أ. "محمد حسين": الكلمة الطيبة مفتاح السعادة بين الزوجين
[19-02-2004]
محتويات
مقدمة
• المرأة أول من تستهدفها القوى المعادية.
• مَن يقول "إن الإسلام بخس المرأة حقَّها" فهو مغرض.
• الغرب الذي ينادي بتكريم المرأة هو أول من أهانها.
• ضغوط الحياة ليست عائقًا لتبلغ المرأة دعوتها.
• انشغال الرجل بالعمل ليس مبررًا بالشكوى البيوت إسلامية.
احتلت قضايا المرأة المسلمة على صعيد الحركة الإسلامية وعلى الصعيد الدولي مساحةً كبيرةً من الجدل الإعلامي، فقد ذهب البعض إلى أن الإسلام- وبالتالي الحركات الإسلامية- قد بخس المرأة المسلمة حقَّها، وذهب بعض المُغرضين إلى الترويج إلى أن الإسلام ألغى شخصية المرأة من الوجود تمامًا، ولم يكتف أعداء الإسلام بذلك بل ذهبوا إلى إعلان الحرب على الهوية الإسلامية وجوهر الدين الإسلامي من خلال الهجوم على المرأة، والذي تجسَّد في أعلى صورهِ.. محاربة فريضة الحجاب في (فرنسا).
التقينا بالأستاذ "محمد حسين محمد عيسى"- أحد رموز الحركة الإسلامية المصرية المعنيين بقضايا المرأة والأسرة- للتعرف على طبيعة هذه القضايا، وليفسر لنا أسباب المشكلات الدعوية التي تتعرَّض لها الأُسرة.. وأكد لنا في حوارٍ أنَّ الإسلامَ قد أعطى المرأة المسلمة حقَّها وكرمها، مشيرًا إلى أن الدعوة في أمسِّ الحاجة إلى مجهوداتها لقيمةِ دورها في المجتمع.. وإلى تفاصيل الحوار:
نص الحوار
- هنالك مَن يتَّهم الحركة الإسلامية بأنها تجاهلت دور المرأة.. فما رأيكم؟
- المرأة مثل الرجل تمامًا في الدعوة إلى الله- سبحانه وتعالى، ولابد أن يكون الصف عبارةٌ عن إخوة وأخوات، خاصةً وأن المرأة مستهدَفة مثل الرجل تمامًا، فإذا كان العدو يحاربنا وقت الجهاد الأول بالحصان والسيف فإن أعداء الإسلام يحاربوننا اليوم في العقيدة والمبادئ والقيم، ويعلمون جاهدين على عدم عودتنا إلى قيم الإسلام ونظُمه؛ حتى أصبحنا شهادة زور على الإسلام.
- والمرأة هي أهم المستهدفين في هذه الهجمة؛ لأنها التي تربي لنا الرجال والنساء وزوجات المستقبل، وتُستخدم من الجهات المعادية للإسلام لإشاعة الرزيلة وغيرها من مساوئ المجتمعات الغربية التي نقلوها لنا عبر المرأة..
- أما في أمور الدعوة فإن قيام المرأة بدور التربية وإعفاف زوجها، ومشاركة الرجل في الرد على الشبهات لهو دور دعوي، فضلاً عن قيامها بدعوة مثيلاتها إلى الإسلام الصحيح، والتعامل بالعِشرة الطيبة، فكل هذه أدوار دعوية تقوم بها المرأة؛ بل أقول: إن دور المرأة يكون أفضل من الرجل في بعض النواحي؛ ولذلك علينا أن نعمل جاهدين أن تكون هناك امرأةٌ صالحةٌ مثل الرجل الصالح؛ حتى يُربَّى الأبناء في مجتمع إسلامي، خاصةً وأن الهدف الثاني من أهداف الجماعة هو تكوين البيت المسلم.
المرأة في الإسلام
- وهل أعطى الإسلام المرأة حقَّها؟
- من يقول: إن الإسلام بخس المرأة المسلمة حقهَّا فهو مغرض وغير واقعي؛ لأن الإسلام ودعوة (الإخوان المسلمون) القائمة على الإسلام جعلت المرأة شريكةً في الدعوة، فكانت تغزو مع الأزواجِ، وكان الرسول- صلى الله عليه وسلم- يأخذ بمشورة "أم سلمة"، والقرآن الكريم قد أكد على محاسبة الرجل مثل المرأة، والرسول- صلى الله عليه وسلم- قال: "استوصوا بالنساء خيرًا"، و"ما ضرب النبي أو سبَّ امرأةً قط"؛ بل عندما سأله أحد الصحابة: مَن أحب الناس إلى قلبك؟ قال- صلى الله عليه وسلم-: "عائشة"، أي أن المرأة كانت أحب الناس إلى قلب النبي الكريم.
