الزهَّار: حماس لن تسمح بأي تلاعب في الانتخابات
[22-09-2004]
محتويات
مقدمة

حذَّر الدكتور محمود الزهَّار- أحد أبرز القيادات في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)- من أية محاولات لإغلاق أو كسر صناديق الانتخابات الفلسطينية التي يجري الإعداد لها في الوقت الراهن؛ "لأن البديل سيكون ما اعتمدته الثورات المسلَّحة في تجارب الشعوب السابقة، والتي أدت إلى دماء في شوارع الوطن"، مشددًا أن (حماس) لن توقف "العمليات الاستشهادية".
ونفى الزهَّار- من مكان اختفائه- في حواره مع موقع (العربية. نت) أن تشارك (حماس) في السلطة، مشيرًا إلى أنها ستُشارك في مرجعية وطنية شاملة مؤقتة (انتقالية)، وأضاف أن الحوار الفلسطيني- الفلسطيني لن يحل كل مشكلات الشعب الفلسطيني جملةً واحدةً، موضحًا أن أهمَّ وسيلةٍ لنجاح الحوار هي وضع آليات محددة للحديث عن الأولويات، وتأجيل قضايا غير ملحَّة.
وقد تناول الحوار مع الزهَّار جملةً من المحاور الرئيسية في المشهد الفلسطيني الراهن، نلقي الضوء عليها من خلال هذا الحوار:
نص الحوار
- ما تقييمكم للانتفاضة بشكل عام وهي تقترب من عامها الخامس؟
- لا شكَّ أن الانتفاضة قد قطعت شوطًا متقدمًا لتحقيق أهدافها.. من الحجر، والمظاهرة لحشد الجماهير.. إلى البندقية لإقناع الجيش باستحالة استمرار الاحتلال، إلى المادة المتفجِّرة لهدم البنية النفسية للضباط (الكبار والصغار) والجنود، إلى الصواريخ التي تقول للمجتمع الصهيوني المغتصب وغيره إن البقاء هنا مؤقت.. كل ذلك دفع القيادة العُليا العسكرية والأمنيين والسياسيين إلى الإعلان بعد 37 عامًا من الاحتلال عن نية الخروج من بعض المناطق الفلسطينية المحتلة.
- ولتقييمٍ موضوعيٍّ ومنصفٍ نَقيس جدوى الانتفاضة وهي تدخل عامها الخامس بالأهداف المعلَنة عند بدايتها، وهنا انقسم الفلسطينيون إلى تيارين:
- الأول رأى في الانتفاضة وسيلةً لتحسين شروط التفاوض، وقد فشل هذا التيار، فلا التفاوض استمرَّ ولا الشروط تحسَّنت.. بل على العكس، وهذا ما جنَتْه السلطة الفلسطينية.
- والتيار الآخر تحدث عن التحرر جزئيًّا ومرحليًّا، وهذا مثلتْه قوى المعارضة، وفي مقدمتها حركة (حماس)، وإعلان شارون عن خطة الانسحاب الأحادي الجانب من القطاع وشمال الضفة يمثِّل نجاحًا لهذا الطرح، ومن هنا جنت (حماس) التأييد الشعبي، والخبرة والمصداقية، ولكن كان الثمن غاليًا، وهذه ليست تجربةً فريدةً في تاريخ الحركات والشعوب التحررية.

- كيف ستكون آلية المقاومة بعد الانسحاب من قطاع غزة؟! وهل ستواصلون المقاومة من داخل القطاع أم يمكن التوصل إلى هدنة مع الاحتلال برعاية مصرية؟!
- هناك حقائق لا بدَّ من تقديمها، ومتطلبات لا بدَّ من ذكرها، حتى تكتمل الإجابة على هذا السؤال، وهنا أعرض رؤية (حماس)، وأظنُّها رؤية الشعب العربي كله.
- أما الحقائق فهي أن فلسطين- كل فلسطين- هي ملك لكل مسلم في كل مكان، وأن أيَّ مشروع مرحلي يتحدث عن الضفة وغزة والقدس لا يلغي الحقَّ المطلق في كل فلسطين، وأن أي تحرير لأي من هذا المساحات لا يستلزم بالمطلق التنازل عن الحق المطلق في كل فلسطين..
