الإخوان المسلمون: ثمانون عاماً من الصُـمودِ والتحدِّي (الحلقة 28)

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الإخوان المسلمون: ثمانون عاماً من الصُـمودِ والتحدِّي (28)


نماذج من عذابات الإخوان المسلمين في سجون الملك فاروق


زياد أبو غنيمة

سأتناول في هذه الحلقة نماذج ، مجرَّد نماذج ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، لبعض ما تعرَّض له الإخوان المسلمون من عذابات في سجون الملك فاروق ، وأشير إلى أن هذه الشهادات منقولة من سجِّلات القضاء المصري ، وهي تمثل القليل القليل من عذابات الإخوان الذين مثلوا أمام المحاكم أما عذابات الآلاف من الإخوان الذين لم يقدَّموا للمحاكم فعلمها عند الله وحده ، وهو الكفيل بأن يقتص من المجرمين الذين قارفوها في اليوم الذي لن يفلت منه أحد: (يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها وتوفى كل نفس ما عملت وهم لا يُظلمون) .

  • في أثناء محاكمته في القضية التي عُرفت بقضية (السيارة الجيب) ، قال الأخ المسلم المعتقل سعد جبر التميمي الذي كان في السبعين: أثناء التحقيق معي في سجن مصر طلبوا أن أقول أنني أعرف فلان أو فلان وأشخاص معينين ، ولم أقل الكلام اللي هم عاوزينه ، وبعدين ضربوني حتى منتصف الليل واللي ضربوني الصاغين (الرائدين) توفيق السعيد وعبد المجيد العشري وكان الجاويش مصطفي التركي يضربني بالجزمه (الحذاء) في وجهي
وقال: علقوني في شباك القسم زي الذبيحة ، ولما صرخت شووني بالسجاير المولعة ، وجاء إبراهيم عبد الهادي باشا رئيس الحكومة فاستغثت به ولكنه لم يعبأ بي وأشار علي ضابط ضخم معه لمواصلة تعذيبي قائلا شرِّحوه ، ولم يسمحوا لي بالنوم أبدا وحاصرني ضابطان كانا يقومان بصفعي كلما همت عيني بالنوم ، وجعلوني أوقع علي أوراق لا أدري ما فيها وأنا كالجثة الهامدة ، وقد استغثت بحضرة المحقق محمد عبد السلام بك فلم يعبأ بي وتخلي عني .
  • وجاء في أقوال الأخ المسلم المعتقل مصطفى عبد المجيد أمام المحكمة خلال إحدى جلسات محاكمة الإخوان في إحدى القضايا التي ألصقتها بهم حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا : أخذني أحمد بك طلعت إلى قسم مصر القديمة وربطني بقيد شديد في يدي وربط حبل في القيدين من الخلف وعلقوني في شباك القسم وجابوا نيران السجاير وحرقوني ، وواحد ضابط طويل كان ماشي مع إبراهيم عبد الهادي باشا (رئيس الحكومة) كان يحرقني بالسجاير وبعد كده جاب ورقة
وقال لي : امض عليها ، وكتب هو فيها كل حاجة ، وفي نفس الليلة دي لا أذكر الساعة كام وبعد ساعتين ثلاثة جه حضرة المحقق (وأشار على محمد بك عبد السلام) وحكيت له القصة الخاصة بالتعذيب ، فأعرض عني ونزل ولم يقبل أن يكتب ولا كلمة ، ومنعوني من النوم 48 ساعة وكلما جاني النوم كانوا يضربوني يضربوني ، وأضربت عن الطعام احتجاجا وهددوني بالإعتداء على عرضي ومضوني على أوراق لا أعرف عنها حاجة
وقعدت عشرة أيام مضربًا عن الأكل إضرابًا تامًا، وقالوا إن لم تأكل سنعتدي على شرفك ، وتحت هذا التهديد بقيت آكل خوفًا من هذا وأنا وقعت على أوراق لا أعرف ماذا فيها ، بعد يومين ثلاثة ضربوني وشالوني وأرسلوني لمحمد عبد السلام بك في النيابة وقعدوني على كرسي ودخل علي شوية أفندية وقعدوا وأنا كنت تعبان جدًا وكانوا يتناقشوا مع المحقق وأنا عبارة عن جثة .
