السعيد الخميسى : يرفضون الديمقراطية أم يخشونها
بتاريخ : الخميس 06 فبراير 2014
- التيارات العلمانية والليبرالية واليسارية والشيوعية ومن صار على نهجهم واتبع طريقتهم فى مصر صدعت رؤوسنا بالديمقراطية ليل نهار .
وأقنعونا أن الديمقراطية هى حق الشعب فى اختيار من يمثله دون تزوير أو تدليس .
وعندما نزل هذا الكلام النظرى لأرض الواقع وأجريت انتخابات حرة نزيهة فاز بها أصحاب التيارات الاسلامية بنسبة كبيرة .
وفجأة وعلى حين غفلة من شعب مصر انقلبوا على أعقابهم وارتدوا عن مفاهيمهم ونكصوا عن آرائهم وإذا بهم يعلنون أن الديمقراطية ليست هى صندوق الانتخابات وكفروا آخر النهار بما آمنوا به فى أوله من ديمقراطية وحقوق الإنسان .
وراحوا يلطمون الخدود ويشقون الجيوب بل ويسألون أين صناديق الإقتراع لنجعلها تحت اقدامنا لأنها لم تأت بنا..! ؟
- ونزولا على المفاهيم الجديدة التى تبنتها تلك التيارات الليبرالية واليسارية بأن الديمقراطية ليست هى صندوق الإنتخابات , فماذا تعنى إذا..؟ هل تعنى صندوق الذخيرة بديلا..؟
هل تعنى ظهر الدبابات ودوى الرصاصات..؟
أم تعنى أنه من يملك القوة يملك الأغلبية..؟
أم تعنى أنه من يملك ولاء ومساندة أجهزة الدولة العتيقة يملك الكلمة الأخيرة فى هذا الوطن..؟
أم تعنى أن الشعب المصرى لم يبلغ سن الرشد السياسى وعليه فإن الديمقراطية وحقوق الإنسان هى رجز من عمل الشيطان يجب على الشعب المصرى أن يتجنبه لعلهم يفلحون..!؟
أم تعنى أن الشعب مازال قاصرا ويجب أن يوضع تحت وصاية تلك التيارات حتى يكبر ويبلغ مبلغ الرجال..؟
أم تعنى أن جنة الديمقراطية بعيدة كل البعد عن تلك الشعوب ويجب أن تتلظى فى سعير الديكتاتورية حتى تستوى على عودها حتى تقدرها وتحترمها ..؟
- ملعون ذو الوجهين , ملعون ذو اللسانين كما جاء فى الحديث الشريف . وفى يقينى أن هولاء لهم ألف وجه وألف لسان...! .
يؤمنون بالديمقراطية ويتغنون بها ويرقصون على ألحانها إذا أتت بهم وأدارت لهم وجهها .
أما إذا أدارت صناديق الانتخابات ظهرها لهم ونبذتهم كما حدث سابقا فإنهم يكفرون بها ويلعنونها ويصبون عليها جام غضبهم وسعير سخطهم .
إنه منطق المعايير المزدوجة التى تتبناه تلك التيارات بلا حياء من أنفسهم أو خشية من الله أو من الناس .
أقاموا الدنيا وأقعدوها على قضية " حمادة المسحول " أمام قصر الاتحادية وبكوا وتباكوا وملأوا الدنيا ضجيجا وعويلا على حقوق الإنسان , ولاأحد طبعا يختلف على حقوق الإنسان .
وفى المقابل صمتوا صمت القبور ولم يتلفظوا ببنت شفة ولم يحركوا ساكنا وحقوق الإنسان تنتهك كل لحظة وكل دقيقة وكل ساعة وكل يوم. فلم تعد تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا..! .
وكأنهم يقصدون الإنسان الذى ينتمى لشعبهم على طريقة " إحنا شعب.. وأنتوا شعب ..! "
- الدكتور مصطفى محمود رحمه الله كان له موقفا واضحا شجاعا محترما من هذه التيارات عندما أتهمهم بأنهم وراء كل الفتن والحروب الأهلية وإراقة الدماء فى كل العالم .
لأنهم كما يقول لايتنفسون إلا رائحة الدماء في أجواء الفوضى والحروب الأهلية والصراعات الطائفية .
وأنهم لايصلون للحكم إلا على ظهور الدبابات .
وأنهم يستفيدون دائما من أجواء الحرية التي يمنحها لهم أي نظام حاكم فإذا وصلوا هم للحكم قطعوا الألسنة وكمموا الأفواه وصادروا الحريات وعاملوا شعبهم وكأنهم عبيد لقمة .
ومن يخرج منهم عن بيت الطاعة فإن السجن مصيره والقتل نهايته لأنه لاقيمة لحرمة الدماء ولاحرمة للإنسان ولا قدسية عندهم للأديان ولالكرامة لإنسان ولالحريته ولالعرضه . .
