بعد الحرب : حزب الله أكثر تمسكاً بسلاحه والمواجهة القادمة مسألة وقت

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
بعد الحرب : حزب الله أكثر تمسكاً بسلاحه والمواجهة القادمة مسألة وقت


بقلم : فادي شامية

بالطبع لم يحقق الجيش الإسرائيلي أهدافه التي أعلنها قبيل عدوانه على لبنان، فالدولة العبرية كانت قد شنت الحرب لإجبار حزب الله على تسليم الأسيرين وتدمير قدرته الصاروخية، وتالياً نزع سلاحه، وغير خافٍ أن ذلك لم يتحقق، فالأسيران لن يعودا إلا بتبادل غير مباشر، والقدرة الصاروخية لحزب الله ظلت صامدة لآخر لحظة، وإذا كانت "إسرائيل" قد فشلت في تحقيق أهدافها عسكرياً، فإن موازين القوى المختلة دولياً مكنتها من انتزاع قرار يمكن أن يحقق لها بعضاً من هذه الأهداف، لجهة خلق منطقة عازلة وإعادة أسيريها وتفكيك حزب الله كجهاز عسكري، لكن حتى الآن لا يبدو أن ثمة منطقة عازلة ستخلق في جنوب لبنان، كما أن حزب الله ليس بوارد تسليم سلاحه كما يبدو، وهذا يعني أن ثمة مواجهة قادمة تلوح في الأفق، والأرجح أنها ستكون أكثر ضراوة بعدما باتت "إسرائيل" تعتبر حزب الله خطراً استرتيجياً عليها.

الموقف في "إسرائيل"

ثمة وقت تحتاجه "إسرائيل" لدراسة ما حصل، فقد فشلت أجهزة استخباراتها في تقدير مدى قدرة واستعداد حزب الله، كما فشلت الفرق النخبوية في الميدان، المواجهة لم تكن كلاسيكية، لكنها لم تكن أيضاً مع رجال عصابات من الثوريين الهواة، وتجربة حزب الله القتالية باتت الآن قابلة للتعميم إذا توفرت لها الأرضية الملائمة، إذن لا بد للجيش الإسرائيلي من الإقدام على أخذ قرار نهائي وحاسم كي يضمن أمن دولته، وقابليتها للحياة.

لا شك أن تراجع "الكفاية السياسية والعسكرية الاسرائيلية" سيترك آثاره في الداخل، لقد بدت "إسرائيل" ألعوبة بيد أميركا، فيما بدا جيشها عاجزاً عن تحقيق إنجاز عسكري رغم تمديد الوقت الممنوح له. تداعيات ذلك لا بد أن تظهر قريباً، فأولمرت قد لا يستمر، ستلاحقه لجنة تحقيق حول ما حققته الحرب التي أعلنها، وهو في أحسن الأحوال سيفقد الكثير من شعبيته في كيان لم يعتد على الهزيمة حتى ظن أن الحرب تعني النصر دوماً، وهو على كل حال مجتمع يحاسب بشدة، على عكس المجتمعات العربية للأسف.

سوابق المحاسبة في المجتمع الإسرائيلي كثيرة، فغولدا مائير دفعت ثمن هزيمة حرب العام 1973، وبيغن وشارون دفعوا ثمن حرب 1982 وفضيحة صبرا وشاتيلا رغم الانتصار الإسرائيلي، وإيهود باراك دفع ثمن تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية وفشل محادثات طابا عام 2000، فكيف بالحال اليوم وقد خرج الجيش الإسرائيلي خائباً من الميدان، رغم الثمن الباهظ الذي دفعه من جنوده وآلياته وهيبته، فضلا عن "المدنيين"؟!

الأرجح أن تكون المحاسبة قوية وأن يتصرف قادة "إسرائيل" الجدد على أساس شعور "الأسد الجريح"، وسيكون موضوع القضاء على حزب الله والدول الداعمة له موضوع المزايدات الأول في ظرف دولي يبدو الآن مواتياً.

سلاح حزب الله: مثار الجدل في لبنان

في لبنان علامات نصر ترفع، وشعور بالكرامة والعز رغم الثمن الباهظ جداً، لكن كما في "إسرائيل" فإن "الجبهة الداخلية" ليست على مايرام، والعنوان هو سلاح حزب الله ما بين مؤيد لبقائه ورافض "لتحوله أداة أقليمية يصبح معها لبنان مجرد ساحة للصراع". من الواضح أن هذا الاختلاف سيتصاعد بشدة في الأيام والأسابيع القادمة على ضوء القرار 1701، وقد يصل إلى مستويات خطيرة علىالوضع الداخلي الهش، سيما إذا أخذ أبعاداً طائفية أو مذهبية. المجتمع الدولي سيضغط بشدة، وثمة قرارات دولية وافقت عليها الدول المؤثرة كما الدول العربية والإسلامية. اللاعبون الأساسيون والداعمون لحزب الله لن يدخروا جهداً لاستثمار صمود حزب الله في المواجهة الأخيرة، وكل ذلك سيضغط على مجتمع لم يتعاف بعد من جراحات الحروب والفتن المتكررة.

وضوح مواقف الأطراف الفاعلة في لبنان سيميز المرحلة القادمة، لا مجال لتدوير الزوايا بعد الآن، حزب الله أعلنها حاسمة على لسان أمينه العام في رسالته المسجلة بتاريخ 14-8-2006 بما يستبعد نزع السلاح في جنوب نهر الليطاني كما في شماله، ناصحاً بأن "لا يلجأ أحد الى الاستفزاز والى التهويل أو الضغط للاعتبارات الانسانية والاعتبارات الأمنية"، داعياً إلى قراءة تصريح وزيرة خارجية العدو من أن "أقوى جيش في العالم لا يستطيع نزع سلاح حزب الله". الرئيس بشار الأسد من جهته راح إلى دائرة التخوين الحقيقي للمطالبين بتجريد حزب الله من سلاحه عندما نعت قوى 14 آذار بأنهم قوى 17 أيار. بالمقابل فإن أقطاب 14 آذار بدأت تتحرك "لثورة جديدة" "للحفاظ على لبنان" كما تقول مصادرهم، ويبدو أن رأس الحربة ستكون الزعيم الدرزي وليد جنبلاط كما هي العادة.

إزاء كل ذلك فالوضع يبدو أنه يتجه إلى صراع داخلي، إما أن يسيطر فيه حزب الله بالتعاون مع حلفائه على القرار السياسي في لبنان، توصلاً إلى حماية سلاح المقاومة والإبقاء عليه، وهذا معناه بالضرورة تجدد الحرب مع العدو الإسرائيلي بدعوى رفض "وجود ذراع إيرانية – سورية" على حدود كيانه الشمالي، وإما أن يقدم حزب الله تنازلات بشأن سلاحه التي بات موضع تمسك المسلمين الشيعة وكثير من الطوائف الأخرى للتوصل إلى تسوية يمكن لباقي الفرقاء اللبنانيين أن يعتبروها إنجازاً، وبين هذا وذاك قد تنهار الوحدة الوطنية الهشة منذرة بما لا تحمد عقباه.

المصدر