حزب للمحافظين ( الإصلاحيين ) هو الحل

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حزب للمحافظين ( الإصلاحيين ) هو الحل


بقلم : علاء سعد حسن

ساد الحديث في الفترة الأخيرة عن برنامج حزب الإخوان المسلمين، فنشرت صحيفة المصري اليوم مسودة من هذا البرنامج، ثم نفى المرشد العام للجماعة كون ما نشر هو برنامج حزب الإخوان، ثم نشر موقع إسلام أون لاين تقريرا صحفيا عن أسباب تأخر إعلان برنامج الحزب، تلا ذلك حواران مع الدكتور محمد حبيب نائب المرشد العام للجماعة بهذا الخصوص أحدهما في برنامج بلا حدود على قناة الجزيرة الفضائية، والآخر على موقع إسلام أون لاين، واستتبع ذلك اعتقال الدكتور عصام العريان وعدد من إخوانه، ثم تصريح الدكتور حبيب بأن هذه الاعتقالات وما سبقها من ملاحقات هي بسبب قرب الإعلان عن البرنامج السياسي لحزب الإخوان، وأن هذه الاعتقالات لن تثني الجماعة عن إعلان البرنامج ولو امتدت إلى الجماعة كلها ..

واكب هذا الحراك الفكري والسياسي داخل جماعة الإخوان المسلمين والدوائر المقربة منها، النتائج الجيدة التي حققها حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية في الانتخابات التركية، وما صاحب ذلك من تعليقات ومقالات وتحليلات في مختلف الصحف، على ردود الأفعال الغربية والدولية المهتمة بالشأن التركي، مقارنة بردود الفعل العكسية التي واكبت تحقيق حماس فوزا مماثلا في الانتخابات التشريعية في الضفة والقطاع، والحصار الذي ضربه المجتمع الدولي على الحكومة التي أفرزتها تلك الانتخابات ..

في مثل هذه الأجواء التي تم فيها عقد كثير من المقارنات بين برنامج حزب العدالة والتنمية ورؤاه التي يتقدم بها في تركيا ذات المرجعية العلمانية، ويكتسب بها شيئا من التقارب مع المحيط الأوربي والغربي الذي يحيط به، وبين الحصار المفروض على كل ما هو إسلامي في الدول العربية، وبين ما يترتب على ذلك من نتائج، فإن الضرورة تدعو إلى مراجعة الإخوان اعتزامهم تأسيس حزب سياسي، وهي الخطوة التلقائية التي يجب أن تعقب إعلانهم عن البرنامج السياسي لهذا الحزب ..

إن هذه الدعوة للتأني والمراجعة تفرضها في المرحلة الراهنة ضرورات ثلاث أفرزتها عوامل متشابكة، ضرورة داخلية تتعلق بطبيعة الحوار داخل الجماعة نفسها والمحيط الذي تعمل فيه، وجماهيرها المؤيدة لخطواتها المختلفة، وضرورة دولية تفرضها الهيمنة الأمريكية على القرار في العالم ودوران العالم الغربي منه والشرقي ( كوريا واليابان ) في فلكها، وضرورة محلية وإقليمية تفرضها طبيعة وظروف الأنظمة الحاكمة في المنطقة ..

لعل أهم ما يعنيني في هذه السطور هي الضرورة الداخلية التي تحدد رؤية الجماعة ومحيطها الذي تؤثر فيه، باعتباري واحدا من هذا المحيط، إن التباين الواضح والمعلن عنه عبر وسائل الإعلام ربما لأول مرة في شأن إخواني داخلي، هذا التباين الذي يصل في نقاط كثيرة إلى حد الاختلاف الشديد وربما الجوهري في الرؤى والأطروحات والصياغات، وإن كان محمودا وجيدا في حد ذاته، ومعبرا عن حراك فكري وديناميكية فكرية وتنظيمية، وحرية الفكر وتجسيدا لممارسة الشورى بوضوح وفاعلية، وإن كان الإعلان عنه كذلك محمودا لإثراء الحياة الفكرية في المجتمع ككل، ولضرب المثل على أدب الخلاف والاختلاف في ظل المنظومة الواحدة، ولتأصيل قبول ثقافة الحوار والاختلاف والآخر، ورسالة تطمين للمجتمع من وجود وتنامي هذا الحراك الذي ربما ظل يجري في الغرف المغلقة لاجتماعات قيادات الجماعة لعقود .. لكنه في ذات الوقت يطرح إشكالية عدم حسم كثير من القضايا الأساسية والمحورية والجوهرية، والتي ربما كان من المناسب عدم حسمها بشكل نهائي في الوقت الراهن تحت ضغوط الواقع الملحة، لأنها تحتاج إلى مزيد من التأصيل والمراجعة وتجربة صيغ تقنينها في الواقع ..

ولعله من المناسب أن أستعرض بإيجاز شيئا من ملامح هذا الاختلاف الذي حمل وجهات نظر متباينة لشخصيات مرموقة من الإخوان عبر الصحف ومواقع الإنترنت حول مفاصل رئيسة في برنامج الحزب أو حتى بصدد التعليق على نتائج الانتخابات التركية، باعتبارها تمثل تجربة واقعية لما يمكن اعتباره من الثوابت والمتغيرات عند رموز الإخوان ..