- أما المتطلبات فهذه تشمل أولاً قضية المعتقلين في السجون الصهيونية من المناطق المحررة ومن بقية المناطق، وثانيًا كل مظاهر السيادة التي استدعتها حالة الهروب الصهيوني بفعل المقاومة مهما حاول الليكود تجميل صورة هذا الهروب، وتشمل هذه السماء، والمياه الإقليمية، وحرية المعابر، وحرية التجارة، وحرية استغلال الثروات الجوفية، وحالة الأراضي التي لم تتحرر.. والعديد من الأسئلة.. وهنا تكمن الإجابة، وعلى هذه الحقائق والمتطلبات يجب أن يتحاور الفلسطينيون، إضافةً إلى بنود الوضع الداخلي، ومحصلة هذه الاتفاقات ستكون إجابة السؤال عمليًّا.
ملاحقة الجواسيس
- يعتقد بعض المحللين أن أسلوب "العمليات الاستشهادية" حاليًا يشكل تهديدًا إستراتيجيًّا للقضية برمَّتها، مع ارتفاع وتزايد الأصوات الاحتجاجية والمناهضة للعمليات داخليًّا وخارجيًّا، ووصفها بأنها أضرَّت بالقضية؟
- إن قضية فلسطين حُفظت في ضمير العالم في الخارج في ثلاجات القطب الشمالي منذ عقود، ولم يفعل لنا العالم شيئًا، ولنعد لقرارات الأمم المتحدة لنصرة فلسطين هل زحزحت هذه قدم جندي صهيوني واحد؟! لا شكَّ أن هناك من يضع في حساباته هذه الدول كمصدر للمال المهدور في جيوب الفاسدين، ومشاريع المستقبل السياسي الممنوح للبعض من أمريكا أو غيرها، وأصحاب فكر الهزيمة المجانية وأعداء الحركات الإسلامية وغيرهم..!!
- أما غالبية الشعب الفلسطيني- وكل الشعوب العربية ودعاة الحرية والاستقلال- فيرون أن العامل الفلسطيني الذاتي هو الحاسم.. القوة والوحدة والصمود، ومحاربة الفساد، وملاحقة الجواسيس، وتعرية المتواطئين مع المشاريع الصهيونية، واستمرار حالة الاستنهاض الكبرى التي تؤديها المقاومة الفلسطينية في العالمَين العربي والإسلامي، ومن يقول بضررها كيف يفسر حديث الاحتلال عن الانسحاب.. أما الحديث عن كثرة الأصوات وارتفاع الصخب المنادي بالاستسلام فإن ألفَ قذيفة من كلام لا تساوي قذيفةً من حديد.
- كيف تستطيع (حماس) مواجهةَ الاستحقاقات الدولية، خصوصًا بعد الانسحاب الصهيوني المتوقَّع من غزة، وفي ضوء التغييرات على الساحة الدولية، ونجاح الكيان الصهيوني في ربط المقاومة بما يسمَّى الإرهاب؟!
- ليس لأيٍّ من دول العالم علينا استحقاق، إن لنا- كشعب وقضية- حقوقًا ضيعتها الشرعية الدولية، ومن يعتقد أن إرضاء الغرب من أجل دولاراته على حساب الوطن استحقاقٌ فهو لا يدرك طبيعة العلاقات المبدئية.. إن من يتحدث عن نجاح العدو الصهيوني بربط الإرهاب بالمقاومة مؤخرًا فهو واهم، ألم يُستخدم مصطلح "المخربين" من قبل ضد المقاومين؟! وهو نفس ما استخدمته القوة الاستعمارية ضدنا منذ نشأة الدولة الصهيونية.
- لقد ربطت الصهيونية المسيحية بين الإسلام وبين عدو وهمي اسمه الإرهاب الدولي، وهم بذلك يفصحون عن خلفياتهم العقائدية الصهيونية، وهذه خطيئةٌ تاريخيةٌ سيدفع الغرب ثمنها، وعندما ينهض الإسلام فسوف ينتصر، فكل مقومات التعبئة النفسية والرغبة في العطاء يوفرها هذا الوقود الروحي الكبير.
