الشيخ الخطيب:

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الشيخ الخطيب:

في وضح النهار، وعلى مرأى ومسمع من العالمين العربي والإسلامي تحدث هنا وهناك انهيارات عدة في شوارع وأبنية ومدارس القدس العربية المحتلة، والسبب تلك الأنفاق التي تنخر باطن الأرض بأيد صهيونية حاقدة.

بالأمس شُقت الأرض في أحد شوارع المدينة المقدسة، وتحديدًا في بلدة سلوان، ومن قبل تصدعت بيوت ومدارس، وأصيب على إثرها العشرات، واليوم تواصل قوات الاحتلال حفرياتها التي على الدوام تنكرها، لكن ليس بأيديها فقط، بل بالأحماض الكيماوية التي تفتت الصخور، وتشير المعلومات إلى أن تلك الأنفاق والحفريات تمتد من سلوان، وتصل إلى أسفل ومحيط المسجد الأقصى المبارك، وتقوم بها دولة الاحتلال بوتيرة متسارعة من أجل ربطها بعضها ببعض، لتصل إلى البلدة القديمة بالقدس، وإلى أسفل المسجد الأقصى، ومحيطه القريب، بالإضافة إلى تسريع وتصعيد موجة الاستيطان، والتهويد في سلوان، وفي محيط المسجد الأقصى، مما يؤدي إلى تهويد الأرض من فوق، ومن تحت، ناهيك عن محاولات الاحتلال طويق المسجد الأقصى بالحدائق التوراتية التلمودية من جهة، وبالكنس اليهودية من جهة أخرى، والهدف الرئيسي من ذلك كله تهويد محيط الأقصى، ومحاولة لبناء هيكل أسطوري مزعوم على حساب المسجد الأقصى المبارك.

وفي مقابلة لـ"القدس أون لاين" مع الشيخ كمال الخطيب- نائب رئيس الحركة الإسلامية بالأراضي المحتلة عام 48- دار الحوار التالي.

- شهدت الأيام الأخيرة أخبارًا متتابعة حول عدة انهيارات بالقرب من المسجد الأقصى ومحيطه، تنذر بخطر يهدد البنية الأساسية للمسجد، فما هي آخر المستجدات التي يمكن الوقوف عليها بشأن هذا الصدد؟

في البداية، لا أظن أن عقلاً كان يمكن أن يتوقع مثل هذه المشاهد التي حدثت على مدار الأيام الماضية في منطقة سلوان على وجه التحديد، كونها تشهد أكبر مكان لأعمال الهدم والتجريف التي يقوم بها الاحتلال الصهيوني في محيط المسجد الأقصى المبارك، "إسرائيل" كانت تنكر وتدعي عدم صحة الأنباء التي تؤكد على وجود الحفريات، لكن جاءت هذه التصدعات والانهيارات لتثبت كذب دولة الاحتلال، وتؤكد أن أعمال الحفر موجودة، ومستمرة في كل الأوقات.

الحقيقة مشهد الانهيار الذي حدث أول أمس وما حدث في الأسبوع الأسبق، وما يرى في تصدعات البيوت في حي سلوان تشير إلى أن أعمال الحفر قائمة، خاصة في البيوت القائمة في محيط الثكنات الاستيطانية التي يكون منها بداية الحفر.

-إلى أي مدى تقترب الحفريات من المسجد الأقصى؟

قبل التحدث عما يجري تحت المسجد الأقصى لا بد من الإشارة إلى أن أعمال الحفر الأخرى التي تجري في وضح النهار في موقع القصور الأموية التي تفصل بين حي سلوان والمسجد الأقصى المبارك، "إسرائيل" تقوم هناك، وفي وضح النهار بأعمال حفر، وتقوم بنقل الحجارة التي تعتبر آثار تاريخية من آثار القصور الأموية تنقلها إلى أماكن مجهولة، خصوصية وحساسية هذا الموقع أنه يلاصق تمامًا الجدار الجنوبي للمصلى المرواني، أي الجهة الجنوبية الشرقية للحرم الشريف، مما يعني بشكل واضح أن "إسرائيل" تستهدف المكان، وأذكر أن باراك في رئاسته للحكومة الإسرائيلية قام بافتتاح مدرج صغير في ذلك المكان مقابل أحد الأبواب المغلقة في الجدار الجنوبي للمصلى المرواني، مما يشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تتطلع دائمًا إلى فتح الباب خاصة بعد بناء المدرج، العمل الآن في القصور الأموية له دلالة واضحة وارتباط وثيق بما تستهدف فيه إسرائيل المصلى المرواني.

