الإخوان المسلمون والسلطة التشريعية ( الحلقة الثانية والعشرين )

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان المسلمون والسلطة التشريعية ( الحلقة الثانية والعشرين )


الإخوان وانتخابات 2010م

أدى هذا الصعود السياسي غير المحسوب للجماعة إلى دفع آلية المراجعة الذاتية للحزب الوطني لدراسة أسباب الصعود الإخوانى وكيفية احتوائه.

فقد توجه حوالي 41 مليون ناخب مصري، حوالي نصف عدد السكان ، من أصل 82 مليون مواطن ، من جميع الأطياف الدينية ، المسلمين والمسيحيين الأقباط والأطياف غير الدينية من العلمانيين والقوميين والملحدين والماركسيين وغيرهم ، في يوم الأحد المشهود 28 أكتوبر 2010 للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع لاختيار 508 نائبا برلمانيا في مجلس الشعب المصري من بينهم 64 امرأة ، لولاية قانونية وتشريعية مقبلة تمتد لخمس سنوات (20102015) وما سبق وواكب ذلك من مناخ انتخابي وسياسي وديني متوتر.

وسبق هذه الانتخابات البرلمانية الأخيرة استعدادات أمنية كبيرة ، برزت فيها اتهامات بالمسؤولية متبادلة بين أجهزة النظام الحاكم بزعامة الحزب الوطني الديمقراطي المهيمن والمتسلط على رقاب الناس في البلاد ، والمعارضة المتعاظم قوتها شعبيا واجتماعيا وثقافيا وسياسيا ، وما صاحب ذلك من أعمال عنف وترهيب وترغيب في الآن ذاته ، بين الحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين (الدينية) والأحزاب الوطنية والقومية المعارضة.

انطلق السباق الانتخابي المصري لانتخابات مجلس الشعب دورة 2010 ، صبيحة الأحد 28 نوفمبر 2010 م ، في (222) دائرة انتخابية على مستوى المحافظات المصرية ، وذلك لاختيار مرشحين اثنين (2) من كل دائرة انتخابية ، بالإضافة إلى 32 دائرة أخرى مُخصصة للمرأة لانتخاب امرأتين اثنتين (2) من كل دائرة، لتصبح الحصيلة النهائية المختلطة لمجلس الشعب المصري (ذكورا وإناثا)، 444 مقعدا ، فيما يتعلق بالمقاعد العادية و (64) مقعدا بشأن حصة المرأة (الكوتة النسوية المصرية) ليُصبح عدد المقاعد الإجمالي (508) مقعداً.

وأعلن المستشار السيد عبد العزيز عمر رئيس محكمة استئناف القاهرة ورئيس اللجنة العليا للانتخابات المصرية أن العدد النهائي للمرشحين الذين سيخوضون الانتخابات بلغ 5064 مرشحا يتنافسون على 508 مقاعد من بينها "مقاعد كوتة المرأة" بانتخابات مجلس الشعب المصري.

في ظل السباق الانتخابي المحموم،شديد السخونة تسجل رسميا 18 حزبا مرخصا ومحظورا بطرق ملتوية ، لهذه الانتخابات النيابية المصرية،الأحزاب الآتية:

الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم، ‏والوفد ‏،والتجمع ‏، والناصري‏،والأحرار ‏،والغد ‏،والجيل ‏،وشباب مصر‏ ،والجمهوري الحر ‏،والسلام الديمقراطي‏ ،والعدالة الاجتماعية ‏،ومصر العربي الاشتراكي ‏،والخضر ‏،والتكافل ‏،والمحافظين‏ ،والدستوري الحر ‏،ومصر ‏2000 ،والشعبي الديمقراطي. فقد تنافس 18 حزبا سياسيا على المقاعد الانتخابية العادية حيث خاض الحزب الوطني الديمقراطي الانتخابات النيابية ب 763 مرشحا ومرشحة وحزب الوفد ب 168 مرشحا ومرشحة ، والتجمع 66 مرشحا ومرشحة، والأحرار 22 مرشحا ومرشحة ، وحزب الغد 20 مرشحا ومرشحة ، وحزب الجيل 27 مرشحا ومرشحة ، وحزب شباب مصر 9 مرشحين؛والحزب الجمهوري الحر 8 مرشحين وحزب السلام الديمقراطي 38 مرشحا ، والحزب العربي الناصري 31 مرشحا ، وحزب العدالة الاجتماعية 3 مرشحين ، وحزب مصر العربي الاشتراكي 4 مرشحين، وحزب الخضر 8 مرشحين ، وحزب التكافل 5 مرشحين ، وحزب المحافظين 4 مرشحين ، والحزب الدستوري الحر 6 مرشحين ، وحزب (مصر 2000) خاض الانتخابات بأربعة مرشحين ، والحزب الشعبي الديمقراطي مرشحين اثنين .