- عندما يلتف الشارع الفلسطيني حول خيار مثَّلته حماس في المقاومة وفي برامج الإصلاح الحقيقي وفي نهضة اقتصادية واجتماعية ستفرض نفسَها على كل من يعنيه الأمر، دون تنازل أو تفريط.
تصفية قادة حماس
- يلاحَظ الآن أن المعركة الأساسية أصبحت ضدَّ حركة (حماس)، من خلال تصفية أبرز قادتها السياسيين والعسكريين، خصوصًا بعد إعلان شارون خطتَه للانسحاب من غزة.. كيف تواجه (حماس) هذه الهجمة الصهيونية الشرسة؟!
- إنه لشرفٌ كبيرٌ أن تبقى (حماس) هدفًا لأعداء الأمة الإستراتيجيين، وشرفٌ أن يمضيَ قادةُ (حماس) وعناصرُها في سبيل الله أولاً، ثم وهم في دفاع عن أرض الرباط وأكناف بيت المقدس، يكفي (حماس) عند الله أن تبقى تحمل شمعةً تريد كلُّ دول الطغيان إطفاءَها من حواري وأزقَّة العالمَين العربي والإسلامي.
- على (حماس) أن تأخذ حِذرها وبأقصى درجة ممكنة، وفي نفس الوقت أن تستمر في الرباط والمواجهة والمقاومة، وأن تستمر في مشروعها النهضوي الإستراتيجي، وأن توسع من مساحة أكتافها لتحمل أيضًا هموم الشعب الفلسطيني الاقتصادية، والأمنية، والثقافية، كما حملت المقاومةُ همَّه.
- ما مدى الحماية المتوفرة لقادة (حماس) في الداخل والخارج؟ وهل تعتقد أن الصهاينة قد وضعوا بالفعل خطةً لتصفية خالد مشعل (في سفارة إيران في دمشق) كما أشيع أوفي دمشق عمومًا؟
- إن الحديث عن درجة الحماية لقيادة وعناصر (حماس) تجيب عليها الأوضاع عمليًّا، فلا أحدَ ينكر حالة الاستهداف القُصوى التي تشارك فيها، إضافةً إلى أجهزة رسمية، وجواسيس، وطائرات تجسس، ومكاتب استخباراتية أمريكية وبريطانية وغيرها، إلا أن المقاومة مستمرةٌ، والحركةَ الدعويةَ تتصاعد، والجماهيرَ تزداد التفافًا حول الحركة، وكل مفكري العرب من اليمين واليسار يشهد للمقاومة ويشيد بها.
- أما عن خطط الصهاينة لاغتيال قائد أو قيادات فهذه ليست أسرارًا، فهي تصريحات معلَنة، ولكن السؤال هل استشهاد قائد سيؤثر على الحركة أم لا؟ وأقول- بناءً على التجربة- إن الحركةَ اليومَ أشدُّ صلابةً وأقوى شكيمةً.
- هل تلوم (حماس) نفسها على تفريطها في توفير حماية كافية وأساليب تمويه لأزمة لحماية عشرات الكوادر القيادية والميدانية التي اغتالها الكيان الصهيوني في الشهور الأخيرة؟!
- لسنا من هوات جَلد الذات، وفي نفس الوقت لا نبرر أيَّ قصور، وأقول إن حجم أدوات الاستهداف أكبر من إمكانات دول، فهناك دول تمَّ ضرب أهداف إستراتيجية فيها، وهناك دول تم ضرب معسكرات تدريب، ومراكز إستراتيجية.. كالكهرباء والماء، ووصل الاستهداف إلى العراق وتونس.. إلخ، المهمُّ هل تراجعت الحركة خطوةً واحدةً بعد كل ذلك أم أنها تكسب كل يوم موقعًا جيدًا؟ لقد شهد الأعداء بعكس ما يستمتع بمضغه دعاةُ الإساءة دائمًا إلى الحركة، رموزًا وعناصر وفكرًا وأساليب حماية.
