الاجتماع الدولي في نيويورك :

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الاجتماع الدولي في نيويورك :
تعنت في تل أبيب.. وانقسام في واشنطن.. وارتباك في رام الله
ليفنى.jpg


بقلم : إياد مسعود

«رئيس سلطة فلسطينية ضعيف، بفعل الانقسام الحاصل في الحالة الفلسطينية، ورئيس حكومة إسرائيلية ضعيف، لأنها تقف على حافة الانهيار، لا يستطيعان الوصول إلى حل للنزاع بينهما».

هكذا وصف المراقبون الأجواء السائدة في عملية التحضير لانعقاد الاجتماع الدولي في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.

وهي أجواء تشاؤم منذ أن بدأ الحديث عن الاجتماع المذكور.

ولعلّ أكثر الأطراف تشاؤماً هو الطرف الفلسطيني، وقد انعكس تشاؤمه على الأطراف العربية التي تعتبر نفسها معنية بالاجتماع.

شكوى فلسطينية

إذ سبق لرئيس السلطة محمود عباس أن اشتكى من الغموض الذي يحيط بالمؤتمر، بدءاً من تحديد موعده النهائي، مروراً بالاتفاق على الأطراف المدعوة، انتهاء بجدول أعماله، وبالنتائج المرتقبة منه ولعل القضايا التي أثارها عباس، في إطار تشاؤمه، تطال كل عناصر الاجتماع دون استثناء.

ويبدو أن السياسة الإسرائيلية، القائمة على المناورة واللف والدوران، في هذا الجانب تحديداً، هي التي زادت الحالة الفلسطينية تشاؤماً، كما زادتها بلبلة وارتباكاً.

فأولمرت، على سبيل المثال، كان قد تحدث عن إعلان مبادئ، يخرج عن المؤتمر، يحدد عناوين قضايا الحل الدائم بين الجانبين الفلسطيني ـ والإسرائيلي، وقد حرص أولمرت على نشر جو من الغموض حول مضمون إعلان المبادئ المذكور، وحول وظيفته الواضحة والمحددة.

ولعلّ أولمرت نسي، أو تناسى، تأثير عبارة «إعلان مبادئ» على المواطن الفلسطيني، وكذلك على رجل السياسة الفلسطيني.

وتناسى أن هذه العبارة من شأنها أن تعيد إلى الذاكرة إعلان المبادئ الشهير بين الجانبين والمسمى باتفاق أوسلو سيء الصيت، والذي مازالت معظم بنوده عالقة حتى الآن، من النبضة الثالثة لإعادة الانتشار في الضفة الفلسطينية إلى استئناف مفاوضات الحل الدائم.

ولأن أهل مكة أدرى بشعابها، كما يقول المثل الشهير، لاحظ المراقبون أن عباس كان أكثر الأطراف تشدداً في رفض إعلان مبادئ جديد يصدر عن اجتماع الخريف.

فعباس هو أحد الذين ولد على يديهم اتفاق أوسلو، وهو أحد البارزين في متابعة تنفيذه، وهو أكثر العارفين بالأسرار التي تحيط بعملية تعطيل ما تبقى من بنوده، وهي في الحقيقة البنود الجوهرية.

اتفاق إطار

رفض عباس لإعلان مبادئ جديد، كما يقول المراقبون، خلف ارتياحاً نسبياً في الأوساط الفلسطينية لكنه لم يزح التشاؤم والتخوف جانباً وبقي القلق هو المسيطر على الأجواء العامة.

عباس اقترح على الجانب الإسرائيلي «اتفاق إطار» أو «إطار اتفاق» يخرج عن لقاء نيويورك.

ودعا في هذا السياق إلى تشكيل فرق عمل، يتناول كل فريق واحد من قضايا الحل الدائم، ويرسم الاتجاه العام لحلها بموجب مبادئ القانون الدولي، وبحيث يرسم «اتفاق الإطار» المنحى العام للحل الدائم بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

كان واضحاً للمراقبين أن اقتراح عباس كان «طموحاً» أكثر من اللازم مقارنة مع آليات الحوار بينه وبين أولمرت، ومع الأجواء السائدة.

وكما كان اقتراحه «طموحاً» أكثر من اللازم مقارنة مع تصريحات كل من أولمرت ووزيرة خارجيته تسيبي ليفني، وقد اتفقا على عدم رفع سقف التوقعات من اجتماع نيويورك، كما اتفقا على ضرورة إزاحة قضية اللاجئين الفلسطينيين من الطريق، عبر إعلان فلسطيني عن التخلي عن حق العودة إلى مناطق 48، والتأكيد أن «العودة» تكون للدولة الفلسطينية وفق مبدأ «دولتان لشعبين».

كذلك اتفقا على ضرورة أن تحضر المملكة العربية السعودية الاجتماع، بذريعة أنها صاحبة مبادرة السلام العربية وأنها الرئيس الدوري للقمة العربية.

اتفاق أولمرت وليفني، رغم ما بينهما من خصومات سياسية غير مستورة، يؤكد أن الجانب الإسرائيلي يمتلك مخططاً واضحاً لما يجب أن يكون عليه اجتماع نيويورك الدولي. وأن الخطة الإسرائيلية تقوم على مبدأ «ضمان المكاسب ورفض تقديم أي تنازل».

و«التنازل» هنا، لا يصل بالضرورة إلى مستوى الاعتراف بالحقوق الوطنية الفلسطينية، بل لا يتجاوز إبداء الاستعداد لاستئناف مفاوضات الحل الدائم فقط لا غير.