وخاض الانتخابات البرلمانية على مقاعد المرأة أل (64 مقعدا) 16‏ حزبا ‏، بالإضافة إلى المستقلات اللواتي يمثلن شتى التيارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية الحكومية والرسمية والشعبية ‏، ‏ المرخصة والمحظورة‏ قانونيا .

ومن جهتها ، أوضحت رئاسة اللجنة العليا للانتخابات أن 16 حزبا سياسيا يخوضون الانتخابات على المقاعد الانتخابية المخصصة للمرأة وتتوزع بين : الحزب الوطني 69 مرشحة ، والوفد 23 مرشحة ، والتجمع 8 مرشحات ، والأحرار 6 مرشحات ، والغد 5 مرشحات ، والجيل الديمقراطي مرشحتان ، وشباب مصر مرشحتان ، والجمهوري الحر 6 مرشحات ، والسلام الديمقراطي 8 مرشحات ، والعربي الناصري 6 مرشحات ، والعدالة الاجتماعية مرشحة واحدة ، ومصر العربي الاشتراكي 4 مرشحات ، والخضر مرشحة واحدة ، والاتحادي الديمقراطي مرشحتان ، والتكافل مرشحة واحدة ، والمحافظين مرشحة واحدة.

أما أحزاب المعارضة فجاء حزب الوفد وهو حزب ليبرالي يعد من اكبر الأحزاب المعترف بها رسميا فشارك في 194 مرشحا ، وشاركت جماعة الإخوان المسلمين المحظورة رسميا ب 130 عضوا ، كمستقلين.

وقد وجهت العديد من الضربات الانتخابية التشريعية الاستباقية إلى جماعة الإخوان المسلمين أقوى التيارات المصرية المعارضة ، كونها تيار إسلامي قوي وصاعد ، التي خاض مرشحوها الانتخابات بصفة مستقلين بعد الأحكام القضائية التي وجهت ضد بعض مرشحيهم باللجوء إلى استعمال شعار (الإسلام هو الحل) كشعار شعبي إسلامي ، وترفضه الإدارة المصرية الحاكمة في البلاد بدعاوى إثارة الصراعات الإثنية والدينية الطائفية في مصر.

أعلنت اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب في مصر ، يوم الاثنين 6 كانون الأول ديسمبر 2010، بعد انتخابات الجولة الثانية (جولة الإعادة) بأقل من يوم ، في يوم الأحد 5 / 12 / 2010 ، أن الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم فاز بـ 423 مقعداً ، من مقاعد مجلس الشعب الـ 508 مقاعد ، في الانتخابات التشريعية بينما فازت أحزاب المعارضة جميعها ب 15 مقعداً وشخصية مستقلة موالية لجماعة الإخوان المسلمين ، فيما جاء نصيب المستقلين 69 مقعداً

وقد لعب الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم ، لعبته الانتخابية غير المستقيمة ، وحده على ساحة البلاد السياسية ، بعد انسحاب أكبر قوتين للمعارضة من الجولة الثانية للانتخابات التشريعية لمجلس الشعب ، مكرهة لا بطلة ، المتمثلة بجماعة (الإخوان المسلمين)، و حزب (الوفد) ، احتجاجا على تزوير الانتخابات التشريعية بشتى الوسائل والطرق الخبيثة الملتوية.

رشح الإخوان 135 من أعضائها وانتهت إلى تسجيل ما يزيد قليلا عن 100 مرشحا، وهو ما يعني أن ربع مرشحي الجماعة تم استبعادهم، كما رشحت 5 مرشحات.