- ماذا عن التفاصيل الدقيقة لأعمال الحفر التي تقوم بها دولة الاحتلال في محيط وداخل وتحت المسجد الأقصى من حيث الآلات والأوقات والأماكن وغيرها؟

الحقيقة أن أعمال الحفر تكون بطريقة يدوية، مع معدات يدوية بسيطة بعيدًا عن الماكينات ووسائل الهدم الكبيرة؛ لأن الظرف لا يساعد على أعمال الحفر بالمعدات الثقيلة، بالإضافة إلى استخدام الأحماض الكيماوية، من أجل تفتيت الصخور، مما له دلالة كبيرة وخطورة فادحة على أساسات المسجد الأقصى المبارك، خاصة مع نزول الأمطار، واختلاط الأحماض بالمياه، وانتقالها إلى الحجارة وأساسات المسجد الأقصى المبارك.

- برأيك أين تكمن خطورة الانهيارات الناجمة عن الحفر إذا ما كانت باتجاه المسجد الأقصى، وقدر ارتباطها بتنفيذ مخطط هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث المزعوم؟

أولاً، لابد من الإشارة إلى تاريخ مهم يلوح في الأفق، وهو يوم 15 آذار القريب، حيث أعلنته الحكومة الإسرائيلية يومًا لافتتاح أكبر كنيس يبنيه اليهود بعد الهيكل الثاني، يسمى كنيس "هاحوربا" باللغة العبرية، أي كنيس الخراب، يبتعد فقط 50 مترًا عن الجدار الغربي للمسجد الأقصى المبارك، ومما لا شك فيه أن افتتاح الكنيس في الحي الإسلامي، وتحت هذا الاسم دلالات كبيرة في مستقبل مدينة القدس، خاصة إذا ما تم الوقوف عند ما تتحدث عنه الجهات الإسرائيلية من أن حاخامًا إسرائيليًا عاش في العام 1750م، وكتب يومها متنبئًا كما يزعمون أن يوم إعادة افتتاح كنيس الخراب هو يوم إعادة بدء البناء في الهيكل الثالث، مما يشير إلى أن يوم 15 آذار يبدو أن له دلالات لدى المجتمع الإسرائيلي، خاصةً إذا ما أشرنا إلى أن شهر آذار وبدايات شهر نيسان هي أيام أعياد مميزة عند اليهود، وخاصة عيد الفصح، وللتذكير في عيد الفصح العام الماضي كان هناك اقتحام كبير من قبل اليهود للمسجد الأقصى المبارك، وبالتالي فإننا بين يدي مشاهد كلها مخيفة ومرعبة، وتشير إلى أن مستقبل القدس ما زال غامضًا إذا ما تم التأكيد على أن هذا العام فعلاً هو عام مفصلي، فـ"إسرائيل" تريد فيه وضع النقاط على الحروف فيما يخص الأقصى المبارك.

- إذا كان المخطط الإسرائيلي يسارع خطواته نحو إصابة المسجد الأقصى بهذه الوتيرة، فكيف تنظر إلى الدور المقدسي في مواجهة هذه الأخطار؟

من يتوقع أننا- أهل الداخل الفلسطيني، أو أهل القدس- قادرون على أن نلجم أو نكبح جماح هذا الثور الإسرائيلي الهائج المندفع باتجاه المسجد الأقصى فهو مخطئ، حقيقةً إمكاناتنا إمكانات شعبية في الحضور الدائم، بالإضافة إلى الإمكانات الإعلامية في فضح وكشف الجرائم التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك، إنما قضية القدس تحتاج إلى تحرير، إلى أن يزاح عنها كابوس الاحتلال الذي يتطلب جهد الشعبيين والرسميين والقادة، خاصة وأن واقع القدس بات لا يحتمل استمرار الاكتفاء بإصدار بيانات شجب وتنديد من هنا أو من هناك.

-هل بذلك تخرج أهل القدس من المواجهة؟

لم أقصد ذلك بالتأكيد، ولكن حقيقةً برغم أن أهل القدس صمودهم أسطوري، ووقفتهم المدافعة عن إسلامية وعروبة وفلسطينية القدس شيء يُعتز به، ولكن هؤلاء لا يمكن أن يبقوا وحدهم في الميدان، وبالتالي عمل الجمعيات الأهلية كما يقال إطفاء حرائق، أو رش مراهم على الجراح الدامية للقدس؛ لأن وضع القدس يتطلب أكثر من ذلك، فهي تعاني من احتلال البيوت في حي الشيخ جراح، وهدمها في حي سلوان، والتهديد بالطرد في حي عين حلوة، وغير ذلك من تهديدات لا يمكن لعمل شعبي أن يستطيع مواجهتها منفردًا.

