أخي المعتقل .. بل أنت رقم !
بقلم : حازم سعيد
(11/03/2014)
دشن نشطاء حملة ناجحة ورائعة بعنوان " أنا مش رقم " أرادوا من خلالها إيصال رسالة للمجتمع بكل أطيافه أن كل معتقل جديد من مؤيدي لشرعية ليس مجرد رقم يضاف لعداد المعتقلين المتزايد والذي وصل إلى ما يقرب من 22000 معتقل بسجون الانقلابيين .
أنت رقم فاعل وقوي وكبير جداً ..
وأنا أؤيد هذه الحملة وما أرادته وأؤكد أن هذا المعتقل ظلماً وجوراً وعسفاً في سجون الانقلابيين ليس مجرد رقم ، لأنه إنسان كريم يبني بلده بين طبيب أو مهندس أو أستاذ جامعي أو محاسب أو مدرس ومعلم ومربي للأجيال أو صانع أو عامل أو فلاح .. في كل الحالات هو إنسان يشارك بجهده في صناعة الأمة .
وهو من وجهة ثانية ابن أو أخ أو زوج أو أب لأسرة هو لها كل حياتها ، له مشاعر إنسانية وعاطفة يشيعها ويبثها على من حواليه ، وهو مع ذلك يحبس لأنه يرفض أن يباع رأيه وعقله بخساً ، ولا بحتى دراهم معدودات ، ليحرم من الحياة الطبيعية الإنسانية الكريمة ، ويمنع من ممارسة أدني حقوقه في الحياة ، ويحاول الجناة قهره في ظل ظروف لا إنسانية ، وتنتهك عاطفته وإنسانيته ويلقى بها عرض الحائط بلا تفكير ولا قلب ولا أدنى ذرة من رحمة عند الجاني الانقلابي ..
ويفعل الانقلابي الخسيس به ما يفعله من تنكيل وتعذيبٍ وانتقام ، لا لشئ إلا أنه أراد الكرامة والحرية لبلده ومواطنيه ، وأن يعيش حراً في زمن أراد له الجناة أن يعيشه عبداً ذليلاً خاضعاً . ويكفينا ما نقلته التليجراف البريطانية من شهادات حية على ما يحدث من انتهاكات ضد الآدمية في سجون الانقلابيين ...
والمعتقل في المقابل – ومن الناحية الثورية - شخص فاعل قوي مؤثر وبصورة فتاكة جعلت الانقلابيين لا يطيقون بقاءه حراً طليقاً يهتك أسرارهم ، ويقلم أظافرهم ، ويعري باطلهم أمام العالم كله ، ويجتث الانقلاب من جذوره .
هو إذاً من الناحية الإنسانية " مش مجرد رقم " ، ولكنه من الناحية الثورية : رقم فاعل وعنصر قوي وكيان منتج وإنسان مؤثر ، لهذا يحبسه الانقلاب ويغيبه وراء الأسوار ، كما غيب – ويغيب – إخوانه الشهداء عن الحياة الدنيا بالكلية .
بسمتك الرقيقة .. بلسم للمؤمنين وصاعقة على الظالمين
رغم كل ما يعانيه المعتقل من ظروف غير أدمية بكل المقاييس ووفق كل الأعراف ، فإنه لا تفارقه بسمته الرقيقة الحانية .
إنها بسمة عجيبة غريبة بسيطة وغير متكلفة ، تحير الألباب ، وتأسر العقول ، ما الذي يفعله الله بهؤلاء الرجال ، أي مدرسة تربوا فيها وتخرجوا منها ، فتجعل هذه البسمة على وجوههم !
أي ثقة واطمئنان وراحة بال وأنس وسكينة يعيشها هؤلاء الأبطال !
أي ثبات وإقدام وشجاعة ويقين يرفل فيه أولئك الأسود !
أجيبكم : إنها مدرسة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم التي علمتهم الصبر واليقين في موعود الله سبحانه ، ورافدها دعوة الإخوان المسلمين التي علمتهم أن عليهم واجب البذل والعطاء للأمة دون انتظار جزاء أو شكورٍ من أحد ، بل ربتهم على أن دربهم هو درب المرسلين من قبلهم ، فهو درب الابتلاء ، لذا فقد أعدوا عدتهم من حبل موصول بالله سبحانه ، وفهم واضح لطبيعة الطريق لا يعتوره أي لبس أو غبش ، فكان من جراء ذلك هذا الهدوء الذي ينعكس على وجناتهم ببسمة رقيقة صافية تأسر المؤمنين ، وتقتل الظالمين .
وأما كيف تأسر المؤمنين ، فانظر إلى وجوههم وهم يبتسمون – أخي المؤيد للحق والشرعية – تعرف ما أقول ، وأما الظالمين ، فيكفيك أن تنظر للواء شرطة وهو يخاطب بعض من اعتقلهم من المتظاهرين : " انتوا إيه نعمل فيكوا إيه تاني ؟ قتل وقتلناكم ، حبس وحبسناكم ؟ غاز وبهدلناكم ؟ طب نعمل فيكم إيه تاني " ويكاد هذا الظالم يجن من ثبات أنصار الحق والشرعية .
خلوتك مع ربك .. وكفى بربك هادياً ونصيراً ..