الحوار الفلسطيني الفلسطيني
- فيما يتعلق بالحوار الفلسطيني- الفلسطيني هل تستطيع القول بأن الفصائل الفلسطينية اقتربت من الاتفاق على أجندة عمل خاصة؟ وما هي أوجه الاتفاق والاختلاف بينكم؟
- يجب ألا نظن أن الحوار سيحل مشكلات الشعب الفلسطيني جملةً واحدةً، أعتقد أن أهمَّ وسيلة لنجاح الحوار هو وضع آليات محددة وبسيطة تحتاجها مرحلة معينة، لتنتقل بعدها إلى مرحلة أخرى، وأضرب على ذلك مثلاً، أولاً: كيف نجتاز الأيام الأولى لانسحاب الاحتلال المتوقَّع؟ ثم كيف ندير هذه الفترة حتى الانتخابات؟ ثم كيف نُجري الانتخابات؟ وهكذا..
- إن كثرة الحديث عن الخلافيات سيُفشل أيَّ حوار.. إن أوجه الاختلاف كبيرة، وكذلك أوجه الاتفاق، والمطلوب هو الحديث عن الأولويات، وتأجيل القضايا الغير ملحَّة.
- ما رأي حماس في أحداث غزة الأخيرة؟ وما هي خطتها لمحاربة الفساد في السلطة إذا حازت أغلبيةً في الانتخابات؟
- أخطر ما في أحداث غزة المتعلقة بما سمي "التصحيح عبر البندقية" والخطف، هو محاولة تشريع هذه الأساليب المدمرة، وثانيها محاولة الاستقواء بـ(حماس) وغيرها دون التفكير في عواقب الاستقطاب المسلَّح في الشارع أولاً على قضية المقاومة، وثانيًا على أمن الفرد، وثالثًا على مستقبل الوسائل السلمية لحل المشاكل، إضافةً إلى مجموعة السلبيات التي تمتد خارج حدود قطاع غزة والضفة.
- إن الإصلاح مسألةٌ تربويةٌ وليست طفرةً أو قفزةً في الهواء، ولا أعتقد أن أيَّ شكل من أشكال الإصلاح سينجح في حالتنا الفلسطينية إلا عبر صندوق الانتخابات، فالقيادة التي سيقف من حولها الأغلبية تستطيع أن تُصلح كل الأمور جذريًّا.
- ومن هنا أحذِّر من كل من يحاول إغلاق صندوق الانتخاب أو كسره؛ لأن البديل سيكون ما اعتمدته الثورات المسلَّحة في تجارب الشعوب السابقة، والتي أدت إلى دماءٍ في شوارع الوطن.. إننا ندَّعي كما يدَّعي غيرُنا أن لدينا برامج إصلاح تشمل كل مناحي الحياة للمجتمع الفلسطيني، فإذا اختار الشعب (حماس) فقد اختار برنامجها، وعليها أن تنفذه ولا شيء أقوى في أي مجتمع من ضوابط الحلال والحرام لحل مشكلة الفساد فيه.
- اتهم العقيد محمد دحلان (حماس) علنًا- في حوار مع قناة (العربية)- بالتقصير عندما اتخذت موقفًا حياديًّا من أحداث غزة الأخيرة، واعتبر أن الخلافات هي مكسب لـ(حماس).. ماذا ترون في هذا التصريح؟!
- ليقُل دحلان ما يشاء؛ فهذه رؤيته، وأعتقد أنني أجبْت على محاذير مهمة في السؤال السابق، وأنا أعتقد أن أي خلاف داخل الصف الفلسطيني ليس لصالح (حماس)؛ لأن اهتمامات (حماس) الأساسية اليوم هي طرد الاحتلال، وأي لحظة تنصرف فيها (حماس) عن المقاومة تخسر من قياداتها وعناصرها.
- لماذا قررت (حماس) المشاركة في السلطة، على الرغم من موقفها المعلَن من أوسلو.. هل يعني ذلك أنها دخلت مرحلةً جديدةً بعد رحيل الشيخ ياسين ستقدِّم خلالها تنازلات عن مواقف ميدانية؟!
