حسن يوسف: لن نقبل بهدنة قبل أن يقدم العدو ثمنًا لها
أعدت الحوار: هبة زكريا
- لا نطرح أنفسنا كبديل سياسي أو تفاوضي
- الانتخابات البلدية جرت في 26 دائرة فقط من أصل 450
الانتخابات البلدية ونتائجها التي خالفت كافة استطلاعات الرأي.. فوز أبو مازن في الانتخابات الرئاسية وما دار حولها من جدل وأثر ذلك على مستقبل القضية الفلسطينية.. أبو مازن ومصطلحاته النارية مثل عسكرة الانتفاضة وفوضى السلاح والتمسك بالمسار التفاوضي.. كل هذة القضايا وغيرها كانت مسار حوار (إخوان أون لاين) عبر غرفة فلسطين المسلمة على البالتوك مع الشيخ حسن يوسف قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس بالضفة الغربية وقائد أول مسيرة خرجت في انتفاضة الأقصى المباركة، والذي بقي مطاردًا على إثرها منذ 28/9/2000م حتى أُلقي القبض عليه في 31/8/2002م، وتعرض للتحقيق في معتقل المسكوبية (المسلخ) لثلاثة أشهر متتالية قضى بعدها عامين في السجن إلى أن أُفرج عنه في الثامن عشر من شهر نوفمبر الماضي.
والآن إلى نص الحوار:-
- أبرزت الانتخابات البلدية شعبية حماس الواسعة حتى في الدوائر المحسوبة على حركة فتح.. فكيف ترون مشاركتكم فيها وتحليلكم لنتائجها؟
- إنَّ أي مسلم يحمل فكرًا وعقيدة يسع لتحقيقها على أرض الواقع، وهذا الأمر لا يتم سوى بالالتحام بالشعب واحتياجاته اليومية ومشاكله وقضاياه وهو ما انتهجته حركة المقاومة الإسلامية حماس منقبل هذه الانتخابات بكثير، فللحركة مؤسساتها الاجتماعية والتربوية والخدمية، تلك المؤسسات التي لم يجد فيها أحد حتى السلطة وقوات الاحتلال أي فساد مالي أو إداري وتمتعت بشفافية دفعت الجميع للوقوف في صف حماس خلال الانتخابات المحلية والبلدية رغم كافة العراقيل التي وضعها الاحتلال.
- وقد طالبنا السلطة في العديد من المناسبات بضرورة إجراء هذه الانتخابات من قبل على مستوى الوطن كله بمجالسه البلدية والقروية في 450 دائرة انتخابية، وخاصةً في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن كنا نقابل دائمًا بوعود لم تطبق قط، وفي ظل المتغيرات الحالية التي اضطرت الجميع بقبول إجراء الانتخابات.
- وعلى خلفية موقفنا المقاطع للانتخابات الرئاسية قامت السلطة بانتقاء 26 دائرة لتجرى فيها انتخابات المرحلة الأولى وفقًا لمعايير لا تخفى على أحد ورغم تحفظاتنا على عديد من الأمور في سير العملية الانتخابية إلا أننا قررنا المشاركة وبفضل الله أتت النتائج بفوز الحركة في 13 دائرة وثلاث آخرين شاركنا فيهم بقوائم ائتلافية؛ حيث راعينا أن الانتخابات فيهم كانت على أسس عشائرية وعائلية، أما العشر دوائر الباقية فبعضها لم نشارك فيه من الأصل ومن ثم لا نعتبر أننا خسرناها، إضافةً إلى أننا شاركنا في بعض الدوائر بأسماء موقوفة؛ بمعنى أن القوائم لم تكن مكتملة فتركنا مساحة لمشاركة أخرى.
- وفي هذه الدوائر فاز مرشحونا كذلك، ومن الملاحظات الهامة في هذا الإطار أن الثلاثة عشر دائرة التي فزنا فيها هي الأكثر كثافة سكانية على مستوى باقي الدوائر، وبالرغم من أن هذه الدوائر محسوبة على حركة فتح بالفعل إلا أننا لن نزاحم أو نتصادم مع أحد فمعركتنا الحقيقية مع العدو الصهيوني.. أما الانتخابات فلا تعدو أن تكون رغبة ملحة من الحركة التي قدمت الشهداء تلو الشهداء وبذلت السخي من الدماء أن تقدم عرقها وجهد أبنائها كذلك لخدمة شعبنا الفلسطيني.
- أشرتم إلى وجود تحفظات على عملية الانتخابات البلدية.. فما هي؟
- من الواضح أن الدوائر اختيرت بصورة انتقائية لتجري الانتخابات في المناطق المؤيدة لحركة فتح، كذلك أن تنحصر في 26 دائرة من أصل 450، فضلاً عن إغضاء السلطة الطرف عن سجل الانتخابات التي اعتمدته لجنة الانتخابات المركزية والتي أنفق عليها ملايين من قوت الشعب الفلسطيني واعتماد السجل المدني الذي به الكثير من الخروقات وعليه العديد من التحفظات بدلاً منه، وهناك بعض التجاوزات في التسجيل والتصويت للانتخاب أيضًا، وأخيرًا فإن تفرد السلطة الفلسطينية بالقرار بعيدًا عن القوى والفصائل الأخرى، هو أمر مرفوض ومستهجن ومضر وسيضر بمصالح شعبنا الفلسطيني.