في هذا الشأن عرض التقرير الصحفي الذي قدمه الصحفي المصري محمد بهاء ونشره موقع إسلام أون لاين الإثنين 13/ أغسطس / 2007 م تحت عنوان : لماذا تأخر برنامج حزب الإخوان ؟

لاختلاف الرؤى بين ما يمكن تصنيفه إلى ( شرعيين وسياسيين ) في قيادة الجماعة موضحا :

" من أبرز النقاط التي يثور حولها الخلاف بين أعضاء مكتب الإرشاد، الموقف من الأقباط، حيث نجد مسودات البرنامج قد تجاهلت الحديث عن الأقباط، وإمكانية توليهم الوظائف العامة أو رئاسة الوزراء أو وزارة الدفاع، حيث جاء الحديث عاما شاملاً غير المسلمين، أقباطا كانوا أو يهودا!.

وتقول المصادر إن ذلك جاء بعد اعتراض الشيخ محمد عبد الله الخطيب، حيث تلافى الإخوان الحديث في هذه النقاط بشكل مباشر استجابة لاعتراضه، ومعه عدد من شيوخ أعضاء المكتب، أمثال صبري عرفة، ومحمد هلال، ومحمد مهدي عاكف نفسه.

إلا أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، عضو المكتب، رفض هذا الموقف، وطالب باستطلاع رأي قواعد الإخوان تجاه قضايا الأقباط، وبالتحديد موضوع الولاية العامة، وعدم الاقتصار على رؤية أعضاء المكتب، ورأى أن يتم ذلك من خلال المكاتب الإدارية بكافة محافظات مصر.

من الجدير بالذكر أن أبو الفتوح له وجهة نظر خاصة، تتمثل في جواز تولي القبطي للولاية العامة إذا جاء عن طريق انتخابات ديمقراطية!."

كما أشار نفس التقرير إلى ما أسماه، بولاية المرأة على المحك، و عقدة "كامب ديفيد"، باعتبارهما من المفاصل التي لم تحسم بعد في البرنامج ..

أما رؤية الدكتور محمد جمال حشمت أحد رموز الجماعة وواجهاتها الانتخابية، من خلال مقال ( برنامج حزب الإخوان الذي نريد ) والذي نشر بجريدة المصريين الإلكترونية بتاريخ 28 / 7 / 2007م والذي يعكس بوضوح ودقة المطالبة بحزب سياسي مدني يقوم عليه سياسيون متخصصون بعيدا عما يمكن أن نسميه هيمنة الشرعيين، أو القطاع الدعوي في الجماعة، مع التأكيد على المرجعية الإسلامية للحزب، فيحدد عناصر البرنامج الذي يريد :

01 أن يصاغ بلغة سياسية بعيدا عن الصياغات التراثية الدينية - رغم مرجعيته الإسلامية- كي يفهمها الجميع ولكي يتجمع عليها كل من يقتنع بها بغض النظر عن مرجعيته أو ديانته هو ! وهى مهمة لاشك فى صعوبتها

02 أن يقدم رؤية واضحة لمصر المستقبل مغايرة تماما لمصر الحالية التي هرب منها أبناؤها واستعر منها بعض مواطنيها وحزن عليها كل شعبها وانكفأت على نفسها فلا أصلحت حالها ولا أبقت على وضعها الإقليمي والدولي المستحق لها

03 أن يقدم تصورات متميزة لقضايا الداخل والخارج لم يتقدم بها أحد من قبل وهى ما تحتاج معه آليات محددة يجب أن تذكر للانتقال من حال البؤس الذي نحياه إلى حال الكفاية لا الكفاف لكل المصريين

04 البعد عن المبهم من الأفكار والتصورات والغامض من الحلول المطروحة التي قد تفهم على أكثر من وجه

05 توضيح الرؤية العامة في كل مجال ننتقل بعده لتصورات واقتراحات محددة يمكن من خلالها تغيير الواقع الذي نعيشه في مدة زمنية محددة إن أمكن

06 بالنسبة للوضع الاقتصادي لابد من وضع تصورات لعلاج المشكلات المزمنة في الاقتصاد المصري بسبب أداء حكومات الحزب الوطني

07 التأكيد على أن هذا البرنامج برنامج وطني خالص يقوم على أسس الحرية والعدل والمساواة فى دولة وطنية دستورية مدنية تحترم القانون يصون ويحفظ الأسس التي قامت عليها وتقدس الحريات ليجد فيه كل مصري نفسه, يتعبد البعض به لله في نفس الوقت الذي يحقق به البعض آماله وأحلامه ! "

وهنا نلمح إلحاح الدكتور حشمت على الفصل والتمييز بين المرجعية الإسلامية للحزب، وبين الصبغة الإسلامية للحزب، فهو يريده حزبا ذو صبغة مدنية سياسية بالكامل في الطرح والأفكار والصياغة ..

