البشري: نشأة الإخوان استجابة لحاجة المجتمع لمواجهة التحديات

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
البشري: نشأة الإخوان استجابة لحاجة المجتمع لمواجهة التحديات

[13/08/2003]

مقدمة

بداية الظهور السياسي للإخوان المسلمون جاء مواكبًا لثورة فلسطين 1936م.

الإخوان أول من جعلوا قضية فلسطين مكونًا أساسيًا للمطالب الوطنية الشعبية في مصر.

نشأت جماعة الإخوان كاستجابة تنظيمية وفكرية ودعوية لاحتياج حقيقي في مصر لمواجهة التحديات.

من يظن أن الإخوان حركة طارئة ومؤقتة فهو مخطئ وعليه أن يدرك الحقائق كاملة.

نصيحتي للإخوان بمناسبة مرور75 عامًا أن يتيحوا الفرصة للآخرين أن يقتربوا منهم أكثر فأكثر.

في حوار- لا تنقصه الصراحة- أكد المستشار "طارق البشري" أن هدف الإخوان المسلمين هو المقاوِمة للاستعمار والعدوان الأجنبي على أراضينا وشعوبنا وعلى ثقافتنا، وأنها كانت دائمًا مرتبطة بهذا الهدف منذ وجودها وحتى اليوم.

وأشار إلى أن الإخوان يواجهون الحملة الاستعمارية الأمريكية، التي تسعى لإدخال بلادنا في حلقة جديدة من الاحتلال المباشر، وأنها حركة واعية بكل ذلك، وهي في الصف الأول من صفوف المقاومة الشاملة..، مقاومة تختار الأساليب المناسبة لكل بلد من بلادنا حسبما تواجه حركات الاستقلال عندها، وأتصور أنه في هذا السبيل يمكن أن تَمد أيديها إلى كل القوى التي يمكن أن تساعد، وتخلص في السعي في البذل من أجل هذه المقاومة.

وأضاف: إن من يظنون أن الإخوان المسلمين حركة طارئة ومؤقتة مخطئون، وذلك أنهم لا يريدون أن يدركوا أن هذه الحركة تعتمد على مكون شعبي عميق جدًا، وتكوين عقدي لصيق بالنفوس ومحرك لها، وتثقيف تاريخي يمتد في أعماقنا إلى مئات السنين الماضية، ولا يستطيعون أن يدركوا هذا الأمر، وينظروا إلى شعوبهم من ثقوب الأبواب، دون أن يرَوا المساحة الواسعة.

كما قال: إن الجانب الذي أكدته جماعة الإخوان المسلمين في ظهورها من السبعينيات إلى الآن- فضلاً عن دورها في دعم ونشر العقيدة الدينية السليمة وتعميق جذورها في النفوس- أنها قد أنعشت الوجدان الشعبي، وأعطته الشعور بالأمل في المستقبل والثقة في إمكان التحرك الذاتي والعودة لمشروعات النهوض، بعد أن كانت الهزيمة العسكرية في عام 1967 م قد أسقطت الناس في جو من اللاقدَرية الضار، ولذلك فإن الإخوان المسلمين هي تعبير أساسي عن الاستقلال وعن الطموح في تحقيق هذا الاستقلال من الناحية السياسية، ومن النواحي الثقافية والاجتماعية المختلفة.

وأكد أيضا أن حركة الإخوان المسلمين، وإن كانت ظهرت 1928 م في الإسماعيلية وما جاورها، وبدأت مع بدايات الثلاثينيات تظهر في القاهرة والمدن الأخرى، فان الظهور السياسي الواضح للإخوان المسلمين في مصر كان في عام 1936م متواكبًا ذلك مع ثورة الشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني، الذي ظهر بشكل واضح وقتها وضد سياسة السلطة الإنجليزية، التي كانت تحكم فلسطين باسم الانتداب، وكانت تهيئ كل الظروف والأوضاع للهجرات اليهودية الصهيونية إليها.

