حزب اليائسين!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
حزب اليائسين!

8 مايو 2009

بقلم: عماد الدين حسين

تخيل أن تعود إلى منزلك متعبا وحالما بلحظات من الراحة بعد يوم عمل شاق.. فتجد شخصا غريبا يختبئ خلف الباب أو أسفل السرير، ثم يفاجئك بطعنات تقضى على حياتك فورا.

تخيل أيضا أن تكون فى شقتك فتسمع من يطرق على الباب وعندما تفتح له يعالجك بمطواة حادة، فاصلا رقبتك عن جسدك ومنهيا حياتك لمجرد أنه يريد ألفا أو خمسة آلاف جنيه ليفك بها أزمته المالية، وفقره المدقع.

ما سبق ليس تخيلات، لكنه أصبح خبرا عاديا نقرأه فى الصحف ولم يعد يثير قشعريرة أحد.. حدث ذلك منذ أيام قليلة بمقتل السيدة هالة فائق مديرة الائتمان ببنك مصر وقبلها بأسابيع بمقتل ابنة الفنانة ليلى غفران وصديقتها، وقبلهما عشرات وربما مئات الأسماء التى لم تجد طريقها إلى صفحات الصحف وبرامج «التوك شو».

الجريمة موجودة منذ بدء الخليقة حينما قتل قابيل هابيل وستظل موجودة حتى يرث الله الأرض ومن عليها.. لكن يظن المرء أن قتل نفس بشرية هو عمل خطير يستوجب أسبابا قهرية.

يندهش المرء كثيرا حينما يقرأ فى صفحات الحوادث أن شخصا قتل آخر لخلاف على خمسة جنيهات أو نتيجة دعابة عابرة، كيف ينهى شخص حياة آخر لمثل هذه الأسباب التافهة وكيف صار ذلك الفعل أمرا عاديا لا يثير دهشة أحد؟

لن أتحدث عن الكلام التقليدى الذى صار لغرض تكراره مملا عن سلم القيم وانحداره المستمر إلى الحضيض، لكن أدعوكم إلى وضع أنفسكم مكان الفقيدة هالة فائق.. سيدة وصلت إلى مكانة مرموقة فى عملها الوظيفى وتنتظر عودة زوجها المستشار من قطر وفجأة تنتهى حياتها لمجرد أن شخصا قرر ذلك..

أو ابنة الفنانة ليلى غفران التى دفعت حياتها ومعها صديقتها نادين لمجرد أن القاتل مفلس أو محبط.

لن نتحدث عن حوادث الطرق التى تزهق حياة العشرات يوميا فى موت عشوائى لا يبرره إلا تخلى الدولة عن دورها فى ضبط المرور وتراخيص القيادة.

سنتحدث عن ظاهرة صارت تزعج الجميع.. عاطل عن العمل أو «مبرشم» أو معتوه، يتخذ قرارا بإنهاء حياة أى شخص يقابله، لأنه وصل إلى حالة يأس كاملة من حياته، فقرر أن ينتحر وينحر معه آخرين.. حزب اليائسين يتسع ويتعملق، وأحزاب السياسة تنكمش وتكاد تتلاشى.

المسألة باختصار أن دور الدولة يتلاشى. أجهزة الأمن توجه كل طاقاتها لحماية كراسى الحكومة والمسئولين.. الحكومة تخلت عن دورها فى إدارة حياة الناس وفرض القانون، فقرر الناس أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم..

وهكذا قرر كل من يعتقد أنه مظلوم أو مضطهد أو فقير بسبب كسله أو سياسات الحكومة أن يأخذ حقه بيده، ولأنه لا يستطيع أن يثأر ممن يعتقد أنه ظلمه، فإنه يفرغ حقده وغضبه فى أقرب برىء يصادفه.

وهكذا أصبح الشارع ملكا للبلطجية والمعتوهين والمتحرشين، وصار المرء يخشى كثيرا على نفسه أو أهله وأولاده.

يا أيها الذين تحكموننا.. الأمر صار مفزعا، احموا كراسيكم كما تشاءون، ولكن على الأقل امنعوا إهدار حياتنا بالمجان.. اجعلونا نموت فى قضية عادلة تستحق التضحية، وتذكروا أنكم إذا تركتمونا هكذا فإن المجانين سيصلون إليكم فى النهاية.

المصدر