  • في 29 آب 1949 م خلال إحدى جلسات محاكمة الإخوان في إحدى القضايا التي ألصقتها بهم حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا طلب الأخ المسلم المعتقل محمد مالك من رئيس المحكمة السماح له بالكلام فقال: إنه لما اعتقل في الإسكندرية جاءوا به موثق اليدين والرجلين إلي المحافظة فقال له عبد الرحمن عمار وكيل وزارة الداخلية : أنا عمار عدو الإخوان، ثمَّ أمر رجال البوليس بتعذيبه فانهالوا عليه بالضرب المبرح ، ولما جئ به إلي القاهرة اجتمع عليه ضباط القسم السياسي ورفعوا رجليه بعد ربطهما وانهالوا عليه ضربا في كل جسده
وكانوا يدوسون علي وجهه بأحذيتهم ، ثم شفعوا ذلك بلفحات من الكرابيج وكان يُغمي عليه ويودُّ ألا يخرج من أغمائه حتى لا يشعر بهذا العذاب ، وخيَّروه بين أن يقول ما يريدون وبين التعذيب ، وأخذوه لغرفة التعذيب ، وكان مالك يروي بتأثر وحنق ويقول إنه عاجز عن تصور ما كان يعانيه من عذاب حتى تلفت أعصابه وكان يضرب بالحديد لعله ينطق ، وكان البوليس يوجه إليه كلمات مقذعة خبيثة ، واستعانوا بصغار إخوته ليرغموه علي الاعتراف .
  • وقال الأخ المسلم المعتقل صالح الجنايني لرئيس المحكمة وهو يشير إللى أحد الضبَّـاط: إن هذا الضابط أحضرني إلي قسم الجيزة في 20 مايو 1949 وهددني بوجود مظروف سيؤدي بي إلي حبل المشنقة إذا لم أعترف ، فلما أخبرته بأني لا أعرف شيئا أمر الجنود بإحضار والدتي التي كان قد استحضرها دون علمي من بلدتي بمحافظة الشرقية ووضعها في الحجز ، ووجدت العسكري يدخلها علينا وهي مربوطة بقيد حديدي واحد مع إحدى العاهرات ، وكانت العاهرة عارية الثياب .
فأشار إليها الضابط وقال لي: سوف نجعل والدتك كهذه العاهرة إذا لم تتكلم ، واستطرد المتهم يقول: ثم أحضروا أخي الصغير وهو كفيف البصر ومعه إبن عمي وهو مريض بالصرع وكان الدم ينزف منهما ، وقال لي الضابط: أنظر بعينيك لتعرف مصيرك ومصير أهلك ، ثم أخرجوني ودخلت علي المحقق الذي أعرض عني وانشغل بمكالمة تليفونية ، ثم دخل هذا الضابط وأخرجني حيث نصبت لي فلقة من نوع جديد ابتكروه لي وتوالي التعذيب .
  • في جلسة يوم 3/9/1949 خلال إحدى جلسات محاكمة الإخوان في إحدى القضايا التي ألصقتها بهم حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا عقـَّـب الدكتور عزيز فهمي المحامي على وقائع التعذيب فقال إن التعذيب الذي وقع على شباب الإخوان لم يكن تعذيبا جسمانيا فحسب ، بل كان هدفا لجرائم من نوع آخر يمس أعراض المتهمين وأعراض أخواتهم وأمهاتهم وزوجاتهم ،وقال إن هذا التعذيب لم يقع مثله في القرون الوسطي ، وطلب الدكتور عزيز من الحكمة أن تسمع منفردة أقوال المتهمين فيما وقع عليهم من اعتداءات تمس الأعراض لمحاكمة مرتكبيها طبقا للقانون ، ولكن رئيس المحكمة رفض طلب الدكتور عزيز بالتحقيق في التعذيب .
  • وفجَّـر الدكتور عبد المجيد زاغو حكيمباشي بوليس مصر والدكتور محمد كمال قاسم طبيب الأمراض العصبية والعقلية لمصلحة السجون مفاجأة في جلسة لإحدى القضايا التي لفقتها حكومة إبراهينم عبد الهادي حين شهدا أنهم شاهدوا العديد من الإخوان المعتقلين بحالة صحية صعبة إثر تعرُّضهم للتعذيب ولكن ضبَّـاط البوليس السياسي كانوا يمنعونهما من إسعافهم .