- وفي المقابل مَنْ يرجع إلى تاريخ الجاهلية أو تاريخ أوروبا سيجد المرأة قد أُهينت، ولا زال الغرب- الذي ينادي بتكريم المرأة- هو الذي يهينها ويجعلها سلعةً رخيصةً لمتعته، وهو الذي يُخرجها من بيتها في غير مَكرَمةٍ لتعمل في الخارج، وهو الذي يوظفها (سكرتيرة)، ولا يتخذها زوجةً، وهو– أيضًا- الذي يجعلها مثل (القطط) تُستغل في الإعلانات، أي أنها مجرد أداة للاستمتاع عندهم.
- لكن هناك من يرى أن الإسلام قد أبعد المرأة عن المشاركة في العمل العام؟
- هذا الكلام مغلوط أيضًا؛ فالرسول- صلى الله عليه وسلم- قد أخذ البيعة- والتي هي في مفهوم السياسية (المشاركة في اختيار أولي الأمر)- من النساء، كما أخذها من الرجال، فضلاً عن ذلك فإن المرأة كانت تقول رأيها في حرية تامة، ويظهر ذلك بوضوح في موقف المرأة التي رفضت كلام "عمر بن الخطاب"، وقالت: إنه يتعارض مع أحكام الله- سبحانه وتعالى- فرجع "ابنُ الخطاب" عن رأيهِ، ونزَل على رأي المرأة!!.
البيت المسلم
- معروف أن (الإخوان) يعوِّلون على دور المرأة في تربية النشءِ المسلم، إلا أنَّ هناك مَن يرى أن هذا الدور قد تراجع.. فما رأيك؟
- الحقيقة أننا لا نعطي البيت المسلم الجهدَ المطلوب، وللأسف الشديد شُغِل صفُّ الدعوة عن الهدف الثاني لجماعة (الإخوان المسلمين)، وهو تكوين البيت المسلم، حيث ينشغل الإخوة بأنشطة متعددة، ولا ينشغلون بزوجاتهم وأولادهم؛ ولذلك علينا أن نعتنيَ بالبيت المسلم، وأن تشملَه جميعُ خططنا ومستهدفاتنا، خاصةً ونحن نرى ما تعرَّضت له بيوت مجتمعنا من تفسُّخٍ وانغزال عن الآخر، ومن ثَمَّ علينا أن نقدم- كجماعة- الأنموذج الصالح للبيت المسلم، الذي يضم الأم التي هي الزوجة والمربية، وهي نعمَ العشير لأولادها ولزوجها وجيرانها، ونحمد الله- سبحانه وتعالى- أن هناك اتجاهًا حميدًا للتركيز على البيت المسلم.
- ولكن هناك من يرى أن ضغوطَ الحياة قد جعلت المرأةَ تنشغل إلى حدٍّ كبير بالأمور الحياتية.. فما هو السبيل لتخطِّي هذه المشكلة؟
- أنا أختلف تمامًا مع مَن يتصور أن الظروف الاقتصادية والحياتية تحُول دون ممارسة الدعوة في البيوت وبين الأفراد، فالمرأة الداعية مهتمَّة بالدعوة إلى الله أينما كانت، فتربية الأولاد دعوة، كما أن انشغالها بالحياة الاقتصادية هي- أيضًا- دعوة؛ لأنها تخرج لمقابلة الناس وتحتكُّ بهم، ومن ثَمَّ فيمكنها أن تمارِس دورها الدعوى بتعميق الأخلاق والآداب الإسلامية بين الناس.
انشغال الزوج
- ولكن انشغال الزوج في عمله يؤثر بالسلب على التربية والتنشئة داخل الأسرة.. فما رأيك؟
- انشغال الرجل بالعمل ليس مبررًا ألا تكون البيوت إسلامية، ولنا أسوةٌ في سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- وفي الصحابيات، حيث خاض النبي- صلى الله عليه وسلم- 49 حربًا.. ما بين سرية وغزوة، أثناء وجوده في المدينة المنورة، وكان الرجال المشاركون في الغزوة يتغيَّبون عن بيوتهم التي تركوها دون طعام، ورغم هذا لم نسمع شكوى واحدةً من امرأةٍ عن تغيُّب زوجها؛ بل رأينا وافدة النساء "أسماء بنت أبي يزيد بن السكن" الأنصارية ذهبت تشكو أن الرجال يجاهدون والنساء لا يجاهدن- أي إنها حرصت على أن يكون لها دور دعويٌّ- ومن ثَمَّ فإن غياب الزوج عن بيته يُلزم المرأة والأخت الصالحة بأن يكون لها دورٌ، فهو يقوم عنها وعن الأمة وهي تقوم- أيضًا- بدورها عنه وعن الأمة برعايتها لمنزلها.
