الشعب المصري: الحملة الإعلامية الحكومية ضد الإخوان.. مفضوحة
- د. أبو الحسن: المقصود تخويف الشعب والمعارضة والنتيجة في صالح الجماعة
- د. عوض: الأزمة مفتعلة للتغطية على الكوارث المتكررة والجماهير قابلتها بغضب
في مثل هذا اليوم من الأسبوع قبل الماضي وتحديدًا يوم الخميس 14/12/2006م، شنَّت أجهزة الأمن المصرية حملت اعتقالاتٍ واسعة ضد جماعة الإخوان المسلمين ، وكان على رأس المعتقلين المهندس خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام وعددٌ من أساتذة جامعة الأزهر وأكثر من 180 طالبًا من جامعة الأزهر الشريف
هذه الحملة سبقتها وتلتها حملة إعلامية مسعورة من وسائل الإعلام الحكومية مثَّلت الجماعةُ وكأنها تمتلك ميليشيات عسكرية ودبابات وطائرات حربية، وأنها ستنقضُّ على الحكمِ بانقلابٍ عسكري في خلال ساعاتٍ قليلة، بل إنَّ وسائلَ الإعلام وخاصةً التليفزيون المصري وعلى مدى أسبوعٍ كاملٍ أخذ يُضخِّم من العرضِ الرياضي لطلاب الأزهر .
واستضاف مجموعةً من السياسيين والكُتَّاب المعروفين إما بارتباطهم بأجهزة الأمن أو المعروف عنهم حقدهم على جماعة الإخوان المسلمين ، وما بين حملة "البيت بيتك وحالة حوار" والمساحات العريضة التي خصصتها الصحف القومية ضد الإخوان نطرح هذا التساؤل: هل صدَّق الشارعُ المصري ما ضخمته وسائل الإعلام الحكومية؟ وهل تفاعل الجماهير مع جماعة الإخوان أو قُل ضعف نتيجة هذه الدعاية السلبية التي لم تحدث مع كارثة العبَّارة أو قطار قليوب أو بيع عمر أفندي أو أنفلونزا الطيور؟
والحقيقة التي يؤكدها الواقع أنه بالرغم من أنَّ الأسبوعَ الماضي كان أسبوع عمل لمجلس الشعب ، وأنَّ النوابَ لم يكونوا متواجدين في مقراتهم إلا أن الإقبال الجماهيري على مقراتهم كان أكثر من الطبيعي، فإما مواطن يريد التقدم لوظيفة، أو له مشكلة مع الحي الذي يسكن فيه، إضافةً للخدمات الأخرى التي يقدمها النواب
وإن كان هذا لا يكفي بالطبع إلى قياس ردِّ فعلِ المواطنين فإن الكثير من المواقع الإعلامية على الإنترنت قد قامت بالعديد من التحقيقات مع رجل الشارع العادي من مختلف الفئات والأعمار في مصر ظهر من خلالها أنه وبحمد الله لم تؤثر الدعاية السلبية لوسائل الإعلام الحكومية في هذه القضية على موقف وتوجه الجماهير تحاه الجماعة ولولا خشية الإطالة في هذه المادة لتم إيراد الأراء.
وفي تعليقها على هذه الضجة الإعلامية توضح الدكتورة منال أبو الحسن - أستاذ الإعلام بجامعة 6 أكتوبر - أنَّ الإعلامَ يلعب دوره في مثل هذه الأحداث ويستطيع أن يقلب الحدث إلى مشكلةٍ ويصعد عرض الحدث، والموضوع في أساسه هو تخويف الناس من الإخوان ونشر الرعب والذعر منهم حتى يمهدوا الطريق لنظامٍ جديدٍ لا يُشاركهم فيه الإخوان فيصورون العرض الذي قام به الطلبة بأنه عرضٌ عسكري، كما يحدث في الخلطِ بين الجهاد والإرهاب، فهم يشوهون صورة الإخوان وينتهزون أي موقفٍ لإساءةِ فهمه وتوسيع نطاقه، حتى نرى العرض وكأنه تدريبٌ على حملِ السلاح وإرهاب للشرطة والجيش والناس.