إبراهيم عبد الهادي باشا كان يحضر تعذيب الإخوان

في جلسة 3 أيلول 1949 م قال الأخ المسلم المعتقل عبد الفتاح ثروت أمام المحكمة خلال إحدى جلسات محاكمة الإخوان في إحدى القضايا التي ألصقتها بهم حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا إنهم عذبوه ، وكشف للمحكمة عن آثار التعذيب في قدميه ، ثمَّ قال بعصبية إنه ارتـُـكبت معه أعمال منافية للآداب وأنهم كانوا يجبرونه في حجرة التعذيب علي الوقوف من الصباح إلي المساء حتى لا ينام .

كما قبضوا علي أقاربه ونكلوا بهم ، وقال بألم: لا يمكن أن أتصور الآلام التي قاسيتها ، لقد تحطمت أعصابي وأصبحت فريسة للنوبات والإضطرابات، وقال: لقد كان رجال البوليس السياسي يحضرون التحقيق ويهددوني بعد تعذيبي ، وذلك أمام سعادة محمود منصور باشا النائب العام السابق

وقد شكوت له فقال لي: لا تتعب نفسك بالشكوى فنحن نعرف والحكومة تعرف ، وقال إنهم قاموا بضربي يوما ثلاث مرات في المحافظة ومرة في النيابة ثمَّ أخذوني لإبراهيم عبد الهادي باشا رئيس الحكومة وملابسي ملوثة بالدماء فقال لي : أخوالك معتقلين وأعمامك معتقلين وأختك معتقلة وأنا الحاكم العسكري فأحسن لك تتكلم علشان تطلع كما طلع غيرك

وقال الشاهد إن أعصابه انهارت فوقـَّـع أمام رئيس الحكومة على أوراق لا يدري ما كتبوا فيها ، وذكر ثروت أمام المحكمة أنه تمَّ القبض عليه في ميدان الملكة فريدة الساعة 9 يوم 9 مايو سنة 1949 واللي قبض علي واحد اسمه العشري ومعه النكلاوي وهو ساكن جنبي، ووجدت الضرب فوق دماغي بالطبنجات ولم أدر إلا وأنا في المحافظة ، ودخل أحمد طلعت بك وقال : حتقول أو مش حتقول.؟

فقلت له: حاقول أيه؟ ، فقال: باين عليك مقاوح وأنا عاوز أشرَّحك ، فقلت: لا مفيش لزوم للتشريح ، فقال: خذه يا عشري ، وأخذوني عند محمود طلعت أفندي وهو ضابط فقال لي: اقعد ، شوف يا ابني هنا أحكام عسكرية ، أتقول اللي حاقولك عليه وإلا حتتعب قوي ، فقلت له: اللي أعرفه أقوله

فقال لي: أنت من الإخوان المسلمين؟ ، قلت: أنا أتشرف ، قال لي مرة ثانية: إنت من الإخوان؟ ، قلت: أيوه ، فقال لي : بتعمل إيه ، فقلت له : فيه إخوان اعتقلوا واحنا بنلم لهم فلوس ، فقال لي : إحنا حنخلي نسوانهم يتشرمطوا ، وبعد ذلك أخذوني ودخل العشري وواحد اسمه فاروق و وواحد اسمه مصطفى ، ومصطفى قال لي أقلع ، وبعدين فضلوا يضربوني من الساعة 9 إلى الساعة 4 صباحا

وكانوا مقسمين نفسهم كل مجموعة 12 عسكري وضابط، وكانوا يحطوا في رجلي فلقة ، وكانت الفلقة تنكسر ، فجابوا عصا من بتوع المظاهرات ، وبعدين جابوا كرابيج هجانة ، وكتفوني من الخلف وفضلوا يضربوا في ، وأثناء الضرب أغمى عليَّ ، وفوقوني بالنشادر ولقيت أحمد طلعت

وقال دي أول جولة والجولات آتية ، وبعدين أخذوني قسم مصر الجديدة ، وبعدين رئاسة الوزراء، وكان فيه واحد ضابط هناك عرفت أنه أخ إبراهيم باشا عبد الهادي ، قال لي: حتقول أو مش حتقول .؟، فقلت له : أنا بانضرب كل ليلة ولم أنم وكل جسمي بيوجعني فقال لي: أنا عندي أمر أموِّتك ، ، أنا حاخليهم يشرَّحوك ، وكان رجال البوليس السياسي يحضرون التحقيق معي ويهددوني بعد تعذيبي وكانوا فعلا يتناوبون على تعذيبي ، وبعدين جه واحد اسمه محمد علي صالح وقال : إنت شميت ريحة الجلد لمَّـا يحترق ؟