• وكأن د . مصطفى محمود رحمه الله بيننا اليوم عندما وضع "عينة " من جيناتهم السياسية التى لاترى بالعين المجردة فى معمل "التحليل السياسى" تحت ميكروسكوب دقيق وكانت نتيجة هذا "التحليل " أن تلك التيارات لايحلو لها العيش ولا تهنأ لها الحياة إلا إذا حولوا البلاد إلى قبائل متناحرة وأحزاب متصارعة وتلك هى قمة الجاهلية الحديثة لكنها جاهلية على مستوى عال تقوم على تحريض طوائف المجتمع بعضها ضد بعض , ويحولون البلاد إلى قبائل متناحرة كتلك التي كانت فى الجاهلية الأولى تتقاتل على العشب والكلأ .
فيقول رحمه الله : "إنها جاهلية على مستوى عال عقلها الكتروني وأسنانها ذرية ودماؤها بترولية وأقمارها صناعية ويدها بلغت المريخ . إنهم يحرضون الطوائف بعضها على بعض والأديان بعضها على بعض ويقسمون الناس إلى يمين ويسار والى فقراء وأغنياء .
إنهم يستثمرون الأزمة الاقتصادية ويثيرون السخط والحقد .
* ثم يصف رحمه الله أهل اليسار إذا وصلوا للحكم بأنهم يحولون الشعب إلى عبيد لقمة حيث لاحرية ولا مدنية ولا ديمقراطية ولاشئ من هذا لأن الحرية عندهم شعار أجوف لايتعدى حناجرهم فإذا خالفهم أحد أشهروا خناجرهم في وجه الجميع وانتهكوا حرمة الإنسان وحياة الإنسان والغاية عندهم تبرر الوسيلة حتى لوكانت الوسيلة هى سياسة الإبادة الجماعية الممنهجة .
فيقول رحمه الله : " إن كلمة يسار في بلادنا تعنى أن يحول الحاكم شعبه بأسره وبجرة قلم إلى عبيد لقمة .
لقمتهم جميعا في يده ورزقهم في يده وحريتهم فى يده وبذلك يحول الجميع إلى قطيع بلا رأى .
وهذا مايحدث فى معظمه الآن فى مصر . وسائل الإعلام فى غالبيتها اتجاه واحد ورأى واحد وأسلوب واحد ولغة واحدة ومنهج واحد ومن يتحلحل عن هذا النهج فلامكان له وتغلق فى وجه كل الأبواب والنوافذ وعليه أن يجلس فى بيت أبيه وأمه حتى يأتيه اليقين..! .
- إننى فى كل ماسبق ذكره لاأنهى عن خلق وآتى بمثله..! .
بمعنى أننى أدعو إلى إستئصال تلك التيارات من جذورها من أرض مصر .
كما هم الآن يدعون إلى إستئصال كل ماهو إسلامى وقذفه فى فى بطن الحوت فى البحر الأسود أو البحر الميت...!.
بل أدعوهم فقط أن يحترموا لعبة الديمقراطية سواء أتت بهم أو بغيرهم والشعب هو الحكم والفيصل بين الناس .
وليست الدبابة أو الرصاصة أو الترهيب والتخويف بأن الديمقراطية لها أنياب أشرس من الديكتاتورية كما قال الراحل الرئيس السادات .
إن التيارات الإسلامية باختلاف فصائلها ووسائلها ارتضت الديمقراطية طريقا ومنهجا ونبذت العنف الذى تبنته بعضعها فى تسعينات القرن الماضى .
فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان..؟ هل جزاء من ارتضى هذا الطريق اليوم أن يفعل به كما نرى ونسمع اليوم من سجن واعتقال وتشريد ومطاردة دون تحقيق قضائى محايد نزيه يعطى لكل ذى حق حقه..؟
- إن مصر ليست ملكا لفصيل أو لحزب وليست مسجلة فى الشهر العقارى باسم فصيل من هذا الشعب..! . وليس من حق أحد أن يقصى أحدا تحت أى ذريعة أو حجة .
وليس من حق أى فصيل أن يصف فصيلا آخر بما ليس فيه ظلما وعدوانا , أو يتهمه أو يخونه هكذا بلا تحقيق أو تدقيق .
وعلى الجميع طوعا أو كرها أن يقبل بنتائج صناديق الانتخابات طالما دخلنا حلبة الديمقراطية من البداية بشرط أن تكون حرة نزيهة لاتتدخل فيها أيادى العبث والتزوير المحترفة فى تلك المهنة طيلة السنوات الماضية .
إن طريق الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان واضح بين وطريق الظلم والبغى والعدوان واضح بين وليس بينهما لبس ولاغموض .
فمن أراد التقدم والخير لوطنه وشعبه فعليه بالطريق الاول , ومن أراد التخلف والجهل والظلام والعودة إلى عصر ماقبل التاريخ فهذا شأنه , لكن لايفرض منهجه على أحد .
إن مصر ملك للجميع ومن ظن أنه سينفرد بالقرار فى هذا الوطن وحده وإقصاء الآخرين من حلبة السياسة فهو واهم لم يتعلم من دروس التاريخ ولا من تقلبات وزوابع وعواصف ورياح الجغرافيا , وعليه أن يعيد حساباته من جديد قبل فوات الأوان ومرور الزمان والله المستعان
المصدر
- مقال:السعيد الخميسى : يرفضون الديمقراطية أم يخشونها موقع: إخوان الدقهلية