ثم أنا أجيبك الإجابة الحاسمة التي تفسر هذه البسمة العجيبة وتلك الثقة الفريدة وذلك الثبات المبهر بآيات من كتاب الله المعجز ، لتعرف عظيم فضل الله سبحانه ، وأنه صاحب الفضل الأول ، وأنه ذو المنة الكاملة التامة ، فهو الحنان المنان الذي يحب عبده المؤمن وهو الركن الركين لكل مستضعف ، وهو العدة والسكن والأنس ...
" الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ، ألا بذكر الله تطمئن القلوب " .
" والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا ، وإن الله لمع المحسنين " .
" ومن يؤمن بالله ، يهد قلبه " .
" إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " .
" ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ... يا الله .. فهو حسبه .. فهو كافيه .. فهو معينه .. فهو ناصره .. فهو مؤيده .. فهو مثبته .. فهو منزل السكينة عليه .. فهو قاهر ظلامه وجلاديه .. يا الله .. فهو حسبه .
" إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد " ، ومعروف بالتواتر أن أحد أهم صور نصرة الذين آمنوا في الحياة الدنيا هو تثبيتهم علي الحق الذي معهم وارتفاع شأن ما يعتقدونه على كل المحن والآلام .. من هنا تأتي البسمة الصادقة على وجوه المجاهدين .
إنها نفس المدرسة ، ونفس العناية الإلهية الربانية التي أنطقت موسى من قبل " كلا ، إن معي ربي سيهدين " .
إنه ذات المحضن الذي أنطق الله من خلاله سيد البشر صلى الله عليه وسلم " ما ظنك باثنين الله ثالثهما " لينزل فيها قرأناً يتلى إلى يوم القيامة : " إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " .
إنه المناخ الذي قال رب العزة جل وعلا عن أصحابه : " وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَاناً وَتَسْلِيماً " .
إن المعتقلين والمجاهدين ومؤيدي الشرعية من نفس الفئة والطائفة المؤمنة التي قال عنها ربنا : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " فما كان جزاؤهم يا رب ؟ ، " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم " .
لقد أورثهم الله العزة ، وخلع عنهم جينات العبودية إلا له سبحانه ، فنحن وهم قوم أعزنا الله بالإسلام ، نحن وهم نلتزم بما علمناه رب العزة سبحانه وأمرنا به : " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " . يقول الألوسي رحمه الله في تفسيره : "فلا تهنوا ولا تحزنوا ـ أيها المؤمنون ـ فإن الإيمان يوجب قوة القلب ومزيد الثقة بالله تعالى وعدم المبالاة بأعدائه " .
من هنا تجد أخي القارئ ذلك الثبات وتلك الثقة وهذه البسمة الرقيقة الصافية الحانية على وجوه الأسود المعتقلين .
الإعداد لما وراء ذلك من الأمر
الأمر بمجمله لا يعدو كونه إعداداً وتهيئة لما وراءه من الأحداث الكونية التي يدخرها الله لهذه الأمة المسلمة المؤمنة الراشدة المجاهدة .
الله سبحانه يخرج هذا الجيل من تربية القصور والبيوت الراقية إلى تربية المجاهدين والصالحين ومن قبلهم الأنبياء ، وكما أعد الله سبحانه يوسف من قبل لتحمل الرسالة بالسجن من بعد عيشة القصور ، وكما أعد الله سبحانه موسى من قبل لتحمل الرسالة بالتغريب من بعد عيشة القصور ، فإن الله سبحانه يعد هذا الجيل بالسجن والسحل والاعتقال والتعذيب لحمل أمانة القيام بأعباء خلافة على منهاج النبوة الراشدة .
والله سبحانه علمنا في محكم كتابه الكريم في أكثر من موضوع ، وفي العديد من الآيات البينات والتي منها ما قصه سبحانه بين موسى والخضر ، أن الأمور لا تقاس بظاهرها ، وإنما لكل أمر باطن لا يعلمه إلا الله سبحانه ثم من يلقي الله عز وجل في روعه من حكمته وعلمه وبصيرته من المؤمنين ..
" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" .
الله .. الله .. الله .. رضينا يا رب . آمنا يا رب . تيقنا يا رب . توكلنا عليك يا رب ... حسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم . حسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم . حسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم .
أخي المعتقل الكريم .. أخي مؤيد الشرعية :
أنت فعلاً مش رقم ، أنت إنسان مكرم ، أنت وارث محمد صلى الله عليه وسلم ، وأنت رافع راية الحق ، وأنت حجة الله على الطغاة الظالمين .. فالله معك .
كبسولة : أحيي أختنا الكريمة الأستاذة شرين عرفة ، وكذلك الأخ الفاضل الأستاذ أحمد عطوان على مقالتيهما القيمتين اللتين نشرتا في نافذة مصر هذا الأسبوع وكلتاهما تحمل معنى ( سيسي كوهين – عميل الصهاينة ) وبعد قراءتهما أصبحت متيقناً من أن السيسي فعلاً عميل لليهود في مصر ، وأقترح أن يكون اسم السيسي ( من هنا ورايح ) : " سيسي كوهين " ، وهو فعلاً مثله مثل إيلي كوهين بالضبط رجل مزورع داخل كياننا العربي الإسلامي ليضعف مصر وهي الحصن الأول في مواجهة الصهاينة .. فلك الله يا مصر .. وحق على الناس أن يفهموا ! ولا عزاء للأغبياء وعبيد البيادة .
Hazemsa3eed@yahoo.com
المصدر
- مقال:أخي المعتقل .. بل أنت رقم ! موقع:نافذة مصر