الإخوان بعد مشهور..!!
بقلم : الأستاذ الصادق الرزيقي
بوفاة المرشد العام لحركة الإخوان المسلمين في مصر الشيخ مصطفي مشهور، يكون الجيل المؤسس للحركة قد غابت اغلب او جل رموزه تقريباً، وتكون حركة الإخوان المسلمين قد فقدت مرشدها الخامس منذ تأسيسها سنة 1928م علي يد الإمام الشهيد حسن البنا.
والمرشد مصطفي مشهور من ابرز قيادات الإخوان منذ انضمامه لصفوف الحركة في النصف الثاني من السنوات الثلاثين من القرن الماضي، وعلا نجمه بسرعة في صفوف الحركة واصبح من كوادرها الملتزمة والناشطة، وعرف عنه المصادمة وقول الحق والشدة في حق الله، وكان له التزامه الصارم، ودخل السجون وعرف ظلمها وظلماتها منذ عام 1948م ، وظل هكذا ما بين ان يبقي حبيساً او مطلوباً لدي الانظمة الجائرة وكان قدره هو قدر قيادات التيار الاسلامي من المحيط الي الخليج طوال الفترة التي اعقبت ميلاد تيار اليقظة والصحوة الاسلامية وحتي اليوم.
وبوفاة الشيخ مشهور لا تقف حركة الإخوان المسلمين علي مفترق طرق ابداً،فهي حركة راسخة وقوية وفاعلة في المجتمع المصري لم تزحزحها اجراءات الحظر المفروضة عليها منذ عام 1954م ولا الاعدامات المتلاحقة لقادتها ومفكريها وشبابها، فقد بقيت الحركة كطليعة اساس وام للتيارات الاسلامية التي اخذت وهجها من قبس الإخوان المسلمين، متماسكة وفاعلة حافظت علي بنائها التنظيمي وعلي نسيج كوادرها وتلاحق وتمازج اجيالها وعلي دورها الاجتماعي والسياسي والفكري، وليس ،ادل علي ذلك، من هيمنتها علي النقابات المهنية الرئيسية في مصر طوال ما يزيد عن ثلث قرن كامل، ودخلت في تحالفات سياسية ناجحة، دفعت بالعديد من كوادرها الي المجالس البرلمانية في مصر، وحافظت علي الصوت الاسلامي قوياً ومؤثراً وهادراً لا تخفيه ممارسات البطش والتقييد والتهديد، وساهمت الحركة في وقف زحف التيارات المتعلمنة في ام الدنيا وحفظت لمصر كينونتها ورسالتها كدولة وشعب مسلمين لله رب العالمين.
وظل المعلوم ان العنف الحكومي وبشاعة التضييق والتنكيل بالحركة في مصر والظلم الذي وقع عليها، هو الذي ادخل العنف المضاد وساهم في تفريخ بعض الجماعات الاسلامية المتشددة التي انسلخ بعضها من جسم الحركة واختار طريقاً غير الوسطية والاعتدال وهما خطان سارت عليهما حركة الإخوان المسلمين ولم تحِدْ عنها ابداً، ولم يكن خط الإخوان سوي الفهم الصحيح لمقتضيات العمل الاسلامي والدعوة الاسلامية في الدعوة لله بالحسني والمجادلة بالترفق والتنوير والتبصير حتي يهدي الله لنوره من يشاء، ويترافق مع ذلك العمل علي تأسيس الدولة الاسلامية علي اسسها المهتدية بنهج الله القويم وتقديم الحل الاسلامي للمعضلات المعاصرة التي ترزح في قيدها الامة الاسلامية في غياب الحكم الراشد وشريعة الله النافذ حكمها ابداً.
وقد خسرت مصر كثيراً بالقيد الذي كبلت به حركة الإخوان المسلمين، وهي خسارة لحركة الفكر والعمل السياسي، وخسارة لكوادر الحركة التي كان يمكن ان يكون لها عطاء واسع وثر في النهضة والبناء وصياغة واقع جديد تتطلبه ظروف مصر ومحنها وقضاياها الداخلية والخارجية، وقد دلت تجارب الإخوان المسلمين علي مستويات السلطة المحلية في البلديات او الجمعيات غير الحكومة انهم يتمتعون بكفاءات عالية وحس وطني كبير وطهارة يد ووضوح افكار ورؤي تتجاوز ببلدهم عثراتها والمزالق التي اسقطت فيها.
واخيراً.. اما ما يقال حول صراع القيادة بعد وفاة المرشد الشيخ مصطفي مشهور فهو لا يتجاوز ما يتم تناقله من انباء وتكهنات ، فهناك تقليد راسخ ونظم ضابطة، وللحركة ارث عريق واعراف متبعة لم تتخل عنها في اعقد الظروف واحرجها..
رحم الله المرشد الشيخ مصطفي مشهور ونسأل الله لحركة الإخوان المسلمين النصر والتوفيق والحفظ.
المصدر
- مقال:الإخوان بعد مشهور..!!موقع:الشبكة الدعوية