أما رؤية الدكتور العريان فنتلمسها من خلال بعض الآراء والمقالات في فترات مختلفة، فبينما طرح رؤية واضحة وشاملة من خلال مقاله ( الإخوان وتحديات المستقبل ) الذي نشره موقع إسلام أون لاين في أعقاب الانتخابات البرلمانية مباشرة 25 - ديسمبر 2005، وعرض فيه الدكتور العريان لعدد من القضايا الهامة منها قوله :

" - نحن مع فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي في حال وجود مناخ يتسم بالحرية، ويسمح بذلك.

- نحن نريد أن نعمل مع الآخرين من كل التيارات والاتجاهات، من أجل دفع عجلة التغيير والإصلاح بسرعة أكبر؛ لأن الوضع لا يحتمل التأخير وأحب أن أؤكد أننا مع العمل الجبهوي الائتلافي، ولن نكون أبدا سببا في انهياره أو إفشاله، لكنه لن يعيقنا إن وُضعَت العراقيل في طريقه، ولن يعطلنا إن تعطل "

ثم أكد من خلال قراءته لنتائج الانتخابات التركية على رؤيته للعمل السياسي الإسلامي معبرا في الوقت نفسه عن نوع من أنواع المراجعة الذاتية للأداء السياسي للإسلاميين في بعض الأقطار العربية، من خلال مقال ( الإسلام والتجربة التركية ) مجلة المجتمع بتاريخ 4/8/2007م، ومقاله في المصريين بتاريخ 29/7/2007م بعنوان : هل يمكن أن يحدث في العالم العربي ما حدث في تركيا ؟

" لقد أعاد نجاح الإسلاميين الأتراك وزملائهم المغاربة.. الاعتبار إلى المشروع السياسي الإسلامي وقدرته على التكيف والاندماج. ومن المهم أن قادة المشروعين في العقدين الخامس والرابع من العمر، وكلاهما ينتمي بدرجة أو أخرى إلى المدرسة الإسلامية الإصلاحية التجديدية "الإخوان المسلمين" وإن لم ينتسب كلاهما إلى "التنظيم الإخواني".

دروس التجربة التركية في الحكم وقيادة البلاد وإدارة دفة الملفات المعقدة في بلد مثل تركيا، ثرية ومتنوعة. وعلى الإسلاميين أن يوجهوا بعض دارسيهم وكوادرهم للزيارة والإقامة في تركيا، للتعرف عن قرب على تلك التجربة التي تستحق الدراسة، مع الأخذ في الاعتبار تميز كل بلد وخصوصيته في كل مجتمع، والفروق البيئية بين الأقطار، مع الاشتراك في العقيدة والحضارة والتراث الإسلامي.

1- كيفية بناء حزب وطني مفتوح للجميع، يشعر كل المنتسبين إليه بأنهم على قدم المساواة، ويشاركون في القرارات المهمة والخطيرة، خاصة مع تعثر تجربة الأحزاب الإسلامية في كل من الأردن واليمن والجزائر، وبقائها مغلقة على الإسلاميين فقط وحلفائهم.

2- إدارة العلاقة مع مؤسسات الدولة كالجيش ومجلس الأمن القومي والرئاسة وبقية الأحزاب العلمانية؛ للوصول إلى توافق وطني عام أو الاختلاف في إطار الدستور والقانون، مع الاحتكام للشعب.

3- النجاح الاقتصادي الباهر الذي كان أحد أهم عوامل النجاحات الانتخابية، وكيفية إدارة اقتصاد حر وتحقيق معدلات نمو متسارعة، وخفض العجز والتضخم، مع ازدهار للبورصة وكافة المؤشرات الاقتصادية، مما جعل أوروبا والمؤسسات العالمية تشهد للحزب الإسلامي بالنجاح، وكان أهم عوامله حرباً معلنة على مافيا الفساد. ومن المعلوم أن النجاح الاقتصادي له مردود خارجي قد يكون أهم من المردود الداخلي، فهو يشجع على البقاء في البلاد وعدم الهجرة إلى الخارج، وفي الوقت نفسه يساعد على حسم إلحاق تركيا بالاتحاد الأوروبي، حيث تقل نسبة المساعدات التي يقدمها الاتحاد إلى الدول حديثة العهد به.

4- العلاقة مع أوروبا وأمريكا، تلك العلاقة التي تشكل عقبة كأداء في وجه الإسلاميين، حيث هناك "فيتو" كبير وضخم على مجرد إدماجهم، خشية نجاحهم المستحق في أي انتخابات حرة ونزيهة، مما يعني وصولهم إلى الحكم.

