بلال القصّاص يكتب: اصطفاف أم إضعاف

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
بلال القصّاص يكتب: اصطفاف أم إضعاف


(12/16/2014)

اصطفاف أم إضعاف

منذ نشأة جماعة الإخوان المسلمين في أوائل الربع الثاني من القرن العشرين حاولت الجماعة والقوى الوطنية الأخرى التعاون أكثر من مرة لتحقيق أهدافًا وطنية غير مختلف عليها.

لكن سرعان ما تنشأ الخلافات وتخرج الجماعة من هذا التعاون.

والسؤال لماذا لم ينجح تعاون الإخوان مع غيرهم؟ وما هي أسباب خروج الإخوان الدائم من هذه التعاونات؟

الإجابة منذ البداية واضحة. فالإخوان منذ نشأتهم حددوا أهدافهم التي يرغبون في تحقيقها أيًّا كانت الضغوط والأحداث.

وأرجعوا نظامهم إلى الإسلام وأسلمة المجتمع، بينما اتفق الآخرون ضمنيًّا ضد الإسلام وعلمنة المجتمع. وهو ما يعرف الآن بمعركة الهوية. وهما طريقان متضادان لا يمكن بأي حال من الأحوال الجمع بينهما.

لذلك طالما خرج الإخوان من التحالفات الماضية والحاضرة والمستقبلة إن بنيت على نفس الأسس. فحتى انقلاب يوليو 1952م لم يكن هناك فصيل إسلامي آخر على الساحة غير الإخوان المسلمين.

ثم تطورت الأحداث خلال حكمي السادات ومبارك بعد خروج الإخوان من السجون وعودتهم للساحة مجددًا لتظهر قوى إسلامية أخرى تبنى معظمها العنف وتبنى آخرين نزع الإسلام من مضمونه وتهميش دوره.


وفي بدايات الثورة في 25 يناير 2011م تعاون الإخوان مع غيرهم من القوى الأخرى لإسقاط النظام. حيث كان هدف الجميع إسقاط النظام فلم يحدث اختلاف حتى خلع مبارك في 11 فبراير 2011م.

إلا أن الثورة المضادة كانت أكثر دراية بمن يخلف النظام إذا سقط فعليًّا. فجهزت نفسها منذ البداية لمواجهة الإخوان وحدهم. فالآخرين لديهم ما يكفي من الخلافات مع الإخوان لمواجهتهم.

لأن الخلاف بينهم وبين الإخوان اختلاف محوري؛ اختلاف على هوية المجتمع. وبالتالي فهم في مواجهة دائمة مع الإخوان وإن أظهروا في بعض الأوقات عكس ذلك.

وكان على الثورة المضادة أن تلجأ حتمًا إلى عنصر آخر لإفشال المشروع الإسلامي من داخله فاستعانت بالسلفيين والمنشقين من جماعة الإخوان قديمًا وحديثًا. لتكون محاربة الإخوان داخلية –من داخل المشروع الإسلامي- وخارجية.

فكان أول أفعال العسكر عقب خلع مبارك كسب قضية حزب الوسط المنشق عن جماعة الإخوان والمحدد لها جلسة 19 فبراير وهي جلسة محددة سابقة فاستغلها العسكر لكسب تأييد غير مباشر لهم من الوسط وبالتالي كسب فصيل في المواجهة المتوقعة الحدوث.

فظلت خلافات الوسط مع الإخوان قائمة حتى قبيل إعلان فوز الرئيس مرسي ثم فهم الوسط ما حدث فانضم إلى صفوف الإخوان مرة أخرى.

ثم كانت الأحداث التي أكدت رؤية الثورة المضادة في مواجهة الإخوان المسلمين والتي تمثلت في مسارين للتخلص من الثورة وعلى رأسها الإخوان.

المسار الأول الانقلاب العسكري إذا ما وصل الإخوان للحكم. المسار الثاني: تقويض الثورة وجذبها في صالح الثورة المضادة والرجوع لحالة تشبه حالة ما قبل يناير وإذا ما فشلت فهي في كل الأحوال تدعم المسار الأول الذي لابد من حدوثه.

فكانت أحداث استفتاء مارس وأحداث ماسبيرو في أكتوبر ووثيقة السلمي وأحداث محمد محمود نوفمبر 2011م تلتها أحداث انتخابات مجلسي الشعب والشورى أواخر 2011م وأوائل 2012م ثم مذبحة بور سعيد فبراير 2011م والانتخابات الرئاسية منتصف 2012م.

ثم تجهيز انقلابًا ناعمًا في يونيو 2012م بحل مجلس الشعب ثم الإعلان الدستوري المكمل قبل الإعلان عن نتيجة انتخابات الرئاسة مؤثرة بالفعل على الثورة.

ثم ما حدث في فترة الرئاسة من رفض للتعاون بل وحتى الحوار مع مؤسسة الرئاسة والإخوان عامة حتى الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م.

والذي استطاع فيه العسكر تجميع كل القوى المناهضة للإخوان لكسرهم بعد أن تم شحنهم أكثر من ذي قبل في 30 يونيو 2013م ليركن في انقلابه إلى شرعية الشارع والتي طالما اعتمد عليها الإخوان في المواجهة.

لذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال الاصطفاف مع خصم أشد ضراوة من الخصم المعلن لأنه سيكون طعنة في ظهر الإخوان خاصة والمشروع الإسلامي وهوية المجتمع عامة.

فقد أثبتت التجارب فشل التعاون مع القوى العلمانية والليبرالية أكثر من مرة منذ نشأة الجماعة وحتى الآن.

وهم أعلنوا أكثر من مرة عدم قبولهم الحوار أساسًا مع الإخوان. فبالتالي الحديث عن اصطفاف ما هو إلا إضعاف للثورة. فمن يصطف معه الإخوان إذن؟!

كان تحالف دعم الشرعية منذ نشأته موفقًا فقد ضم كل القوى المؤيدة لهوية المجتمع وللمشروع الإسلامي.

بينما ضم تحالف الانقلاب العسكري كل القوى الراغبة في علمنة المجتمع ورفض المشروع الإسلامي وبالتالي يجب أن يظل تحالف دعم الشرعية قائمًا لأن تحالف الانقلاب قائم في مواجهة المشروع الإسلامي.

فعلى الإخوان الوصول إلى اتفاق في الرؤية مع باقي شركاء التحالف.

فمؤخرًا خرجت قوى أخرى من التحالف ولم يبق في التحالف حتى الآن سوى الإخوان -وهي القوى المسيطرة عليه بالطبع- والجماعة الإسلامية وأحزابها وبعض الأشخاص المنضمين بصفتهم الشخصية لا بصفتهم الحزبية. فعليهم التوصل مع من خرج في الخلافات الأخيرة أيًّا كان سببها.

والوصول إلى حل يرضي الجميع. صحيح أن القوى المنشقة عن التحالف ليست لها نفس قوة الإخوان بل هناك من ليس له في الواقع إلا أفراد معدودة وهناك من ليس له مؤيدين أصلًا؛ لكنها مؤثرة على المجالين الإعلامي والسياسي بل ولها أثر سلبي على مؤيدي الإخوان أنفسهم.

والأفضل أن يترك التحالف الجميع يعمل كل حسب رؤيته لكسر الانقلاب.

بينما يتم التجمع لرؤية واحدة يتبناها التحالف لكسر الانقلاب والعمل فيما بعد زواله إن شاء الله.

فلا يمنع أحد أعضاء التحالف الآخرين من عمل ما مهما حدث.

فالكل يعمل طالما أنه يدخل في الرؤية العامة للتحالف.

المصدر