- كيف ترى الدور العربي ودور المملكة الأردنية في مواجهة هذه المخططات والحفريات على أرض واقع القدس بوصفها مسئولة عن القدس والحرم الشريف؟

واضح أن الجهد في الدفاع عن القدس لا يمكن أن يكون جهدًا شعبيًا، ولا أن يكون جهد أهل القدس، ولا جهد أهل الداخل الفلسطيني، بل لا بد أن تتضافر فيه جهود الأمة كلها، وبالتالي كون الأردن لها دور تاريخي في المسئولية عن المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، وتحديدًا في المسجد الأقصى المبارك، فهذا بلا شك يجعل ثقلاً نوعيًا للدور الأردني، حقيقةً سُررت بالأمس عندما سمعت عن موقف واضح وحازم من الأردن تجاه الحكومة الإسرائيلية، واستمرار أعمال الحفر والإساءة للمقدسات الإسلامية في مدينة القدس، الأمر الذي لا شك فيه يجعل حكومة "إسرائيل" إذا ما رأت ذات المشهد، وذات الموقف من حكومات عربية وإسلامية أخرى تراجع خطواتها العدوانية تجاه المسجد الأقصى والقدس الشريف.

- هل تعتبر الحكم القضائي الإسرائيلي باعتقال الشيخ رائد صلاح يعتبر دورًا مكملاً لما تقوم به قوات الاحتلال من سياسات التهويد بالحفريات وهدم منازل المقدسيين؟

لا شك أن "إسرائيل" لها منهجية في التعامل مع مدينة القدس، ومع كل من يدافع عن المدينة ومقدساتها، فالقرار الذي صدر باعتقال الشيخ رائد صلاح، وسجنه فعليًا لم يأت إلا كجزء من مشروع إسرائيلي بدأ في شباك 2007 حين تم اعتقال الشيخ رائد يومها، ثم أطلق سراحه بقرار إقصائه عن المسجد الأقصى مسافة 150 مترًا، وهو قرار ما زال ساري المفعول من يومها إلى الآن، ثم في العاشر من كانون الثاني الحالي كان القرار بإبعاده عن كل مدينة القدس ستة أشهر، وفي الثالث عشر قبل أيام فقط كان قرار المحكمة الذي نص على السجن الفعلي للشيخ رائد، مما يشير إلى أن حكومة إسرائيل تريد أن تُحيد وتُقصي كل من له دور في فضح مشاريعها التهويدية لمدينة القدس، الأمر الذي يجعلنا نتذكر أن أعدادًا كبيرة من أهل القدس والداخل الفلسطيني صدرت بحقهم أحكام إبعاد عن المسجد الأقصى المبارك، منهم الشيخ يوسف الباز، من اللد، والشيخ علي أبو شيخة، من بلدة عارة، والشيخ فواز حسن، من أم الفحم، وفضيلة الشيخ عكرمة صبري، والسيد حاتم عبد القادر وغيرهم من حراس المسجد الأقصى.

- في ظل تلك الاعتداءات هل يمكن متابعة "إسرائيل" قانونيًا وقضائيًا بشأن ما تقوم به من تهديدات للمسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية في القدس؟


إسرائيل عودتنا أنها لا تصغي لقرارات الأمم المتحدة، ولا المحافل الدولية الأخرى، ولا طبعًا لصولات وجولات الشجب والاستنكار، فإسرائيل لا يمكن أن يدفعها للتراجع عن مواقفها سوى مواقف حازمة تمامًا، كما كان في الموقف التركي الأخير، فتلك اللغة هي التي تفهمها إسرائيل، وللأسف- شديد الأسف- أن أقول أن استمرار البكاء والعويل على أبواب الأمم المتحدة وغيرها لن يغير من حقيقة القدس شيئًا، ولن يغير التوجه العدواني للحكومة الإسرائيلية من شيء.

- هل ينسحب ذلك على حقوق المتضررين من الانهيارات التي سببتها الحفريات الإسرائيلية، هل هناك خطط أمام الجهات المعنية بمقاضاة دولة الاحتلال لأنها تسببت بالانهيارات؟

إذا كانت هناك جهة يمكن أن تقوم بذلك، فلا شك أنها جهة السلطة الفلسطينية التي تزعم أنها تفاوض على القدس، لكن للأسف- شديد الأسف- أن الجانب الفلسطيني الرسمي، وأقصد هنا الجالسين في رام الله ارتكبوا جريمتهم الكبرى هم عندما وافقوا على إبقاء القدس خارج دائرة التفاوض في اتفاقية أوسلو في العام 1993، وبالتالي حديثهم الآن حول الاستيطان في القدس، وضرورة وقفه، والفضيحة التي كشفت عنها صحيفة معاريف بالأمس، من أن أبو مازن طلب من نتنياهو وقف الاستيطان في القدس ولو لستة أشهر، من أجل الشروع في المفاوضات، يشير إلى أن القدس مستباحة، ولا أحد يهتم بها، فقط تحتل مانشتات في الصحف، وتصريحات نارية لبعض القادة من أجل التبرير وكأنهم يعملون شيئًا من أجل القدس.

منقول

المصدر