السعيد الخميسي يكتب: "التفويض" سياسة فرعونية قديمة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
السعيد الخميسي يكتب: "التفويض" سياسة فرعونية قديمة


بتاريخ : الأحد 10 نوفمبر 2013

قال الله عز وجل " وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" صدق الله العظيم .

  • واضح من الآية أنه كانت هناك معارضة لفرعون حتى ولو كانت شكلية فى أن يقتل " موسى " وإلا ماقال الطاغية الجبار سفاك الدماء " ذروني " إذا ماالذى كان يمنعه من قتل " موسى " لقد نصحته بطانة السوء أنه ربما يكون " لموسى " إله " كما يزعم فينتقم هذا " الإله " منه حالة قتل " موسى ..!"

إذا ماالحل...؟ فكروا كثيرا وكثيرا ثم وجدوا الحل السحري الذي سينقذ فرعون من جراء قتل موسى ويمنحه غطاء شعبيا سياسيا, انه التفويض الشعبي...!

إن فرعون يريد تفويضا شعبيا فى قتل " موسى " حتى لايتحمل لعنة الآلهة وحده...! إذا فليجمع الناس ويحشدهم كالقطيع الذي يساق فى يوم عطلة وليكن مثلا يوم جمعة...

ويعلن الطاغية بجرأة متناهية النظير وفى استخفاف كبير لشعبه " أريد تفويضا فى قتل موسى ومن معه لمواجهة ومجابهة العنف والإرهاب المحتمل...!؟

فيصفق له القوم تعظيما لعبقريته الفذة قائلين فى صعيد واحد " فوضناك....! " وليكن هذا الشعار في اليوم التالي هو العنوان الأوحد والرئيس فى كل الصحف وفى كل الفضائيات وفى فم كل " الشخبة " المسماة " بالنخبة " لاتهم جميعا أصبحوا فى اقل من طرفة عين " ملك يمين " للطاغية فليسحبهم من أعناقهم كيفما شاء كما تسحب الإبل الجربى إلى مباركها ...!

  • ورغم جبروت وطغيان فرعون إلا أنه كان يخشى الرأي العام الدولي ألا يعترفوا بتلك المحاكمة التي ستنهى حياة " موسى " فكان لابد له من حجة حتى ولو كانت داحضة لإقناع الرأي العام انه يسير فى الطريق الصحيح وانه مافعل ذلك إلا لتثبيت أركان السلم الإقليمي والسلام العالمي .

فكر ودبر ثم فكر ودبر فوجدها بين يديه جاهزة...!

فقال الطاغية وبسرعة خشية النسيان " إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد " نعم ... فرعون سفاك الدماء يخشى من موسى أن يبدل دين القوم أو أن يظهر فى الأرض الفساد...!

إن الدين الوحيد الذي يؤمن به فرعون هو دين " أنا ربكم الأعلى " أما " موسى " من وجهة نظر فرعون فانه يحمل للناس " دينا أمميا " ممتد عبر الأرض يساوى بين كل الناس فى الحقوق والواجبات .

وفرعون لن يرضى بهذا الدين ولن يتفق مع " موسى " فى دعوته الجديدة ولاحل سوى قتل " موسى " لأن الطغاة لايستطيعون التفاوض ولا يجيدون إلا القتل لان عقولهم ملساء بيضاء ابيض من لمعان السيوف...! إن فرعون كما أوحى إلى قومه يحارب " إرهاب موسى ...! " نعم.. يحارب الإرهاب العالمي الذي جاء به موسى .

  • أما التهمة الثانية فهى تهمة مضحكة فى شكلها وجوهرها إنها تهمة " الفساد " فرعون الفاسد المفسد يتهم " موسى " الصالح المصلح بالفساد...!

يعنى فرعون يستعبد الناس ويقتل قومه ويذبح أبناءهم ويستحى نساءهم ويسجن من يشاء ويعتقل من يشاء وهذا فى عقيدته صلاح وإصلاح.

أما موسى الذي يريد لفرعون أن يسجد لله وأن يطهره من القتل والذبح وان يغسل كلتا يديه من دماء شعبه فلا يراه فرعون إلا من المفسدين.

وهكذا الطغاة الظالمون فى كل مكان وفى كل مكان لايرون الحقيقة لان أعينهم معصوبة بنظارة سوداء كبيرة تغطى وجوههم الكالحة وتمنع عنها نور الشمس وضوء القمر فهم كالغربان سواد فى المظهر وسواد فى الجوهر وسواد فى التفكير فليس لهم فى الجهل والتخلف مثيل ولانظير...!

  • يقول صاحب الظلال تعليقا على هذه الآية " أليست هى بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح..؟

أليست هى بعينها كلمة الباطل الكالح فى وجه الحق الجميل..؟

أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر فى وجه الإيمان الهادئ..؟

إنه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق بالباطل والإيمان والكفر والصلاح والطغيان على توالى الزمان واختلاف المكان والقصة قديمة مكررة تعرض بين الحين والحين .

فأما موسى عليه السلام فلجأ إلى الركن الركين والحصن الحصين ولاذ بالجناب الذي يحمى اللائذين ويجير المستجيرين "

  • وما أجمل قول العلامة والفقيه الكبير الشيخ محمد الغزالي ساعة قال " الفساد السياسي مرض قديم في تاريخنا .