- فوزكم الكبير في الانتخابات البلدية ألم يجعلكم تفكرون في خوض الانتخابات الرئاسية؟
- الأمران مختلفان جملةً وتفصيلاً، فإن فوزنا في الأولى هو فوز وتأييد لمشروع الحركة ونتائجها يتوقف عليها التحام بالناس وأوضاعهم وخدمتهم، أما الرئاسية فهي انتخابات سياسية بحتة تقوم على مرجعيات تتناقض ومشروع الحركة، هذا فضلاً عن إننا لا نطرح أنفسنا كبديل سياسي ولا تفاوضي؛ وذلك حرصًا على عدم شق الصف الفلسطيني خاصةً بعدما رأينا ما وصل إليه النزاع بين أبناء الفصيل الواحد لدرجة أنهم حملوا السلاح ضد بعضهم البعض، وكذلك فقد ارتفعت أصوات أمريكية وأوروبية تجهر بتأييد أبو مازن وهددت بأنه إن لم يفز في الانتخابات فلن تقدم أي دعم للشعب الفلسطيني.
- ومن نافلة القول إن أي رئيس فلسطيني سيأتي اليوم سيكون ضمن الأجندة المتفق عليها وسيخضع لإملاءات الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وهو دور لا يمكن أن نقوم به لا من قريب ولا من بعيد، وحتى صلاح الدين نفسه لو جاء اليوم رئيسًا لفلسطين في ظل الظروف والقيود الملقاة على عاتق الشعب الفلسطيني فلن يستطيع فعل شيء.
- هل خضع قراركم بالمقاطعة لحكم شرعي أم لرؤية سياسية؟
- لا يمكننا القول إن المشاركة في الانتخابات الرئاسية حرام أو حلال؛ فالأمر يخضع لفقه الموازنات والمصالح، وقد دعونا أبناء الحركة ومؤيديها وغيرهم لمقاطعة هذه الانتخابات ترشيحًا وتصويتًا وفق قراءة سياسية دقيقة للواقع وترجيحًا لمصلحة القضية والشعب الفلسطيني.
- هل تعني مقاطعتكم للانتخابات الرئاسية عدم الاعتراف بما ترتب عليها من نتائج ومقاطعة الرئيس المنتخب كذلك؟
- يجب أن نفرق بين شيئين في هذا الصدد، فالتعامل مع الواقع شيء والاعتراف به وإضفاء الشرعية عليه شيء آخر، فاختيار الشعب الفلسطيني لأبي مازن نحترمه، وبغض النظر عن أي شيء سننتظر ونرى موقفه، فإن حافظ على وحدة شعبنا وحقنا في مقاومة الاحتلال وقطع دابر الفساد المالي والإداري، وحافظ على القانون واستقلال القضاء وحرية الرأي وحق المواطنة، وسعى للتمسك بكافة حقوق شعبنا وعلى رأسها حق العودة فإننا سنقف إلى جواره وندعمه، أما إن كان العكس فإننا سنقف منه موقف المعارض.
- وماذا عن موقفكم من الانتخابات البرلمانية؟
- لا يزال أمر مشاركتنا في الانتخابات البرلمانية محل بحث من خلال مؤسسات الحركة الشورية ولم يتحدد موقفنا منها بعد، وإن كنا لا نخفي عنكم تعرضنا لضغوط كبيرة من جانب الشارع الفلسطيني بكافة طوائفه سواء سياسية أو أكاديمية أو شعبية لخوض هذه الانتخابات، ولكن حماس تضع في اعتبارها أن المسئوليات الملقاة على عاتقها اليوم تختلف عن الأمس خاصةً بعد وفاة الأخ ياسر عرفات وتبخر أوسلو تحت عجلات المجنزرات الصهيونية، فضلاً عن المتغيرات الدولية والإقليمية، وهو ما يجب أن يخضع لدراسة دقيقة قبل اتخاذ أي قرار.
- أعلن أبو مازن تمسكه بالمسار التفاوضي مُطلقًا عدة مصطلحات أجمعت فصائل المقاومة على رفضها كوقف عسكرة الانتفاضة وفوضى السلاح بالشارع الفلسطيني فما معنى ذلك؟.. وألا يعد تكريسًا للاحتلال كما يرى البعض؟
- لا يخفى على أحد معارضتنا لمسار اتفقايات أوسلو ومدريد وأشباهها وموقفنا من برنامج أبو مازن كما كان موقفنا من قبل، وكما هو موقف الحركة الإسلامية في جميع أنحاء العالم من أي نظام أو سلطة لا تقيم شرع الله ولا تحافظ على ثوابت الأمة ومقدساتها وهو المعارضة، ولقد دفعنا ثمن هذه المعارضة الكثير من دماء أبنائنا وسنوات عمرهم التي قضوها خلف القضبان، ولكن الاتهام بالعمالة والتجريح والتخوين فهو أمر ليس من أدبنا الإسلامي ولا خلقنا الدعوي وأولى بنا أن نوجه سهامنا لصدور أعدائنا، أما حقيقة السلطة الفلسطينية فهو أمر لا يخفى على أحد ولا يحتاج إلى لجاجة فيه.
