاستشهاديين، ولمعت أسماء، مثل المهندس يحيى عياش.

مصاعب داخلية

في مرحلة ما بعد أوسلو ازدوجت التحديات التي تواجه حركة حماس ؛ حيث بدأت حكومة رئيس الوزراء الليكودي الإرهابي بنيامين نيتانياهو في العام 1996 م إدخال سلاح الاغتيالات ضد قادة ورموز المقاومة والعمل العسكري في حماس، وكانت البداية مع يحيى عياش الذي اغتيل في بيت لاهيا شمال قطاع غزة في الخامس من يناير عام 1996 م، باستخدام عبوة ناسفة زُرعت في هاتف نقال كان يستخدمه.

ووصلت حملة الاغتيالات الصهيونية إلى قمة وحشيتها في عام 2002 م عندما تم اغتيال كلٍّ من الشيخ أحمد ياسين والدكتور عبد العزيز الرنتيسي فيقطاع غزة في العام 2004 م.

الجانب الآخر من التحديات التي واجهتها حماس منذ منتصف التسعينيات، وتزامنت بدايتها تقريبًا مع بدء حملة الاغتيالات الصهيونية ضد قيادات حماس ؛ حيث بدأت السلطة الفلسطينية بعد تشكيلها بحسب ترتيبات اتفاقيات أوسلو، وملاحقها الأمنية السرية، في تنفيذ سياسات مُمَنْهَجَة للتنسيق الأمني مع الكيان الصهيوني، وبموجب ذلك تمَّ تشكيل قوات الارتباط بين الجانبين، وجرى تنفيذ خطط لملاحقة عناصر المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

وتم تدعيم الخطط الأمنية الصهيونية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة بحوالي 40 ألف عنصر أمن فلسطيني؛ تمَّ حشدهم في أكثر من جهاز أمني، مثل المخابرات العامة، وأمن الرئاسة، والأمن الوقائي، والمخابرات العسكرية، والمخابرات البحرية.

وكانت حماس في ذلك الوقت قد بدأت نشاطًا إقليميًّا ودوليًّا، هدف إلى تحقيق الآتي:

1- التعريف بالحركة وبأهدافها.

2- إعادة الاعتبار إلى القضية الفلسطينية، والتعريف بعمقها العربي والإسلامي.

3- إعادة الاعتبار إلى خيار القوة المسلحة في العمل الفلسطيني.

4- الرد على الشبهات المثارة حول العمل المقاوِم، والذي ساوى الإعلام الأمريكي والصهيوني بينه وبين "الإرهاب".

تحدي الحكم

وبعد وفاة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات في نوفمبر عام 2004 م، ازدادت وطأة الحملة الأمنية الفلسطينية ضد قيادات الحركة، واتخذت على أيدي قادة الأجهزة الأمنية الفلسطينية، مثل قائد جهاز الأمن الوقائي في قطاع غزة محمد دحلان، ومدير المخابرات العسكرية موسى عرفات، أشكالاً دموية؛ حيث بدأت الأجهزة الفلسطينية في تصفية عناصر من حماس وفصائل المقاومة الأخرى بدعوى تنفيذ اتفاقيات أوسلو.

وكان التعذيب الذي يُمارَس في حق معتقلي حماس في سجون السلطة موازٍ لما يتم في سجون الاحتلال الصهيوني.

وأدركت حماس بعد وفاة عرفات أنَّه من الضروري الحصول على الشرعية السياسية القانونية والغطاء الرسمي للعمل المقاوم؛ حتى يمكن الاستمرار في المشروع الذي بدأته حماس في الانتفاضة الأولى.

ومن هنا كان قرار الدخول في انتخابات يناير 2005 م التشريعية، والتي فازت بها حركة حماس بأغلبية 76 مقعدًا من أصل 132 مقعد، وشكَّلت حماس الحكومة الفلسطينية، إلا أنَّ القوى التي كانت مهيمنةً على الأجهزة الأمنية وحركة فتح وبعض الأطراف داخل منظمة التحرير الفلسطينية لم تمتثل لخيارات الشعب الفلسطيني، وبدأت في ممارسة أعمال الانفلات الأمني تحديًا لسلطةحركة حماس.

وفي هذا الإطار اعترضت تجربة حماس في الحكم على المستوى السياسي مشكلتان:

1- اعتقال أكثر من نصف نواب حماس في المجلس التشريعي الفلسطيني، وعلى رأسهم رئيس المجلس الدكتور عزيز الدويك.

2- عدم اعتراف فتح بشرعية حكومة حماس، وبالتالي عدم الامتثال لأوامر القانون فيقطاع غزة، باعتباره معقل حماس الذي أرادت القوى المناوئة لها في منظمة التحرير وحركة فتح تفتيته.

وقد مرت حكومة حماس خلال السنوات التي تلت الانتخابات التشريعية بطورَيْن أساسيَّيْن، وهما:

- الحكومة المنتخبة التي تمَّ تشكيلها في نهاية مارس 2006 م، بعد فشل المفاوضات مع القوى والفصائل الفلسطينية للمشاركة في حكومة وحدة وطنية كانت حماس تسعى إلى تشكيلها.