وقد حسمت الانتخابات، المزيفة والمزورة في الكثير من المواقع الانتخابية ، بالكثير من المحافظات المصرية ، بشواهد عينية ومسجلة بالفيديو ، لمجلس الشعب المصري بالجولة الأولى 221 مقعدا من أصل 508 مقاعد ، إجمالي عدد مقاعد مجلس الشعب الخاضعة لإجراء الانتخابات. وفي جولة الإعادة وفي ظل الظروف التي شهدتها الجولة الأولى أعلن حزب الوفد والإخوان انسحابهما من الانتخابات، ولكن مرشحا واحد لم يلتزم بأوامر الجماعة وخاض الانتخابات ثم نجح بها (مجدي عاشور) (1).

تداعيات الانسحاب

أعلن "حزب الوفد"، الذي لم يفلت من مرشحيه الـ 220 سوى اثنين، بينما وعد تسعة منهم بدخول دورة الإعادة، بعد اجتماع طارئ لهيئته العليا، أن الحزب قرر الانسحاب نهائيا من "مهزلة" انتخابات مجلس الشعب وأن مرشحيه في الدورة الثانية ملزمون هذا القرار.

وبعد دقائق من إذاعة قرار "الوفد"، وزعت جماعة "الإخوان المسلمين" بيانا جاء فيه أن "مجلس شورى الجماعة قرر بغالبية 72 في المائة من أعضائه الانسحاب من الانتخابات وعدم المشاركة في جولة الإعادة"، مؤكداً أن "الإخوان"، "يعتزمون الاستمرار في كل إجراءات الملاحقة القانونية للمزورين والمفسدين لإبطال هذا المجلس المزور.

وجاء في البيان: ما حدث في يوم الانتخابات من تزوير وإرهاب وعنف وصل حد التعدي على بعض القضاة والمستشارين مما جعلنا نعيد النظر في المشاركة في جولة الإعادة على رغم أن (للجماعة) 27 مرشحا ومرشحة" أعلنت اللجنة العليا للانتخابات أسماؤهم ضمن قوائم المتنافسين في دورة الاقتراع الثانية.

وقد جرت محاولات كثيرة لاستفزاز الإخوان المسلمين وجرهم إلى ممارسة عنف مضاد، وهو ما لم يستجب له الإخوان وأعلنوا ولا يزالون يعلنون باستمرار رفضهم الواضح وإدانتهم لأية ممارسات عنيفة، وقد رأى الشعب كل الجرائم التي رصدتها.

وأكد البيان عدم مشاركتنا في هذه الجولة الانتخابية لا يعني تغيير في إستراتيجيتنا الثابتة بالمشاركة في جميع الانتخابات، ولكنه موقف فرضته الظروف الحالية، وكل حالة تقدر بقدرها.

ومن خلال قراءة البيان هذا يتضح نقطتين:

أولا: خروج الجماعة عن ركب النظام الذي أراد لها أن تكون مجرد ديكور مسرحي لتهيئة الأجواء لتمرير التوريث عندما يطرح على مجلس الشعب، ورفض الإخوان هذا يأتي رفضا سياسيا لتمرير رسالة إلى نظام مبارك بأن اللعبة مازلت في يد الإخوان وعلى نظام مبارك أن يتعقل في معاملة الجماعة، وفقا لمقولة المرشد العام في البيان " وكل حالة تقدر بقدرها"

ثانيا: يأتي انسحاب الإخوان من مجلس الشعب في هذه الفترة التاريخية الحرجة في تاريخ مصر، رغبة منها في تأسيس عمل جماهيري يكون أكثر اتصافا بفئات الشعب حتى تمهد المشهد المصري لبروزها وتأصيل فكرة (الإسلام هو الحل).

وفى أول رد فعل لشباب الجامعات من الإخوان فقد خرجوا في مظاهرات داخل الجامعات المصرية بتنديد التزوير الذي حدث في الانتخابات رافعين أشارات (لا لتزوير) (الإسلام هو الحل)، وهذه رسالة أخرى مفادها أن الإخوان سوف ينشطون مدنيا داخل ووسط عامة وفئات الشعب المختلفة (2).

نتائج حققها الإخوان

1- فضح النظام وتعريته أكثر ونزع عمليات النزاهة والديمقراطية التي كان يدعيها.

2- استطاع الإخوان توظيف الصف الإخواني كما يحدث في كل انتخابات بحيث تكون هناك حالة من النشاط الموزون والعالي داخل الصف، الجميع يوظف ويجد له مكاناً للعمل ومتسع الحركة وتوظيف إمكانياته وقدراته.

