انتخابات الجنوب: حالات اعتراض واسعة.. وتوافق يذهب أدراج الرياح!
بقلم: الأستاذ وائل نجم
المحطة الثالثة من الانتخابات البلدية والاختيارية ستكون في محافظتي الجنوب والنبطية، والميزة التي تطبع هذه المرحلة، التحالف الثنائي بين حركة امل و«حزب الله» في البلدات الشيعية، والتنافس الحاد في مدينة صيدا، عاصمة المحافظة، والمعركة القوية، لإثبات مرجعية مدينة ومنطقة جزين بين القوى المسيحية، والتوافق الذي يحاول ان يفرضه الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الديمقراطي اللبناني على البلدات الدرزية، فيما تبقى البلدات السنية في العرقوب محط انظار الكثيرين لمعرفة المكان الذي سيكون فيه قرار هذه المنطقة.
وبين هذه وتلك من المناطق تبرز حالات اعتراض قوية، فيما تذهب بمساعي التوافق التي تبذل في اكثر من مكان ادراج الرياح.
فمن مدينة صيدا عاصمة الجنوب والمقاومة انهارت مساعي التوافق التي برزت وكادت تصل إلى حدود اتمام وانجاز تفاهم يجنّب المدينة تنافساً انتخابياً حاداً, ويعود السبب في ذلك ابتداءً إلى الموقف الذي اتخذه النائب السابق اسامة سعد، الذي رفض فيه التشكيلة التي اعلنها الرئيس التوافقي محمد السعودي، حيث اعتبر سعد أن التشكيلة لا تلبي طموحات ابناء صيدا، فضلاً عن انها بنظره مشكّلة من اغلبية لصالح «تيار المستقبل» في المدينة، وهذا ما اعلنه النائب السابق سعد، إلا ان حساباته كانت في مقلب آخر.
حيث اعتبر مجرد التحالف مع «تيار المستقبل» ضمن لائحة وصيغة ائتلافية سيلغي دوره تدريجاً، ويهمشه في المدينة لأكثر من ست سنوات، وهو الذي قد خسر العام الماضي المقعد النيابي، ما يعني ان شعبيته على مدار السنوات الست التي لن يشغل فيها اي موقع ستتدنى إلى اقصى حد، ومن هنا فضّل العودة إلى خيار المعركة حيث سيتيح له ذلك شد عصب جمهوره من جديد، ويعطيه فرصة لانتقاد المجلس البلدي المقبل، لأنه يدرك تماماً ان معركته خاسرة بكل المقاييس.
أما الجماعة الإسلامية فظلت على موقفها من الرئيس التوافقي، ورفضت التدخل في اختيار الاسماء التي قدمتها، وبالتالي ظلت على تحالف مع السعودي، ما ضمن لها حضورها في المجلس البلدي ، وبالتالي فالمعركة الآن باتت تجمع خلف السعودي التوافقي كلاً من الجماعة الإسلامية و«تيار المستقبل» والعائلات.
في جزين معركة حادة، ولكن من نوع مختلف، حيث يحاول فريق التيار الوطني الحر اثبات مرجعيته لهذه المنطقة لتأكيد نتائج الانتخابات النيابية السنة الماضية، ولتعويض ما خسره التيار في بلديات الجبل، إلا انه يصطدم بإصرار من عائلات المنطقة، ومن التيار المنافس، لذا فمدينة جزين ومنطقتها ستذهب إلى تنافس انتخابي حاد لإثبات مرجعية المدينة.
في بقية مدن الجنوب الشيعي وقراه وبلداته، أحكم التحالف الثنائي بين حركة امل و«حزب الله» قبضته على هذه المدن والبلدات ضمن تسويات وزعت المدن والبلدات الشيعية بين مرشحي الحزب والحركة، ما جعل البعض يتحدث عن استفتاء عام على هذا الخيار الذي أُخرج هذه المرة عن سياق الحديث عن المقاومة، حتى لا يتهم الذي ينافس هذا التحالف بالعداء للمقاومة وبالعمالة للكيان الصهيوني، ما يضمن ارضية غير مريحة للمقاومة، بل معادية ومخاصمة لها، وخاصة في ظل التهديدات «الاسرائيلية».