5- العمل في ظل ظروف بالغة القسوة مع عدم الرضا بالواقع المر أملا في تغييره مع التدرج في ذلك والنفس الطويل

وهنا تثور الأسئلة التي تتراوح من إشكالية العلاقة مع "العدو الصهيوني" وتنتهي إلى صلب المشكلة وهي "الالتزام بالعقيدة والشريعة الإسلامية". فهل قدم أتراك "العدالة والتنمية" تنازلات خطيرة في هذا الصدد؟ أم أن ظروف تركيا لا تجعل هذه الأسئلة مطروحة، فهي من قبيل تحصيل الحاصل:

فالعلاقة مع "إسرائيل" غير مطروحة، فهي موجودة من ذي قبل وقد يبرر الحزب تلك العلاقة بأن ذلك يعطيه فرصة للتفاوض والتوسط لحل المشكلة الفلسطينية، وهذه قراءة أخرى لبيان الترحيب الصادر عن "حماس" في فلسطين، فلعلهم يراهنون على وساطته في الصراع مع العدو.

وأيضاً "تطبيق الشريعة الإسلامية" غير مطروح من الأساس في بلد كتركيا يجاهد الإسلاميون فيها منذ عقود لمجرد السماح بالحجاب الإسلامي للنساء، ولرفع الحظر المفروض على المحجبات في الدراسة والعمل والعلاج .. إلخ، مما دفع أردوغان نفسه لإرسال بنتيه المحجبتين للدراسة في أمريكا، وإصداره تعليمات للوزراء بالحضور إلى قصر الرئاسة بدون زوجاتهم المحجبات في المناسبات الرسمية.

ولعل "أردوغان" يراهن على حل تلك المشاكل وفق جدول زمني طويل نسبياً، ساعياً إلى تراكم التأييد الشعبي ووصول رئيس جديد يسمح للمحجبات بالدخول إلى قصر الرئاسة، حتى ولو كانت زوجته غير محجبة ."

وبينما أشعر من خلال قراءة الدكتور العريان للوضع في تركيا ثنائه، أو على الأقل تفهمه وقبوله لموقف حزب العدالة والتنمية من قضايا أساسية، مثل العلاقة مع الدولة الصهيونية، نجد الدكتور حبيب يصرح في حواره الشامل مع إسلام أون لاين ( الخميس 16/8/2007 م ) الذي تصدرته العناوين :

" لا للاعتراف بإسرائيل، لا للاتفاقيات الدولية الجائرة، لا لرئاسة الدولة للأقباط والمرأة.

تلك هي اللاءات الثلاثة لبرنامج حزب الإخوان المزمع الإعلان عنه، والتي أكد عليها الدكتور محمد حبيب، النائب الأول لمرشد جماعة الإخوان المسلمين، في حواره مع إسلام أون لاين.

حبيب قال: "إن الاعتراف بالكيان الصهيوني يمثل خطا أحمر لا يجوز الاقتراب منه"، مؤكدا على أن الإخوان يقولون بمنتهى الصراحة: "نحن لن نعترف بإسرائيل، فهو كيان مغتصب لأرض العروبة والإسلام .. "

ألا يمكننا القول قياسا على قراءة الدكتور العريان أن اعتراف أي حكومة في مصر بالدولة الصهيونية من قبيل تحصيل الحاصل، حيث أنها أيضا لن تكون قد استحدثت جديدا، وإنما تتعامل مع موقف اتخذه نظام سابق ؟

" فالعلاقة مع "إسرائيل" غير مطروحة، فهي موجودة من ذي قبل وقد يبرر الحزب تلك العلاقة بأن ذلك يعطيه فرصة للتفاوض والتوسط لحل المشكلة الفلسطينية، وهذه قراءة أخرى لبيان الترحيب الصادر عن "حماس" في فلسطين" ، ألا ينطبق هذا القول للدكتور العريان، على الوضع في مصر، التي تربطها اتفاقية كامب ديفيد أقدم الاتفاقيات العربية مع الصهاينة، والذين تحتل سفارتهم موقعا مميزا ما في قلب القاهرة ؟

أما الموقف من تنامي نجاح حزب العدالة والتنمية في تركيا والذي أعتبره مقياسا لاختلاف وجهات النظر بخصوص البرنامج السياسي الحزبي الذي يمكن أن يتبناه الإخوان، فبينما عرضت لرؤية الدكتور العريان له، فأعرض كذلك لرؤى مخالفة يمثلها الدكتور حبيب النائب الأول لمرشد الجماعة، ورؤية الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب الإرشاد، مفضلا عدم أخذ الآراء الأكثر عنفا وهجوما والتي مثلها مقال المهندس علي عبد الفتاح في ( جريدة المصريين 30/7/2007م) الذي قارن فيه بين حماس والعدالة والتنمية واصفا المقارنة بينهما بالمقارنة بين الأحرار والعبيد ..

أما الدكتور حبيب فيقول عن التجربة التركية في حواره الشامل مع إسلام أون لاين :

" أولاً، البيئة الاجتماعية، والواقع الاجتماعي، والسياق الموجود في تركيا مخالف للبيئة الاجتماعية والواقع والسياق الموجود على مستوى الدول العربية، هناك ديمقراطية، هناك حرية، لا يوجد تزوير لإرادة الشعب، توجد حرية تشكيل الأحزاب، وإذا كان هناك من يستعمل الفيتو ضد الإسلام، فهنا من يستعمل الفيتو ضد الإسلام وغير الإسلام.