- حماس لم تقل إنها ستشارك في السلطة الحالية.. (حماس) تدعو إلى مرجعية وطنية شاملة مؤقتة بظهور نتائج الانتخابات التمثيلية في الأراضي التي يمكن إجراء انتخابات فيها.. موقف (حماس) من أوسلو لن يتغير، وبالمناسبة فأنا ممن يعتبر أوسلو قد ماتت منذ زمن، وما تطرحه (حماس) اليوم هو ما قررته في عهد الإمام الشهيد أحمد ياسين، وعندما نطبق ما نراه سوف نجلس ليحاسبَنا من يرى أن هناك خطوةً واحدةً تراجعْنا فيها، وبالمناسبة إن إعادة تقييم أي موقف ليس عيبًا، لكن الجريمةَ هنا أن نتراجع عن موقف أثبتت الأيام صدقيته العالية.
- ما طبيعة هذه المشاركة؟ بمعنى: هل ستشاركون في الحكومة والوزارات أم أنكم ستكتفون بالمشاركة في قيادة وطنية عُليا إلى جانب السلطة الفلسطينية؟ وكيف ستكون المعادلة على الأرض داخليًّا وخارجيًّا؟
- الحديث هنا عن فترة انتقالية تبدأ فور التوقيع على الاتفاق، وتنتهي بظهور نتائج الانتخابات، وأعتقد أن أفضل صيغة لهذه الفترة هي المرجعية الوطنية الشاملة، وهذه ستمتد اهتماماتها ومسئولياتها إلى خارج فلسطين عن هذه الفترة، أما بعد ذلك فالقيادة المنتخَبة هي التي سترسم السياسة في الداخل والخارج.
- إذا كنتم ستشاركون في قيادة وطنية عُليا هل هذا يعني برأيك وجود حكومتين؟ وهل تعتقد أن السلطة الفلسطينية ستقبل بذلك؟
- المرجعية تجيب على هذا السؤال، لن تكون حكومتان، ستكون مرجعية قيادية عُليا، وأداة تنفيذية واحدة مؤقتة، وهذا يجيب على بقية السؤال.. نحن نتحدث عن اتفاق مسبق.
الانسحاب من غزة

- ما أوجه الاختلاف مع السلطة فيما يتعلق بمشاركة (حماس) في صنع القرار الفلسطيني بعد الانسحاب المتوقَّع من قطاع غزة؟
- إن الفترة التي يجري الحديث عنها هي فترة يجب أن تتركز فيها القضايا على كيفية تحقيق أوجه الاتفاق، وكلها أو معظمها ستكون قضايا إجرائية، وفترة تطبيق اتفاقات أفرزتها جلسات الحوار، وبالصيغة التي نراها لن يُسمح لأحد أن يذهب بعيدًا عن القضايا المتعلقة بالوطن والمواطن الفلسطيني في الداخل والخارج، وصُنع القرار لن يكون فقط محصورًا بين (حماس) و(فتح)، ولكنَّ هناك أطرافًا أخرى معنيةً بنفس الدرجة.
- ألا تعتقدون أن هناك من يسعى لإفشال (حماس) جماهيريًّا، من خلال فوزها بالمجالس البلدية والمحلية التي تعاني أزمات ماليةً خانقةً، حين تكون (حماس) عاجزةً عن توفير الدعم المالي الكافي لتطوير أدائها، لاسيما أن الاحتكاك سيكون مباشرةً مع الجمهور الذي ضاق ذرعًا بأداء هذه المؤسسات؟
- هذا واحد من الأسئلة التي تستخدمها جهات للتشكيك في قدرة (حماس) على تحقيق التطلعات الشعبية بعد أن فشلت محاولات التشكيك في قوة (حماس) الجماهيرية.
- إن فوز (حماس) في البلديات سيطلق المبادرة الذاتية الجبارة الكامنة في الشعب الفلسطينية، ويبدع في الإنتاج بدلاً من أن يبدع في التسول وتبديد ما تم جمعه، فيما يعرف بعرف الفساد الشامل.