نص الحوار

  • كيف ترى دور الإخوان- كجماعة ظهرت على الساحة في نهاية العشرينيات من هذا القرن- في نشر الوعي ولفت الانتباه إلى هموم الوطن الإسلامي الكبير كقضية استقلال الباكستان والصراع في فلسطين وكشمير، وما يعانيه المسلمون في الفلبين وبورما وفي مناطق مختلفة من العالم الإسلامي في وقت لم يكن إدراك الوطن الإسلامي الكبير في بؤرة اهتمام المصريين والعرب، وانشغال كل بلد بهمومها في مواجهة الهجمة الاستعمارية والتفتيت لبلادهم...؟
كما هو معروف فإن جماعة الإخوان ظهرت في نهاية العشرينيات من القرن العشرين، وفي هذه الفترة كانت الخلافة الإسلامية قد سقطت مع نهاية الحرب العالمية الأولى نهاية العام1918 م، وعلى مدى الفترة من عام1918 م وحتى عام1924 م ألغيت الخلافة الإسلامية، ولم يَعُد هناك مشخص سياسي للجماعة السياسية الإسلامية، وحدث نوع من أنواع التفكك والتفتت لأقطار العالم الإسلامي بدا قبل هذه الفترة في القرن الـ19 تقريبًا، ولكنه تمَّ مع نهاية الحرب العالمية الأولى، فالجماعة الإسلامية تفككت والمشخِّص لهذه الجماعة الإسلامية أُلغي.. وهو الخلافة الإسلامية..!!
وفي الوقت ذاته تم الاحتلال العسكري الأجنبي لأقطار المسلمين، كان ذلك بدءًا من منتصف القرن الـ19 تقريبًا، وتم على مدى السنوات الـ75 التالية، حتى إن بعض الدول المتاخمة للإمبراطورية العثمانية مثل سورياولبنان والعراق- والتي كانت متاخمة لمركز الدولة العثمانية- سقطت واحتُلَّت في هذا الوقت، وقد صاحب ذلك في هذه الفترة ظهور تراجع النُّظم الحاكمة في تلك البلاد عن المرجعية الإسلامية، وكل هذا على المدى الواسع للعالم الإسلامي جميعه، هذا من ناحية العوامل الكبرى.
ثم حدث أيضًا في ذات الفترة من ناحية العوامل التفصيلية.،نجد أنه من عام 1924م إلى1928 م النشاط التبشيري بين المسلمين ظهر بشكل واضح وانتشر، وأذكر أنه في عام1924 م انعقد مؤتمر للمبشرين في القدس، وكان رئيس المؤتمر "القس زويمر" المبشر المعروف، وكان في نفس المؤتمر "القس موط" المبشر المعروف أيضًا، وتناقش المؤتمرون في أن العقبة الأساسية للتبشير المسيحي الغربي بين المسلمين قد زالت وأصبح من الممكن الآن الانتشار بينهم، وطرح بعض المتحمسين منهم شعارًا هو (من أجل أنجلة العالم في جيل واحد) بمعنى: من أجل تنصير العالم في جيل واحد..!!
ويلاحظ هنا أن حركات التبشير المسيحي كانت من قبل ذلك تهاب أن تجعل مجال انتشارها الأساسي بين المسلمين وتخاف من رد الفعل بهذا الشأن، فكانت تحاول أن تبذل أنشطتها بين المسيحيين الشرقيين، وبين الطوائف الأرثوذوكسية في بلادنا، كما تحاول أن تنشر نشاطها بين غير ذوي الديانة الإسلامية، سواء في الهند أو إندونيسيا أو وسط إفريقيا وجنوبها.
أما بعد الحرب العالمية الأولى فقد بدا واضحًا أن مؤسسات التبشير الغربية شعرت بالأمان على نفسها، وبدأت تقتحم ديار المسلمين وجماعاتهم...، وأذكر- وأنا أتابع في بعض كتاباتي التاريخية في الصحافة المصرية بعض الموضوعات في خلال العشرينيات، وأطلع على الصحافة القديمة- أن قابلني كثيرًا كتابات شتَّى وأخبار شتى حول النشاط التبشيري المسيحي الغربي بين المسلمين، سواء في مصر أو في تركيا أو في بلاد الشام أو غير ذلك.