البيئة مختلفة، وعملية استنساخ أو استنبات التجربة غير وارد، لكن نحن نهنئ الشعب التركي بهذه الديمقراطية، وأقول: إن هذا الفوز يعبر أيضا عن الهوية الإسلامية الموجودة لدى الشعب التركي.

لا شك أن الحزب (العدالة والتنمية التركي) قدم رؤية اقتصادية عالية المستوى، قدم رؤية متميزة في عالم الإدارة، لكن كما قلنا إنه في ظل ظروف وفي ظل مناخ وفي ظل أوضاع يختلف معنا فيها، يعني مسألة العلمانية، مسألة التعامل مع الكيان الصهيوني، كل هذه أمور بالنسبة للإخوان خط أحمر.

أنا قلت إن هناك اختلافا بين البيئتين وبين النظامين، فهنا لا تستطيع الأنظمة أن تعمل بدون تزوير، هنا قمع، هنا استبداد، هنا دكتاتورية لكن دين الدولة هو الإسلام، لا يستطيع أحد أن يجهر بعلمانيته، ولا يمكن أن يظهر قانون من المجلس (البرلمان المصري) لا يتفق ولا يتناسب مع الشريعة الإسلامية، فالقضية هنا مختلفة عن القضية هناك. "

أما الأستاذ جمعة أمين عضو مكتب إرشاد الجماعة فيعقب على التجربة التركية بعد أن أعلن عن فرحه بهذا الفوز الكبير قائلا :

" إن الذي حدث في تركيا لا بد أن يكون واضحًا لدينا؛ حتى لا تتداخل الغايات بالوسائل، والأهداف البعيدة بالقريبة، وحتى لا تقول: ليتنا نسلك نفس المسلك كي نحقق ما حققوه..!! أقول: الذي حدث في تركيا هو وصول لسدَّة الحكم والسلطة، وهذا ما كانوا يسعَون إليه بكل وسيلة، وهم لا ينكرون ذلك كهدف لهم يُرتجَى ويَسعَون إليه بكل جهدهم ووسائلهم المشروعة، وفي سبيل ذلك كان كل همِّهم التجمُّع لا الجماعة التي لها توجُّهاتُها ومنهجُها وأهدافُها ووسائلُها، بل وغاياتُها وخطتُها ومنهجُها النبوي في التغيير.

تعتبر تجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا إحدى تجارب الإسلام السياسي في تاريخ الأمة العربية والإسلامية الحديث والمعاصر، إلا أن هذه التجربة غير قابلة للتطبيق في حالة الإخوان المسلمين في مصر لعدد من الأسباب التي من أهمها:

أولاً: التزام أردوغان بقواعد العملية السياسية التركية وبأحكام الدستور، حتى وصلت به المواءمة السياسية إلى الإعلان علنًا أنه ملتزمٌ ليس فحسب بالطبيعة المدنية في إطار مرجعيته السياسية، بل قال إنه ملتزمٌ بهويَّة تركيا العلمانية، لدرجة السكوت على الثورة التي حدثت من العلمانيين؛ بسبب حجاب زوجة وزير الخارجية عبد الله جول عند ترشيحه لمنصب الرئيس؛ حيث قال قائلهم "إنه ليس من الممكن أن تكون السيدة الأولى فى تركيا محجبة"!! وقالوا: "إن دخول زوجة جول المحجبة- السيدة خير- إلى قصر الرئاسة التركي الذي أسَّسه أبو العلمانية التركية أتاتورك أمرٌ يخالف كافةَ القيم العلمانية التركية ويخالف الدستور"!!
ومما زاد الطين بلَّةً أنَّ أوردغان نفسه لم يستطع إتمام تعليم ابنته المحجَّبة في تركيا، بسبب منع الحجاب في الجامعات التركية فأرسلها إلى الولايات المتحدة لاستكمال تعليمها.
هذه هي العلمانية التي قال عنها أردوغان إننا لن نحيد عنها ولن نغيِّر فيها أيَّ شيء، بل ما جئنا إلا للمحافظة عليها، وهذا هو خيار حزب العدالة والتنمية، وهذا خيارٌ لا يمكن للإخوان في مصر أن يتبنَّوه على أي شكل من الأشكال؛ لأن الإخوان مع التزامهم بالدستور المصري؛ لأنه يقول إن الدين الرسمي للدولة هو الإسلام، وإن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع، لا يمكن لهم قبول كامل قواعد اللعبة السياسية التي وضعها النظام المصري الحاكم منذ خمسة عقود، سواءٌ على مستوى المبادئ الحاكمة، أو الممارسة السياسية، من قبول لمؤسسات شكلية، وفساد سياسي واقتصادي وإداري واجتماعي موجود، وإلا فقَدَ الإخوان مصداقيةَ ما يطرحونه من برامج وأهداف، وبالتالي سوف يفقدون أهم عناصر قوة الجماعة وهو عنصر الشرعية الجماهيرية، وتأييد الشارع المصري والعربي والإسلامي لهم، والذي قبِلَهم وأيَّدَهم بسبب أجندتهم هذه
ثانيًا: أن التيار الإصلاحي (تيار الإخوان) بأجندته يرمي إلى إحياء تجربة الأمة الإسلامية الواحدة، وإعادة الواجهة الحضارية القديمة لها، واستعادة دورها الريادي العالمي في كل المجالات، وهذا لا ينادي به أردوغان، فتياره يعمل داخل حدوده فحسب، ولا يطرح أجنداتٍ إسلاميةً ذات طابع عالمي، وهو الأمر الذي لا يقلق الغرب الأمريكي والأوروبي بل والصهيونية العالمية، بعكس التيار الإخواني ذي الأجندة التي تتجاوز حدود قطره، ويمثِّل خطرًا على المشروع الأمريكي الصهيوني العالمي، لأجندته ومشروعه الإسلامي المتكامل، والذي يشمل العالم الإسلامي بأسره، والذي ينادي به الإخوان، وهو أحد أهدافهم الكبرى لاستعادة الخلافة الإسلامية وليس الاستعداد لتغييره لأنه مبدأ ثابت عندهم.
ثالثًا: إن للإخوان ثوابت لا تحيد عنها ولا تتغير، كقضية الاعتراف بـ"إسرائيل" وبيت المقدس وغيرها من القضايا المهمة والتي هي على غير المواءمة السياسية لحزب العدالة والتنمية، فما زالت تركيا عضوًا في حلف شمال الأطلنطي (الناتو) الذي يضرب المسلمين في أفغانستان ويحيك المؤامرات في بلاد المسلمين إلى يومنا هذا، ولا تزال تحتفظ بعلاقات مع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة، ويعلن أردوغان المحافظة على هذه العلاقات.

