أي دور يلعبه الانقسام الفلسطيني في توفير الغطاء لتصاعد العدوان الإسرائيلي؟‍‌‍‍!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أي دور يلعبه الانقسام الفلسطيني في توفير الغطاء لتصاعد العدوان الإسرائيلي؟‍‌‍‍!
العدوان على غزة.jpg

بقلم : إياد مسعود

لاحظت المصادر الفلسطينية تصاعداً في العمليات العدوانية الإسرائيلية ضد قطاع غزة ، كما لاحظت أن عدد الضحايا الفلسطينيين على يد هذه العمليات في تزايد مستمر.

لكن الملاحظ في الوقت نفسه أن العدوان يتصاعد في ظل الحديث عن لقاءات دورية بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس حكومة إسرائيل إيهود أولمرت، وعن تحركات عربية باتجاه إسرائيل لشرح المبادرة العربية للسلام، وعن حديث عن زيارات مرتقبة لوزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس إلى المنطقة، ولعدد من مساعديها الآخرين، تحضيراً للاجتماع الدولي حول الشرق الأوسط المزمع عقده بدعوة من الرئيس بوش في نيويورك في تشرين الثاني (نوفمبر) القادم.

ما هو هذا السر؟!

وتساءلت المصادر عن السر الذي يكمن وراء تكثيف الاتصالات السياسية بين رام الله وتل أبيب، وبين تصعيد العدوان ضد قطاع غزة.

وتخوفت المصادر أن يكون خلف هذه السياسة الإسرائيلية محاولة لاستغلال الانقسام الفلسطيني، وبما يمكن إسرائيل من تحقيق هدف مزدوج في المرمى الفلسطيني: توجيه ضربات موجعة للمقاومة المسلحة في القطاع، وفي الوقت نفسه الالتفاف حول العملية التفاوضية بمناورات سياسية يغطيها اجتماع نيويورك.

فمنذ أن حسمت حماس الموقف في غزة لصالحها بقوة السلاح، واستولت على السلطة بديلاً للسلطة الفلسطينية الشرعية، أخذت الدوائر المعنية في تل أبيب تتحدث عن قيام دولة «حماسستان» في القطاع،

وتتحدث في الوقت نفسه عن الخطر الذي يشكله هذا التطور على أمن المناطق الإسرائيلية المجاورة للقطاع، وذهبت الدوائر الإسرائيلية بعيداً في تحليل الوضع في القطاع حتى أنها توقعت أن يتحول جنوب لبناني آخر، على غرار ما كان عليه الجنوب اللبناني قبل انتشار الجيش اللبناني والقوات الدولية في أعقاب عدوان تموز ( يوليو ) وتجاهلت هذه الدوائر أن الجنوب اللبناني، يوم كان في عهدة حزب الله ، كان مفتوحاً من الشمال على دعم متواصل من العمق اللبناني الأمر الذي وفر لحزب الله وللجنوب العديد من عوامل الصمود وبناء البنية التحتية الضرورية لمجابهة العدوان.

بينما يعيش قطاع غزة ، قبل انقلاب حماس ، حالة من الحصار القاسي، حرمته من التزود بالحد الأدنى من الحاجات اليومية، فارتفعت فيه نسبة البطالة والفقر واتسعت دائرة الجوع، وصار الهم الأكبر توفير لقمة العيش للجائعين، وزجاجة الحليب للأطفال، وحبة الدواء للمرضى. وبالتالي أن يتحول القطاع إلى جبهة مفتوحة ضد إسرائيل على غرار جبهة الجنوب (ملاجئ، وصواريخ بعيدة المدى كالتي أطلقت في تموز ( يوليو ) 2006 ، ودفاعات جوية، وصواريخ أرض ـ بحر).

لم يكن إلا تحريضاً إسرائيلياً، لن يطال حركة حماس وحدها، بل سيطال الأذرع الفلسطينية المسلحة، وكذلك أبناء قطاع غزة ، دون تمييز بينهم، ودليل ذلك أن العدوان الإسرائيلي طال المدنيين الأمنيين في منازلهم الفقيرة كما طال مقاتلي المقاومة من كل الفصائل دون استثناء.

وبالتالي فإن الحرب التي تشنها إسرائيل ليست ضد حماس وحدها بل هي ضد كل الشعب الفلسطيني، ولكنها تتم بذريعة محاربة حماس بذريعة أنها فصيل إرهابي.

السؤال الواجب طرحه

لذلك يصبح السؤال التالي محقاً: هل يحق لإسرائيل أن تتذرع بالانقسام الفلسطيني ـ الفلسطيني، وبأنها تستهدف حماس وحدها، كي تواصل عدوانها ضد قطاع غزة؟

قبل الرد على هذا السؤال لا بد من التوضيح أولاً أن العدوان، لا يطال قطاع غزة وحده، بل يطل الضفة الفلسطينية كذلك، وعلى القاعدة نفسها: أي عدم التمييز بين المتسهدفين لا على أساس سياسي ولا على أساس تنظيمي.

