ايات الله في سقوط الطغاة (2/2)
بقلم : خميس النقيب
البر لايبلي ، والديان لايموت ، وكما تدين تدان ، والجزاء من جنس العمل ، وما ربك بظلام للعبيد ، سنن الله لا تتبدل بتبدل الاحوال ولاتتغير بتغير الايام ولاتتحول بتحول الانام ، وانما هي ثابتة ثبات الجبال الراسيات ، باقية بقاء الارض والسوات ، مستمرة استمرار الكواكب في المجرات ، من هذه السنن العظيمة أن الجزاء من جنس العمل " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" ( الاعلي ) وهي سنن يجب ان تكون زجرا للظالمين ومواساة للمظلومين ، فلو استحضر الظالم الباغي الطاغي عاقبة ظلمه وأن الله عز وجل سيسقيه من نفس الكأس عاجلا أو آجلا لكف عن ظلمه وتاب إلى ربه وأناب الي خالقه ، ولعل هذا المعنى هو ما أشار إليه سعيد بن جبير رحمه الله حين قال له الحجاج اختر لنفسك أي قتلة تريد أن أقتلك ، فقال : بل اختر أنت لنفسك يا حجاج ؛ فوالله لا تقتلني قتلة إلا قتلك الله مثلها يوم القيامة..!! فجزاء العامل من جنس عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشرا
َهذا رجل رجلٌ كان له أبُ قد بلغَ من الكبر عتيا، وقام على خدمته زمناً طويلا ثم مله وسئم منه ، فما كان منه إلا أن أخذه في يومٍ من الأيامِ على ظهر دابةٍ، وخرجَ به إلى الصحراْء ويوم وصل إلى الصحراء قال الأبُ لأبنهِ يا بني ماذا تريدُ مني هنا ؟ قال أريدُ أن أذبحَك، لا إله إلا الله ابنٌ يذبحُ أباه فقال أهكذا جزاءُ الإحسانِ يا بني قال لا بد من ذبحِك فقد أسأمتني وأمللتني قال إن كان لابدَ يا بني فاذبحني عند تلكَ الصخرة ِ قال أبتاه ما ضركَ أن أذبحك هنا أو أذبحك هناك ؟ قال إن كان الجزاءُ من جنسِ العمل فاذبحني عند تلك الصخرةِ فلقد ذبحتُ أبي عندها ولك يا بنيَ مثلُها والجزاءُ من جنسِ العمل، وكما تدينُ تدان، ولا يظلمُ ربكَ أحدا ..
ابراهيم عليه السلام : قام بدين الله عز وجل خير قيام فقدم بدنه للنيران وطعامه للضيفان وولده للقربان ، و لما صبر على البلاء في ذات الله عز وجل وألقاه قومه في النار كان جزاؤه (قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ" (الانبياء:69 من جنس عمله "
ولما سلم قلبه من الشرك والغل والأحقاد كان جزاؤه من جنس عمله " سَلامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ "( الصافات )
ولما هاجر وترك أهله وقرابته ووطنه أسكنه الله الأرض المباركة ، ووهب له من الولد ما تقر به عينه”وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ . وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ " (الأنبياء:71-72) ولما بنى لله بيتا في الأرض يحجه الناس رآه النبي صلى الله عليه وسلم مسندا ظهره إلى البيت المعمور قبلة أهل السماء الذي يطوف به كل يوم سبعون ألف ملك ، ولما صبر الخليل عليه السلام على تجريده من ثيابه على يد الكفار كان جزاؤه من جنس عمله فإن : " أول من يكسى من الخلائق يوم القيامة إبراهيم " . كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم
و في المقابل كان فرعون موسي يتطاول علي الناس ، ويتفاخر بان له انهار تجري من تحته " اليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي " فكان مصيره الغرق والجزاء من جنس العمل... وفي العصر الحديث كذلك هناك ايات لله في مصير الطغاة ، طغاة اليوم وكل يوم في تونس الخضراء : بن علي كان ينفي خصومه خارج البلاد ، كان يخرج الاسلاميين من وطنهم لا لشيء الا ان يقولوا ربنا الله ، يريدون الالتزام بمنهج الله ، الاّن اين مصيره نفاه الله واخرجه الله مطرودا هاربا ، لكنه اذا فر من عدالة الارض لكن اني له ان يفر من عدالة السماء يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتي الله بقلب سليم ..!!
