المستشار عماد أبو هاشم يكتب: لحظة تاريخية فارقة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
المستشار عماد أبو هاشم يكتب: لحظة تاريخية فارقة

بتاريخ : الجمعة 03 يناير 2014

لما كان القضاء الإدارى قد جرى فى أحكامه على أن "الفقه والقضاء استقرا على أن الأعمال التى يباشرها رئيس الجمهورية باعتباره سلطة حكم وفى نطاق وظيفته السياسية تعد من أعمال السيادة، ولا تمتد إليها الرقابة القضائية تمييزا لها عن الأعمال التى يباشرها باعتباره سلطة إدارة والتى تخضع للرقابة القضائية." (الطعن رقم 30454لسنة 63 ق - جلسة 24 / 11 / 2009 )، (الطعن رقم 8165لسنـة 63 ق - جلسة 23 / 06 / 2009 ).

فإنه يضحى بذلك قرار دعوة الناخبين للإستفتاء على تعديل الدستور خارجا بذاته عن دائرة أعمال السيادة المحظور على القضاء نظرها، ذلك أن التعريف السالف بيانه وضع ضابطا لتمييز أعمال السيادة عن غيرها إذ اشترط صدورها من رئيس الجمهورية باعتباره سلطة حكم وفى نطاق وظيفته السياسية، وإذ أن الذى أصدر هذا القرار ليس هو الرئيس الشرعى للبلاد، فلم تأت به انتخابات رئاسية.

ولم يكن وجوده وليد إرادة شعبية، بل هو أداة يستخدمها انقلاب غاشم مجرم، يخالف دستور البلاد الذى وقع فى ظله والذى حظر تدخل العسكر فى الشأن العام للدولة بأى شكل من الأشكال، فكان ذلك الإنقلاب باطلا بطلانا يصل إلى درجة الإنعدام.

وأضحى كل ما ينتج عنه من آثار باطلا منعدما، وبالتالى فإن مصدر ذلك القرار لا ينطبق عليه وصف رئيس الجمهورية، بل إن وجوده - أصلا - ينسحب عليه بطلان وانعدام الإنقلاب الذى جاء به

كما أنه يفتقر إلى سلطة الحكم، لأن الشعب لم يمنحه أى سلطة لمباشرة وظيفة رئيس الجمهورية من الناحية الفعلية أو السياسية أو الرسمية، بل إنه جىء به رغما عن الإرادة الشعبية، واستند - لممارسة سلطة رئيس البلاد - إلى انقلاب لا يملك سلطة شرعية تخوله اسناد تلك الوظيفة السامية إليه، لأن فاقد الشيئ لا يعطيه، فمن أين استمد تلك السلطة التى يدعيها ؟ وأين هذه السلطة أصلا ؟ والشعب ثائر فى الميادين والشوارع ينادى برحيله ويؤثر الموت دون عودة الشرعية، من هنا يكون ذلك القرار خارجا عن دائرة أعمال السيادة.

فإذا خلصنا إلى استمرار الثورة إلى يومنا هذا، وهذا من الأمور المعلومة بالضرورة، فإن السلطة لم تخلص إلى الإنقلاب ومصدر القرار أداة من أدواته، فلا يمكن التذرع - فى هذا الصدد - بنظرية الأمر الواقع لأنها تشترط أن تخلص السلطة لمغتصبها دون منازع، لأن حماية حائز الحق تشترط أن تخلص له الحيازة فى هدوء واستقرار، والثابت أن أمر حكم البلاد لم يستقر بعد، ومازالت ثورة الشعب مشتعلة على أشدها فى الداخل والخارج، بل إن الإنقلاب لم يعترف به أكثر من خمس دول من دول العالم.

ولما كان قضاء النقض قد جرى على أنه " إذا كان القرار الإدارى قد صدر مخالفا للقانون فإن ذلك يجرده من صفته الإدارية ويسقط عنه الحصانة المقررة للقرارات الإدارية، ويكون من حق القضاء العادى أن يتدخل لحماية مصالح الأفراد مما قد يترتب عليه".

(الطعنان رقما 149/ 314لسنة56ق - جلسة199220/2/ - س43 -ج1- ص337).

فإنه لما كان القرار المطعون فيه - كما أسلفنا - صادرا من غير مختص وبالمخالفة للقانون و لا يركن إلى سند من القانون أو الواقع لانعدام ما يوجبه وانتفاء ما يبرره، وقبل ذلك كله، فإن الانقلاب لا يملك السلطة الشرعية للحكم.

وبالتالى يفتقر إلى المسوغ الذى يمكنه من إصدار أى قرار إدارى، كل هذا ينحدر بهذا القرار إلى مرتبة العدم ويجرده من أى أثر.

ويكون من حقنا إلغاؤه بالطعن عليه مباشرة لدى مجلس الدولة - وفقا للأسباب السالف سردها- ويصبح الحكم بوقفه لحين الفصل فى الدعوى واجبا لتعذر تدارك آثار تنفيذه، كما أن محاكم القضاء العادى على اختلاف درجاتها تملك التصدى له بحسبان أنه قرار ينحدر به البطلان إلى حد الانعدام، لأنه تجرد عن سمت القرار الإدارى وبات عملا ماديا تختص به محاكم القضاء العادى؛ لأنه باطل منعدم، سقطت عنه حصانة القرارات الإدارية.

إننا أمام لحظة تاريخية فارقة فى تاريخ الأمة، يضع قضاء مجلس الدولة فيها ملامح المستقبل، ويقف على خط التماس بين الدولة واللا دولة، إما أن يثبت أن قضاء الحكم أمضى من سيف الإنقلاب، وأن القاضى فوق السلطان، وأن المحكمة هى حارسة الشرعية على هذه الأرض، أو أن نرتد على أعقابنا باحثين عن العدل فى قضاء لا يظلم عنده أحد هو قضاء السماء، إن مصر اليوم والغد، نحن وأبناؤنا وأحفادنا - من بعدنا - ننتظر كلمة العدل والحق

رئيس محكمة المنصورة وأحد قيادات تيار الاستقلال القضائى فى مصر ورئيس حملة الشعب يدافع عن دستوره.

المصدر