إلا ان هذا الاستفتاء اخذ يتحول إلى حالة اعتراض في العديد من المدن والبلدات الجنوبية، وبالتالي إلى حالة من التنافس الحقيقي على المواقع البلدية في اكثر من مكان ومن موقع، بل وأحياناً إلى تنافس ضمن الاطار الحزبي الواحد، مع تسجيل حالات امتعاض وتمرد في العديد من البلدات الجنوبية على هذه الثنائية التي الغت في اماكن عديدة دور العائلات حسب اعتقاد الكثيرين.
ففي مدينة بنت جبيل سجلت حالات اعتراض واسعة استدعت تأليف لائحة منافسة للائحة امل و«حزب الله»، وفي بعض البلدات الجنوبية في اقضية بنت جبيل وصور النبطية سجلت حالات اعتراض داخل صفوف الحركيين وحتى ضمن جمهور «حزب الله» وأنصاره، ما استدعى اتخاذ قرارات فصل في حق بعض القياديين في حركة امل الذين وجدوا من حولهم جمهوراً واسعاً يشاطرهم الرأي.
في قضاء حاصبيا حيث البلدات الدرزية، حصل التمرد على التوافق الجنبلاطي الارسلاني في مدينة حاصبيا وسجلت اهم حالة اعتراض من خلال اصرار رئيس بلدية حاصبيا السابق امين شمس على تشكيل لائحة في مواجهة التحالف الثنائي الجنبلاطي الارسلاني، وهي تحظى بثقة واسعة عند الاهالي، فضلاً عن التململ الحاصل في كل قرى قضاء حاصبيا من هذا التوافق الفوقي.
بلدات العرقوب السنية وهي جزء من قضاء حاصبيا، الصورة مختلفة فيها، حيث تدور المعركة الحقيقية التي تختفي خلف العائلات على الامساك بقرار هذه المنطقة التي تعتبر استراتيجية نظراً لكونها اليوم تقع على خط التماس الساخن مع الاحتلال، نظراً لمحاذاتها وملاصقتها لمزاع شبعا المحتلة. فالمعركة الانتخابية عائلية بامتياز في الشكل، وسياسية بامتياز في المضمون، وخاصة لجهة الامساك بقرار المنطقة.
وهنا يحاول كل طرف من طرفي الاكثرية والمعارضة السابقتين الامساك بهذا القرار وخاصة ان نواب المنطقة، وهم من فريق المعارضة السابق انتخِبوا ضمن دائرة حاصبيا مرجعيون، اي بأصوات الاكثرية الشيعية في هذه الدائرة، ومن هنا يشتد الاهتمام عند معظم الاطراف للامساك بهذا القرار. وهنا يمكن الحديث عن هذه البلدات.
فشبعا، وهي اكبرها، تتجه الامور فيها إلى منافسة بين لائحتين رئيسيتين، الاولى ستكون مدعومة من العائلات والجماعة الإسلامية و«تيار المستقبل»، في مواجهة لائحة ثانية ستكون مدعومة من انصار النائب قاسم هاشم ابن البلدة، بينما تعمل بعض القوى السياسية الاخرى على تشكيل لائحة ثالثة غير مكتملة.
أمّا تحالف الجماعة و«تيارالمستقبل» في بلدتي كفرشوبا وكفرحمام فقد استطاع ان يضمن فوز اللوائح المدعومة منه بالتزكية، بينما تذهب الهبارية إلى تنافس انتخابي تدعم فيه الجماعة الإسلامية و«تيار المستقبل» والعائلات لائحة مكتملة في مواجهة لائحتين غير مكتملتين.
اهم ما في انتخابات الجنوب ان كل مراكز الابحاث والمتابعة والرصد الانتخابي ستتابع نتائج الانتخابات، ليس من اجل معرفة النتائج التي تكاد معروفة سلفاً، بل لمعرفة حجم القوى السياسية في كل بلدة، ولتسجيل وتوثيق حالات الاعتراض في اماكن، والحضور في اماكن اخرى من اجل البناء على هذه النتائج لمعرفة المستقبل السياسي للجنوب قبل الانماء والخدمات.
المصدر
- مقال:انتخابات الجنوب: حالات اعتراض واسعة.. وتوافق يذهب أدراج الرياح!موقع: الجماعة الإسلامية فى لبنان