وهذا هو الفارق الذي جعل الغرب يتقبَّل حزب العدالة والتنمية بينما يرفض حماس في فلسطين، بل بمجرد أن يفوز الإخوان بعدد من المقاعد في مجلس الشعب يعلن الحرب عليهم، فما بالكم لو دخل الإخوان المسلمون إلى الحكم وهم عازفون عنه..؟! لا بد أن يظهر العَدَاء الغربي الصريح ويعمل أصحاب المشروع الغربي الصهيوني جاهدين لإسقاط تجربتهم في الحكم إن حدث ذلك ".

إن الطرح الصريح الذي يعلنه الأستاذ جمعة أمين بوضوح شديد ينسف أي فكرة أو توجه نحو إنشاء حزب إخواني مدني يعمل من خلال مواد الدستور المصري .. لأنه قام ببساطة شديدة بالمقارنة بين جماعة إسلامية وبين حزب سياسي مدني، وهو ما يقودنا مباشرة إلى دعوتنا للجماعة بالتأني قبل الإعلان عن تشكيل حزب سياسي لها، لأن هناك قضايا جوهرية يصعب الاتفاق عليها بين هذه الرؤى المتعارضة، كما أن طبيعة الحزب السياسي لابد وأن تختلف عن طبيعة الجماعة الإسلامية التي شكلت فكر ورؤية القيادة الإخوانية عقودا طويلة، وثمة قضايا خطيرة من أمثال :

1 - الموائمة بين حسم القضايا المرجعية والقوانين والمناخ السائد في مصر، والذي يتجه بعد تعديل الدستور إلى علمنة المجتمع، فإن كان قد حافظ على أن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للتشريع، فإنه ناقض ذلك بمادة المواطنة، والتي لا اعتراض لي عليها من حيث المبدأ، وإنما من حيث الصياغة والضمانات، فلربما أتاحت حقوق المواطنة للفرد أن يتقلب بين الأديان المختلفة، فيغير دينه طالما لم يغير وطنيته وجنسيته، أو أن يطالب غير المسلم بحقه في الزواج من المسلمة باعتباره مواطنا مصريا متساويا في الحقوق والواجبات، المواطنة مبدأ لا خلاف عليه كان يحتاج إلى بعض الضوابط والتفصيلات في الحالات التي تتقاطع مع الشرائع واحترام الخصوصية الدينية ..كما كان التناقض الأكبر في مواد الدستور، في منع قيام حزب سياسي ذو مرجعية دينية، فكيف تكون مرجعية الدولة نفسها إسلامية بينما يحظر قيام الأحزاب السياسية فيها في إطار نفس مرجعيتها ؟ وما صاحب ذلك من حظر الشعارات الإسلامية في انتخابات مجلس الشورى، في بلد لا يمنع الحجاب في المدارس والجامعات لكنه لا يسمح حتى الآن بظهور مذيعة واحدة محجبة في تلفزيونه الرسمي بقنواته المتعددة، ولا دخل قصره الجمهوري حتى تاريخه سيدة محجبة ! فخطر العلمنة قادم ما لم يتم مواجهته بالطريقة المناسبة ..

