بعد انتهاء الانتخابات: أي ملفات ساخنة تنتظر اللبنانيين؟
بقلم : فادي شامية
لأسابيع أربعة خلت، أنست الجولات الإنتخابية اللبنانيين ما ينتظرهم من ملفات ساخنة وخطيرة، بعضهم فرح بنصر انتخابي، وبعضهم لحقت به الهزيمة أو داست عليه المحادل، ومنهم من رأى في المعركة انغماسا في جو غير سليم ففضل الإستنكاف عن المشاركة، لكن جميع القوى تبقى معنية بالملفات الساخنة التي تنتظر لبنان، سواء في ذلك من تمثّل في الندوة البرلمانية أم لم يتمثل، وسواء جاء تمثيل من نجح متناسبا مع الحجم الحقيقي له أم لا، فالكل معني بالملفات التسعة التالية:
1- رئاسة البلاد: لقد بات واضحا أن الرئيس لحود الذي سعى إلى التمديد، غير مستعد للتفريط فيما تبقى من ولايته، وهو أصلا ليس من النوع الذي يرضى بالتنازل بهذا الشكل، سيما أنه ُوجد من يدافع عن موقعه، لذا سيبقى لحود متربعا في قصر بعبدا ولو كان بقاؤه في الحكم سيشكل موضوعا للتجاذب السياسي الحاد، وبالمقابل سيبقى جنبلاط مدعوما من الحريري يطالب بـ"انقلاب كلي" يطيح بلحود، وطالما أن الأجواء قد ازدادت طائفية بعد الإصطفاف الذي شهدته البلاد أثناء الانتخابات الأخيرة، فمن غير المرجح أن يقبل المسيحيون بإهانة موقعهم الأول، وسيكون أمام الرافضين لوجود لحود المخاطرة بإغضاب الشارع المسيحي إذا ما أرادوا السير بتعديل المادة 49 من الدستور للتخلص من لحود والأتيان بغطاس خوري او غيره من المرشحين لرئاسة الجمهورية، وإذا لم يفعلوا، فعليهم حينئذ التعايش النكد مع خصمهم لحود لغاية 23-11-2007، وأن يذكّروا دوما بمساوئه، لعل المرجعية الدينية والسياسية المسيحية تغير موقفها من الموضوع.
2- تشكيل الحكومة: من الآن وحتى أول افتراق سياسي، سيبقى الشيخ سعد الحريري ممسكا بأكبر كتلة نيابية تخوّله تقّلد رئاسة الحكومة أو ترشيح من يراه مناسبا لهذا الموقع، لكن المعركة ليست هنا وإنما في شكل الحكومة التي لن تكون لحودية بالتأكيد، الأمر الذي سيسمح بقيام تنافر سياسي بينها وبين رئيس البلاد سيلجأ معه إلى الامتناع عن التوقيع على القوانين والمراسيم، ما يفتح الباب للحديث عن أزمة حكم. الشق الآخر من هذا الملف يتعلق بالقوى التي ستشارك في الحكومة وما إذا كانت الدول الكبرى ستقبل بوزراء من حزب الله إذا ما قرر الحزب المشاركة، إضافة إلى موقف الذين أفرزتهم أو أطاحت بهم الانتخابات، حيث من المرجح أن تنشأ جبهة معارضة تضم العماد عون إلى الوزير فرنجية، والرئيس كرامي، والامير طلال أرسلان وآخرين.
3- ضبط الوضع الامني: رغم عمرها القصير، فقد وقعت جريمتا اغتيال في عهد حكومة ميقاتي -سمير قصير وجورج حاوي- ، حتى بات السياسيون قبل المواطنين يعتقدون بأن لائحة الإغتيالات والتفجيرات لن تنتهي قريبا، على الرغم من التغييرات التي أحدثها الوزير السبع المقرب من تيار الحريري في الأجهزة الامنية بعد إقالة قادتها، ما يشير إلى صعوبة التحدي الأمني وتبعاته الإقتصادية والسياسية.
4- الوضع الإقتصادي: الأحداث الأمنية والتجاذبات السياسية المستمرة تلقي بثقل كبير على الوضع الإقتصادي الذي يقاوم الإنهيار الكامل منذ مدة بنجاح، لكن استمرارهذه المقاومة أمر غير مرجح في الأشهر القادمة، لا سيما إذا ما ضاع الموسم السياحي هذا العام بفعل الهاجس الأمني، وكذلك إذا ما ربطت الدول المانحة مساعداتها بشروط لا يقوى لبنان على تنفيذها حاليا - كما رشح عن اجتماع باريس الاخير-.