- إضافةً إلى ذلك فعلينا ألا يقتصر واجب الدعوة على بعض الأعمال التربوية فقط دون ما عداها، فالأخ يجب أن يكون داعيةً في عمله وفي منطقته وفي كل مكان، وإذا كان يقوم بوظفيتن أو عملين فهذا أدعى أن يقوم بدورين دعويَّين؛ لكنَّ فهمنا الخاطئ بأن الدعوة مجرد لقاءات هو الذي يجعلنا نتصور أنه كلما انشغل الفرد منَّا بعمله انشغل عن الدعوة، بالرغم من أنها لا تحتاج إلى مكان أو زمان، فأينما وُجد داعيةٌ فهو في واجب.
المرأة في المواجهة
- كيف تتخطَّى المرأة المسلمة الهجمة المعلَنة ضدها، والتي تجسَّدت مؤخرًا في قرارت فرنسا بحظر ارتداء الحجاب فيها، والمحاولات الأخرى التي تهدف إلى اقتلاع جذورها الإسلامية داخل البلدان العربية والإسلامية؟
- المرأة هي أداةٌ مثل السكين تقتلُ بها وتَحِلُّ بها الذبيحةُ للطعام، وهي وسيلة العدوِّ للرذيلة، وشغل الشباب، وتسطيح القيم، وهي في المقابل المُناضلة الفاضلة العنيفة التي تثبُت مثل الجبل، وتُستشهد في فلسطين والعراق؛ ولذلك عليها أن تَعرف أن لها دورًا في الدعوة ودورًا في الصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية.
- ولذلك على المرأة بدايةً أن تَقبل قيم الإسلام بمشروعه الحضاري الكامل، فعلى سبيل المثال الأخت الداعية تدعو إلى الإسلام، وإذا فكَّر زوجها في الزاوج من غيرها تنسَى الدعوة وأذكرُ لك قصةً: (وأنا في أحد الدروس أبلغتني امرأةٌ أنها تريد أن تكون شريكةً في ربع رجل، وقالت: إن المرأة التي تستحوِذ على زوجها أنانية، فهناك كثير من الفتيات أصبحْن عوانس، لا أقول: إن الرجل يجب أن يعدِّد؛ ولكن أقول: إن المرأة يجب أن تقبَل قيم الإسلام؛ ولذلك يجب أن يعاد صياغة فكرها ووجدانها، وتلتزم بالمشروعات الإسلامية).
- في النهاية نريد (روشتة) لعلاج المشاكل الزوجية التي نسمع عنها من حين لآخر؟
- السعادة في البيت المسلم فرضٌ أوجبه الإسلام، وما فرض الله شيئًا إلا وكان ممكنًا، والله- سبحانه وتعالى- جعل بين الزوجين المودَّةَ والرحمة، وهي غايةُ السعادة.. ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ (الحج: من الآية 24).
- الكلمة الطيبة هي مفتاح السعادة بين الزوجين، والكلمة غير الطيبة هي التي يفرِّق بها الشيطان بين الزوجين؛ ولذلك إذا حسَّن كلٌّ من الزوج والزوجة لسانَه لأسعَد كلٌّ منها الآخر، خاصةً وأن السعادة لا تكلِّف شيئًا؛ بل الذي يكلِّف هو الشَّقاء.
- وما مِن زوج تزوَّج زوجتَه إلا وهو يحبها وهي تحبه، والمشاعر التي ظهرت بينهما فترة الخطوبة وفترة العقد حُجَّةٌ عليهما بأن لديهما المقدرة على إسعاد كل منهما الآخر، وأقول للزوج والزوجة: هناك أمر بسيط جدًّا وهو أن قدوتنا هو الرسول- صلى الله عليه وسلم- وزوجاته؛ ولذلك أقول للزوج: عندما تتعامل مع زوجتك في أي موقف افترض أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- مكانك، وأقول للزوجة: لو كانت "عائشة" مكانك ماذا كانت تفعل؟! إذا فعل كلٌّ منهما ذلك فسوف تسود السعادة في بيوت المسلمين.
الأستاذ/ محمد حسين في سطور:
• الأستاذ "محمد حسين" المحامي، وعمره 68 عامًا.
• له ثمانية من الأبناء، وأربعة من الأحفاد.
• له مؤلفاتٌ في الفقه والاجتماعيات والتربية الإسلامية.
• يقوم بواجبه الدعوي في كثير من بلدان العالم.
• تمَّت محاكمته عسكريًّا عام 1995م، وحُكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
• منذ خروجه من السجون تحُول السلطات المصرية بينه وبين السفر لتبيلغ الدعوة في دول العالم المختلفة.
المصدر
- حوار: أ. "محمد حسين": الكلمة الطيبة مفتاح السعادة بين الزوجين موقع اخوان اون لاين