النظام المصري بين الفاعل والمفعول به!
بقلم : إسلام عبد التواب
كلنا يعرف تلك القاعدة النحوية التي تبيم مكانة الفاعل والمفعول به في الجملة العربية؛ فالفاعل هو من يقوم بالفعل، أما المفعول به فهو من يقع عليه فعل الفاعل..
والنظام المصري استطاع – بجدارة - أن يبدل مكانه من محل الفاعل الذي يتخذ قراراته الحاسمة وفق مصلحة الوطن، والذي تنتظر بقية دول المنطقة – الشقيقة وغير الشقيقة، والصديقة والعدوة – تنتظر قراراته لتبني سياساتها وفق القرارات والسياسات المصرية إلى محل المفعول به الذي لا يقوى على اتخاذ قرار ما إلا بعد أن يعطي له الفاعل الإذن – والفاعل هنا معروف بالطبع -.
صار النظام مفعولاً به يشار إليه أن كُفَّ يديك عن أهم القضايا التي كنت تتولاها، وتعتبرها من صلب الأمن القومي لك، وهي كذلك بالفعل كقضية فلسطين، واستقرار السودان ووحدته؛ يشار إليه بذلك – مجرد إشارة – فيكف، ويخسر مكانته لدى الأطراف التي كانت تحترمه وتقدره، وأكثر من ذلك يصبح مهددًا داخل حدوده بفعل الصراعات التي تحيط به..
لقد خسر النظام المصري كثيرًا بقبول دور المفعول به؛ حيث اضطر – إرضاء للفاعل – أن يقف بجوار الطرف الذي يضنر له السوء في القضية الفلسطينية (جماعة عباس ودحلان) والتي تآمرت على مصر كثيرًا من واقع الوثائق، وهاجموا الوفد الأمني المصري برئاسة اللواء برهان الدين حماد نائب رئيس المخابرات المصرية السابق بشهادته هو، وعادى النظام الجهة التي تحرص على أمن مصر، وترى مصلحتها معه (حركة حماس)، وبدلا من دعمها أخذ يهاجمها، ويفرض حصارا مريرا على سكان غزة عقابا لهم على اختيارهم الديمقراطي، ثم أخذ يشوه الحركة ليخسرها، ويحسر سكان القطاع..
كما وقف النظام مكتوف الأيدي أمام التلاعب الذي يتم في السودان انطلاقا من دارفور، ثم التلاعب في دول حوض النيل..
ثم تصاغر النظام وأصبح يخوض معاركه العنيفة ليس مع العدو إسرائيل وإنما مع قناة الجزيرة القطرية، ولا أقول مع قطر، واستطاعت قطر أن تسحب البساط بقوة من النظام المصري، وأصبحت قبلة لعقد الاتفاقيات، والوساطة بين المتنازعين حتى في دارفور..
وأصبح النظام في ورطة فحتى عدما يحاول إلهاء الشعب بمباريات الفريق المصري في كأس الأمم الأفريقية؛ يجد قناة الجزيرة تملك حقوق البث!!
والآن في حلقة جديدة وليست أخيرة – يقف المفعول به في ورطة أمام فاعل جديد لا هو دولة عظمى، ولا حتى قناة فضائية وإنما هو فرد واحد اسمه محمد البرادعي، الذي عاد إلى مصر بعد 27 عامًا، ولايعرفه أحد، وبمجرد أن أعلن عن رغبته في تعديل الدستور، وترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية ارتعد المفعول به؛ وقد يكون السبب أنه لم يعرف ماذا يفعل؛ لأن الفاعل لم يعطه أوامر، ولم يُشِر له حتى مجرد إشارة..
في الواقع – ولكي نكون منصفين – فالنظام ورث هذا الوضع من السنوات التي تلت انتصار 1973؛ حيث تم تسليم مقاليد الجملة الفعلية في مصر إلى الفاعل (أميركا)، وتراجع النظام المصري إلى المفعول، إلى ثالث؛ حتى كاد يخرج من الجملة نهائيًّا..
إن قيمة مصر التي عرفها العالم طوال التاريخ تجعلها دائمًا فاعلاً من الدرجة الأولى، يرتبط الآخرون بها، ومن العار - كل العار – أن تصبح تابعة لغيرها، والنظام الذي يجب أن يتولى حكمها لابد أن يكون على نفس القدر من المكانة والقوة، والقدرة على إعادتها إلى مكانتها الصحيحة...
المصدر
- مقال:النظام المصري بين الفاعل والمفعول به!موقع:الشبكة الدعوية