وكانت هذه الحكومة محكومًا عليها بالفشل من أول يومٍ لها؛ فعقب يومٍ واحدٍ من أدائها اليمين الدستورية هدَّد رئيس السلطة الوطنية محمود عباس (أبو مازن) الحكومة باستخدام صلاحياته بحلها إذا أصرَّت على موقفها الرافض للتفاوض مع الكيان الصهيوني، وعدم الاعتراف بها، ثم صادر من الحكومة السيطرة على الأجهزة الأمنية والإعلامية والمعابر والحدود، ولاقى عباس دعمًا من الكيان الصهيوني وبعض الحكومات العربية، مثل القاهرة وعمَّان التي رفضت استقبال وزير الخارجية في هذه الحكومة الدكتور محمود الزهار.

- حكومة الوحدة الوطنية التي تمَّ تشكيلها في 17 مارس 2007 م، بعد التوقيع على اتفاق مكة المكرمة الذي منع انزلاق الوضع الفلسطيني إلى حد الحرب الأهلية.

ونصَّ الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتحريم الدم الفلسطيني، ولكنه لم يُشِرْ مباشرةً إلى الاعتراف بالكيان الصهيوني، إلا أنه دعا إلى احترام الاتفاقات الموقَّعة بين السلطة ومنظمة التحرير مع الصهاينة، وتمَّ تكليف إسماعيل هنية بتشكيل حكومةٍ كسابقتها.

إلا أن الاشتباكات بين فتح و حماس تجدَّدت بعد أسابيع من تشكيل هذه الحكومة، وما لبثت أن أعلنت حركة فتح انسحابها منها، وانتهى الأمر بحسم حماس الوضع الأمني بالسيطرة على مقارِّ الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية ومقارِّ الرئاسة في قطاع غزة يوم 14 يونيو 2007 م.

ومن ثمَّ أصدر رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ثلاثة مراسيم؛ هي: إقالة حكومة الوحدة الوطنية التي تقودها حماس بعد ثلاثة أشهر فقط من تشكيلها، وإعلان حالة الطوارئ، وتشكيل حكومة طوارئ برئاسة سلام فياض.

وعلى الإثر فرض الكيان الصهيوني حصاره الظالم على قطاع غزة بُغية الضغط على حركة حماس للخروج من اللعبة السياسية عبر الضغط على فلسطينيِّي القطاع للانقلاب على حماس، وهو مخطَّطٌ خائبٌ باعتبار أن الشعب الفلسطيني اعتاد مثل هذه الأوضاع طيلة سنوات الصراع الطولية الماضية.

علامات مضيئة

وعبر العقدَيْن الماضيَيْن شهدت الحركة رموزًا وعلاماتٍ مضيئة؛ بعضها ارتقى شهيدًا، والبعض الآخر لا يزال يخوض المعركة السياسية والعسكرية على الأرض في داخل وخارج فلسطين.

ومن بين أهم شهداء الحركة عبر تاريخها الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة الذي اغتالته يد الإثم الصهيونية في مارس 2004 م، والدكتور عبد العزيز الرنتيسي الذي تمَّ اغتياله في أبريل 2004 م أيضًا، والشهيد عماد عقل الذي استُشهد في تبادل لإطلاق النار في حي الشجاعية في قطاع غزة مع قوات الاحتلال الصهيونية في 24 نوفمبر 1993 م، والمهندس يحيى عياش مخطِّط العمليات الاستشهادية الأول الذي اغتالته يد الإثم الصهيونية في العام 1996 م.

أما أبرز رموز الحركة السياسيين ممن لا يزالون يخوضون معركة المقاومة في الساحة السياسية:خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ومحمد نزال عضو المكتب السياسي، والدكتور محمود الزهار وزير الخارجية في حكومة رئيس الوزراء إسماعيل هنية، وهنية ذاته الذي اعتبر البعض أن لشخصه وطبيعته دورًا كبيرًا في تثبيت أركان الوضع لحماس وسط الجمهور الفلسطيني، ووزير الداخلية الحالي سعيد صيام، بالإضافة إلى شباب الحركة وأوجهها الإعلامية، مثل مشير المصري، وأيمن طه، وسامي أبو زهري.

ومن بين رموز الحركة أيضًا أسامة حمدان ممثل الحركة في لبنان ، والدكتور أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، والدكتور عزيز الدويك رئيس المجلس المعتقل حاليًّا في السجون الصهيونية.

بالإضافة إلى القادة العسكريين، مثل القائد القساميمحمد الضيف، والشيخ صلاح شحادة مؤسس الجهاز العسكري الأول لحركة حماس، والذي عرف باسم (المجاهدون الفلسطينيون).

وفي نهاية هذا العرض الذي لا يفي بصرح المقاومة والكرامة الفلسطينية والعربية، لا يجب أنْ نغفل حق كل شهيدٍ مجهولٍ سقط في أرض المعركة ضد العدو الصهيوني، دون أنْ يعرفه أحد، ولا يبغي بعمله سوى وجه الله تعالى، ولا يحركه سوى إيمانه بالله، وبعدالة القضية.

المصدر


إخوان أونلاين