- إمكانيات البلديات والسلطات المحلية كبيرة، ووسائل تقويتها وتعزيزها كبيرة ذاتيًّا، وإمكانية تطوير الخدمات وتحسينها وتخفيض نفقاتها ممكنة لكل من درس حالةَ البلديات، ولا أقول بأن هذا أمرٌ سهلٌ، ولكنه بالجهد والسهر والتعب وإخلاص النية وتوفيق الله- قبل وبعد- سيحقَّق ذلك بإذن الله .
- إنه مشروع إصلاح إداري قبل كل شيء، وسوف تفتح أبواب النجاح، ولنأخذ أمثلةَ المؤسسات والنقابات والجامعات التي تديرها (حماس) كنماذج حية.
- أنتم تعرفون أن قسمًا كبيرًا من مصادر التمويل للبلديات يأتي من الدول المانحة، فهل تتوقعون أن يستمر هذا الدعم في حال فازت (حماس) بمجالس البلديات في الانتخابات المقبلة؟
- وهذا الادعاء الثاني للترويج ضد (حماس)، والتعبير عن أماني البعض أن تفشل (حماس)؛ لنستعرض كل بلديات العالم لنرى حجم المساعدات الخارجية في كل واحدة منها..
- إن بلديات تعيش في بلد ما نفس الظروف السياسية والاجتماعية، بعضها يفشل بسبب الفساد الإداري والأخلاقي، وبعضها يحقق نجاحات باهرةً، ومع ذلك فأبواب الدعم العربي والإسلامي مفتوحةٌ لكل برنامج صادق، ولا أعتقد أن الدول المانحة التي تريد أن تشتري ذمةَ الوطن بدولاراتها سوف تقبل تيارًا إسلاميًّا أو وطنيًّا، إلا إذا خضع لهم ونفَّذ مآربهم، ولكن ليس كل العالم يملك دولارات إجرامية.
- إن هناك مؤسسات إسلامية بطول العالم العربي تتلقَّى دعمًا من جهات خارجية دون أن تتنازل عن ذمتها الوطنية، أو ضميرها العام والعالم مفتوح الصفحات لمن أراد أن يقرأ.
حماس والانتخابات
- حسب المعطيات الأولية فإن هناك ضعفًا في الإقبال الجماهيري على مراكز تسجيل الناخبين؟ برأيك ما هي الأسباب لعدم حماسة الشارع في الإقبال على التسجيل؟
- هذا الضعف في الإقبال مظهرٌ كاذبٌ، فمجرد أن علم الشارع أن هناك بدائل عن الواقع أقبل الناس، والعبرة بنهاية الفترة المحددة.. وأنا أظن أن السجلاَّت ستمتلئ وقد يطلب الجمهور تمديد الفترة. الشارع الفلسطيني يريد الإصلاح والتغيير، وهو يقول ذلك صراحةً.. إن أسباب تردد البعض كثيرة، ولكنها ستنتفي يوم ينظر إلى شعارات (حماس) والعديد من الفصائل الأخرى ومنشوراتها وهي تحثُّه على التسجيل، وقبل اللحظة الأخيرة سنشهد ما يتمناه الجميع.
- البعض يشكك في نوايا دخول (حماس) الانتخابات عمومًا، فماذا يقولون وماذا تقول؟!
- للأسف بعضهم انطلق من التخوين في نوايا (حماس)، فاعتمادًا على تقارير دولية مثل جماعة (الأزمات الدولية)، وبعض المعاهد الأمريكية للدراسات التي رأت أن قوةَ (حماس) يجب حرف مسارها عن المقاومة بإشغالها بالانتخابات، ورأى هؤلاء أن دخول (حماس) سيخلخل ثوابتها الوطنية، وبدأ يشكِّك في دعوات الحركة حين دعت الجمهور للتسجيل، وبعضهم لمَّح إلى أن هذا اتسق مع الرغبات الأمريكية، والبعض يقول إن الإسلاميين اليوم مقبلون على الغرب فاحذروا.. نحن سنستمر في مقاومتنا وسنستمر في تعمير مؤسساتنا، والشاهد هو المستقبل.
المصدر
- حوار: الزهَّار: حماس لن تسمح بأي تلاعب في الانتخابات موقع اخوان اون لاين