3- اكتشاف المواهب الجديدة في مختلف المجالات خاصة في مجالات الإدارة والإعلام والسياسة وغيرها، وتأهيلها وتوظيفها فيما بعد، وإكساب الصف مهارات إدارية جديدة.

4- تأهيل قيادات جديدة للعمل المؤسسي داخل الصف، وتأهيل رموز للعمل السياسي والعام والمجتمعي.

5- الاحتكاك بالشارع والجماهير، وشرح رسالة الإخوان وفكرتهم والتواصل معهم.

6- إكساب صف الإخوان و جمهور المواطنين مهارة الدفاع عن الحقوق ونزع رهبة الأمن والتعامل مع النظام.

والغريب أن وزارة الداخلية المصرية اتهمت من وصفتهم بأعضاء في "التنظيم السري" بالجماعة بخطف مجدي عاشور لمنعه من خوض جولة الإعادة.

وقال مرشحون عن الحزب الوطني في جولة الإعادة إن "عمليات تزوير" جرت لإنجاح أكبر عدد ممكن من المعارضين بعد أن أوشك مجلس الشعب أن يكون مشكلا من الحزب الوطني وحده تقريبا.

ويقول محللون ان السلطات تريد تقليص عدد المعارضين في البرلمان لضمان انتخابات رئاسية هادئة العام المقبل.

وأفاد مراسلنا في القاهرة خالد عز العرب بأن الائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات،وهو ائتلاف يضم مجموعة من منظمات المجتمع المدني في مصر، دعا رئيس الجمهورية إلي استخدام صلاحياته الدستورية لحل مجلس الشعب الجديد بسبب ما وصفه الائتلاف بالمطاعن الخطيرة التي تحاصر مشروعية المجلس

وكانت المحكمة الإدارية العليا أصدرت السبت أحكاما قضائية بتأييد بطلان انتخابات مجلس الشعب في جميع الدوائر التي صدرت بحقها أحكام درجة أولى بوقف الانتخابات أو وقف إعلان النتيجة.

وقالت الإدارية العليا في حيثيات قرارها " تشكيل مجلس الشعب مشوب بشبهة البطلان، بسبب انعدام المراكز القانونية لأعضائه الذين أعلنت اللجنة العليا فوزهم في الانتخابات المقضي ببطلانها بأحكام القضاء الإداري.

ويقول مراسلون ان الفوز الكبير سبب إحراجا للحزب الوطني الديمقراطي، الذي كان يريد وجود معارضة برلمانية، يمكن السيطرة عليها، وذلك بهدف التأكيد على ديمقراطية العملية الانتخابية (3).

عمد الإخوان إلى الترشح في انتخابات 2010 غير انه ما كادت تبدأ العملية التصويتة حتى وجد الإخوان حالة من التأهب من قبل الحزب الوطني والنظام الحاكم بطريقة لم يسبق لها مثيل حيث منعوا الشعب من الاقتراب من اللجان وقاموا بتزوير وتسويد البطاقات الانتخابية لصالح مرشحيهم وكانت المفاجأة لم ينجح احد من المعارضة بما فيهم الإخوان مما دفعهم وغيرهم من القوى السياسية إلى الانسحاب من جولة الإعادة فشكلت ضربة في وجه الحزب الوطني الذي وجد نفسه وحيد داخل البرلمان، فكانت هذه الانتخابات من الأسباب القوية لتحرك الشباب لنفض غبار الحزب الوطني وإسقاطه هو والنظام الذي يسانده في ثورة شعبية أذهلت العالم في 25 يناير 2011م ولتعيد للشعب حقه المسلوب في انتخاب من يريده المواطن دون إجبار.

نظرة عامة على الانتخابات

كتب الدكتور سامر سليمان أستاذ الاقتصاد السياسي بالجامعة الأميركية بالقاهرة، كتاب بعنوان المشاركة السياسية في الانتخابات النيابية 2005: العوائق والمتطلبات" الصادر عن الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية في عام 2006م تحدث فيه عن مجمل الانتخابات في مصر.

تحدث فيها من خلال أرقام وإحصاءات جمعها من سجلات رسمية ودولية عن مشاركة المصريين في انتخابات مجلس الشعب المصري منذ عام 1984 - حين عقدت أول انتخابات برلمانية في عهد الرئيس المصري الحالي حسنى مبارك - وحتى انتخابات عام 2005م.

أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة

أولا: مجلس الشعب المصري بلا سلطات تقريبا، فهو خاضع للسلطة التنفيذية التي تتقدم بمشاريع القوانين وتمررها من خلال أغلبية أعضاء الحزب الوطني في البرلمان.

فواضح أن النخبة السياسية المصرية لا توجد في البرلمان، وأن مجلس الشعب المصري ليس ساحة نقاش أو جدل وتفاوض حقيقي حول القوانين أو السياسات، إنما هو في الحقيقة ساحة نقاش عام للتنفيس عن المعارضة ضمن إطار ترتضيه النخبة الحاكمة.

كما أن انتخابات مجلس الشعب ليست إلا ساحة يجدد الحزب الحاكم من خلالها نخبه، فمن يسقط في الانتخابات يتوارى عن الأضواء، والنخب الجديدة تصعد وتفوز في الصراع الانتخابي، كما أنها ساحة أيضا لتحسين صورة النظام بعض الشيء.

ثانيا: غالبية الشعب المصري أو 80 % منه لا يشاركون في الانتخابات، وهذه حقيقة هامة للغاية، فمن يشارك هم حوالي ربع المسجلين في السجلات الانتخابية، والمسجلون في السجلات الانتخابية يمثلون حوالي ثلاثة أرباع من يحق لهم التصويت، وهذا يعني أن ربع من يحق لهم التصويت - حوالي 9 ملايين مصري - غير مسجلين، كما أن غالبية الشعب والمسجلين لا يشاركون.

وسبب عدم المشاركة هام للغاية فالشعب يدرك أن البرلمان ليست ساحة صناعة السياسة، كما أن الشعب يرفض الخوض في الانتخابات بسبب تكلفتها المرتفعة.

فالانتخابات تحسم بالقوة - قوة المال والعنف الجسدي - فالأثرياء يستخدمون المال والعنف (استئجار الفتوات والبلطجية) للفوز بالانتخابات، هذا إضافة إلى استخدام أجهزة الدولة نفسها و في أحيان كثيرة للعنف لصالح مرشحيها المفضلين، هذا ناهيك عن عمليات التزوير الواسعة التي تشهدها العملية الانتخابية بداية من سجلات الناخبين، وقيد المرشحين، والتصويت يوم الانتخابات.

ولهذا لا يجد المواطن العادي مبررا كافيا للمشاركة في الانتخابات وتحمل تكلفتها الكبيرة خاصة فيما يتعلق بإمكانية تعرضه للعنف من قبل أجهزة الأمن أو "بلطجية" المشرحين، لذا يفضل البقاء في البيت كما فعل ويفعل غالبية الشعب المصري على مدى انتخابات مجلس الشعب خلال عهد مبارك.

ثالثا: من يشاركون في الانتخابات وهم حوالي 20 % من الشعب يشاركون فيها لأنهم مضطرون لذلك، وهم في الغالب الطبقات الأكثر فقرا والأقل تعليما. هؤلاء يضطرون للمشاركة في الانتخابات أملا أو طمعا، فالبعض يحصل على ثمن مباشر لمشاركته (بيع الأصوات) وآخرون يتم حملهم على المشاركة من خلال الوعود أو من خلال حافلات المؤسسات التي يعملون بها.

لذا ترتفع نسب المشاركة في القرى والأحياء الفقيرة ووسط بعض موظفي الحكومة وعمال شركات القطاع الخاص.

وهذا يعني أننا أمام عملية سياسية منقلبة رأسا على عقب، فالمفترض في غالبية الدول أن عاتق المشاركة السياسية يقع على أكتاف الطبقات المتعلمة والوسطى التي تريد المشاركة حماية لانجازاتها ولنظام دولتها وقيمها.

ولكن يبدو في مصر أن المرشحون أثرياء يعبرون عن أقلية في الشعب المصري، والمصوتون فقراء يستخدمهم الأثرياء كمستودع للأصوات يوم الانتخابات.

