أوسلو ما زال حياً!

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أوسلو ما زال حياً!
سلام فياض 2.jpeg

بقلم : معتصم حمادة

حدثان لم تعرهما الصحافة الاهتمام الكافي.

- الأول حين منعت سلطات الاحتلال الدكتور سلام فياض رئيس الحكومة من افتتاح عدد من المدارس بنتها السلطة الفلسطينية في عدد من بلدات شمال غرب القدس التابعة للمنطقة «ب» حسب تصنيفات اتفاق أوسلو.

- الثاني حين قامت هذه السلطة بتجريف طريق شقته حديثاً حكومة فياض في إطار مشروعها لتنمية منطقة الأغوار.

في الحدث الأول رسالة أن تصريحات زعماء إسرائيل بموت اتفاق أوسلو شيء، والالتزام بالاتفاق شيء آخر. فالاتفاق ما زال قائماً، وعلى الجانب الفلسطيني الالتزام بنصوصه، وبناء عليه تظل صلاحيات (بل وواجبات السلطة الفلسطينية) في إقامة المؤسسات الخدمية وإدارة الشؤون الحياتية للفلسطينيين في المنطقة "ب"، أي بعبارة أخرى، تنحصر مهمات السلطة الفلسطينية في المنطقة "ب"، في إعفاء الاحتلال من أعباء الشأن اليومي للفلسطينيين، دون أن تتجاوز ذلك نحو ممارسة أي شكل من أشكال السيادة الإدارية على هذه المنطقة، حتى ولو كانت زيارة لرئيس الوزارة لافتتاح مدرسة أو اثنتين، بنيتا بأموال الجهات المانحة.

في الحدث الثاني رسالة شديدة الوضوح أن سلطات الاحتلال تلجأ من جانب واحد، وفي مخالفة فجة لاتفاق أوسلو، إلى رسم حدود التسوية الدائمة، حتى قبل الدخول إلى قاعة المفاوضات، وفي المقابل رسم حدود الحركة الفلسطينية بناء على المخطط الإسرائيلي للتسوية الدائمة. ولأن الأغوار (30% من مساحة الضفة)، وحسب المخطط الإسرائيلي، الذي كشف عنه نتنياهو، ستضم إلى إسرائيل، فانه يحظر على الفلسطينيين أن يمدوا يدهم خارج حدود "الدولة" الفلسطينية التي رسمتها حكومة نتنياهو في تصورها للتسوية الدائمة.

هاتان الرسالتان تحملان في طياتهما خلاصات سياسية لا يمكن تجاهلها في سياق متابعتنا للعملية التفاوضية وما يمكن أن تسفر عنه من نتائج.

• إن إسرائيل لا تخفي رضاها، بل حماستها، لمشروع فياض التنموي في مناطق الضفة، وهي لا تعارض أن تزيد الجهات المانحة من حجم تمويلها للسلطة بحيث تقفز موازنتها السنوية من 1,7 مليار دولار إلى 3,1 مليارات دولار، ما دامت هذه المشاريع لا تتجاوز حدود الصلاحيات السياسية للسلطة الفلسطينية، وتصب في الوقت نفسه في بناء البنية التحتية لمشروع نتنياهو للتسوية المسمى "السلام الاقتصادي".

أي توفير كل ما من شأنه رفع سوية الحياة اليومية للفلسطينيين وسد حاجاتهم، وبما يعزز خلودهم إلى الهدوء والاستقرار، والابتعاد عن العنف والصدام مع سلطات الاحتلال.

• إن إسرائيل وهي تشجع السلطة الفلسطينية على تعزيز دورها التنموي (إلى جانب دورها الأمني)، فإنها في الوقت نفسه رسمت للمشروع التنموي حدوداً جغرافية ستقود بالنتيجة إلى رسم حدود الدولة المؤقتة كأمر واقع ويمكن تلمس حدود الدولة المؤقتة عبر انتشار المشاريع، وعبر استطلاع المساحة المسموح للسلطة ومؤسساتها وإداراتها بالتحرك فيها.

• في الوقت الذي تكتفي فيه السلطة الفلسطينية بالاحتجاج والشجب والاستنكار، على منع فياض من افتتاح المدارس وعلى جرف الطريق الجديد في الأغوار، تدير سلطات الاحتلال أذناً صماء لهذه الاحتجاجات، في ظل غياب كامل لأي رد فعل للجانب الأميركي وللجنة الرباعية.

كل هذا يشير، دون أدنى شك، إلى أن مشروع فياض بناء البنية التحتية للدولة الفلسطينية المستقلة يصطدم بمخططات الاحتلال للتسوية الدائمة.

وأن سقف مشروع فياض، عملياً، سوف يهبط، ليبقى عند الحدود السياسية والجغرافية التي يرسمها له الاحتلال في الضفة.

من هذا مثال رفض السلطات الاحتلال السماح ببناء مطار للسلطة الفلسطينية (في إطار البنية التحتية للدولة) في المناطق الجرداء من الأغوار.

ويلاحظ، في السياق، أن وتيرة حماسة فياض لمشروعه (مشروع البنية التحتية للدولة المستقلة) قد خفت، بعد أن اصطدمت بعقبتين: الأولى إجراءات سلطات الاحتلال وتعطيلها لعناصر جوهرية في هذا المشروع.

والثانية تعطل العملية التفاوضية واصطدامها بالتعنت الإسرائيلي، خاصة أن فياض راهن على وصول المفاوضات إلى التسوية خلال عام، مستنداً في ذلك إلى "وعد" الرئيس باراك أوباما .

اللافت للنظر، أيضاً، أن فياض، وهو يتراجع، تكتيكياً، عن مشروعه لإقامة الدولة الفلسطينية لم يطرح حتى الآن البديل الممكن، الأمر الذي يبقي مشهد الدولة الفلسطينية هذا مشهداً ضبابياً إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه.


المصدر