والنشاط التنصيري في مصر في ذلك الوقت كانت هناك بعض أحداث في أعوام1927 م و28 م و29 لتنصير بعض مسلمين فقراء يتلقَّون المساعدات من بعثات التبشير الغربية، أذكر الآن واقعةً حدثت في مستشفي هرمز، وواقعة حدثت في شبين القناطر وبعض الوقائع الأخرى، وكانت وقائع قليلة، ولكنّ ردّ فعلها بين المسلمين في بلادنا كان ردَّ فعل كبير جدًّا واستشعار الناس بالخطر على دينهم كان على مستوى هائل..، وبدأ الكتاب يكتبون في هذا الأمر في الصحافة مثل العقاد وغيره، وبدأوا يتابعون ما يحدث في تركيا وغيرها.
وأذكر أيضًا عندما نقرأ مذكرة المفكر "محمد حسين هيكل" التي أصدرها في جزأين بعنوان (على هامش السياسة المصرية) تعرف أن هذه الأحداث كانت من الأسباب التي جعلته يتوجَّه في نشاطه التأليفي من دراسات مثل جان جاك روسو، وغيره إلى الكتابات الطيبة التي كتبها بعد ذلك وعلى مدى الثلاثينيات عن حياة "محمد" والصديق "أبو بكر" والفاروق "عمر" وغيرهم، ونشطت حركة التأليف الحديثة بالنسبة للتاريخ الإسلامي، وفي هذه الفترة نقرأ في مذكرات الدعوة والداعية لفضيلة الأستاذ "حسن البنا"- المرشد العام للإخوان المسلمين فيما بعد- كيف أنه كان في شبابه المبكر يحاول أن يستنهض الهمم في هذا الأمر، ثم إنه لما ذهب للإسماعيلية وبدأ نشر دعوته هناك، وننظر في الخلايا الأولى التي أنشأها في البلاد المحيطة وغيرها نلحظ أن كثيرًا من هذه البلاد كان قد ظهر فيها النشاط التبشيري!!
هذه هي مجمل الأوضاع العامة والخاصة التي ظهرت فيها حركة الإخوان المسلمين وسبقها بعام واحد إنشاء جمعيات الشبان المسلمين1927 م، ثم جاء إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام1928 م، فكانت استجابة تنظيمية وفكرية ودعوية لاحتياج حقيقي ظهر في المجتمع المصري في هذا الوقت لمعالجة هذه الأوضاع التي ذكرتها آنفًا.
ومن جهه ثانية فإننا نعرف أنه عندما لا تقوم الدول والحكومات بالواجبات التي يجب أن تقوم بها دفاعًا عن الأمور الجوهرية والحيوية للجماعة السياسية- مثل ما يتعلق بأمنها الجماعي وباستقلالها الوطني، وبالدفاع عن عقائدها وأسس حضارتها- عندما لا تقوم بهذا الأمر فإنما ينشأ احتياج لكي تبدأ الجماعة الأهلية في تكوين تشكيلاتها للنهوض بهذا الواجب؛ دفاعًا عن نفسها، وعن مقدساتها، وعن مصالحها الحيوية، وأقصد بالمصالح الحيوية هنا المعنى المستفاد من كتابات الإمام الشاطبي، أنها مصالح حفظ الدين والنفس والعقل والعِرض والمال، وأرى أن هذا هو صلب الدور الأساسي الذي قامت به حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي خلال الثلاثينيات والأربعينيات من هذا القرن وما بعدها.
  • ما تقييمكم لأثر جماعة الإخوان المسلمين على الساحة المصرية والعربية والإسلامية في تعميم الفكرة الإسلامية ونشر التدين والوعي بكل جوانبه بين أبناء الأمة؟
إن الإخوان- بلا شك- جماعة نشأت على أساس الاهتمام بمفهوم الأمة وإعادة إحيائه، ولفت الانتباه إليه، وتفعيله من أجل أن يَعْلوا على مفهوم القطرية الضيق، ويفرض نفسه كمفهوم مجمع لشتات الأمة الواحدة أو الوطن الإسلامي الكبير، وقد تحدث فيه وحوله الكثيرون، وهي حقيقة لابد من ذكرها ليس إلاَّ.