رابعا: تتراجع أعداد المصوتين كلما زاد الإشراف القضائي على الانتخابات مما يحد من عمليات التلاعب في كشوف المصوتين، ولكن زيادة الرقابة القضائية تزيد من ظاهرة الرشاوى الانتخابية، فزيادة الإشراف القضائي يقلل من إمكانية تزوير كشوف الناخبين ويدفع بعض أثرياء المرشحين لشراء مزيد من الأصوات التي كان يمكن أن يحصلوا عليها مجانا أو بتكلفة أقل لو توفرت لهم فرصة تزوير أكبر عدد من السجلات في غياب الرقابة القضائية.

خامسا: لم يحدث تغييرا كبيرا في أعداد المرشحين لخوض الانتخابات على مدى عهد مبارك والتي تتراوح حوالي 6-8 مرشحين لكل مائة ألف مواطن.

المهم هنا هو هو تغير طبيعة المرشحين أنفسهم، فأعداد المرشحين المستقلين في تزايد بشكل مستمر، وهذا على حساب مرشحي الأحزاب بما فيها الحزب الوطني، وهذا يعني أن ثقة النخب السياسية والاقتصادية الجديدة في الأحزاب القائمة في تراجع وأنها تفضل خوض الانتخابات مستقلة.

سادسا: تمتلك أجهزة الدولة أساليب كثيرة للتأثير على نتائج الانتخابات قبل أن تبدأ، وذلك من خلال التحكم في آليات هامة مثل تسجيل المرشحين وتقسيم الدوائر الانتخابية، فإذا أرادت الأجهزة الأمنية إسقاط مرشح ما لحساب أخر مفضل لديها قامت برسم دائرته بشكل يفقده مناصريه أو يضمن مؤيدين لمنافسه. وهذه قضية على أعلى قدر من الأهمية لا يتم التعامل معها كثيرا من قبل وسائل الإعلام، وتستحق الاهتمام في موسم الانتخابات الراهن وفي المستقبل.

ومن الواضح أن دوائر الانتخابات لم تقسم في الماضي بشكل متساوي بين المرشحين، وهذا يعني هدم قاعدة التمثيل المتساوي، فمن المفترض أن يمثل أعضاء البرلمان الشعب المصري بشكل متساوي، وذلك عن طريق تقسيم الدوائر الانتخابية لتضمن أعداد متقاربة من المواطنين، وهو ما لم يحدث في مصر في الانتخابات السابقة، فبعض الدوائر تضم 18 ألف ناخب فقط، وبعضها يضمن أكثر من 350 ألف ناخب، مما يعني أن هناك اختلاف في نسبة التمثيل تتراوح بين 1-20 مرة.

سابعا: بما أن الحزب الوطني هو الحزب الحاكم والمسيطر على الدولة والحكومة والبرلمان في آن واحد، فلا مانع من أن تستخدم سياسات الدولة نفسها لخدمة أهداف الحزب، فقبل الانتخابات تبادر الدولة بإعلان عدد لا بأس به من السياسات والعلاوات والمزايا التي تصب في صالح موظفي الدولة والطبقات الفقيرة التي تمثل المستودعات الأساسية لناخبي الحزب الوطني الحاكم.

وتضح ظاهرة تراجع قدرة الدولة على التوظيف وتقديم الدعم وتوفير الموارد اللازمة لإرضاء قطاعات واسعة من المواطنين، وذلك في مقابل تزايد قدرات القطاع الخاص، ولهذا صعد نجم رجال الأعمال والمستقلين خلال العقدين الماضيين، فالدولة لم تعد قادرة على شراء الرضا والأصوات كما كان الحال في الماضي، وعمال القطاع العام في تراجع، في حين أن عمال القطاع الخاص في تزايد.

لذا صعدت طبقة رجال الأعمال، واتجه الحزب الوطني نحوهم لضمهم تحت قيادة ما يسمى بمجموعة "الفكر الجديد".

ومجموعة "الفكر الجديد" داخل الحزب الوطني ضمت مجموعة من المثقفين لتحسين صورة الحزب، وهؤلاء المثقفون لا حول لهم ولا قوة عندما يتعلق الأمر بالمشاركة السياسية أو الترشيح للبرلمان، أو خوض الانتخابات، فهم لا يمتلكون المال أو أدوات العنف اللازمة لخوض تلك الانتخابات، ويقتصر دورهم على التنظير والإعلام وتحسين الصورة.