- وما موقفكم من إعلانه الحيلولة دون عسكرة الانتفاضة ووقف فوضى السلاح بالشارع الفلسطيني؟
- فوضى السلاح لم تكن يومًا تعني أسلحة المقاومين، فأسلحة المقاومة تعرف اتجاهها جيدًا ولا تعاني من أي خلل في بوصلتها، ولن يسمح الشعب الفلسطيني كله بنزع أسلحة مَن يزودون عنه ويصدون اعتداءات المحتل المتكررة، أما مصطلح عسكرة الانتفاضة فإنه يظلم الشعب الفلسطيني حيث يوحي بوجود معسكرات تدريب وتسليح للشعب، وأنه يمتلك الطائرات والدبابات والأسلحة غير التقليدية في حين أن كل ما لدينا هي إمكانيات بسيطة إذا ما قُورنت بما لدى الاحتلال من أسلحة دمار شامل يعرفها الجميع، لقد يأس الشعب من أوسلو التي استمرت 8 سنوات تضاعفت خلالها المستوطنات واستمرت المجازر واستغلها المحتل لفرض واقع على الأرض.
- وأسأل مَن يدعون لذلك سؤالين، هل لديكم ضمانات أن يتوقف الاحتلال عن عدوانه المستمر على شعبنا إذا توقفنا عن المقاومة؟ في حال عدم التزام الصهاينة بوقف العدوان فهل لديكم الإمكانيات لحماية الشعب الفلسطيني؟، ولكل مَن لديه ذرة من تفكير أو ضمير نقول: هل انتهى احتلال عبر التاريخ دون مقاومة أم تريدون أن يصبح الشعب الفلسطيني استثناءً عن التاريخ والمنطق والفترة ؟!
- وبدلاً من وضع الحصان أمام العربة تريدون وضع العربة أمام الحصان.. هل نستقبل رصاص الصهاينة بباقات الورود؟! هل نفرش البسط الحمراء أمام دباباتهم التي تمزق أشلاء أبنائنا وجرافاتهم التي تهدم منازلنا وتقتلع حدائقنا؟!
- ولكنكم شخصيًا قد أعلنتم بعد تحرركم من الأسر عن استعداد حماس لقبول هدنة فما حقيقة ذلك؟
- الهدنة ليست بدعة لحماس أو لشخصي، وإنما هي موقف شرعي اتخذ من قبل، ونحن لا نتطوع بعرض الهدنة ولا نلهث خلفها ولكن نوضح أن هناك هدفًا رئيسيًّا لن نحيد عنه وهو تحرير فلسطين من البحر إلى النهر وحقنا التاريخي فيها، وهناك أهداف مرحلية على طريق تحقيق الهدف الكبير، ونحن نرضى بهذه الأهداف المرحلية دون أن تزيغ أعيننا عن الأصل، فمثلاً عند انسحاب العدو من غزة سنشارك ونتعاون لإدارة شئونها دون أن يلهينا ذلك عن تحرير باقي الأرض، ونحن نعني بالهدنة أنه إذا قدم العدو حقائق ملموسة على أرض الواقع كإقامة دولة فلسطينية في حدود 67، والإفراج عن الأسرى والاعتراف بحق العودة أو غيرها من الأمور، فنحن على استعداد بقبول هدنة مرحلية ومؤقتة، أما أن تفرض علينا هذه الهدنة سواء تحت ضغوط دولية أو إقليمية أو فلسطينية فهو أمر غير مقبول إطلاقًا وعليهم أن يوقفوا زحف وعدوان المحتل أولاً قبل أن يطلبوا من الضحية التوقف عن الدفاع عن نفسها.
- ملف العملاء لا يزال شوكة في جنب المقاومة.. ولكن هناك ملامح للتراجع في موقف حماس منهم فما تبريركم لذلك؟
- حماس دائمًا تفضل أن تأتي البيوت من أبوابها، ولذا دعونا السلطة الفلسطينية وهي الجهة المنوط بها التصدي لهؤلاء العملاء أن تتعامل معهم، خاصةً وأنَّ لديها الأجهزة والإمكانات التي تؤهلها لذلك، ولكن للأسف وجدنا تراخيًا من جانب السلطة حتى إن بعض من أوقفتهم وهم متلبسين بجرمهم واعترفوا على أنفسهم وأقيمت عليهم الحجج والدلائل وقفت تجاههم مكتوفة الأيدي، وعلى السلطة تغيير هذا الوضع واجتثاث هذه الظاهرة من جذورها وإلا أدَّت إلا أن تعمل فصائل المقاومة على تحقيق القانون بنفسها وهو أمر لا نحبذه لما قد يترتب عليه من نتائج خطيرة.
المصدر
- مقال:حسن يوسف: لن نقبل بهدنة قبل أن يقدم العدو ثمنًا لهاإخوان أون لاين