  • هل من الممكن أن نركز على دور جماعة الإخوان المسلمين خلال الـثلاثين عامًا الأخيرة في إشاعة الفكرة الإسلامية وتكثيف الجو العام للتدين وانتشار شعارات إسلامية بين رجل الشارع العادي، مثل "الإسلام هو الحل" و"ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية"، علاوةً على جولاتهم في البرلمان واتحادات الطلاب والنقابات وغير ذلك من الأنشطة التي مارستها الجماعة؟
من المعروف أنه من السبعينيات في القرن العشرين بدأت في مصر وفي غيرها من البلاد العربية ما سمي بـ"الصحوة الإسلامية"، وظهرت فيه حركات شبابية من طلبة الجامعات وخريجيها ومن غيرهم.
يعجبني في هذا المجال التحليل الذي وضعه فضيلة الشيخ "يوسف القرضاوي" في كتبه الثلاثة المعروفة، التي صدر منها اثنان في السبعينيات عن حتمية الحل الإسلامي، والملمح العام الذي ذكره فضيلته أن بلادنا مرت بتجربتين من ناحية الفكر السياسي والممارسة السياسية، والتجربتان كانتا مأخوذتين من المرجعية الغربية، فالتجربة الأولى كانت في المرحلة الليبرالية من بعد الحرب العالمية الأولى وحتى نهاية بداية الخمسينيات، والتجربة الثانية هي التجربة الثورية الاشتراكية، وإن كلتا التجربتين لم تحقق الأهداف المنشودة منها على المستويات المختلفة، ومن هنا أتت الصحوة الإسلامية!!
والنقطة التي أتصور أنها حدثت أيضًا وعالجتُها في مقدمة كتابي "الحركة السياسية" هي أن حركات الاستقلال الوطني في بلادنا كما ظهرت في بدايات القرن العشرين كانت تتركز في هدف إجلاء المحتلّ الأجنبي من أراضينا وتحرير الإرادة السياسية من النفوذ الأجنبي، وهذا ما نسميْه الاستقلال السياسي، ثمَّ أضيف إليه التجربة التاريخية لشعوبنا؛ لأن هذا التحرير للإرادة التاريخية لا يكفي في إجلاء الجيوش الأجنبية إنما يتعين أن يواكب أيضًا إنهاء الضغوط الاقتصادية الاجتماعية وتحرير اقتصادنا من السيطرة الاستعمارية عليه.
الإخوان المسلمون في الحقيقة تضيف إلى هذين البعدين بعدًا آخر يتعلق بالهوية الحضارية، وما يمكن أن نسميه الضلع الأساسي المتعلق بالاستقلال العقيدي والحضاري؛ لأن هذا الجانب هو الذي يشكِّل الذات الجماعية للشعب والتي بها يطالب الاستقلال السياسي والاقتصادي وغير ذلك.
إن الضمير (أنا) أو الضمير (نحن) لا يتكون لدينا بما يميزنا عن غيرنا وبما يجمع بعضنا ببعض إلا بهذا الأساس العقدي والنفسي، وبالتكوين الحضاري المستقر في أنفسنا، وهذا هو الدور الذي يقوم به الإخوان المسلمين، ولذلك هي لابد من دعوتها لاستكمال عناصر التهيؤ للاستقلال والتميز عن الآخرين، وهذا الذي أتصور هو الجانب الذي أكدته جماعة الإخوان المسلمين في ظهورها من السبعينيات إلى الآن، فضلاً عن دورها في دعم ونشر العقيدة الدينية السليمة وتعميق جذورها في النفوس، وقد أنعشت الوجدان الشعبي وأعطته الشعور بالأمل في المستقبل والثقة في إمكان التحرك الذاتي والعودة لمشروعات النهوض، بعد أن كانت الهزيمة العسكرية في عام1967 م قد أسقطت الناس في جوٍّ من اللاقدرية الضارّ..، ولذلك فإن الإخوان المسلمين هي تعبير أساسي عن الاستقلال وعن الطموح في تحقيق هذا الاستقلال، ومن الناحية السياسية ومن النواحي الثقافية والاجتماعية المختلفة.