قلت: لا ، قال طيِّـب نجرب ، كل واحد من الضباط يجيب السيجارة ويحرقني ، وبعدين جاب سيخ حديد وحطوه على النار ، وبعدين دخل محمود طلعت وقال سيبوه ده معايا ، وقال أنت عمك زميلي ورئيسي وأعمامك اعتقلوا وأخوالك وأختك اعتقلت ، وبعدين حطوني في سجن الأجانب على الأسفلت وحطولي لمبة كبيرة جدًا وساعة ما آجي أنام يخبطوا على الباب ، وبعدين لقيت بتجيني نوبات شديدة ، وبعدين جابو لي واحد عسكري أسود لا يمكن أنساه ، وقالوا لي إذا لم تتكلم حيرتكب معك الفحشاء ، وأنا قلت له إذا عملت هذه العملية أنا مش حاقدر أقاومك لأني متكتف

وبعدين قلت له: فيه رب ، وبعدين في هذه الأثناء أخذوني التحقيق وكان إسماعيل بك عوض يسألني وأنا أقول مش عارف ، وييجي أحمد طلعت ويقول له أنا عوز الولد ده ولا أدري إلا وأربعة رامييني في سجن الأجانب ، وفي أثناء التحقيق جه (جاء) محمود باشا منصور وقلت له : أنا عُذبت فقال: الحكومة عارفه وأحنا عارفين وإن لم تتكلم حتتعذب كمان ، وفي هذه الأثناء كانوا يأخذوني في التحقيق ويكتبوا اللي يكتبوه والنهارده وأنا جاي لقيت الضباط بتوع القلم السياسي اللي هم من إجرامهم يجيبوا أخويا ويضروبه أمامي ، وما كاد الأخ المعتقل ينتهي من هذه العبارة حتى ارتجف بدنه وحملق في الهواء وأصيب بنوبة اغمائية

وجعل يرسل شهيقا عصبيا مؤلما أبكي معظم الحاضرين في القاعة ، وبادر رجال البوليس برش الماء علي وجهه ، كما خف إليه طبيب من الموجودين وحملوه إلي الخارج . وقد وافقت المحكمة على إثبات ذلك في المحضر ، واستمرت هذه الحالة مدة طويلة ثمَّ نقل بمعرفة ضباط الحرس إلى غرفة إسعاف المحكمة لإسعافه . وبعد إسعافه سمحت له المحكمة بالجلوس علي مقعد ، فقال بصوت مرتعش ضعيف إنه لا يعترف بأي شيء قاله في التحقيق لأن التعذيب جعله فاقد الشعور .

  • في 29 آب 1949م خلال إحدى جلسات محاكمة الإخوان في إحدى القضايا التي ألصقتها بهم حكومة إبراهيم عبد الهادي باشا قال الأخ المسلم المعتقل محمد نايل إنه كان يضرب علي قفاه من ضباط القلم السياسي وهو جالس في الغرفة المجاورة للمحقق وأنه أخذ بحجة التحقيق معه في النيابة واقتيد إلى قسم عابدين حيث هددوه بتشريح جسمه إذا لم يعترف كما يريدون ، وقال إنه بعد أن نال ضربا مبرحا أخذ مكبلا إلى غرفة الحكمدار ، فوجد فيها رئيس الحكومة إبراهيم عبد الهادي باشا ، فدهشت لوجوده فقال لي: بتبص لي كده ليه؟ ، انت عندك حاجة يا واد؟ ، ثمَّ أمر بضربه بالفلقه ، وقال أن هناك أشياء أخري يخجل من ذكرها أمام الناس .
  • وتحدث المحامي الأستاذ عبد المجيد نافع في مرافعته في إحدى جلسات محاكمة بعض الإخوان فقال: إن التواتر يُعتبر حجة ، والذي تواتر علي الألسنة أن حوادث التعذيب المروِّعة كانت تقع بأوامر من إبراهيم عبد الهادي باشا أو علي الأقل بمعرفة منه أو علي أقل القليل كان يصادف هوي في نفسه ، ولا يُعقل أن يعترف أمام الرأي العام بأنه كان يأمر بالتعذيب ولكنني أقسم يمينا بأنني سمعت من أحد كبار الضباط أن إبراهيم عبد الهادي باشا كان يحضر بنفسه عمليات التعذيب.