وفي مصر الكنانة : كان المخلوع يتلذذ بوضع خصومه في السجون وخاصة الاسلاميين ، وكان وزير داخليته واولاده وبطانته ينفذون الامر في لمح البصر ، وكانت المحاكم العسكرية من اختصاصه هو ، حتي وصل عدد المعتقلين في فترة من الفترات ما يربو علي ثلاثين الف بين اختطاف واعتقال – وكنت احد هؤلاء المختطفين في شوري 2011 ...!! والله يمهل ولا يهمل
اين هؤلاء الاّن ..!! في المعتقلات قيدهم الله كم قيدوا غيرهم ، وسجنهم الله كما سجنوا خصومهم ، وسقاهم الله من نفس الكاس الذي سقوه للناس ، وكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل ..!! هل يتعلمون ؟ هل يعودون ؟ هل يتوبون ؟ عليهم ان يعيدوا حقوق البلاد والعباد اولا..!! هل يستطيعون حصرها او حصر اصحابها ؟! ليتهم يفعلون والا ..." ان ربك لبالمرصاد "( الفجر )
وفي ليبيا المختار: كان القذافي يقتل خصومه خاصة الاسلاميين منهم ، كانت له كتائب تنفذ ذلك ، كانوا اذا احسوا بفلان يلتزم او يدعوا الي السنة او الي شمولية الاسلام يرصد ثم يعدم ، فضلا عن الجرم الاكبر الذي ارتكبوه في نهاية المطاف في مصراته وسرت ، اغتصاب امام اعين المحارم ، مما جعل الثوار يعاجلونه بالقتل ، فكان القتل مصيره ، وشرب من نفس الكاس ، وانا اذكر اني رايته وهو ينزع نقاب امراة علي اليوتيوب ، فلم استغرب لما رايته جثة عارية بعد القتل ، رغم ان الاسلام يحرم التمثيل وانا بدوري اكره ذلك ولا احبه ، وإنما الجزاء من جنس العمل، ولا يظلم ربك احدا...!!
وصدق الله " مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً" ( النحل:97)
وفي المقابل" فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ"( القصص : 84) ...هل يتعلم الطغاة كل الطغاة اليوم وكل يوم ..!! هل يتعلم ذيول الطغاة من الفلول الذين يظنون ان لديهم حلول .!! هل يتعلم اهل الباطل وذوي الفساد والافساد الذين يقبعون في الهيئات والمؤسسات والنقابات وغيرها ..!! انها دروس علي الطريق ..!! انها ايات الله في سقوط الطغاة ...!! فكن عبدا لله ولا تكن من الطغاة ..!!
كن طائعا ولا تكن عاصيا لله ..!! اصحب معية الرحمن ولا تسلك طريق الشيطان ..!! كن عونا لعباد الله ولا تكن ظلا يوما لطاغية من الطغاة ...!! اللهم ابرم لهذه الامة امرا يعز فيه اهل طاعتك ويذل فيه اهل معصيتك ، اللهم اعزنا بطاعتك ولا تذلنا بمعصيتك ، اللهم تول امرنا ووحد صفنا واجمع كلمتنا ، و اجمل خلاصنا ، اللهم ، اللهم سَدِّدْ خُطانا إليك، شرِّفنا بالعمل لدِينك، ووفِّقنا للجهادِ في سبيلك، وغيِّر حالَنا لمرضاتك، امنحْنا التقوى، واهدْنا السبيل، وارزقنا الإلهامَ والرشاد، اقبل توبتنا واغسل حوبتنا و احسن ختامنا اللهمَّ ارزُقْنا الإخلاص في القوْل والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبر همِّنا، ولا مبلغ عِلْمنا، وصلِّ اللهمَّ على سيدنا محمَّد وعلى أهله وصحْبه وسلِّم، والحمدُ لله ربِّ العالمين.
المصدر
- مقال:ايات الله في سقوط الطغاة (2/2)موقع:الشبكة الدعوية