الإخوان وتفعيل قضية فلسطين

أولاً يذكر أن حركة الإخوان المسلمين وإن كانت ظهرت1928 م في الإسماعيلية وما جاورها وبدأت مع بدايات الثلاثينيات تظهر في القاهرة والمدن الأخرى فإن الظهور السياسي الواضح للإخوان المسلمين في مصر كان في1936 م، متواكبًا ذلك مع ثورة الشعب الفلسطيني ضد المشروع الصهيوني، الذي ظهر بشكل واضح وقتها ضد سياسة السلطة الإنجليزية التي كانت تحكم فلسطين باسم الانتداب، وكانت تهيئ كل الظروف والأوضاع للهجرات اليهودية الصهيونية إليها، والثورة الفلسطينية36 استمرت نحو6 أشهر بشكل حاد، وكانت أكثر الحركات السياسية في مصر استجابةً لها وتوعية للمصريين بأهميتها هي حركة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى نجد مثلاً الحرب العالمية الثانية انتهت1945 م، وكانت المطالب الأساسية المعروفة للحركة السياسية من مصر ويتجمع حولها الجماهير كانت جلاء الإنجليز من مصر، والمطالبة بوحدة وادي النيل (مصر والسودان)، ولكن في 2/11/1945م حدثت في مصر مظاهرات لم تحدث بهذا الشكل الواسع من قبل من حيث الحشد الجماهيري الضخم، وذلك احتجاجًا على ذكرى وعد "بلفور"، الذي كان أصدره وزير خارجية بريطانيا في 2/11/1917م، ويَعِد به اليهود، بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، ومن هذا اليوم- وعلى هذا المستوى الشعبي الواسع- دخلت قضية فلسطين كمكوِّن أساسي من مكونات الحركة الوطنية الشعبية المصرية، وكان المنظم الأساسي لهذه الحركة الشعبية هم الإخوان المسلمين، وبعد ذلك ستَجد أن الإخوان هم أكثر من استجاب لنداء التطوع وللعمل الفدائي في فلسطين1948 م، وذلك عندما أنشئت دولة "إسرائيل"، وعندما كانت المقاومة الشعبية ضد الصهيونية هناك لا تزال مقاومة أهلية، فكانوا هم أصحاب الجهد الأكبر في هذا الشان، واستمر هذا الاهتمام طبعًا يقوى كلما قويت الحركة بغير استثناء حتى الآن.
أذكر أنه سبب الخلاف الكبير بين الرئيس "السادات" والإخوان عام1979 م كان بسبب هذه المسألة، وظهر ذلك واضحًا في مجلة الدعوة في مقالات "عمر التلمساني" في ذلك الوقت، وبعد ذلك نلحظ أنه في خارج مصر أن حركات المقاومة الشعبية ضد الغزو الأجنبي- سواءٌ كانت في لبنان أو فلسطين أو كشمير- كان الأساس فيها الحركات الإسلامية، وإن كان قد شارك فيها تنظيمات الحركة الوطنية الوضعية في تلك البلاد ولكن الأساس والمحرك كان في الحركات الإسلامية.
وحركة المقاومة الفلسطينية من داخل الأراضي المحتلة، منذ الثمانينيات، كان أحد المكونات الأساسية فيها الحركات الإسلامية، وبقي الأمر كذلك حتى الان.