أما المجموعة الثانية فهم رجال الأعمال، والذين يمتلكون المال لشراء الأصوات والأتباع والبلطجية إذا لزم الأمر، لذا بات الحزب في توجهه الجديد وكأنه حزب رجال الأعمال الذين يتزايد تمثليهم في البرلمان والحكومة بشكل مضطرد.

ثامنا: أحزاب المعارضة كالوفد والتجمع وغيرهم في تراجع مستمر وتلاقي الهزيمة بعد الأخرى، وذلك لأسباب داخلية مثل غياب الديمقراطية الداخلية، وأسباب خارجية مثل قبضة الدولة الشديدة على الانتخابات والحياة السياسية بشكل عام.

تاسعا: الإخوان هم الأقدر سياسيا حاليا على منافسة الحزب الحاكم، بل يبدون أحيانا أكثر نظاما وانضباطا من الحزب الوطني، فالإخوان – كما ترصد الدراسة - يخوضون الانتخابات موحدون، والسياسة المصرية لا تعرف حتى الآن ظاهرة "مرشح الإخوان المستقل"، في حين يعاني الحزب الوطني بشكل متزايد كل موسم انتخابات من منافسة مئات المرشحين المستقلين المنشقين عن الحزب.

كما أن الإخوان الأكثر قدرة على الوصول إلى الطبقة الوسطى على عكس الحزب الوطني، وهم الفئة الغائبة في الانتخابات المصرية، لأن مرشحي الإخوان ينتمون في غالبيتهم للطبقة الوسطى، وأنهم ينجحون في حشدها وفي حشد الناخبات أيضا، وهذا يرجع إلى إستراتيجية الإخوان منذ الثمانينات وهي إستراتيجية انتخابية بامتياز حرصت على التواصل مع الناخبين من خلال مشاريع خدمية مباشرة.

ويتضح أن الإخوان لا يدفعون برجال أعمالهم إلى الانتخابات، ويفضلون خوضها بمرشحين يمثلون الطبقة الوسطى كأساتذة الجامعات والأطباء والمهندسين خاصة من تدربوا منهم على العمل النقابي، وهذا لا يعني أن الإخوان لا يمتلكون مناصرين في طبقة رجال الأعمال والأثرياء، فهم يعتمدون في حملاتهم على إمكانات مادية كبيرة، ولكن من الواضح أن الإخوان لم يدفعون بأثريائهم إلى مقدمة العمل السياسي.

ويتضح أن الإخوان لم يحشدوا دعم غالبية الشعب المصري، فالغالبية العظمى تقاطع الانتخابات، وما حصل عليه الإخوان في انتخابات عام 2005 لا يتعدى 1.9 مليون صوت بعد الضغوط الكثيرة التي تعرضوا إليها خاصة في المرحلة الثانية والثالثة من التصويت، وهذا يعني أن الصراع على غالبية الناخبين المصريين مازال مفتوحا على مصراعيه.

عاشرا: المصريون الأقباط يشعرون بالتهميش وبقدر كبير من الإحباط، فهم مستبعدون تقريبا عن البرلمان منذ عام 1957 والذي شهد أول انتخابات برلمانية في عهد ثورة يوليو، والتي قضت على الأحزاب الليبرالية كالوفد التي كانت قادرة على ضم الأقباط والصعود بهم إلى قبة البرلمان في إطار من التسامح الديني.

أما الحزب الوطني فلا يبدو معنيا بالدفع بعدد أكبر من الناخبين الأقباط بين صفوفه، فهو مشغول بالسلطة بالأساس وبالدفع بمرشحين قادرين على الفوز في الانتخابات، وفي المقابل تعيش الكنيسة المصرية حالة من التعبئة السياسية الحريصة على تسجيل أكبر عدد من الناخبين الأقباط في السجلات الانتخابية وتشجيعهم على التصويت على أمل إحداث الفارق وتمثيل أنفسهم أو إجبار الآخرين - وخاصة الحزب الوطني - على تمثيلهم (4).

الهامش

(1) انتخابات مجلس الشعب 2010 ..، بيانات وأرقام .. معطيات ونتائج،د. كمال إبراهيم علاونه

(2) المرجع السابق

(3) بي بي سي الاثنين, 6 ديسمبر/ كانون الأول, 2010م.

(4) موقع اللجنة العربية لحقوق الإنسان، انتخابات مجلس الشعب المصري - علاء بيومي، 30/ 11/ 2010م.