حازم غراب يكتب: أخطاء الإخوان الخمسة: (٤) شوريون
بتاريخ : الخميس 24 اكتوبر 2013
عندما نشهد أحزاباً كانت ملء السمع والبصر تتلاشى أو تكاد، وعلى رأسها ما كان يسمى الحزب الوطني، والوفد، والتجمع، فلابد أن هناك داءً عضالاً ضرب هذه الأحزاب.
هذا الداء العضال هو فيما أرى، غياب أو تغييب الشورى والتشاور، بالطبع بعد انهيار الأيديولوجيات البشرية التي تبنتها تلك الأحزاب الغاربة.
تنظيم الإخوان منذ تأسيسه يقوم من أصغر وحداته -أي الأسرة- إلى مكتب الإرشاد على مبدأ الشورى.
عندما يستشير نقيب الأسرة كل فرد فيها، ويتم التصويت الحر على أبسط الأمور ثم تنزل الأقلية على رأي الأغلبية ضمن ستة أو ثمانية أشخاص، فذلك مما يقيم للعضو اعتباراً وأي اعتبار
وعندما لا تبرم قيادة الإخوان أمراً من الأمور العامة إلا بعد التشاور مع الصف كله تقريباً، فذلك مما يزيد تماسك المنظمة وثباتها واستمرارها، في الوقت الذي ينهار غيرها أو ينفض عنهم أعضاؤهم. السمع والطاعة ليس سوى بضاعة العسكر بحكم طبيعة وظيفة مؤسسة الجيش.
حاول عزيزي القارئ في مدينتك أو قريتك البحث عن أعضاء يزيدون عن واحد أو أكثر قليلاً في أحزاب كالتجمع أو العربي الناصري أو الكرامة أو شباب مصر أو العدالة أو الجمهوري أو ما لا أتذكر أسماءهم هنا من أحزاب يمولها رجل أعمال شهير، أو نظاما السعودية والإمارات.. صدقني أيها القارئ لن تجد لهم وجوداً ولا أثراً.
وابحث عزيزي القارئ عن الإخوان جماعة أو حزباً ولن يكلفوك مشقة البحث.. ستجدهم بالمئات على الأقل، وبالآلاف في مواضع كثيرة.
شهدت على مدار ثلاثة عقود تطبيقات العملية الشورية عند الإخوان، في كل انتخابات عامة أو طلابية ونقابية أو انطلاق مظاهرات معارضة أو إدارة مشروعات خيرية تكافلية أو إغاثية.. وشهدتها في التجربة البرلمانية ومجالس المحليات التي نجح الإخوان فيها.
وفي بداية العام الثاني من عمر قناة مصر ٢٥ التليفزيونية نقلت القناة على الهواء اجتماعات ومناقشات بعض الأسر والكتائب والمخيمات..
وكنت اتفقت أيضاً على نقل اجتماعات لمكتب الإرشاد، والمكاتب الإدارية على الهواء.
التسجيلات موجودة والمراسلون الذين نقلوا هذه الفعاليات موجودون.
وقد دهمت هذه التجربة الديموقراطية المذاعة دبابات انقلاب ٣٠ يونيو المدعومة بقوى وأحزاب بلا شعبية ولا شورى بل زعامات متشاكسة.
فليقارن من شاء تماسك وصمود الإخوان جماعةً وحزباً -رغم كل أنواع القمع- بالتلاشي السريع والتام لشبه الحزب المسمى الوطني في مدة ثلاثة أسابيع. لقد زعم قادته كذباً أن عضويته بلغت ثلاثة ملايين، ومع ذلك تبخروا فلم يبق منهم سوى عصابة النهب التي تحارب معركة استعادة ما سلبته إياهم الثورة في يناير 2011.
لم تعرف تلك العصابة من رأسها إلى أصغر لص أو مرتزق شورى أو تشاورًا في أي أمر عام يخص هذا البلد، القرارات الحزبية العلوية كانت تهبط بصيغة الأوامر التي لا ترد ولا تنتقد.
سياسات شبه الحزب استهدفت إتاحة فرص نهب أكبر، وتمهيد التربة لتوريث الطفل المعجزة حكم مصر.
الشورى والتشاور شرط أساسي للالتفاف حول أية قيادة سياسية أو غير سياسية، ونزول القيادة إلى أوسع دوائر العضوية، ضمان أساسي لا شك فيه لاستمرار وقوة وحيوية أي حزب أو تنظيم.
ومن النوادر السياسية في هذا الصدد نموذج حزب زميل كليتي د. أسامة الغزالي حرب. (دكتوراه في موضوع الأحزاب).
كان قبل نحو عشرين سنة رافضاً فكرة الأحزاب، معتبراً أن ما تسمى المجتمعية تجاوزتها، فجأة فتح أسامة دكاناً سماه حزباً، وأظن يحيى الجمل شاركه في تأسيسه، وسرعان ما دب الصراع بين الرجلين، ثم بقيت اللافتة الحزبية بلا بضاعة ولا زبائن.
أسامة الغزالي الآن يجلس حيناً على ماسورة دبابة وحيناً آخر يلهث وراءها، أما حزبه فيقبع بلا أيديولوجية ولا شورية ولا عضوية في شقة بشارع في منطقة المهندسين.
المصدر
- مقال:حازم غراب يكتب: أخطاء الإخوان الخمسة: (٤) شوريون موقع: إخوان الدقهلية