حازم غراب يكتب: عودة يساري عجوز إلى صباه
بتاريخ : الثلاثاء 18 مارس 2014
أعترف وأعتذر أنني كنت أحسن الظن أكثر من اللازم في بعض علاقتي مع نشطاء ورموز يساريين وقومجية وليبرالجية من خصوم دينهم ومغالبي فطرتهم.
لقد كنت أستحضر دائماً الأمل بأن "خيارهم في يساريتهم أو قومجيتهم أو ليبراليتهم، خيارهم في الإسلام"، سيما وأنه دينهم الذين يصرون على نسبة أنفسهم إليه وهم يجهلونه أو يتجاهلونه.
كنت أستعيد في ذهني وأنا معهم نماذج معاصرة كعبد الوهاب المسيري الذي قال أمام جمع من صحفيي الجزيرة لزميلة شيوعية وقفت تسب الإسلاميين والإسلام: "اجلسي لقد كنت وغيري نقول مثلما تقولين".
كنت أتذكر نموذج عادل حسين الذي طلق الشيوعية وأجرى الله على يديه وغيره تحالفاً ضم حزب العمل والإخوان وغيرهم ففازوا بكتلة برلمانية معارضة غير مسبوقة.
وأثناء رئاسته تحرير جريدة الشعب أهدى الحركة الوطنية الإسلامية رموزاً صحفية كأحمد عز الدين وطلعت رميح وعامر عبد المنعم ومحمد القدوسي ولا أقول كمال حبيب.
كنت أعود بالذاكرة إلى دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعز الإسلام بأحد العمرين. وكان نموذج خالد بن الوليد الذي حارب محمداً صلى الله عليه وسلم وهزم المسلمين يقفز إلى ذهني، فقد شاء الله أن يصبح خالد سيف الله المسلول.
أكتب ذلك وقد تابعت كذباً بواحاً وتلفيقاً تكرر على لسان رمز يساري كنت أحترمه على مدار نحو ثلاثة عقود.
إنه اليساري الطليعي (الكبير سناً حالياً) ع. ش.
كان الرجل رمزاً في مجال التثقيف الاشتراكي في حزب السلطة الطاغوتية الناصرية الواحد وتنظيمه شبه السري الطليعي.
قرأت اتهام بعض من درسوا ذلك التنظيم لصاحبنا بأنه كان يتجسس على الأعضاء ويكتب عنهم تقارير أمنية لجهات عليا.
ليس وحده الذي اعتاد ذلك فقد كان مثله مثل أسامة الباز وسعد الدين إبراهيم أثناء البعثة الدراسية على حساب الدولة في أميركا.
احتفظ (ع. ش.) لنفسه طويلاً بموقع أمين التثقيف في حزب التجمع التقدمي الوحدوي. لست أدري كيف كان يثقف وماذا كان يقول عن أيديولوجية انهارت فكراً وتطبيقاً، لأفراد وكوادر حزب لا يتجاوز عددهم بضعة آلاف.
أتذكر أنه نفسه قال لي رداً على سؤالي له عام 1999: كم يبلغ عدد العضوية في حزب التجمع: "كنا في منتصف السبعينيات نحو مائة وخمسين ألفا وأصبحنا اثني عشر ألفاً".
ولما دعوته ضيفاً في أحد برامج قناة "مصر25" بعد الثورة بشهور قليلة سألته نفس السؤال وكان وقتها يجهز للانشقاق عن حزبه التقدمي، فأجابني أن العضوية تراجعت إلى أربعة آلاف فقط.
ظللت أحترم صدقه في الرد إلى أن فجعت به يقبل عضوية مجلس حقوقي ضراري انقلابي. ليته قبل تلك العضوية وقال كلمة حق تفضح انتهاكات الانقلاب والانقلابيين.
القاصي والداني الحر يوقن ويرى بأم العين كيف تنتهك سلطة الانقلاب حقوق الطفل والطفلة والشاب والشابة والصحفي والأكاديمي والعجائز الرجال والنساء، أنصار الشرعية المعارضين سلمياً.
ليت الكادر الاشتراكي العجوز (ع. ش.) سجل اعتراضه على تزييف الحقيقة في تقرير فض اعتصامي رابعة والنهضة كما فعل أخي وصديقي محمد عبد القدوس. (ع. ش.) بكل أسف ارتد إلى مرحلة ثانية من المراهقة السياسية الاشتراكية المبكرة.
عاوده الحنين إلى انحيازه الشبابي إلى السلطة الدموية الطاغوتية الانقلابية.
وكنت أظنه تجاوز هذه المراهقة وقد بلغ من العمرين السياسي والفعلي أرذله. شفاه الله.
المصدر
- مقال:حازم غراب يكتب: عودة يساري عجوز إلى صباه موقع: إخوان الدقهلية