ولا نذيع سراً إن قلنا إن عدد الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ أن أطلقت سراح الدفعة الأخيرة من الأسرى، جاوز 250 أسيراً، وهو عدد الذين تم إطلاق سراحهم.

وبالتالي فإن إسرائيل تلعب اللعبة نفسها منذ أن أخذت تطلق سراح الأسرى بموجب «تفاهمات» و«اتفاقات» مع السلطة ومع الجانب الفلسطيني المفاوض.

وهي اللعبة التي تقود إلى المزيد من المعتقلين، وبحيث أن عددهم في سجون الاحتلال في تزايد، وليس في تناقص. وواضح أن سياسة محاولة تحطيم الإرادة الفلسطينية عبر اعتقال أكبر عدد من المواطنين مازالت هي السياسة السائدة في تل أبيب.

كما أن سياسة القمع الدموي مازالت هي السائدة من خلال عمليات التوغل والمطاردة التي تتواصل في أنحاء مختلفة من الضفة الفلسطينية، دون اعتبار لمحاولات الإيحاء أن اللقاءات بين عباس وأولمرت بدأت تثمر إيجاباً.

وقد أوضحت المواقف الإسرائيلية المتباينة أن إجراءات الجيش الإسرائيلي، في مطاردة كوادر المقاومة، وعلى الحواجز، لا تخضع إلا لاعتبار واحد: ما يراه الجيش صحيحاً.

أما ما يقوله أولمرت لعباس فليس إلا للاستهلاك السياسي.

لذلك يدور لغط الآن حول مصير 180 مطارداً في الضفة الفلسطينية يقول الجانب الفلسطيني المفاوض أنهم أوقعوا تعهدات بعدم الاشتراك في أعمال «عدائية» ضد جيش الاحتلال، مقابل وقف مطاردة الجيش الإسرائيلي لهم، بينما تنفي إسرائيل علمها بالأمر تماماً، ويتحدث ناطق باسم الجيش الإسرائيلي أن الأوامر مازالت تقضي بمطاردة هؤلاء واعتقالهم (اقرأ: قتلهم بدم بارد).

إذن، العدوان مستمر في الضفة الفلسطينية رغم أنها مازالت تحت إدارة السلطة الشرعية برئاسة الرئيس عباس وحكومة سلام فياض. وما يرتكبه العدوان في الضفة لا يقل وحشية عن عدوانه على القطاع.

السياسة الإسرائيلية المعروفة

إذن (أيضاً) ما يجري في القطاع، لا علاقة له بالانقسام الفلسطيني بل هو استمرار لسياسة إسرائيلية معروفة على الدوام لكنها تحاول أن تتسر بالانقسام.

يذكر هنا أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود أولمرت، ورئيس هيئة أركانه غابي أشكنازي، كانا قد أوضحا عن نواياهما إزاء قطاع غزة حين نفيا أن يكون الجيش الإسرائيلي بصدد التحضير لعملية كبيرة في القطاع، لكنهما لم يخفيا أن جيشهما بصدد التحضير لعمليات «جراحية» هنا وهناك، تطال بعض كوادر المقاومة، وربما بعض القيادات السياسية.

العدوان الإسرائيلي رسالة جديدة إلى الفلسطينيين، مفادها أن تل أبيب ليست إلى جانب عباس.

أو أنها لا تضرب القطاع لأنه يخضع لسيطرة حماس .

إسرائيل تمارس سياساتها الاستراتيجية العدوانية ضد الفلسطينيين وشعارها: مواصلة الضرب ضد الفلسطينيين، وأنه ليست هناك محادثات معهم.

ومواصلة المحادثات معهم، وكأنه ليست هناك عمليات عسكرية.

ومحاولة تحقيق المكاسب عبر المسارين: في العدوان إلحاق أكبر قدر من الخسائر في صفوف الفلسطينيين لكسر شوكتهم.

وفي المفاوضات، المزيد من التعنت وتفعيل الوصول إلى تسوية تضمن حقوقهم.

ومن الطبيعي أن تحاول إسرائيل استغلال الخلافات والانقسامات الفلسطينية بما يوفر لها الغطاء السياسي، ويبرر لها عدوانها، على الأقل في عيون بعض الأطراف الدولية.

الكرة في الملعب الفلسطيني: قطع الطريق على المناورات السياسية الإسرائيلية والتصدي للعدوان، عملان يفترضان وضع حد لحالة الانقسام والعمل على إعادة توحيد الحالة الفلسطينية الداخلية.

المصدر