تراجع إسرائيلي

التطور الخطير في هذا الجانب، هو ما طرأ على موقف أولمرت، وانعكاس ذلك على موقف الجانب الفلسطيني. أولمرت، في 16/9/2007، تراجع كما يبدو عن اقتراحه بإعلان مبادئ، لصالح موقف أدنى، هو أن يخرج الاجتماع ببيان مشترك بينه وبين عباس، يمثل إعلان نوايا للطرفين معاً.

ولم يوضح أولمرت ما هي النقاط التي سوف يتضمنها البيان، وما هي «النوايا» التي يفترض أن يتم الإعلان عنها.

ما هو السبب وراء تراجع أولمرت عن موقفه السابق.

المراقبون يقولون إن سببين رئيسين يقفان خلف هذا الموقف «الجديد» لأولمرت.

@ الأول هو الخلافات المستحكمة داخل الحكومة الإسرائيلية.

إذ يرى عدد من الوزراء إن الأجواء غير مناسبة «لتقديم هدايا» لرئيس سلطة فلسطينية «ضعيف» فقد سيطرته على قطاع غزة لصالح حماس ولم يؤكد حتى الآن نيته «للقضاء الكامل» على حماس في الضفة الغربية، كما لم يؤكد نيته للقضاء على «الإرهاب» ويرى هؤلاء أن أي «تنازل» إسرائيلي لصالح عباس لن يندرج سوى في باب التنازلات المجانية، التي سوف تفرض على إسرائيل تنازلات لاحقة ودون أن يقدم عباس مقابلها شيئاً ذا قيمة.

لذلك دعا هؤلاء إلى الاكتفاء ببيان مشترك، مع التمسك بالشرطين المذكورين سابقاً: إسقاط حق العودة، وضمان حضور «السعودية» لفتح باب التطبيع معها ومع أطراف عربية أخرى.

@ السبب الثاني، كما يقول المراقبون، هو الخلاف داخل الإدارة الأميركية في النظر إلى اجتماع نيويورك.

وهو خلاف لم تنج منه حتى وزارة الخارجية، رغم أن الوزيرة كوندوليزا رايس هي المكلفة بالتحضير للاجتماع ورعايته عند انعقاده.

فإليوت أبرامز، مستشار الرئيس بوش يعارض أن تخرج عن الاجتماع نتائج تغضب إسرائيل واللوبي اليهودي، لأن ذلك من شأنه ـ كما تقول مصادره أن يؤذي الحملة الانتخابية للحزب الجمهوري.

ويدعو التيار الذي يقف خلف إبرامز إلى خفض التوقعات من الاجتماع، مراعاة منه لمصالح الحزب الجمهوري ومصالحه الانتخابية، خاصة وأن بعض المرشحين الديمقراطيين، ومنهم هيلاري كلينتون أعلنوا انحيازاً واضحاً لإسرائيل، وجاهروا برفضهم تقديم الدولة إلى الفلسطينيين «على طبق من فضة» وطالبوا بأن يقدم الفلسطينيون «الثمن الواجب دفعه» للحصول على هذه الدولة في المقدمة «القضاء على الإرهاب» و«ضمان أمن إسرائيل».

ارتباك في رام الله

الجانب الفلسطيني عبر عن إرباك شديد في مواقفه من التطورات هذه:

@ فالرئيس عباس لم يعد يتحدث عن «اتفاق إطار»، وانتقل للحديث عن «إعلان مبادئ» دون التوضيح عن الفارق بين «الإعلان» الذي يريده عباس، و«الإعلان» الذي تحدث عنه أولمرت ورفضه عباس آنذاك.

@ رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، صائب عريقات، أراد الخروج من هذا المأزق، فأوقع نفسه في مأزق جديد.

إذ «تطوع» عريقات للقول «إن المسألة لا تتعلق بالشكل بل بالجوهر».

أي أن الأمر لا يتعلق بالاسم الذي سيطلق على ما سوف يصدر عن الاجتماع، هل هو «بيان مشترك» أم «إعلان نوايا» أم «اتفاق إطار» أم «إعلان مبادئ» ولعل المرء لا يحتاج لأن يكون عبقرياً ليكتشف زيف حديث عريقات، وأن لكل مسمى مضمون وآليات خاصة به، وأن ما يقوم به عريقات من تفسيرات إنما تعكس حالة متهالكة في رام الله، ترغب في الذهاب إلى الاجتماع الدولي بأي ثمن.

@ المستشار السياسي للرئيس عباس نمر حماد كان أكثر وضوحاً حين قال إن عباس قد لا يذهب إلى الاجتماع في الولايات المتحدة إذا لم يكن ثمة وضوح في ما سوف يصدر عنه.

وراهن حماد على دور للولايات المتحدة في جلاء الغموض المحيط بالاجتماع، ووضع النقاط على الحروف.

لكن إشارة صدرت عن رام الله أوضحت أن المنحى العام لدى الجانب الفلسطيني هو الذهاب إلى الولايات المتحدة، أياً كانت ظروف انعقاد الاجتماع فقد صرح نبيل عمرو، مستشار عباس أن الرئيس السلطة سوف يصدر قراراً بتشكيل الوفد الفلسطيني للأعمال التحضيرية للإجماع.

وقد ذكر أحمد قريع، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، رئيساً للوفد الفلسطيني.

وهكذا، يستمر الجدل والغموض، والاقتراحات والاقتراحات المضادة، يحيط بالإجماع الدولي.

ويتوقع المراقبون أن تستمر هذه الأجواء ربما حتى عشية الاجتماع.

المصدر