زعم زائف

  • يردد البعض من آن لآخر أن الرئيس "السادات" هو الذي صنع الحركة الإسلامية وساعدها لتضرب اليسار في مصر، لاسيما الإخوان المسلمون، فما رأيكم في ذلك؟
يحلو لليساريين أن يقولوا: إن "السادات" ساعد الإخوان المسلمين في مصر؛ لكي تعينه على ضرب الاتجاه اليساري الوطني، وهذا القول لا أظنه صحيحًا؛ لأن الحركة الإسلامية في السبعينيات والثمانينيات لم تنتشر في مصر فقط حتى يصلح مفسّرًا لها هذا العنصر الإقليمي أو المحلي الخاص بموقف "السادات" من اليسار في مصر!!
فهذه الحركة الإسلامية ظهرت وانتشرت في مصر وسوريا ولبنان والجزائر والمغرب وفي السودان بشكل واضح وقوي وفي اليمن والأردن كذلك، وفي كل البلاد العربية كانت مشمولة بالصحوة الإسلامية بحركات شعبية وتنظيمات كلها تصدر عن الصحوة والمرجعية الإسلامية والدعوة، ولا يمكن أن نقول إن سياسة معيَّنة لحاكم واحد تصنع كل ذلك، ولكن البعض لا يريد أن يرى الصورة كاملة ويريد دائمًا أن يبحث عن الأسباب الصغيرة والطارئة؛ لكي يستبقي لنفسه الشعور بأن الإخوان المسلمين حركة طارئة ومؤقته، ذلك أنه لا يريد أن يدرك أن هذه الحركة تعتمد على مكون شعبي عميق جدًّا وتكوين عقدي لصيق بالنفوس ومحرك لها وتثقيف تاريخي يمتد في أعماقنا إلى مئات السنين الماضية، لا يستطيعون أن يدركوا هذا الأمر وينظرون إلى شعوبهم من ثقوب الأبواب دون أن يروا المساحة الواسعة.
  • كيف يرى المستشار "البشري" مستقبل الإخوان المسلمين في ظل التحديات التي تمر بها أمتنا اليوم؟
الحركة الإسلامية- لاسيما الإخوان المسلمون- والتي يمكن أن نعتبرها جزءًا مكوِنًا من الحركة الوطنية المقاومة للاستعمار والعدوان الأجنبي على أراضينا وشعوبنا وعلى ثقافتنا، وأنها كانت دائمًا مرتبطة بهذا الهدف، واليوم نحن نتعرض لعدوان أمريكي جديد يريد أن لا يبقي لنا شيئًا أخضر ولا يابسًا، ويريد أن يدخلنا من جديد في دورة من دورات الاستعمار الكامل والسيطرة الكاملة على بلادنا وعلى حكوماتنا وعلى ثرواتنا، ويريد أن يقرن ذلك كله بنوع من أنواع غسل الأمخاخ والسيطرة الثقافية علينا والتحكم في مناهجنا التعليمية ودعوتنا الدينية وأنشطتنا الثقافية، وأرى أن حركة الإخوان واعية بكل ذلك وهي في الصف الأول من صفوف المقاومة الشاملة، مقاومة تختار الأساليب المناسبة لكل بلد من بلادنا حسبما تواجه حركات الاستقلال عندها، وأتصور أنه في هذا السبيل يمكن أن تمد أيديها إلى كل القوى التي يمكن أن تساعد وتخلص السعي في البذل من أجل هذه المقاومة ودعمها في أي جانب من جوانبها، سواء كانت الجوانب السياسية أو الاقتصادية أو الثقافية...، فنحن في ظرف علينا أن نكتِّل كل قوانا وكل إمكاناتنا وسننجح- إن شاء الله- مادمنا على الصراط!!.
  • هل من كلمة يوجهها المستشار "البشري" للإخوان المسلمين بمناسبة مرور75 عامًا على تأسيس الجماعة؟
الكلمة التي أوجهها إلى الإخوان المسلمين بمناسبة مرور75 عامًا على تأسيس الجماعة هي أن أهم شئ هو أن يحرص الإخوان المسلمون على كيفية جعل الناس تستطيع أن تقترب منهم أكثر وأكثر، وكيف يتم تشكيل الناس المنتمين إليها، وأن يكون المعيار الأساسي في تجميع الناس هو الإخلاص في المقاومة، مقاومة العدوان في كل جوانبه، ويكون التصنيف الأساسي للناس وفقًا لهذا الأمر، بمعنى أن يكون التصنيف الأساسي لهم هو "ما موقفهم من العدوان الحاصل سواء كان العدوان عسكريًا أو عدوانًا سياسيًا أو عدوانًا اقتصاديًا أو كان عدوانًا على عقائد المسلمين وتراثهم وثقافتهم؟!!" هذا هو الأساس الذي يجب عليهم أن يحرصوا عليه.
  • من هو المستشار "البشري"؟
ضيفنا هو المفكر الإسلامي المستشار "طارق البشري"، ونائب رئيس مجلس الدولة السابق، وحفيد الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشيخ "سليم البشري"، وهو من مواليد القاهرة في نوفمبر عام1933م، بينما يرجع أصل العائلة إلى قرية "محلة بشر" بمركز "شبراخيت" بمحافظة "البحيرة"-200كم شمال القاهرة-، تخرَّج عام 1953م، وعمل في مجلس الدولة عام1954 م، وترقى حتى أصبح نائبًا لرئيس مجلس الدولة، وخرج على المعاش عام2000م، ولديْه ولدان الأكبر "زياد" قاضٍ بمجلس الدولة خلفًا لأبيه، والثاني "عماد" مهندسٌ معماريٌّ بالمقاولين العرب، وله حفيدان أحدهما "طارق" والثاني "آمنة".
وله العديد من المؤلفات السياسية والتاريخية، من أهمها:
  1. الحركة السياسية في مصر من 1945م حتى 1952م
  2. مجموعة كتب بعنوان "في المسائل الإسلامية المعاصرة" 6 أجزاء.
  3. المسلمون والأقباط.
  4. الديمقراطية وثورة23 يوليو.
  5. سعد زغلول مفاوضًا.
  6. العرب في مواجهة العدوان.

المصدر