2 - قضية المرجعية الإسلامية لحزب مدني سياسي، وكيفية إدارة العلاقة بين الشرعيين والسياسيين، وهل تعتمد مبدأ ولاية الفقيه ؟ أم تستحدث نظرية توائم بين المرجعية الإسلامية، وقيادة الساسة، في ضوء الثوابت والمتغيرات في التشريع الإسلامي ؟

3 - القضايا المتعلقة بالمرأة والأقباط، وقضايا المرأة الشائكة ليست فقط، في الولاية العامة ومسائل السياسة، ولكن تتخطاها أيضا إلى ممارسة الفنون، وغيرها من العلاقات الاجتماعية المتشابكة

4 - حسم قضية الدعوي والسياسي، فهل تظل الجماعة تقوم بدورها المزدوج في حالة وجود الحزب، أم يتكفل الحزب بأداء الواجب السياسي، وتتفرغ الجماعة للعمل الدعوي والاجتماعي والخيري ؟

5 - هل يناسب الحزب المفتوح جماعة بتراث جماعة الإخوان المسلمين تفرض قيودا موضوعية وخطوات مرحلية لقبول العضوية ، والتي تتضمن شروطا ومواصفات خلقية ودينية وفكرية لانضمام المدعو إليها ؟

6 – كما أن من أهم معوقات تحقيق التوافق بين القواعد، وجناح من القيادة من أمثال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، هو المحتوى الثقافي نفسه الذي يتعاطاه الإخوان في أسرهم التربوية المعتمد في مجمله على الكتب التراثية، فكيف ينفتح الصف انفتاحا حقيقيا مؤصلا تأصيلا فقهيا وعميقا عمقا فكريا، لا يعتمد على سياسة تبرير المواقف للقادة تجاه قضايا مثل المرأة والأقباط والديمقراطية وأن الأمة مصدر السلطات، وقبول الآخر، واحترام الحوار والاختلاف، وهو مازال يدرس كتب الفقه نفسها، ويعتمد في ثقافته على تراث الأستاذ سيد قطب وتلامذته من أصحاب منهج المفاصلة والتميز، إن النقلة النوعية في آراء وأطروحات قادة الجماعة لابد أن يواكبها نقلة نوعية مماثلة في المحتويات الثقافية للمنهج التربوي واعتماد كتب مثل ( فتاوى معاصرة ) للدكتور القرضاوي كمرجعية فقهية، بالإضافة إلى مؤلفات الشيخ الغزالي وأبو شقة وغيرهم في قضايا المرأة، وطرح قضايا المواطنة وما يتعلق بها من حقوق وواجبات مع تأصيلها التأصيل الشرعي المناسب لها ..

إن إعلان حزب سياسي إخواني حقيقي لابد أن يتأخر إلى أن يتم تعديل هذه المحتويات الثقافية للمنهاج التربوية ثم جني ثمارها الفكرية والفقهية في قواعد الجماعة ليتم ترجمتها بعد ذلك في برنامج حزبي متين وقادر على إحداث التغيير الحقيقي ..

يلخص مسفر القحطاني في مقاله ( الحكومات والحركات الإسلامية ما بعد القطيعة ) إسلام أون لاين 15/8/2007م، بعض إشكاليات الإسلاميين على هذا النحو :

" أما الإشكالية الأخرى فتكمن في تعاطي بعض الإسلاميين للعمل السياسي من خلال مظاهر عدة: كازدواجية الخطاب الجماهيري التعبوي مع الخطاب السياسي المصلحي، والمثالية المفرطة في غايات الدولة الإسلامية، مقابل تناسي الواقع الراهن والأنظمة الأممية والأحلاف الدولية وسيادة القطب الأوحد في العالم، كما تظهر إفرازات هذه الإشكالية في تداخل الديني والعقدي أثناء الموالاة أو المعادة؛ ففي حين تخرج فتوى التكفير للاشتراكية والعلمانية تظهر تحالفات قوية معهم أثناء الانتخابات، أو داخل البرلمانات دون تأصيلٍ شرعي وفقهٍ واقعي يوضح هذا التغاير في المواقف والقرارات،

فهذه الإشكاليات وغيرها قد تظهر في الممارسة، وقد تكون في أساس التنظير والبناء الفكري لدى قطاعات واسعة من الإسلاميين، وهي تحتاج إلى مراجعة وتقويم في عدة مناحٍ، منها: تقويم التراث الإسلامي السياسي، وعدم إسقاطه بالنص على واقع مختلف كلياً عنه، وفي تجربة شيخ الإسلام ابن تيمية قبل ثمانية قرون في نقد شروط الإمامة وواجبات الولاية خطوة من الريادة والإبداع يجب أن تستمر وتُستحضر خلالها ثوابت السياسة الشرعية لا متغيراتها التي أملتها الظروف الزمانية والمكانية والحالية في وقت مضى.