هناك حكام حفروا خنادق بينهم وبين جماهير الأمة لأن أهواءهم طافحة وشهواتهم جامحة لايؤتمنون على دين الله ولا على دنيا الناس .

ومع ذلك فقد عاشوا آمادا طويلة . وقد عاصرت حكاما تدعو عليهم الشعوب ولا تراهم إلا حجارة على صدرها توشك أن تهشمها انتفع بهم الاستعمار الشرقي والغربي سواء فى منع الجماهير من الأخذ بالإسلام أو الاحتكام إلى شرائعه . بل انتفع بهم في إفساد البيئة حتى لاتنبت فيها كرامة فردية ولا حرية اجتماعية .....أيا كان لونها "

  • وكأني بالفقيه والعالم الكبير يعيش بيننا اليوم وهو يستشعر تلك الأهواء الطافحة والشهوات الجامحة .

فهم بحق لايؤتمنون على دين الله وكيف وهم يحاربونه ليل نهار .

وهم بحق لايؤتمنون على دنيا الناس لأنهم فسدة سجدوا فى قبلة الشيطان وخربوا البلاد وسلموا زمامها للصهيونية العالمية فى واشنطن وتل أبيب .

وأذلوا العباد فسجنوا الشرفاء واعتقلوا الأبرياء بل تعدى الأمر إلى ماهو ابعد من ذلك واخطر من ذلك واسود من ذلك بالقتل العمد والذبح والسلخ وحرق الجثث ودفنها بليل وسط مقالب القمامة...!

فهل فى مثل هذه البيئة التي تحدث عنها العلامة الكبير تنبت كرامة فردية...؟

وهل ينبت في تلك التربة إلا الشوك والصبار..؟

وهل ينبت إلا النفاق والشقاق..؟ وهل ينبت إلا الفساد والإفساد..؟ وهل ينبت إلا الجهل والتخلف والمرض ..؟

وهل تنبت إلا جراثيم الأمراض التي اتخذت من أوطاننا محل إقامة مستديم مادامت السموات والأرض...!

  • وهل في مثل هذا البيئة التي تحدث عنها الفقيه الكبير تنبت حرية اجتماعية..؟ لايمكن أن تنبت حرية اجتماعية ولا حرية سياسية ولاأى نوع من أي حرية طالما أن تلك الحرية تتعارض مع شهواتهم ورغباتهم ونزواتهم الطافحة طفحان المعدة الممتلئة بطعام مسموم...!

والجامحة جموح الذئاب المفترسة فى فلاة نائية. فلايمكن أن تنبت للحرية نبت صغير ولا يخضر لها ورقة ولاينمو لها ساق ولايثبت لها جذع في الأرض .

إن أعداء الحرية من الفراعنة والطغاة يتربصون بالحرية تربص الوحوش الضارية بفريستها وان عجزوا عن قتلهم وسجنهم واعتقالهم فالتهم المعلبة جاهزة وان كانت منتهية الصلاحية .

تهمتي الإرهاب والفساد هما التهمتان الجاهزتان المعلبتان للفراعنة والطغاة ووسائل إعلامهم ونيابتهم وقضائهم وأجهزة أمنهم .

يختلف الزمان ويختلف المكان ولكن تبقى التهم هى التهم والفراعنة هم الفراعنة ووسائل الإعلام هى نفسها والبيئة هى البيئة شكلا وموضوعا...!

  • إن الطغاة والفراعنة كالرجل الضرير لانتفع معه إشارة المرو ولافرق عنده من أن تكون الإشارة خضراء فيسير أو حمراء فيتوقف لأنه سائر وبأقصى سرعة فى طريق الضلال والفساد بلا توقف لان الإشارة معه " مفتوحة " لان معه تفويض بكسر كل الإشارات وتخطى كل العلامات وتجاهل كل التحذيرات ...!

فما بالكم إذا كان هذا الضرير يتصدر القوم يأتمر القوم بأمره ويصحوا على أوامره وينام على توجيهاته ويتحرك طيلة اليوم بناء على توصياته..؟

إذا كان الغراب الأسود دليل قوم فابشر بالخراب والنباب والدمار والهلاك.

يقيني أن في وطننا رجالا وأن فى مصرنا ثوارا وان فى بلدنا أحرارا هم وقود المعركة وهم قلب الأمة النابض وأسدها الرابض ولن يتركوا الوطن نهبا للناهبين ومرتعا للراتعين وسوقا للفاسدين .

ويوم أن يقف الشعب ويستيقظ ويعى ويدرك خطورة اللحظة فينتفض على الطاغية انتفاضة تزلزل عروشهم وتحرك الأرض من تحت أقدامهم فساعتها وساعتها فقط سيسرع الطاغية مذموما مدحورا قائلا وهو يرتعش ويرتجف خائفا " الآن ... فهمتكم... فهمتكم... فهمتكم...! " ولكن بعد انقضاء أوان الفهم والعقل لأنه قد حان وقت العقاب والحساب فاعتبروا يااولى الابصار.....!؟

المصدر