في الوقتِ نفسه ترى الدكتورة منال أبو الحسن أنَّ هذه الضجة الإعلامية أخذت أكبر من حقها، وأنَّ الأمورَ تتصاعد على الفضائياتِ حتى وجدنا أنَّ إحدىَ الفضائيات ربطت هذا الحدث "بحادث المنشية" وكأنهم يقصدون من ذلك توسيع العملية من أجل الإساءةِ للإخوان المسلمين والتياراتِ الإسلامية المختلفة في المجتمع المصري
فالحكومة تريد أن تشوه صورة الإخوان بأي شكلٍ من الأشكال حتى لدرجةِ التخويف وأن تعمل "فوبيا" لدى الناس منهم، فالحكومة لا تخاف من الإخوان ولكنها تعمل على تخويفِ الناس منهم، ومن ثَمّ استغلوا هذا الحدث لضرب اتجاه الناس المحابي للإخوان وتخويف الناس من ربط الاستعراض الذي قام به الطلبة بأنه تجهيز الإخوان لقوة عسكرية.
والمشكلة الأخطر التي تُؤكد عليها الدكتورة منال أبو الحسن في هذا الإطار هو محاولة تأثير الحكومة ليس على الناس فقط، ولكن على المعارضة أيضًا التي كانت تنضم للإخوان؛ وذلك لتغير حركات المعارضة مواقفها تجاه الجماعة وباعتبارها قوةً عسكريةً على حدِّ زعمهم، فالحكومة بتصعيدها الأخير لحادث الأزهر إنما ترمي ليس فقط لتخويف الناس من الإخوان ولكن تخويف الحركات التحررية أيضًا.
ومن جانبه يؤكد الدكتور محمد عوض - أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة الزقازيق - أنَّ ما حدث لا يستحق هذه الضجة الإعلامية؛ لأنَّ الطلابَ أنفسهم قالوا إن هذا عرضٌ مسرحي مشابه لعروضٍ مسرحيةٍ كثيرة تتم داخل الجامعة ولم تثر هذه الضجة إلا لأنها تزامنت مع حملةِ الاعتقالات والتضييق على جماعة الإخوان المسلمين في محاولةٍ للتغطيةِ على أوجهِ الفساد والقصور والتراجع في عملية الإصلاح السياسي، وما هي إلا توجيه ضربة لجماعة الإخوان المسلمين، وهذا يتضح من اعتقالهم لبعضِ الرموز والقيادات الإخوانية من غير الطلاب ولا يعقل أن يكون العرض ذريعةً لما حدث.
وللأسف وكالعادة حمَّلت كل القنوات الحكومية الأرضية الأمرَ أكثر مما يحتمل، وكأنَّ هناك جريمةً كبرى ارتُكبت، في حين أنَّ الأمر لا يستحق هذا، فالإعلام غير محايد والحدث مبالغٌ فيه والناس البسيطة تفهم هذا، مشيرًا إلى أنَّ هذا الأمرَ ليس أول ولا آخر ضربة فكوارث الحكومة وفشلها كثيرة الأوجه والرأي العام يستنكره ويسخط عليه، ولكن ما تفعله الحكومة بدورها هو للفت الأنظار لقضية أخرى وستتلوها قضايا أخرى، وفشل الحكومة، وما أُصيبت به من قضايا استفزت الناس هي السبب الرئيسي لما حدث في محاولة من النظام لاستعراض قوته ضد ما يُسمَّى بالخروج عن الشرعية.
وهنا يشير الدكتور محمد عوض إلى المحاولات التي تقوم بها الحكومة في هذا الشأن فهناك محاولة لإصدار صحفٍ موالية للنظام يصب في هذا الاتجاه داخل الجامعات على أن تخصص كل جامعة ميزانية ضخمة لإصدار هذه الصحف لمواجهةِ ما يُسمَّى بالأفكار المتطرفة ومحاولة لجذب الشباب لمسائل سطحية، خاصةً بعد النشاط الكبير الذي قام به طلبة الإخوان المسلمين داخل الجامعات من إقامة حفلات وأنشطة مختلفة تخدم الطلاب، وكذلك استقبالهم للطلبة الجدد وتقديم المساعدة لهم، ومن ثَمَّ يقوم النظام بإحباط هذا التوجه من التيار الإسلامي بصفةٍ عامة والإخوان المسلمين بصفةٍ خاصة.
المصدر
- خبر: الشعب المصري: الحملة الإعلامية الحكومية ضد الإخوان.. مفضوحة موقع إخوان برس