كما أن تقسيم المجتمع إلى فئات متباينة في الدين والانتماء، والنظر إلى المخالفين سياسياً كأنهم خارج إطار الدين والعقيدة، كلها مفاهيم تحتاج إلى تمييز وتقويم وورع وإخلاص "

حزب للمحافظين هو الحل

من كل ما تقدم أخلص إلى الدعوة التي وجهها الدكتور العريان ذات مرة عبر موقع إسلام أون لاين مطالبا بإنشاء حزب للمحافظين بمصر، وهو نفس المضمون الذي وجهه من خلال تعقيبه على الانتخابات التركية، إذ اعتبر من أهم الدروس المستفادة :

" كيفية بناء حزب وطني مفتوح للجميع، يشعر كل المنتسبين إليه بأنهم على قدم المساواة، ويشاركون في القرارات المهمة والخطيرة، خاصة مع تعثر تجربة الأحزاب الإسلامية في كل من الأردن واليمن والجزائر، وبقائها مغلقة على الإسلاميين فقط وحلفائهم."

وما نادى به عقب الانتخابات البرلمانية في مصر قائلا :

"نحن نريد أن نعمل مع الآخرين من كل التيارات والاتجاهات، من أجل دفع عجلة التغيير والإصلاح بسرعة أكبر؛ لأن الوضع لا يحتمل التأخير وأحب أن أؤكد أننا مع العمل الجبهوي الائتلافي، ولن نكون أبدا سببا في انهياره أو إفشاله"

تلك الدعوة التي تلتقي مع رؤية الدكتور حشمت حول إنشاء حزب وطني في أجندته وأولوياته، وهذا كله يتفق مع ما صرح به الدكتور حبيب عن برنامج الحزب، واستطلاع آراء المصلحين المستقلين حوله :

" أننا الآن نراجعه مراجعة شبه نهائية، ثم سنتخير مجموعة من النخبة من أهل الثقافة والفكر والاختصاص، والذين لهم باع في دراسة البرامج؛ ليطلعوا عليه، ويصبح مادة للحوار والمناقشة، ثم بعد ذلك يعاد لينظر في الصياغة النهائية من الإخوان، لكي يطرح بعدها على الرأي العام

إننا بالتأكيد لابد أن نستفيد من خبرات وتجارب وآراء الآخرين، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الجماعة منفتحة على الآخر، وحريصة على الاستماع إلى وجهات النظر المتعددة، والتي سوف تثري وتنضج الأفكار والتصورات والرؤى الموجودة."

فإن مبدأ التنسيق والتعاون واستثمار الجهود والانفتاح مطلوب ومعمول به، ويشكل رؤية الجميع في القيادة الإخوانية، فإن بلورة ذلك إلى إنشاء حزب للمحافظين أو الإصلاحيين يمثل حلقة وسط بين الأحزاب الديكورية القائمة، وحزب خاص للإخوان المسلمين، فهو الحزب الإصلاحي الذي يمكن أن يمثل الخطوة الأهم نحو التدرج بالمجتمع نحو القيم الإسلامية في التطبيق والممارسة، وكذلك التدرج في اختبار مدى نجاح وفاعلية التصورات الإخوانية والإصلاحية للحل الإسلامي ..

مزايا ومبررات إنشاء حزب للمحافظين أو الإصلاحيين في ضوء أجندة إنقاذ وطنية جامعة  :

1 – يحقق أكبر قدر من الالتفاف حوله، واتساع دائرته
2 - يمثل اجتهادا في الرؤى والأطروحات يقبل الصواب والخطأ والتصويب والمراجعة، بحيث لا يكون محسوبا على جماعة بعينها، ولا ترتبط الاجتهادات الصادرة عن مؤسسيه وقيادته في الذهنية الشعبية بجماعة الإخوان وبالتالي بالحل الإسلامي ذاته .
3 – يبقى المرجعية الإسلامية لا تمس، بحيث يكون معلوما أن ما يصدر من رؤى عن هذا الحزب هو اجتهادات قابلة للمراجعة والتعديل والتطوير .
4 – يمثل الحزب مرحلة تدريجية للتعاطي مع السياسة وفق مرجعية إسلامية، يمكنه من خلاله الموائمة السياسية المناسبة مع الظروف والمتغيرات .
5 – استيعاب أكبر قدر ممكن من المفكرين والعلماء ومشروعاتهم الإصلاحية في شتى المجالات وعلى كافة الأصعدة، في شكل اندماج وطني لا مزايدة عليه للاستفادة بعطائهم الإصلاحي ..
6 – يمكن من خلال برنامج هذا الحزب تقديم حلولا وسطا للقضايا المفصلية دون أن يعد ذلك تنازلا نهائيا أو تراجعا في قضايا ما محسوبا على الجماعة .

هذا دون الدخول في تفاصيل الحصول على تصريح الحزب من عدمه، لتساوي ذلك في حالة حزب خاص للإخوان، مع حزب وطني إصلاحي، فليست المعضلة في أن يظل الحزب تحت التأسيس، أو تعترف به الدولة، أو أن يعلن من طرف واحد ليظل حزبا محظورا نشاطه، تعترف به كل القوى الوطنية والدولية، لكنه في كل الأحوال سيكون ركيزة تحرك سياسي إصلاحي شامل وفاعل وضاغط .

فهل يتبنى الإخوان هذا الطرح ليكون التجربة الأكثر اتساقا وتوافقا مع الضرورات الثلاث الداخلية، والإقليمية، والعالمية في الوقت الراهن ؟

المصدر