جيم اوفر!
بقلم : مصطفى إبراهيم
اعتبر البعض أن خروج الفصائل الفلسطينية في غزة يوم الجمعة في مسيرة تطالب بإنهاء الانقسام، هي محاولة استباقية للالتفاف على ثورة الشباب في يوم 15 آذار، بعض الفصائل شاركت، وفصائل غابت، هي غابت بفعل الاصطفاف مع طرف على حساب طرف! وسواء كان الغياب احتجاجا على صياغة البيان الختامي ام على من سيلقي البيان كما ذكر، أو بسبب التفاصيل التافهة مثل الفاصلة والواو؟
وغيرها من الحجج والمبررات التي تعزز الانقسام وتطيل من عمره، المهم انها غابت ولم تشارك.
أمر الفصائل غريب عجيب، فهي كانت وما زالت عاجزة عن فعل شيئ، والان يحاولوا الالتفاف على ثورة الشباب، ويدعون انهم يدعمونهم بكل الوسائل، ونظموا مجموعات شبابية للخروج يوم 15 اذار، وبعضهم شارك في مؤتمر انهاء الانقسام في غزة الاسبوع الماضي، وبعضهم غاب ولم يشارك، ومن غاب الاسبوع الماضي شارك يوم الجمعة، ومن شارك الاسبوع الماضي غاب الجمعة.
المهم ان شباب 15 آذار الحقيقيين شاركوا ولم يغيبوا، وهم اختبروا انفسهم في النزول للشارع للمرة الثانية خلال اسبوع، وبالرغم من ذلك لم يخفي الشباب خشيتهم وخوفهم من ان هناك قوى تختطف فكرتهم وجهدهم وطاقاتهم، وأصبحوا الان يدركون أكثر ان محاولات الفصائل للالتفاف على ثورتهم حقيقة، ومع ذلك هم مصممون على النزول للشارع، وينتظرون يوم 15 اذار بفارغ الصبر.
خرجنا في مسيرة يوم الجمعة وموعدنا مع 15 آذار، وسنخرج للتظاهر والمطالبة بإنهاء الانقسام، ولن نفاجأ بمشاركة مسؤولين من حركتي فتح و حماس ، وربما وزراء ومسؤولين من الاجهزة الامنية في الحكومتين، والشباب لن يكتفوا بالخروج والتظاهر والتجمع ليوم واحد فقط، سقفهم مرتفع، هم مصممون على البقاء في الشارع والتخييم في الميادين العامة والضغط حتى انتهاء الانقسام.
والسؤال: ما هو المطلوب في اليوم التالي؟
سالت بعض الشباب ايضا، ماذا لو فوجئتم بوجود اسماعيل هنية وسلام فياض بينكم يطالبون بإنهاء الانقسام، وهم من يمتلكون مع غيرهم من فتح وحماس الارادة السياسية لانهاء الانقسام؟
بعضهم قال سنطالبهم بالمغادرة لانهم من يتحملون المسؤولية عن الانقسام، والطلب منهما تقديم استقالتهما، والبدء في خطوات عملية فورية لانهاء الانقسام، والقيام بحوار وطني شامل والاتفاق على استراتيجية وطنية لمقاومة الاحتلال، واعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني، وحاولت الحصول على اجابات من عدد كبير من الشباب حول اليوم التالي.
لم احصل على إجابات شافية، بعضهم قال المهم اننا سوف نخرج ونتغلب على خوفنا، ونختبر قدرتنا، ومواجهة الاخر، العدو المفترض، ابن عمي وجاري وزميلي في الجامعة الذي لم تعد العلاقة معه كما كانت قبل الانقسام، وسيخرج معنا الكثيرين، وسنمارس الضغط ولن نكتفي بتحريك الشارع، سنفكر بحملات ضغط اخرى.
للأسف في ظل ما يجري في عالمنا العربي من ثورات لم يعد لدينا متسع من الوقت، جيم أوفر، نكبتنا مستمرة، والاحتلال مستمر في عدوانه وغطرسته وفرض امر واقع يومي، ويزداد تطرفا ومغالاة في رفضه للاعتراف بحقوقنا، وما يجري في ساحتنا يصب في مصلحته، ويعطيه مزيدا من الوقت للاستمرار.
ونحن مكانك سر، المنطقة لم تعد تتحمل اكثر من ذلك، اجتمعت الفصائل مرة اخرى، وكانت اجتمعت عشرات المرات في غزة و القاهرة ودمشق، وهنا السؤال مرة اخرى: هل هناك ارادة سياسية لانهاء الانقسام؟
نحن لسنا من نصنع الخصوم، وعلى حركة حماس أن لا تبحث عن الخصم الذي تريده، فخصمها حركة فتح، أحبته ام بغضته، فاوض ام قاوم، وكذلك الحال مع فتح فيما يتعلق ب حركة حماس ، نحن في النهاية نتصالح مع خصومنا وليس مع اصدقاؤنا.
على الطرفين التقاط الفرصة، العالم العربي يتغير، والاهم أن مصر تتغير والورقة المصرية لم تعد قائمة، وحماس تستطيع سحب ابو مازن في اتجاه المصالحة، ولم يعد هناك مفاوضات، اسرائيل لا تريد مفاوضات، هي تملي شروطها، ويجب عدم الاستمرار في الرهان عليها بالطريقة التي كانت تجرى فيها المفاوضات، و حماس يمكنها سحب أبو مازن باتجاه المصالحة وباتجاه برنامج الحد الأدنى، وهنا لن نحتاج لاحد، فقط مصر تستطيع لعب دور تسهيل الحوار، الاهم يجب ان لا يكون بين الفلسطينيين اوراق ومبادرات، الموضوع هو فلسطيني فلسطيني.
الدعوة للانتخابات وتشكيل حكومة جديدة في رام الله، ووزارة جديدة في غزة، كل ذلك يعزز الانقسام، كما أن ادعاء ابو مازن بان الوضع مستقر ولا حاجة للتغيير، والانتظار حتى شهر ايلول/ سبتمبر القادم، كلام غير مقنع، ولا يصب في مصلحتنا الوطنية، لم يتبقى لدينا متسع من الوقت، جيم اوفر، يجب ان يكون هناك حس وطني عالي والاستجابة لنداءات ودعوات الانقسام والتغيير الحقيقي، وتوفير طاقات الشباب والشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال ودحره، وصولا للحرية وعودة اللاجئين والاستقلال واقامة الدولة بمشاركة الكل الفلسطيني.
المصدر
- مقال:جيم اوفر!المركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات