التعصب الطائفي وانقسام الوطن (الحلقة الأولى)
محتويات
مقدمة
وضع القرآن الكريم الأطر المستقيمة التي يلتزم بها المسلم مع شركاءه في الإنسانية من الأديان الأخرى أو مع من لا دين له، فقال تعالى: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) "الكهف 29"، وأمر الجميع بحسن التعاون في القضايا التي تهم الصالح العام دون المساس بالدين.
ولذا فالأقليات في كل وطن لها حقوق اتفق عليها الجميع فيما بينهم – وإن كانت تحدث بعض الخروقات بسبب العنصرية التي تبذرها بعض الأنظمة الحاكمة، أو للتعصب الديني الذي يعمي أبصار البعض، أو لعدم فهم نصوص الدين – والتي وجب الالتزام بها.
فلا يوجد عملياً أيُ بلدٍ في العالم ليس لديه أقليّة واحدة أو أكثر، قومية أو إثنية أو دينية أو لغوية أو غيرها. غير أن غالبية البلدان تفتقر إلى القوانين والسياسات الملائمة في هذا المجال، وغالباً ما تخضع هذه الأقليات إلى قيودٍ وانتهاكات لحقوقها.
وفي ظل التشريع الإسلامي حظيت الأقلِّيَّة غير المسلمة في المجتمع المسلم بما لم تحظ به أقلِّيَّة أخرى في أي قانون وفي أي بلد آخر من حقوق وامتيازات؛ وذلك أن العلاقة بين المجتمع المسلم والأقلِّيَّة غير المسلمة حكمتها القاعدة الربَّانيَّة التي في قوله تعالى: (لاَ يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْـمُقْسِطِينَ) "الممتحنة 8".
فقد حددت هذه الآية الأساس الأخلاقي والقانوني الذي يجب أن يُعامِل به المسلمون غيرهم، وهو البر والقسط لكل مَن لم يناصبهم العداء، وهي أُسُس لم تعرفها البشرية قبل الإسلام، وقد عاشت قرونًا بعده وهي تقاسي الويل من فقدانها، ولا تزال إلى اليوم تتطلع إلى تحقيقها في المجتمعات الحديثة فلا تكاد تصل إليها؛ بسبب الهوى والعصبية والعنصرية. (1)
والعلاقة بين أبناء الوطن في مصر شائكة، يشوبها التحفظ، وربما التحفز في بعض الأحيان، وربما تسبب ذلك في انتشار الكثير من الأفكار المغلوطة لكل طرف عن الآخر. (2) (تم التوثيق)
الزاوية الحمراء نقطة على الخريطة
حي يقع في شمال القاهرة وهو حي شعبي يقع بين شبرا وحدائق القبة - انفصل عن حي شبرا في الثمانينات - حيث تم بناء مساكن شعبيه به لاستيعاب سكان عشش الترجمان وبولاق العشوائيتين الذين تم نقلهم إلى مساكن الزاوية الحمراء بسبب انهيار بعض منازل سكان الترجمان والفرنساوى في بولاق أبو العلا.
ترجع تسمية حي الزاوية الحمراء إلى وجود زاوية للصلاة عند محطة شادر السمك مطلية باللون الأحمر وكانت العلامة المميزة لهذا المكان لذلك أطلق على هذه المنطقة الزاوية الحمراء. (3) (تم التوثيق)
ومن أهم معالم الحي وجود المصنع الحربي بها، وشادر السمك سابقا، وبه عدة تجمعات سكنية أبرزها وأرقاها مدينة النور ثم القصريين (الواقعة على شارع بورسعيد هي أرقى مناطق الحي حاليا حيث يوجد بها حديقة رئيسية على شارع بورسعيد و مستشفى اليوم الواحد واحدث المنشآت حاليا مكتبة مصر العامة بطرازها العالمي) ثم مدينة الجندول، وأخيرا مساكن الزاوية الحمراء.
وقد صدر قرار مجلس الوزراء رقم 385 لسنة 1998 في شان فصل حي الشرابية عن الزاوية الحمراء على أن يمارس أعماله على الطبيعة اعتبارا من 15/4/1998م. (4)
في هذا الحي الفقير – والذي أنشأ لاستيعاب سكان العشش – حيث تبلغ مساحته نحو4,6 كيلو متر مربع يسكن فيه أكثر من 350 ألف نسمة من بينهم 11 ألفا و 500 بلطجي ومسجل خطر طبقا لسجلات قسم الشرطة بخلاف الأعداد التي وجدت في الحي بعد ثورة 25 يناير 2011م ولم يتم حصرها حتى الآن والتي يؤكد البعض أنها تفوق الأعداد المسجلة في الدفاتر الرسمية.
غير أن أحد سكان الحي يصرح بوجود أعداد أكبر من ذلك حيث يقول:
- حي الزواية الحمراء من الأحياء الشعبية غير المستقرة أمنيا لوجود عدد كبير من البلطجية ضمن سكانه، زاد عددهم بعد الثورة لأكثر من 30 ألف مسجل,ولذلك يقال إن الزواية بها واحد من كل عشرة أفراد مسجل خطر، ولهذا فدائما تحدث لدينا مشكلات علي كل شكل ولون من سرقة بالإكراه، وخطف أطفال، وسرقة سيارات ملاكي وأجرة من أصحابها في وضح النهار وذلك في غياب تام لدور الشرطة في تأمين المواطنين.
ويقول أخر:
- أن الزاوية يطلق عليها مدينة الجريمة حيث تشهد ارتكاب كل الجرائم التي نسمع عنها من قتل واغتصاب ودعارة وسرقة بالإكراه وسطو مسلح وأعمال عنف وبلطجة بسبب انتشار تجارة الحشيش والبانجو والأقراص المخدرة بين عدد لا بأس به من الأهالي بشكل كبير لارتفاع نسبة الأمية وانتشار المقاهي. (5)
الشرر المستطير
تمر السنين تلو السنون، وتتعاقب الأيام، وينجلي الليل وما زالت كثير من أحداث التعصب الطائفي بين المسلمين والمسيحيين بمصر، وما زال الاحتقان يستتر خلف مظاهر التسامح الزائفة بين الطرفين، ويغزيها مغالطات بين الطرفين ومعتقدات كثيرة، وتصرفات – ربما من الأنظمة الحاكمة في كل زمن – تجعل النيران مستعرة بين الطرفين.
لم تكن أحداث الزاوية الحمراء والتي وقعت في 17 يونيو 1981م هي أول الاحتكاكات بين طرفي الوطن الواحد فقد سبقها كثير من الأحداث، غير أن أحداث الزاوية كانت الأعنف والأشد ضراوة، راح ضحيتها الكثير – اختلفت بيانات الضحايا بين الطرفين، بين مهول لأعداد الضحايا من المسيحيين وبين مهون منها- وتركت شرخ عميق بين أبناء الوطن الواحد.
وكان التحفز بين الطرفين أيضا لم يكن وليد اللحظة، فبعض الأقباط يقومون ببعض الأعمال التي تستفز مشاعر المسلمين، كما أن كثير من المسلمين يحملون روح البغضاء لكل ما هو قبطي بسبب الموروثات التي تربوا عليها، أو لظهور الجماعات الإسلامية المتعصبة، أو للإعلام الذي يغزي هذا الشعور، حيث كانت السياسة الجديدة في الصحافة والإعلام والجامعات تؤدى إلى التسعير الطائفي.
يقول الدكتور إبراهيم القاعود:
- منذ بداية السبعينات ظهرت على سطح الحياة السياسية في مصر قوى جديدة لم تكن في حسبان القيادة السياسية المصرية .. هذه القوى تحركت بوعي وأحينا بلا وعى تفاعلا مع مجريات الأمور .. لقد ظهرت الجماعات الإسلامية الشابة، هذه الجماعات كانت نبضا حيا إزاء المواقف والأحداث التي مرت بها بعد حرب أكتوبر 1973 ..
ولا شك أن مناخ الحياة السياسية والحنين إلى العودة الصادقة إلى أحضان الدين والعقيدة هو الذي مهد لقيامها .. وربما دفع الحماس بعض أفكار هذه الجماعات إلى مواجهة ظاهرة الانحراف بأشكالها المختلفة بنوع من التطرف أو المغالاة في التصورات الإسلامية وأيضا انتمى بعض من هذه الجماعات لرد الفعل العكسي والعنيف لما حدث من وحشية وبشاعة في سجون عبد الناصر. (6)
لقد شهد المجتمع المصري تغييرات عدة خاصة مع وصول السادات لسدة الحكم، والقضاء على مراكز القوى الناصرية التي كانت تسيطر على مفاصل الدولة ومقدرات الشعب، ثم الانتصار في حرب أكتوبر من عام 1973م على الجيش الإسرائيلي
والتي عمد بعدها السادات إلى انتهاج سياسة الاستقرار، فحجم نفوذ الشيوعيين والناصريين، وقام بطرد الخبراء الروس، وفتح السجون للإسلاميين فخرجوا وأفسح لهم الطريق، بل لم يكتف بخروجهم من السجون فعمل على تكوين جماعات كانت أكثر عنفا من المتواجدة على الساحة.
وعملت سياسة الانفتاح التي انتهاجها على زيادة التعصب، للصدمة التي خلفها هذا الانفتاح في نفوس الشباب الذي لم يجد من وراءه إلا كل شر. وأحس الشباب بسلبيات عصر الانفتاح لأن إيجابياته كان مقصورة على مجموعات من المستثمرين وأيضا المستفيدين، كما أحسوا بالتناقضات الغريبة في بنية المجتمع المصري وظواهر الانحراف المنتشرة، فظهر تيارهم للجنوح إلى العنف كوسيلة للتغيير. (7)
بل زاد من جنوح الشباب للعنف في هذه الفترة هو ما وقع عليهم في السجون من تعذيب في عهد عبد الناصر – يعجز اللسان عن وصفه – فأفرز المجتمع أمثال شكري مصطفى وصالح سرية وغيرهم، يقول عمر التلمساني – مرشد الإخوان : أهم أسباب انحراف الشباب إلي العنف هو التعذيب الذي لاقوه أيام السجن وهو شيء ليس بقليل.
ناحية أخري أن مظاهر المجتمع كله في نظر أي مسلم مظاهر يري الشباب أن تعاليم دينه تقضي بأوضاع معينة ويري أن هذه الأوضاع لا تتبع، خاصة في دولة يقول دستورها أن دينها الرسمي هو الإسلام وأن الشريعة المصدر الرئيسي للتقنين .. قطعا الشباب يتأثر ويفكر طويلا هل هذا العمل ينطبق مع ما يقال؟ أنها دولة إسلامية أم لا؟. (8)
ثم يعيب على الشباب المسلم الجنوح للعنف فيقول:
- (الدعاة إلى الله دعاة سلم وأمان ولا أتصور أن شابا يدعو الله، وقد تمكنت الدعوة من قلبه تماما ثم يدمر ويخرب أو أن يضرب أو أن يعنف) (9)
ويقول سعيد العليمي:
- خلال سنوات من الاعتقال الكئيب حيث يتهاوى الرجال أو يتصلبون، تصارعت أفكار ونظريات كان القمع العنيف باعثها المباشر. فلا يمكن لفكر أن ينتهي باضطهاده مهما كان عنف القمع الموجه، بل إن الأخير، إذ يحول البعض إلى شهداء وقديسين فانه يحول البعض الآخر إلى متعصبين متطرفين .
لقد كانت فترة الاعتقال 65-71 مناخا مناسبا للإنتاج الفكري والنظري لدى الإخوان.. وحفل سجن أبى زعبل ومعتقل طره السياسي بمناقشات دينية فقهية تمخض عنها انشقاق جناح على قيادة جماعة الإخوان، وكانت تضم في معظمها الشباب وهى الجماعة التي أسمتها أجهزة الدولة فيما بعد بجماعة التكفير والهجرة. (10) (تم التوثيق)
وفي عزلة عنابر الاعتقال ومقاطعة الإخوان (التقليديين) بدأت في التبلور الأسس النظرية لفكر جماعة المسلمين، التي انطلقت من فكر الخوارج بصفة عامة ، والأزارقة منهم خاصة. (11). (تم التوثيق)
إن الاتجاه الديني الخارج لتوه، خرج منقسما إلى اتجاهين:
- أحدهما وهو يمثل الإخوان التقليديين يتسم بالحرص والحذر والتبصر، والآخر - جماعة المسلمين - راح يندفع بكل فتوته وشبابه ووعيه الزائف نحو مشنقة النظام التي أجاد جدلها، ولم يفد كتاب "دعاة لا قضاة" الذي ألفه مرشد الإخوان الأستاذ حسن الهضيبي، في إيقافهم. (12)
كانت الأوضاع تؤهل لانفجار أوشك على الحدوث، بسبب تدافع الأحداث المتلاحقة، وخيبة الأمل التي وقع فيها النظام من عدم تحقيق العدالة للجميع، ولجنوحه لمعاهدة مع العدو الصهيوني مما أدت لاشتعال الموقف. (13)
بالإضافة لسياسة التخبط التي كان يعيشها النظام مما أدى لانتفاضة الخبز عام 1977م، ثم تصريحات السادات حول إمداد إسرائيل بمياه النيل، وخروج بعض الجماعات المتطرفة – والتي خرج بعضها من عباءة النظام نفسه حيث كان ينشد من ورائها إحداث توازن مع الإخوان المسلمين- حيث خرجت عن السيطرة
ووجد السادات في مقاومة الإلحاد انسب أداة لتغطية إجراءاته الداخلية والخارجية، فكان لابد من القيام بعمل يشغل الرأى العام عما يقوم به النظام، فكانت ورقة الفتنة الطائفية والتجاوزات ضد الأقباط – والتي أيدها بعض المسلمين المتشددين. (14) تم التوثيق
الزاوية الحمراء المبني للمجهول
ذكرنا أن الزاوية الحمراء لم يكن لها ذكر إلا من خلال الأحداث الطائفية التي وقعت على أراضيها، حيث لم تكن إلا أرضا زراعية قام النظام ببناء بعض العشش فيها لاستيعاب الأعداد القادمة من أحياء أخرى، مما جعلها مأوى لمختلفي الاتجاهات والتيارات والأمزجة لاختلاف البيئات.
وقعت أحداثها مثل عشرات الحوادث التي تقع بين المسلمين والأقباط حول بناء الكنائس – تعمد النظام أن لا يضع قانون حازم يضع الأطر السليمة لبناء الكنائس، لكنه وضع خط همايوني ظل سببا للفهم المغلوط بين المسلمين والأقباط. (15)
لم تكن أحداث الزاوية الحمراء، وردود الأفعال التي أثارتها في مناطق أخرى ، بشيء خارج عن سياق التهيئة العامة التي أعدت لها سلطة السادات بسياساتها .. ورغم أن الصدامات والصراعات الدامية أحيانا قد وجدت مجالاتها في ظل المناخ الطائفي ، إلا أنها المرة الأولي التي يتخذ فيها الصدام هذه الأبعاد.
ووراء القتلى والجرحى والتحريض الديني الطائفي، والاشتباكات المسلحة، تقف هناك عناصر التفاعل: سلطة الدولة، التيار الديني بوجهيه المسلم والمسيحي الذي ينطلق من مواقع التعصب، التآمر الخارجي الأمريكي الإسرائيلي، وأخيرا عجز القوى الوطنية والديمقراطية عن أن تصد هذه العناصر وتقدم الوجهة الحقيقية للنضال على أساس اجتماعي سياسي.
ويعرف الجميع انه ليس أمرا جديدا أن تلجأ بعض السلطات الحاكمة إلى تسعير الأحقاد الدينية، لكي تحرف انتباه الشعوب بالخلافات الطائفية، وتحولها عن أعمق مشاكلها الاقتصادية والسياسية الجوهرية، وأن تفتت القوى التي تشكل قاعدة مواجهته... وهذا صلب كل اتجاه يحاول إبراز الانقسام الديني بديلا عن الانقسام السياسي. (16)
إن انتشار التعصب الديني بين الأقباط المصريين لم يكن يظهر في مجرى التاريخ المصري إلا في ظل الخيانة الوطنية، التي كان يتفتق عنها الوضع العام،أو التي تُدفع دفعا بأساليب التآمر.
مسلسل الأحداث وضياع الحقيقة
تقع مثل هذه الأحداث – والتي تخلف الكثير من الدماء من كلا الطرفين على ثوب الوطن – في ظل غياب الحقيقة والمفاهيم بين أضلاع الوطن الثلاثة (السلطة – المسلمين – الأقباط)، حيث تنثر بذور الكراهية – بالقول أو بالفعل – بين قطبي الوطن، وتحرص السلطة على الاستفادة منها لتبيض وجهها خارجيا أو داخليا.
لقد اختفت الحقيقة تحت نيران غضب المسلمين والأقباط الذين كتبوا أو تحدثوا أو صرحوا حول هذه الأحداث، وما زال كل فريق – من وقتها – وهو يحاول تأكيد صحة طرحة، وأعداد الضحايا التي وقعت في صفوفه. بالإضافة أن العلاقة بين رأس الدولة – السادات ورأس الكنيسة – البابا شنودة قد وصلت لمنعطف خطير لا يمكن لأحدهما التراجع عنه، ولذا كان لابد – أمام هذا التصاعد – من عمل جلل.
هذا الحوادث لم تأتي فجأة لكن يسبقها ترتيبات سواء داخلية أو خارجية، فمن المعروف أن الرئيس السابق أنور السادات منح الضوء الأخضر لمحافظ أسيوط في عهده، محمد عثمان إسماعيل، بداية السبعينات لتأسيس "الجماعة الإسلامية المتشددة" أو دعمها لأسباب أهمها مواجهة تيار اليسار، وخاصة الطلاب
لكنّ سبباً آخر لا يتحدث عنه كثيرون، ورواه محافظ أسيوط الأسبق في مذكراته - والذي كان عضو اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي الحاكم في عهد جمال عبد الناصر - ويتمثل في مواجهة نفوذ الأقباط المتصاعد، خاصة في أسيوط، وتعاملهم بندية مع النظام. (17)
وهناك من الأمور التي زادت الأمور تعقيدا، يقول جمال أسعد:
- إن العلاقة بين السادات والبابا شنودة كانت قد وصلت إلي أسوأ مراحلها وحالاتها قبيل أحداث سبتمبر، ومما زاد الطين بلة أن الرئيس الراحل عندما زار واشنطن قبيل الاعتقالات، رشقه أقباط المهجر ومناصروهم بالبيض والطماطم والشتائم التي لم يكن السادات يقبلها علي نفسه. (18)
بدأت أحداث حادث الزاوية الحمراء يوم الأربعاء 17 يونيو 1981 عقب صلاة المغرب بمسجد النصر بالزاوية الحمراء بالقاهرة، حيث كان المسلمون يصلون، وفوجئوا بكرة قدم تصيب المصلين داخل المسجد، والتي كان يلعب بها بعض الشباب المسيحي .. وعندما خرج المصلون يعتبون عليهم كان ردهم فيه سوء أدب واستفزاز، مما دفع أحد المصلين إلى تحذير إخوانه من الاستدراج وطلب منهم الانصراف ..
ولكن قبل أن ينصرف المصلون إذ بوابل من الرصاص ينطلق من العمارة المواجهة للمسجد فأحدثت مقتلا من واحد من المصلين فحدث هرج ومرج وانتشر الخبر في كل الحي، فكانت هناك ردود أفعال من بعض المصلين ضد المسيحيين، وعقب صلاة العشاء وعند خروج المصلين من مسجد النذير - يبعد حوالى 500 متر تقريبا عن مسجد النصر - أطلق أحد الأقباط ويدعى كامل الموان وأولاده الرصاص على المسلمين داخل وخارج المسجد من مسدساتهم الأوتوماتيكية
واستمروا في إطلاق الرصاص حتى الساعة الثانية صباح الخميس ولم يتوقف إطلاق الرصاص إلا بعد القبض عليهم، كما أطلق أقباط آخرون الرصاص على المسلمين في منطقة الجنينة وعزبة أبو ليلة .. وسقط من المسلمين صباح ذلك اليوم أكثر من 60 قتيلا ومصابا. (19) (تم التوثيق)
ويروي مجدي محمد عبد المنعم – أحد المصابين
- أنه إصابته رصاصة في بطنه وقت دخوله لصلاة العشاء في المسجد، واستمر الوضع كذلك يومي الخميس والجمعة حتى قام بعض المسئولين والدعاة بالتدخل لوقف ما يحدث. ولقد خلفت الأحداث أكثر من 96 مصابا وقتيلا من المسلمين منهم عشرة قتلى، في ست مستشفيات وهي مستشفى منشية البكري، وباب الشعرية، والدمرداش، وأحمد ماهر، والزهراء، وهليوبوليس. (20)
غير أن مختار نوح يروي الأحداث بزاوية أخرى فيقول:
- أن شجارا نشب بين شباب بعض الحركات الإسلامية الذي بسط نفوذه على قطعة أرض يملكها كامل الموان والذي أغضبه وبعض الأقباط ذلك فأطلقوا الرصاص عليهم، مما دفع هؤلاء الشباب أن يجوبوا الحي ليجمعوا أنصارهم ليلقنوا من أطلق عليهم النار درسا.
وآخرين يقولون أنه عراك بين أسرتين سكبت إحداهما ماء قذر فوق غسيل الأسرة الأخرى. لكن الواقع أن صاحب الأرض هو من بدأ بإطلاق الرصاص، لكنه في جميع الأحوال كان مالك الأرض الذي أراد أن يدافع عنها حتى لو استخدم الرصاص وذلك وفق ما جاء في التحقيقات. (21)
ونسرد لرواية استندت في تحليلاتها على الخطاب الذي ألقاه السادات أمام مجلسي الشعب والشوري، حيث جاء فيها: بدأت تلك الحادثة بنزاع بين بعض المسلمين والأقباط حول قطعة أرض فضاء، وتطور النزاع إلى معركة استخدمت فيها الأسلحة النارية؛ مما أدى إلى مقتل العشرات من الطرفين، فاشتعلت الأحداث على نحو خطير.
ويضيف الباحث:
- يمكننا الاعتماد في سرد تفاصيله على ما جاء في خطاب الرئيس السادات أمام مجلسي الشعب والشورى في الدورة الاستثنائية التي دعا إليها في سبتمبر 1981، والتي شملت الأسباب التي تواترت حول الحادث بالإضافة لدقتها سواء من حيث الأسماء أو التواريخ التي تم ذكرها.
فقد ذكر الرئيس السادات أنه بتاريخ 12 يونيو 1981 أبلغ مصنع العلف بالزاوية الحمراء التابع للمؤسسة المصرية العامة للدواجن بحدوث تعدى المواطن كامل مرزوق سمعان على قطعة أرض مملوكة للمصنع معدة لإجراء توسعات فيه ولإقامة مصلى للعاملين، وحسم هذا النزاع بالقرار الإداري رقم 6 في 13 يونيو 1981، والذي صدر من حي شمال القاهرة، ونص على إزالة التعدي ونُفذ القرار بالفعل، وانتهى النزاع عند هذا الحد.
وفى مساء 17 يونيو 1981 حدث شجار بين أفراد أسرتي موريس صاروفيم إبراهيم، ومحمد سليمان بسبب سقوط مياه قذرة من شرفة مسكن الأول على ملابس بشرفة منزل الثاني، وأسفر الحادث عن إصابة أفراد الأسرتين بإصابات بسيطة، ونتيجة للشائعات تحول الأمر من حادث عادى وفردي إلى حادث طائفي
وما زاد الأمور اشتعالاً تردد شائعات أن المواطن كامل مرزوق - صاحب مشكلة الأرض مع مصنع الدواجن - هو الذي أزكى هذا الحادث، وهو الذي أشعل الفتنة الطائفية، وتوجهت الجماهير إلى منزله فقام بإطلاق النار عليها من سلاحه المرخص؛ مما أشعل الأحداث نتيجة إصابة العديد من المواطنين.
وطبقاً لخطاب الرئيس فإن عدد ضحايا هذا الحادث 17 قتيل و112 مصاباً، من بينهم ضابطان وثلاثة جنود، كما تم إتلاف 171 مكان من الأماكن العامة والخاصة، وتم استغلال هذه الأحداث، وجرت سرقة ونهب بعض المحلات والشقق، وتم القبض على 226 متهماً في أعقاب الحادث مباشرة. (22) (تم التوثيق)
وهكذا يتبين أن أسباب هذا الحادث مجموعة متفرقة من الحوادث، مع وجود مناخ ساعد على إشعاله بهذه الصورة الكثيفة وغير المعهودة، وقد فجر هذا الحادث العديد من ردود الأفعال الشعبية والرسمية والإعلامية كان أعنفها رد الفعل الرسمي والذي جاء بعد انتهاء الأحداث بحوالي شهرين.
وقد تطورت ردود الفعل الرسمية تصاعدياً مع الأحداث، سواء في البيانات أو التصريحات حتى وصلت لقمتها في خطاب الرئيس السادات في سبتمبر من نفس العام والذي دعى فيه مجلسي الشعب والشورى للانعقاد في دورة استثنائية لمناقشة ما أسماه "إجراء ثوري"، حيث جاء أول بيان كرد فعل رسمي على الحادث؛ مما أثار استهجاناً إعلامياً سواء من الصحف القومية أو المعارضة
وقد عكس خطاب الحكومة تطور الأحداث، فقد جاء فى البداية مقتل اثنين وإصابة 31 آخرين،ثم كان مقتل 10أشخاص وإصابة 54 آخرين،أما عن الإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها فهي عديدة: أولها تحويل نقطة الشرطة التي كانت في المنطقة إلى مركز شرطة، ثم كـانت هنـاك البيانات العديدة من محافظة القاهرة ومن وزارة الداخلية ومن النائب العام، إلا أن آخر الإجراءات الحكومية تمثلت فيما جاء بخطاب الرئيس أمام البرلمان.
إذ أكد الرئيس السادات أنه لن يسمح لأحد أياً كان بضرب الوحدة الوطنية واستغلال الدين، وقال "إنني مسئول عن الأسرة المصرية بمسلميها ومسيحييها ... وإذا ما حاول البعض تحت أي شعار أو اسم أو جمعية أن يتكلم باسم المسلمين أو المسيحيين سأوقفه عند حده"، كما طالب بتحليل كامل لحوادث الفتنة الطائفية في السنوات الأخيرة. (23)
غير أن المواقع القبطية، وبعض الكتب التي ألفها أقباط، كانت لها سمة رواية تكاد تكون واحدة ومتداولة على هذا النسق، والاستناد في تحديد عدد الضحايا والأحداث إلى تصريح لوزير الداخلية – فيما بعد- حسن أبو باشا في صحيفة الأهرام الدولية – كما ذكرت المواقع
تقول الرواية:
- أدعى كذبا السيد محمد أنور السادات رئيس جمهورية مصر أثناء حادثة الزاوية الحمراء أن : " سبب حوادث الزاوية الحمراء كان سبباً لماء غسيل وسخ ألقاه مسيحي قبطي على عائلة مسلمة وشجار تم بين أسرتين نتيجة لذلك "
كما أن الرئيس محمد أنور السادات رئيس الجمهورية أدعى كذباً أيضاً في خطاب له علني نقلته أجهزة الإعلام المرئية والمسموعة في يوم 5 سبتمبر 1981 م بأن عدد القتلى من الأقباط في حادثة الزاوية الحمراء هم تسعة أفراد
والحقيقة في عدد القتلى ذكره اللواء أبو باشا وزير الداخلية اللاحق فقال فى حديث ذكر له في جريدة الأهرام الدولي: أن عدد القتلى فى حادثة الزاوية الحمراء بلغ أكثر من 81 قتيلاً من الأقباط، وأضاف حسن أبو باشا فى برنامج اختراق الذي يذاع على شاشة التلفزيون بأن تلك الفترة لم يكن بها أمن سليم منتقداً الوزير النبوي إسماعيل وزير الداخلية فى ذلك الوقت. (24)
ولقد عرضت الكتب والمواقع أسماء من مات من الأقباط، وإن كنا لا نقف على رواية واحدة بين التهويل والتهوين إلا أن الأحداث أخذت معترك خطير بين قطبي الوطن. (25)
أما عن أسباب الحدث وتطوره - وفق الرواية القبطية - فجاء فيه:
- في 17 حزيران - يونيو 1981م نشب نزاع في حي الزاوية الحمراء بالقاهرة حول قطعة أرض كان قد اشتراها أحد المسيحيين لتقام عليها كنيسة واستصدر حكماً قضائيا بحيازتها وأصبحت ملكة فعلاً بحكم قوانين مصر المعمول بها . غير أن السلطات المحلية دفعت بأن الأرض ملك لأحد المصانع.
وعندما علمت بعض العصابات الإسلامية الإجرامية بأمر النزاع بين الطرفين بادر بعض أعضائها باحتلال الأرض لبناء مسجد عليها فدافع المسيحي عن نفسه وقيل أنه بادر بإطلاق النار في موقع الأرض وفى رواية أخرى أنه أطلق النار عليهم عندما هاجمته العصابات الإسلامية في منزله وأنه قتل بعض أفرادها – وأمتد الاشتباك وقام العامة من أوباش المسلمين وعامتهم بقتل وإصابة الأقباط من الرجال والنساء والأطفال فشمل الحي بأكمله فوقع قتلى ومصابون من الجانبين. (26)
وجاءت رواية قداسة البابا شنودة الثالث بابا الأقباط حول الأحداث – كما ساقها بعض الكتاب كالتالي:
- أعلن المسلمون حقهم في قطعة أرض أعتزم بعض الأقباط على إقامة كنيسة عليها وتحول من شجار عادى بين الجيران إلى معركة مسلحة وأصيب سكان الزاوية الحمراء (الضاحية التي وقعت بها الأحداث) بالتوتر والهلع وبعد خمسة أيام
- أي في يوم 17/ 6/ 1981 م أشتبك المسلمون والمسيحيون في الزاوية مرة أخرى وكان هناك مجموعة من الصبية في سن الأحداث - هذه الأعمال تخطيط من العصابات الإسلامية فإذا تم القبض عليهم لا يتهمون بشيء ويفرج عنهم - تنتقل من حي إلى أخر فيمرون من منشية الصدر إلى الوايلى إلى الزاوية يهتفون : احرق .. دمر إلى آخر الكلام هذا بل كانوا يضعون علامات على بعض البيوت لتظهر بأن بداخلها مسيحيون. (27) (تم التوثيق)
وبالتأكيد كان وراء مجموعة الصبية قيادات كبيرة تحركهم وبكل أسف تركتهم الدولة ثلاثة أيام إلى أن اشتعل الموقف إلى ابعد الحدود وبعد ذلك يقول السادات : إن وزير الداخلية السيد النبوي إسماعيل عالج الموقف بطريقة سياسية وليس بطريقة بوليسية، أي أنه إذا كان قد لجأ إلى الطريقة البوليسية كان انتهى الأمر أما من جهة الطريقة السياسية لا أعرف – ربما السادات أراد أن يترك الموقف يشتعل لكي يجد سبباً يعتمد عليه في استخدام سلطاته الاستثنائية في الدستور. (28) (تم التوثيق)
عندما وقعت أحداث الزاوية الحمراء – نفذت أجهزة الشرطة تعليمات وزير الداخلية السيد النبوي إسماعيل – آنذاك – بأن حاصرت الناس وتركتهم (العصابات الإسلامية) يقتلون ويضربون بعضهم البعض مسيحيين ومسلمين وقام مثيري الفتنة والخارجون على القانون من اللصوص ومحترفي الإجرام بأعمال السلب والنهب دون أي تدخل يفض هذه المعارك وأستنتج أنت ماذا يحدث للأقباط في ظل الكثرة والغالبية المسلمة وماذا يفعل الغوغاء والمجرمين في ظل غياب الأمن هذا ولمصلحة من إذن هذا الذي يحدث. (29)
إلا أن النبوي إسماعيل صرح في حوار أجرى معه حول هذه الأحداث فقال:
- في أحداث الزاوية الحمراء كان السادات حريصا على إنهاء حالة الشغب فورا، وطلب مني استخدام الرصاص، وكنت رافضا ذلك تماما، لأنه سيسقط الناس بين قتيل وجريح، وكان تداعيات ذلك ستكون كبيرة فاعتذرت لكنى أمرت القوات باستخدام العصي والغازات المفرقة، لكن الرئيس غضبا منى لعدم استجابتي له .. وبعدما انتهت الأزمة قال لى: يا نبوي أنا الصورة لم تكن واضحة أمامي بالشكل الكافي، وللأمانة أنت عالجت المسألة بشكل جيد. (30)
غير أن الأستاذ عبد العزيز الشوربجى – نقيب المحامين في الستينات - عندما كان بنقابة الصحفيين ووقعت أحداث الزاوية الحمراء في يونيو 1981م .. أرتجل كلمة وجه فيها الاتهامات إلى وزير الداخلية السيد النبوي إسماعيل بأنه المسئول عن هذه الأحداث وكشف مخطط الحكومة لإثارة الفتنة الطائفية في البلاد للتغطية على فشل سياسة الحكومة في المسألة الوطنية. (31)
وكتب موسى صبري قائلا:
- في حزيران - يونيو 1981، اندلعت معارك بين الأقباط والمسلمين في حي الزاوية الحمراء في القاهرة. مرة أخرى، كان السبب هو الجدل حول بناء الكنائس. فعندما بدأت مجموعة من المسلمين إقامة مسجد على قطعة أرض خاصة مقرّرة لبناء كنيسة قبطية، عَمَد الأقباط إلى إطلاق النار عليهم.
ردّ المسلمون على إطلاق النار، وسمحت وزارة الداخلية باستمرار المعركة المحتدمة لمدة ثلاثة أيام قبل أن تتدخّل. أسفرت الأزمة في الزاوية الحمراء عن مقتل سبعة عشر شخصاً (تسعة منهم من الأقباط) و112 جريحاً. عاب النقّاد على السادات أنه رعى بيئة من الارتياب الطائفي ولم يبادر إلى الحدّ من أعمال العنف عندما بدأت.
ظنّ السادات الذي كان يعيش في عزلة متزايدة، أن الاضطرابات الاجتماعية تبرّر له ممارسة المزيد من القمع. وفي أيلول/سبتمبر 1980، أَمَرَ باعتقال أكثر من 1500 من منتقديه من المسلمين والأقباط، ووضع الأنبا شنودة قيد الإقامة الجبرية. (32)
وكتب الصحفي سعيد الشحات واصفا الحال فقال:
- كنت شاهدا على أحداث الفتنة الطائفية في "الزاوية الحمراء" يوم 17 يونيو "مثل هذا اليوم" عام 1981، ورأيت بعيني حالة الانفلات الرهيبة التي تجسدت في القتل واستباحة محلات الصاغة، ورأيت بعيني مبنى تلتهمه النيران التهاما، وأصبحت جدرانه جمرا تتهاوى قطعه على الأرض. (33) (تم التوثيق)
كان كل شىء خارج حدود السيطرة والعقل، وعمليات النهب والقتل والسطو دون وجود شرطة ولا دولة، فأكد المشهد أن هذا الذي يحدث هو "من أسوء حوادث الفتنة الطائفية التى شهدتها مصر منذ سنوات بعيدة". وقعت هذه الأحداث في أجواء سياسية ملتهبة خيم عليها النعرة الطائفية بين المسلمين والمسيحيين. (34)
وذكرت المراجع الأجنبية بعض من هذه الأحداث نسوقها لتكتمل الصورة، يقول البروفيسور بول سيدرا:
- في العام 1980، استخدم السادات، الذي كان غارقاً في جدل داخلي حول معاهدة السلام التي كانت مصر قد عقدتها مع إسرائيل وارتفاع معدّل التضخّم، مهارته في إجراء الاستفتاءات لتعديل المادة الثانية من الدستور المصري، وجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
- اتّخذ الأنبا شنودة موقفاً عدائياً من طائفية السادات، وعقد سلسلة من المؤتمرات التي: طالبَتْ بتوفير حماية حكومية للمسيحيين وممتلكاتهم، وحرية الاعتقاد والعبادة، ووضع حدّ لمصادرة ممتلكات الكنيسة من جانب وزارة الأوقاف، والتخلّي عن الجهود المبذولة لتطبيق الشريعة الإسلامية على غير المسلمين، فضلاً عن زيادة تمثيل الأقباط في النقابات العمالية والجمعيات المهنية والمجالس المحلية والإقليمية والبرلمان. (35)
عندما قاوم البابا ما اعتبره أسلمه زاحفة، اتهم السادات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بأنها تتصرّف كطابور خامس، بالتعاون مع الشيوعيين. واتّهم شنودة بأنه ذو نزعة انفصالية، قائلاً إن الأنبا القبطي يرغب في اقتطاع جزء من صعيد مصر لإقامة دولة مسيحية. (36)
وفي ظل الاحتقان وتدافع الأحداث أصدرت دار الإفتاء بيانا حول مجريات الأحداث، على لسان المفتي الشيخ جاد الحق علي جاد الحق في شعبان 1401 هجرية - 25 يونيو 1981م، ومما جاء فيه: لمصلحة من هذا الذي حدث، قرأت بأسف شديد البيان الذي أذاعته وزارة الداخلية أمس عن وقوع شجار بين اثنين من المواطنين أحدهما مسلم والآخر قبطي امتدت آثاره إلى قتل وجراح لغيرهما ومآسي أخرى.
فتذكرت قول الله سبحانه في القرآن الكريم (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) الحجرات 13 ، مساواة تامة فى الإنسانية تتبعها المساواة العادلة في الحقوق والواجبات، ويؤكد هذا ويشرحه قول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب وليس لعربي على أعجمي ولا لأعجمي على عربي ولا لأحمر على أبيض ولا لأبيض على أحمر فضل إلى بالتقوى)
هذه دعوة الإسلام إلى المساواة تذكيرا لبنى الإنسان أن أصلهم واحد لا تفرقة بسبب الدين أو الجنس، بل لقد أوصى الإسلام بغير المسلمين، وأوضح أن لهم ما للمسلمين من حقوق وعليهم ما على المسلمين من واجبات، تسرى على هؤلاء وأولئك قوانين الدولة، إلا أن غير المسلمين تحترم عقائدهم، وما يدينون به. (37) (تم التوثيق)
فدماء غير المسلمين وأموالهم وأعراضهم حرام كحرمة دماء وأموال وأعراض المسلمين، حكم بهذا ووصى به رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حين قال (من قذف ذميا حد له يوم القيامة بسياط من نار) رواه الطبراني عن واثلة. (38)
المراجع
- راغب السرجاني: حقوق الأقليات في الحضارة الإسلامية
- سامية علام: كيف يرى المسلمون المسيحيين في مصر؟
- أميرة الشرقاوي: قصة حي.. "الزاوية الحمراء" عشوائية قديمة بدأت التطوير صحيفة الأهرام المصرية
- ويكيبيديا الموسوعة الحرة
- سليمان أبو اليزيد: الزاويـة الحمـراء..عش الدبابيـر، الأهرام المسائي، العدد 8551، السنة 24، الخميس غــرة ذى الحجة 1435 هـ - 25 سبتمبر 2014م، صفحة تحقيقات.
- إبراهيم القاعود: الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة، طـ 1 (القاهرة، مؤسسة دار المختار الإسلامي للطباعة والنشر 1985م) صـ 120
- منير شريف وأحمد عمر: غواية السلطة، طـ1، (القاهرة، دار العين للنشر، 1435هـ - 2014م) صـ87.
- عمر التلمساني: مجلة المصور، عدد: 2989، 27 ربيع الأول 1402 هـ، 22/1/1982م.
- مجلة الأطباء: السنة 31، عدد: 98، أغسطس 1986م، ص: 35.
- سعيد العليمى: جذور الفتنة الطائفية في مصر 1981م، جريدة الخليج، الشارقة، أغسطس 1981م، وأعيد نشره على موقع الحوار المتمدين
- المرجع السابق
- المرجع السابق
- في هذا الوقت قامت إسرائيل ببعض الأعمال التي زادت من اشتعال الموقف ، حيث شنت إسرائيل هجمات على جنوب لبنان ودمرت المفاعل النووي العراقي وأعلنت ضم القدس العربية كعاصمة موحدة لها وأبدية لإسرائيل واغتيال الشخصيات العلمية والسياسية العربية وضم الجولان، وزيارة مناحم بيجن لمصر وغيرها من التصرفات التي أشعلت الشارع العربي في هذا الوقت.
- سلوى محمد العوا: الجماعة الاسلامية المسلحة في مصر، 1974-2004م، مكتبة الشروق الدولية،, 2006م، صـ 45
- للمزيد عن تاريخ وتحولات الخط الهمايوني أنظر: موقع الغد ما هو "الخط الهمايوني" المتحكم في بناء الكنائس بمصر منذ الخلافة العثمانية؟
- سعيد العليمى: جذور الفتنة الطائفية في مصر ، مرجع سابق.
- جهاد عوده: السياسة الخارجية المصرية -أصول وتطور، المكتب العربي للمعارف، القاهرة، 2015م، صـ 324.
- المصري اليوم، قضايا ساخنة، العدد ٨١٧ الجمعة 8/ 9/ 2006.
- إبراهيم القاعود: الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة، مرجع سابق، صـ 125
- مجلة الدعوة: العدد 63، السنة 31، رمضان 1401هـ/ يوليو 1981م، صـ 20، 21 حيث ذكرت أسماء ما يقرب من 40 مصابا من المسلمين في مستشفى واحدة من 6 مستشفيات.
- مختار نوح: موسوعة العنف في الحركات الإسلامية المسلحة: 50 عامًا من الدم، دار سما للنشر، القاهرة، 2014م، صـ 359، 360.
- المركز العربي للبحوث والدراسات، الأحد 19 يونيو 2016م،
- شريف درويش اللبان، أسـماء فـؤاد حافـظ: قراءة موضوعية: فى تاريخ الفتنة الطائفية وواقعها المعاصر في مصر.
- مجدي خليل: أقباط المهجر، دراسة ميدانية حول هموم الوطن طـ 1،دار الخيال للنشر، القاهرة، 1999م، صـ 106.
- للمزيد: موقع الأقباط اليوم - موقع وطني وكان من الملاحظ أن الصور المنشور في الموقع ترجع لمصابين مسلمين نشرتهم مجلة الدعوة الإخوانية في عدد رمضان 1981م،
- صفحة كلنا مع التقرير الأمريكي الذي اعتبر مصر من الدول المضطهدة للأقليات الدينية
- ميلاد حنا: الفتنة الطائفية فى عهد السادات غرست البذرة الأولى فى مصر، وطني
- فاروق عطية: حكايتي مع النظام 4، الحوار المتمدن
- مدحت فؤاد: الفتنة الطائفية، صـ 41- عزت اندراوس: حادثة حي الزاوية الحمراء بالقاهرة فى 17 حزيران / يونيو 1981م، موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history، رابط
- عثمان الدلنجاوى: مصر 2008 حوارات ومقالات (الجزء الثانى)، كتاب الجمهورية، يناير 2009م، صـ 847
- أنور محمد: السادات والبابا أسرار الصدام بين النظام والكنيسة، دار أخبار اليوم، القاهرة، 1990م، صـ 221
- موسى صبري: السادات: الحقيقة والأسطورة، المكتب المصري الحديث، القاهرة، 1985م،
- سعيد الشحات: ذات يوم..17 يونيو 1981.. فتنة طائفية فى "الزاوية الحمراء"، اليوم السابع، السبت، 17 يونيو 2017م
- المرجع السابق.
- Paul Sedra, “The Church, Maspero, and the Future of the Coptic Community,” Jadaliyya، رابط
- Kirk J. Beattie, Egypt During the Sadat Years (New York: Palgrave, 2000), 270–71; Heikal, Autumn of Fury, 217–19.
- دار الإفتاء المصرية: الأهرام، 20/6 /1982م.
- المرجع السابق.