الأنبياء في الطريق إلي الله (2) !!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
الأنبياء في الطريق إلي الله (2) !!


بقلم : خميس النقيب

الحياة في رحاب الله طريق الأنبياء وروح الدعاة ، وكذلك كل من أراد نصرة دين الله ، مهما اشتد بلاءه ، وتكاثرت شدائده ، وعظمت محنه ، يحولها الله جميعا إلي منح ، فيتحول العبد من الترح إلي الفرح ، ومن العسر إلي اليسر ، ومن الشقاء إلي الرخاء ..فرح المعية ، ويسر البلية ، ورخاء اللقاء ، مع مصرف الأمور ورب الأرض والسماء.."وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ "(الأنعام:1)

إبراهيم عليه السلام وتعرضه للبطش والظلم :عندما وضع إبراهيم عليه السلام في النار ، وهو يواجه الظلم والطغيان ، ويرفع لواء التوحيد ويعلي راية الإيمان ،" قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ " ( الأنبياء :66-67) وعندما فشل أهل الباطل في مواجهة الحق ، وهزموا في الحوار " قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ " ( الأنبياء :68) و دفعوه بالمنجنيق لهول اللهب لكنه قال في أدب جم كما جاء في الأثر ( علمه بحالي يغنيه عن سؤالي ) ..ثم قال حسبي الله ونعم الوكيل .. كلمة تخر لها الجبال الخاشعة ، وتنخلع لها القلوب الحية ..!! وتبرق لها الإرادة الساطعة..!! هنا استجاب القدر " قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ"( الأنبياء :69) إن الذين يكيدون للدين في خسران مبين ، والذين يتآمروا علي الحق دائما في الأسفلين " وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ " (الأنبياء :70) أما صاحب الحق يدعو إليه ويناضل من اجله ويموت في سبيله فتوهب له الحياة ، ويعوض من قبل الله ..!! "ونحيناه وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ* وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ"( الأنبياء :71-72) بل وجعلهم الله أئمة يهدون الناس بأمره " وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وأقام الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ "(الأنبياء : 73)

وهذا لمن سلك ذات الطريق واخذ بنفس المنهج ..!! "الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ *فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "(آل عمران: 173-174)

يوسف عليه السلام ومحنته التي انقلبت إلي منحة : يوسف عليه السلام تعرض لمحن كثيرة ، وضع في الجب ، بيع في السوق بثمن بخس دراهم معدودة ، اتهم في عفته من امرأة العزيز ، اتهم في شرفه وأمانته من إخوته ، وضع في السجن ...!! لكن هل نسي ربه؟! ، هل غفل عن خالقه ؟! هل تخلي عن رسالته ؟! كلا !! حتى وهو في هذه المحن ..!! في الفتنة ألكبري ( فتنة النساء ) !! هيأت الأسباب ، وغلقت الأبواب ، وقالت هيت لك ""وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ.. . (يوسف:23). لكنه استعصم بربه " قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ "(يوسف:23)

وهنا تدخل القدر "كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ"( يوسف :24) وفي فتنة السجن ..!! هنا فقه أولويات حتى في المحنة ..!! يختار المؤمن اخف الضررين ، وابسط البلاءين " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ "( يوسف :33) واستجاب القدر" فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "(يوسف :34) ..!! نجاه من كيدهن وابتلاه بالسجن ..!! "ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ "(يوسف :35) فالسجن للشرفاء ..!! ليت الدعاة والعاملين للدين يستشعرون هذا المعني ..!! وليت الطغاة والصادين للدين يدركون هذا التوجه ..!! لكن المبتلي يوسف عليه السلام نسي ربه في السجن ؟ كلا ..!! هل نسي رسالته في المعتقل ؟ ..!! كلا ثم كلا ..!! كيف ؟!! " يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ* مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ "( يوسف :39-40) هكذا المؤمن يرفع راية التوحيد ويعلي لواء الإيمان من داخل معتقله وسجنه ..!! بعد ذلك يأتي التمكين.." وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ "(يوسف:56) .." َقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِن مِّصْرَ لاِمْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذَلِكَ مَكَّنِّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ "(يوسف:21) وهو عليه السلام يتحدث عن نعم الله عليه ..!! " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " يوسف :101) أما الذين اتهموه من إخوته ضربهم الله بالذل وعمهم بالسؤال " فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَيْهِ قَالُواْ يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُّزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ "(يوسف:88) وهكذا كل الذين يرمون المسلمين والدعاة العاملين ، ويؤذون العلماء المجاهدين في كل مكان وفي كل حين .

محمد صلي الله عليه وسلم في طريق الدعوة : محمد صلي الله عليه وسلم كثيرا ما تعرض للاذي ، والصد ، والإعراض ...!! في الهجرة اخذ بكل الأسباب ، وطرق كل الأبواب ، ووثق في الملك الوهاب .. (ما ظنك باثنين الله ثالثهما لا تحزن إن الله معنا ) فكان النصر ة الحفظ ...!!إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "(التوبة:40)

وفي بدر (معركة الفرقان ) كانت المحنة عظيمة ..!! عن عبد الله بن عباس حدثنا عمر بن الخطاب قال : نظر نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه وجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم أتني ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه من منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه فقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك إنه سينجز لك ما وعدك.. وهنا استجاب القدر ..!! وجاء ت رسل العون ، وبزغ هلال النصر " إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ "(الأنفال:9) قال الشيخ الألباني : حسن بل ويعلمهم الله فنون القتال ..!! " إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ"(الأنفال:12)

إنها بشريات النصر وطمأنة القلب ..!! " وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"( الأنفال : 10)

وجند آخر "إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّن السَّمَاء مَاء لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأَقْدَامَ "(الأنفال:11) وكان النصر العظيم "َلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "( أل عمران :123)

نتعلم من الأنبياء أن التمسك بالأمل حياة : فإن أشد ساعات الليل ظلمة تسبق بزوغ الفجر ،وأشد لحظات السماء تلبدا بالغيوم تسبق هطول المطر ،وأشد أوقات المرأة إيلاما تسبق المخاض ونزول الولد وإلا ماذا تسمي الشعاع الذي يبزغ في دياجير الأحداث من القلوب الكبيرة فينير الطريق ،ويبدد الظلام ، ويكشف الكرب ، ويبعث الأمل ؟!!

اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك ، وحب العمل الذي يقربنا حبك ،اللهم أظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك ،اللهم اجعلنا مع النبيين والصديقين والصالحين والشهداء وحسن اؤلئك رفيقا ، اللهم ارزقنا الإخلاص في القول والعمل ،ولا تجعل الدنيا اكبر همنا ولا مبلغ علمنا ،وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي أهله وصحبه وسلم ،والحمد لله رب العالمين

المصدر