الجماعة الإسلامية.. حتى لا تضيع البوصلة!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الجماعة الإسلامية.. حتى لا تضيع البوصلة!


بقلم: الأستاذ أوّاب إبراهيم

تناقلت بعض وسائل الإعلام في الأيام الماضية معلومات قالت فيها إن الجماعة الإسلامية في لبنان شهدت –وما زالت- انتخابات تنظيمية داخلية تشمل كل مواقعها القيادية ومكاتبها المركزية والمحلية، وأن هذه الانتخابات باتت في مراحلها الأخيرة.

الخبر لم يثر الكثير من الاهتمام في الساحة اللبنانية، فالجماعة الإسلامية لا تعدّ لاعباً أساسياً في الحقل السياسي الذي تقدَّر فيه قوة الأحزاب بناءً على عدد الكراسي في مجلس النواب، وهو ما نجح العديد من المتمولين ورجال الأعمال في تحصيله دون أن ينتموا إلى أي حزب.

لكن هذا الخبر جدير به أن يحظى باهتمام الحريصين على الساحة الإسلامية والغيورين على مصلحتها، وعلى سلامة خطّها والمسار الذي تسلكه.

الكثير من هؤلاء يأملون أن تشكل انتخابات الجماعة الداخلية محطة للتوقف، والتنحي عن زحمة السجالات الطائفية والدجل السياسي الذي يملأ شاشات وسائل الإعلام، والتأمل في موقف الجماعة الحالي، وتقييم المرحلة السابقة، والتعلّم من دروسها، ومحاولة تجنب العثرات التي وقعت بها، في المستقبل.

هو الوقت الأنسب للبحث عن إجابات على أسئلة قد تبدو للوهلة الأولى ساذجة، لكنها شكلت في مراحل مضت محور نقاش وبحث طويل ودراسات مستفيضة.

وكانت منطلقاً لمرحلة جديدة من العمل الإسلامي، وأسلوب جديد لم يعهده من قبل. لكن المجال المتاح لا يتّسع إلا لطرح سؤال واحد هو: «هل حقّق الانخراط في العمل السياسي الأهداف التي أريدت منه؟».

أرجو أن يأخذني الجميع «على قدّ عقلي»، وأن يتعاطى مع الموضوع بشكل مجرّد، معزول عن المسار الذي دأبت عليه الجماعة منذ أربعة عقود هو عمرها في العمل السياسي، كذلك بعيداً عن تجارب الحركات الإسلامية الأخرى، والتأصيل الفكري للمشاركة في العمل السياسي.

فالعامل الذي يجب أن يحدد صوابية هذا الخيار من عدمه، هو جلب المصلحة ودرء المفسدة.

والغاية الأولى من تأصيل شرعية المشاركة بالعمل السياسي هي تحقيق مصلحة العمل الإسلامي. ولكن ماذا لو غابت هذه المصلحة، أو ماذا لو بات الثمن الذي يدفع للمشاركة السياسية أعلى بكثير من المصلحة التي تتحقق منها؟

ماذا قدم الانخراط في العمل السياسي للجماعة الإسلامية التي يحرص مسؤولوها في كل مناسبة على التذكير بأنها جماعة دعوية، وأن عملها السياسي يأتي في سياق خدمة الهدف الدعوي الذي تسعى إليه الجماعة، وأنها ليست من هواة الكراسي.

وماذا إذا تبيّن من خلال تقييم موضوعي للأمر - معزول عن التجربة السابقة والتجارب المحيطة - أن العمل السياسي لم يحقق الهدف المطلوب منه، بل ربما أضرّ به! أليس المطلوب حينئذ امتلاك جرأة لاتّخاذ قرارات قد لا تكون مألوفة، كأن يتم الإعلان عن اعتزال العمل السياسي في المرحلة الراهنة، بانتظار تغيّر الظروف المحيطة، تكرس وضعاً جديداً تحقق فيه المشاركة السياسية –حينها- المصلحة المنشودة.

قرار كهذا لن ينحصر تأثيره في الغياب عن المشهد السياسي والإعلامي، بل سيمتد إلى مسار الجماعة العام.

فالميزانية التي كانت ترصد لتنظيم مهرجان خطابي أو إفطار سياسي، يمكن تحويلها لتعزيز الوجود الإسلامي في القرى والمناطق الحدودية في الجنوب.

ويمكن استخدام الأموال التي تصرف في الحملات الانتخابية، نيابية كانت أو بلدية أو اختيارية، في تحسين مستوى معيشة أبناء قرى وبلدات عكار المحرومة، كإنشاء مستوصفات ومدارس مجانية، وتنفيذ مشاريع استثمارية تساهم في تخفيض نسبة بطالة شبان المنطقة.

والوقت الذي يستهلك في نسج علاقات عامة مع قوى وأحزاب تتناقض منطلقاتها الفكرية والعقائدية مع منطلقات الجماعة، يستعاض عنه بوقت يصرف في متابعة شؤون الساحة الإسلامية، من مساجدها وأحيائها ورجالها.

والجهد المبذول في متابعة الشأن السياسي والانكباب على دراسة الموقف السياسي الذي يجب أن يتّخذ، يمكن أن يتحوّل إلى جهد في متابعة حلقات العلم المنتشرة في المساجد والمراكز الإسلامية، والتخطيط لأنشطة لامنهجية تساهم في اجتذاب شرائح لم يتمّ الوصول إليها بعد.

قد يكون القرار الذي ينتج من حصيلة التوقف والتأمل وتقييم المرحلة السابقة -الذي أطالب به- هو المثابرة على المسار الحالي، والمضي به قدماً.

وربما خلص إلى إضافة تعديلات على المسار السياسي، وقد نكتشف أن الطريق الذي كنا نعتمده طوال المرحلة الماضية أضاع بوصلته، الأمر الذي يستلزم ممن يعنيهم الأمر استدراك الأمر واتخاذ قرارات تصوّب المسار.

المصدر