5- قانون العفو: سيكون المجلس النيابي القادم أمام استحقاق إخراج سمير جعجع من السجن بموجب قانون العفو الذي يتوقع أن يشمل موقوفي الضنية ومجدل عنجر - الأبرياء حتى تثبت إدانتهم-، وذلك تحقيقا "للمصالحة الوطنية" التي رسمها التحالف الإنتخابي بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية - المنحلة حتى تاريخه-، ومن المرجح أن يقدم المجلس النيابي على هذه الخطوة رغم اعتراض "صاحب الدم" الرئيس كرامي على إطلاق جعجع، باعتبار ان الطرابلسيين قد صوتوا لستريدا جعجع وللمصالحة مع أعداء الأمس.. وبتجاهل كرامي ستزداد حدة معارضته وسيجد بالتأكيد من يتعاطف مع بيته السياسي "المهدد بالإقفال"، ومن المرجح أن تعبّر هذه الحالة عن نفسها في ملفات ومواقف عدة.
6- القانون الإنتخابي الجديد: مع تناوب جميع الافرقاء على انتقاد قانون ال2000 سيء الذكر وتبنيهم أولوية إقرار قانون انتخابي عادل في بداية عمر المجلس النيابي، فإن حسم التقسيمات الإنتخابية لهذا القانون ليس بالامر السهل، ومن المتوقع يتثير خلافات وانقسامات في الكتل النيابية تدفع إلى تأجيل الموضوع لحين صدور قانون جديد للتقسيمات الإدراية، وقانون أحزاب، وصولا إلى قانون انتخاب ربما يعتمد النسبية هذه المرة. المرجح أن يُفتح الملف عقب انتخاب نبيه بري لولاية جديدة للمجلس النيابي، لكن ملف القانون الإنتخابي لن يقفل إلا بعد فترة طويلة من التجاذب السياسي داخل المجلس وخارجه.
7- سلاح المقاومة: هو الملف الأصعب والأخطر، فحزب الله حسم أمره "بقطع كل يد تمتد إلى سلاح المقاومة"، غير مكترث بالموقف الدولي المصروالضاغط على حلفائه في لبنان باتجاه نزع سلاح المقاومة، وإذا كانت كل القوى في لبنان تتحفظ عما ورد في القرار 1559 بشأن سلاح حزب الله - علنا على الاقل- فإن العماد عون يجاهر بدعوة الحزب تسليم سلاحة للجيش اللبناني، وفي ظل أزمة في العلاقة بين عون وحزب الله، فمن غير المستبعد ان يأخذ الموضوع بعدا طائفيا وأن يتحول إلى صراع قد لا يقتصر على المعارك السياسية.
8- سلاح المخيمات: ملف خطير أيضا وهو مرتبط بما سبقه، وقد أشار إليه القرار 1559، غير أن التساهل الذي أبداه المسؤولون الفلسطينيون الذين زاروا لبنان أخيرا يفتح الباب بقوة للحديث عن صفقة تقضي بسحب السلاح غير الفردي مقابل تحسين أوضاع الفلسطينيين وإعادة النظر بقانون منعهم من التملك والعفو عمن لم يرتكب جرائم تمس بالامن القومي منهم، لكن الخطر في الموضوع أنه سيفتح الباب مجددا للحديث عن التوطين، في ظل معلومات تشير إلى مشروع اميركي لتوطين 150000 فلسطيني، ومنح البقية جوازات سفر إلى كندا أو اروبا، وتجنيس عدد مماثل من المهاجرين المسيحيين ذوي الاصول اللبنانية، منعا لإحداث خلل طائفي، مقابل إعفاء لبنان من بعض ديونه، والمشروع سواء تم أم لا فإنه سيكون ملفا ساخنا في المرحلة القادمة.
9- تطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف: ستكون أول نذر المطالبة بتعديلات دستورية متزامنة مع معركة رئاسة المجلس النيابي، وهي ستفتح الباب للحديث عن تطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف لا سيما ما يتعلق بتشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية استنادا إلى المادة 95 من الدستور، وما يترافق معها من حديث عن مجلس شيوخ برئاسة شخصية درزية.
وفي ظل المستجدات الكثيرة هذه الايام، يبدو أنه من الاحوط أن نترك مجالا لملف عاشر قد يستجد في الأيام والأسابيع القليلة القادمة، خصوصا بعدما أصبحت الحرية والسيادة والاستقلال في عهدة غير اللبنانيين أكثر مما هي بيدهم.
المصدر
- مقال:بعد انتهاء الانتخابات: أي ملفات ساخنة تنتظر اللبنانيين؟موقع:الشبكة الدعوية