بيوت الأمان: الضرورة والحاجة
2010-08-09
بقلم : ريما كتانة نزال
قبل حوالي عام من الآن، وفي ضوء الإطلالة على عدد من التجارب ذات الطبيعة الاجتماعية الخاصة، فكرت بالكتابة عن دور الحماية وعدلْت. ومنذ ذلك الحين لا تزال الشواهد تمر بذهني بسبب بشاعتها الصادمة حول العنف ضد النساء والمنزلي على وجه الخصوص.. حكاية محزنة موجودة في جميع المجتمعات، لكن المثير أنه يتم التستر عليها باسم العادات والتقاليد، وغالبا ما يُتهم من يتحدث عنها بالمبالغة او التشهير والتشويه، كما ان التغطية عليه اأو تجاهل المشكلة المتنامية لا يحلها بل يساهم في تفاقمها وانتشارها.
بغض النظر عن نشر بعض المقالات المبتذلة حول مركز "محور"، والتي أثارت حفيظة المؤسسات النسوية والمجتمعية، إلا أنها من المقالات التي يمكن أن ينطبق عليها المثل الشعبي" ربَ ضارة نافعة"، فقد حسمت ترددا حول النقاش المفتوح حول دور الأمان، وبددت تحفظا كنا نبديه يخدم عدم الخوض في الحديث عنها وإبقائها بعيدة عن التداول، وهو التحفظ الذي ينطلق من الرغبة في حماية خصوصية النزيلات وقضاياهن الشائكة والصعبة، وحتى لا يتضاعف العنف الممارس عليهن بإضافة عنف جديد بالتطفل على قصصهن ومعاناتهن. وتتجاور اعتبارات التحفظ مع خشية الوقوع في بعض المحاذير غير المرغوب في وقوعها، والتي يقف على رأسها الإساءات التي يمكن أن تلحق بدور الحماية من قبل الجاهلين أو من أصحاب الدوافع من ذوي الخلفيات الفكرية أو الشخصية، وما يمكن أن يطال دورها ووظيفتها الذي لا يمكن الاستغناء عنهما. لذا كان من المفضل أن نبتعد "بمحور" وبغيره من بيوت الأمان عن التداول، وهو ما يمكن اعتباره كاجتهادات أو انطباعات أو إسقاطات وتقديرات لردود الفعل المفترضة لدى الرأي العام.
نحن إذن أمام وضعين بخصوص بيوت الحماية: إما وإما، إما أن نبقي رؤوسنا بالرمال، ونتناقل همسا ما يجري في المجتمع، ونثرثر حول ما تتعرض له النساء من إساءات وانتهاكات لحقوقهن وإنسانيتهن. عنف يترك بصماته على واقع ومستقبل ضحاياه وأسرهن، للدرجة التي يصل فيها إلى حد القتل، والذي معه تتحول القضية والمشكلة إلى جريمة أو فضيحة، وتصبح الفتاة الضحية إما جثة هامدة أو هاربة وطريدة. ويصبح أفراد الأسرة جناة يدورون في دوائر الحرام والعنف والخوف، ناهيك عن انعكاساته على امتدادات الأسرة.
أو الخيار الثاني، أن نقف أمام الواقع المعاش، دون أن نتجاهل ما يجري خلف الأبواب المغلقة، وأن نواجه مشاكلنا مباشرة دون مواربة، والتباحث بوضوح وصراحة حول مشكلة العنف ضد المرأة، سواء العنف المجتمعي، أو العنف العائلي داخل نطاق الأسرة، وهو العنف الأوسع انتشارا واتساعا وخطورة، سواء العنف النفسي أو الجسدي أو الجنسي الذي يطلق عليه "سفاح القربى"، والأخير هو العنف الأكثر تعقيدا وخطورة، وهو الأصعب في تناوله ومعالجته، وذلك بسبب تأثر أطراف عدة بانعكاساته وخاصة لدى انكشافه، لأن خروج الضحية عن صمتها سيستدرج عنفا جديدا. وهو خطير أيضا في حال استسلمت الضحية والتزمت الصمت، وهذا ما يجري عادة للفتيات اللواتي يتعرضن لسفاح القربى، وغالبا ما يصمتن خوفا من الإدانة التلقائية ومن العنف الانتقامي. خطورة العنف الأسري تتمثل بأنه يعتبر شأنا أسريا لا يمكن التدخل به، وبسبب عدم وجود قانون فلسطيني للعقوبات الذي يلحظ توفير حماية فاعلة