جمال سلطان: الخلاف مع الغزالي أفاد الأمة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
جمال سلطان : الخلاف مع الغزالي أفاد الأمة
09-03-2005

مقدمة

أ.ستاذ جمال سلطان


المرأة المسلمة جدلية قديمة، أثارت قضيتها خلافات، واحتدمت بسببها المعارك، واختلف على وضعها فقهاء، وكان الشيخ محمد الغزالي واحدًا من هؤلاء الذين اختاروا طريقًا مميزًا في تناول قضية المرأة، متسلحًا في ذلك برؤًى فقهية لها اعتبارها بين قطاعات كبيرة من علماء الأمة وشعوبها.

وعلى الجانب الآخر كان هناك فريق آخر له رؤًى مغايرةٌ تمامًا بالنسبة لآفاق تواجد المرأة وفاعليتها في الحياة، وهؤلاء كان معهم أدلتهم الفقهية، مدعومين أيضًا بأعراف وتقاليد لها تأثيرها الواضح على مستوى الشعوب، ومن هنا دارت رحى المعركة الشهيرة بين الغزالي وبين رموز التيار السلفي وحتى نتعرف على تفاصيل المعركة لماذا..؟ وكيف..؟ وإلى أين..؟

كان لنا هذا الحوار مع الأستاذ جمال سلطان - الخبير في شئون الحركات الإسلامية .

  • هناك تيارات إسلامية غالت في الهجوم على الشيخ محمد الغزالي.. فلماذا؟
المشكلة الأساسية مع الشيخ الغزالي- رحمه الله- أنه كان رجلاً رقيق المشاعر، متدفق العاطفة، سريع الانفعال، وكانت تصله بعض التعبيرات غير الدقيقة التي تصف الشباب الإسلامي وتصفه بالتشدد، فكان ينفعل، ومِن ثم يهاجمهم، وعلى الجانب الآخر كان للشباب الإسلامي ردة فعل يمكن أن توصف بالحادَّة تجاه الشيخ؛ مما سبَّب الكثير من المشكلات!!
  • فيمَ كان الاختلاف من وجهة نظركم؟
كان للغزالي رؤيته الخاصة والتي تميل إلى التيسير والتبسيط في أمورٍ يرى آخرون أن في ذلك نوعًا من الترخُّص غير المقبول، وكانت له رؤًى خاصةٌ في تبسيط المواقف، وتأصيل فكرة تعايش الإسلام مع الواقع، وما يعنيه ذلك من التجاوز وغض الطرف عن تجاوزات حادثة، لدرجة وصلت تخطي نصوص أحاديث خاصة فيما يخص المرأة والحجاب والقوامة وغيره.


لا للتعصب

  • وهل الاختلافات الفقهية تورث كل هذا العداء؟
طالما أنني أقول لا للتعصب، ولا للتشدد، فالأحرى أن أكون كذلك مع من أختلف معهم؛ إذ ليس هناك داعٍ للهجوم والتعصب في نقد الرؤية الخاصة بالنقاب، خاصةً وأن هناك من أهل العلم من قال إنه واجب، وهناك من رآه مستحبًّا، وهناك من رآه غير واجب.. فلماذا الاستفزاز؟ ولماذا الدأب على تحقير رؤية الآخر لدرجةٍ تصل إلى وصفه النقاب تمامًا- كما كان يسخر منه السادات- واصفًا إياه بالخيمة؟!
وهكذا فعل الشيخ، فهاجم وانتقد أشياء لا تقع في دائرة تخصصه الفقهي، والشباب أخطأ أيضًا في جرأة الردِّ، وعلينا أن نكون منصفين؛ فالشيخ كان من أخلص الناس، وكان هجومه من قبيل الحماسة والغيرة، ولكنه غالى في نقد شباب لا يفتقد الغيرة أيضًا على الإسلام، ولكنه الاختلاف في الرؤية فقط.


الدعوة بالصدمة

  • يرى البعض أن منهج التيسير للغزالي كان السبب في انتشار الحجاب في الشارع المصري.. فما رأيكم في ذلك؟
الإحياء السلفي هو الذي أحدث صدمةً في المجتمع، ووجود المرأة المنقَّبة في الشارع هو الذي لفت أنظار الناس إلى أن هناك شيئًا اسمه حجاب!! في الوقت الذي كان فيه كثيرٌ من نساء الدعاة في مصر غير محجبات وفقًا لمنهج الغزالي وغيره في التعايش مع الواقع وعدم اتباع الصدمة في دعوة المجتمع!! ولذلك سأظل أؤكد أن الصدمة هي التي أفاقت المجتمع من غيبوبته الإسلامية.
  • ولكنَّ البعض يرى أن الفكر السلفي عندما صار الأمر له في أفغانستان أخفى كيان المرأة كليةً، وحرمها حتى من التعليم.. فما تعليقكم؟
للأفغان رؤية قديمة متشددة نابعة من الواقع الأفغاني البعيد عرفًا عن واقعنا العربي، وقضية عدم تعليم المرأة في أفغانستان ليس بدعةً طالبانية كما يحاول الإعلام الغربي ترسيخ ذلك، فوزراء طالبان كانت بناتهم يدرسن في المدارس والجامعات، ولكن الحرب كانت قد أكلت إمكانيات الدولة، ولم تعد قادرةً على التوسع في التعليم، ولم تكن المرأة مقصودة بالحرمان من التعليم، كما تحاول الدعاية السوداء إظهار ذلك، والتشدد مع المرأة منبعُه عقلية الرجل الأفغاني وليس الطالباني على وجه التحديد!!


بين السطور

  • غاب الغزالي.. وهدأت المعركة.. فأي حصاد حصدته الأمة؟
الشيخ الغزالي إمام كبير، أَدين له بالفضل الكبير؛ لكنه أخطأ مع الشباب الإسلامي، ولم يحاول احتواء ثورة الشباب بحكمة الشيوخ، وفي المقابل كان شباب الحركة الإسلامية غير حصيف، ولم ينطلق من وعي وخبرة في التعامل واصطناع جسر من الثقة لإحداث ربحية أكبر للإسلام، ومع ذلك فإنني أرى أن الاختلاف بين الشيخ وشباب
الحركة الإسلامية أفاد الأمة وأفاد الدعوة الإسلامية نفسها، وأوجد مساحةً أوسع للتحرك بين السطور.. أي داخل البيت الإسلامي وحظيرته، وقد كان التحرك قبل ذلك للهامش أكثر منه للداخل، فبعد أن كان الخلاف على (إسلام أو لا إسلام) أصبح الخلاف في تفاصيل تطبيق الإسلام!! وكذلك بعد أن كان التباين حول (حجاب أو لا حجاب) أصبح الخلاف على أي أشكال الحجاب نقصد.

المصدر