إسلام العيوطى يكتب : قواعد النصر والتمكين ثابتة لا تتغير
علمنا رسولنا الحبيب أن سنن الله ل تتغير بتغير الزمان ولا المكان , فهي قواعد ثابتة ولن يحدث النصر إلا بتمامها .
فأما القاعدة الأولي فهي وضوح الغاية عند الصف المؤمن ,فإن الله لا ينزل النصر علي قوم غايتهم فيها لبث أو شائبة ولو كانت مثقال ذرة ، يتنزل النصر علي رجال وصفهم صاحب الظلال بكلمات من ذهب فيقول (( لن يقوم بهذا الدين إلا رجال خلت نفوسهم من حظوظ نفوسهم حتى وإن كانت حظوظ نفوسهم هي أن تقوم الخلافة علي أيديهم )) نريد رجال دعوا أنفسهم وأموالهم بحق لربهم مقابل جنة عرضها السموات والأرض وأما القاعدة الثانية فهي الثقة التامة في نصر الله وعدم الاستعجال فيه ,ولنا في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وصحابته القدوة الحسنة , ألا تذكرون قول الحبيب المصطفي لآل ياسر (( اصبروا آل ياسر إن موعدكم الجنة )) وهو من قال (صلى الله عليه وسلم) بعد سنوات ليست ببعيدة لمن كانوا كبار القوم وسادته اذهبوا فأنتم الطلقاء.
الثقة التي تعامل بها الرسول -صلي الله عليه وسلم-وعلمها أصحابه هي ما نريدها في هذه الأيام كما نريد عدم الاستعجال ,ولنا في سيدنا الخباب الذي وضع علي الجمر حتي طفأ دهن جسده تلك الجمرات ولما شعر بالقليل من اليأس وذهب يستعجل النصر من الرسول (صلى الله عليه وسلم) قائلا (( يا رسول الله ألا تدعو الله لنا ألا تستنصر لنا ,فغضب رسول الله وقال - قد كان فيمن كان قبلكم يؤتي بالرجل فيوضع المنشار في مفرق رأسه فيشق نصفين فلا يرده ذلك عن دينه ولكنكم قوم تستعجلون )) هذه القاعدة التي أكدها الرسول (صلى الله عليه وسلم) بوضوح لم تكن حبا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في أن يري أصحابه يعذبون فهو الرحمة المهداة ولكن هذه قواعد ربانية ثابتة لا دخل فيها لبشر حتى ولو كان رسول الله.
وأما القاعدة الثالثة فهي خلو الصف المؤمن من الشوائب ، فالنصر لا يتنزل إلا بعد بوضوح الفريق المؤمن والفريق الآخر ,ومنها حكمة ربانية في ألا يذهب الباطل إلا بعد افتضاح سوءته أمام الجميع , يقول صاحب الظلال ((قد يبطل النصر لأن الباطل الذي تحاربه الأمة المؤمنة لم ينكشف زيفه للناس تماما فلو غلبه المؤمنون حينئذ قد يجد أنصارا من المخدوعين فيه لم يقتنعوا بعد بفساده .
وضرورة زواله , فتظل له جذور في نفوس أبرياء لم تنكشف لهم الحقيقة ,فيشاء الله أن يبقي الباطل حتى ينكشف عاريا أمام الناس , فيذهب غير مأسوف عليه من ذي بقية )) وهذه القاعدة لم تنته بعد فإلي الآن لم يسقط قناع الباطل , ولكن يظهر الله عورة الباطل شيئا فشيئا ،ويفضح مخططاتهم يوما بعيد يوم ((كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾) (المائدة: من الآية 64) ولكن هناك مبشرات لاقتراب حدوث هذه القاعدة وهي تجرأ أهل الباطل علي الله ورسوله, والاستهزاء بالدين وخاصة في هذه الأيام الأخيرة التي أظهرت أن الحرب ما كنت يوما بين فصيل وفصيل ولكنها حرب أزلية بين حق وباطل .
ومن أراد التعمق في ملامح المؤامرة فليرجع إلي تفسير الآيات الثلاثة الأولي من سورة النور في تفسير ظلال القرآن , فيجد أن المخطط كبير وأن للباطل رجال يعملون له بإخلاص أكثر من الباطل نفسه كما وصفهم الشيخ الشعراوي - رحمه الله - حينما قال (( ليس الاستعمار وجود محتل في الأرض ولكنه قد ينأ عن الأرض ويترك لع أعوانا يذيعون ما يحب ، وأعوان يشجعون ما يحب , وقد يحتلنا بشيء آخر غير وجود احتلا عسكري في البلاد )) وهذا الصنف قد علا صوته هذه الأيام .
أو الصنف الآخر وهو الصنف الغبي كما وصفهم الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله- حينما قال(( ليس من الضرورة أن تكون عميلا لتخدم عدوك يكفيك أن تكون غبيا )) وأما القاعدة الرابعة والأخير : فهي عدم الاغترار بنصر الله , أو بمقدمات النصر , فالنصر دائما منحة ربانية تتنزل علي عباده المؤمنين , نعم علي الصف المؤمن أن يأخذ بالأسباب السماوية والأرضية ولكن يبقي النصر منحة ربانية , فعندما سأل رجل الإمام ألبنا -رحمه الله- إن كان الله ينصرنا وجنوده هم من يحاربون ويثبتون المؤمنين فما هو دورنا إذا ؟ فأجابه (( نحن نستر القدرة , ونأخذ الأجرة )) نستر القدرة الربانية , ونأخذ الأجر جنة عرضها السموات والأرض ومن يخالف هذه القاعدة فلن يجني غير الهزيمة , فما حدث في غزوة حنين لصحابة رسول الله(صلى الله عليه وسلم) وهو بينهم يكفينا درسا.
عندما قال أحدهم لأخيه " لن نهزم اليوم من قلة" فحدث ما لم يكن متوقع باغتهم العدو علي حين غرة وفر القوم من حول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم يثبت إلا عشرة رجال في بعض الرواية من جيش قوامه اثنا عشر ألف رجل , حتى نادي رسول الله (صلى الله عليه وسلم)علي أصحاب بيعة الرضوان وعلي أصحاب بدر , علي من تربوا علي قواعد النصر الحقيقة وأعلنها مدوية أن النبي لكذب أنا ابن عبد المطلب حتى عاد الجيش مرة أخري ,وكتب الله النصر لهم .
تلك قواعد أربعة لن يتم النصر بدون تحقيقها, ولن يقوم بها إلا رجال علموا معني الإيمان الحقيقي , ومدي أهمية هذا الدين , ومدي ضرورة تحكيمه ليخرج العباد من ظلمات الحياة ومن الظلمات المادة ومن ظلمات الفساد ومن ظلمات الفوضى ومن ظلمات المصالح ومن ظلمات حب النفس إلي نور ))الإسلام وعدالته وحريته وتكريمه للنفس البشرية (( فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ.
المصدر
- مقال:إسلام العيوطى يكتب : قواعد النصر والتمكين ثابتة لا تتغير موقع: إخوان الدقهلية