أخطاء الإخوان بعد الثورة !

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أخطاء الإخوان بعد الثورة !

بقلم : حازم سعيد

(24/10/2014)

تمهيد

هذا هو الجزء الثاني من سلسلة ( نحو حسم ثوري لا يسرقه العسكري ) ، وهي سلسلة أتناول فيها بعض المفاهيم السائدة بالتحليل والرأي متعمداً تناولها بوجهة أخرى على خلاف الموجود في الإعلام والميديا ، خاصة تلك القضايا التي يغلب فيها التناول الإعلامي وجهة نظر أحادية وتسود وتترسخ كأنها قوانين وقواعد ونظريات صائبة لا تحتمل الخطأ ، مع أن إعمال الفكر فيها بشئ من التدبر قد يجد وجهة أخرى مختلفة تماماً عما يتناول به الأمر ..

تناولت في الجزء الأول موضوع ( هل كانت ثورة 25 يناير من تبير المجلس العسكري ) ، وأتعرض في هذا الجزء لموضوع ( أخطاء الإخوان ) بالرأي والتحليل فإلى الموضوع :

على مدار العام الفائت ومنذ انقلاب ( 30 سونيا - 3 يوليو ) والناس كلهم يخوضون في موضوع أخطاء الإخوان ، وأصبح الأمر من المسلمات : لقد أخطأ الإخوان ( بما يعني الذنب والجريمة ) وتسببت أخطاؤهم في نجاح العسكر في انقلابهم وتحقق الثورة المضادة ، ووجب على الإخوان أن يعترفوا بهذه الأخطاء ويعتذروا عنها ويعلنوا ندمهم عليها حتى لا يتكرر الأمر مرة أخرى ، وحتى يقبلهم رفقاء الثورة ( إن تعطفوا وارتضوا بذلك ) ...

زاد الأمر عن حده وتعالت وتيرته في الأسبوعين الأخيرين بعد خطأ أحد محرري إخوان أون لاين بنشره تدوينة عن معنى كلمة فالكون لأحد الخليجيين وفيها من المبالغة ما فيها ، ليتطور الأمر ويستخدمه إعلاميون فضلاء ليصبح خطأ هذا المحرر خطأً للإعلام الإخواني وهو بالتبعية ضمن أخطاء إدارة الإخوان ، كيف تم هذا الربط والاستدعاء للمصطلح لمجرد خطأ محرر ؟!!!! ( مع أن الحكم بخطأ المحرر ليس من المسلمات ، تراه مبالغة وقد لا تراه عقول أخرى خروجاً عن المنطق ) .

ثم شاهدت في عديد من الفقرات الحوارية نفس مضمون ( خطأ الإخوان ) على بعض قنوات دعم الشرعية وكلا المتناولين للموضوع ( المذيع والضيف ) يستخدمون المصطلح كبديهية ونظرية وقاعدة ومسلمة من المسلمات أثناء حوارهم مهما كان المضمون والموضوع .... لذلك كان لابد من هذه النقاط :

أولاً : حرص الميديا على ترسيخ نظرية أن الإخوان أخطؤوا ، وعدم الحديث عن خطايا الآخرين :

وهي خطيئة أحسبها متعمدة من منتسبي ثورة 25 يناير من غير الإسلاميين ، وأظنها نوعاً من تبرير الجناية والجريمة التي وقعوا فيها بثورتهم المزعومة ( 30 سونيا ) ، والتي جاءت ضد التجربة الديمقراطية الحرة والتي تلت ثورة 25 يناير .

ولقد وقع في هذا الفخ إعلاميون فضلاء ، بل وكثير من أبناء الإخوان بانهزامية شديدة ، الكل أصبح يتحدث في قضية مسلمة وبديهية في الطرح ( لقد أخطأ الإخوان .... - رغم أخطاء الإخوان ... - لابد للإخوان أن يعترفوا بأخطائهم ... ) إلى آخر تلك الصيغ التي أراها مفخخة وملغمة .

يمكنني أن أفهم الحديث عن أخطاء الإخوان داخل الصف الإخواني كنوعٍ من التناصح ، وأفهمه حق الفهم حين أسمعه من مخلصين منتمين لهذا الصف ويتحدثون مع قيادات الصف الإخواني بلغة واضحة وبينة ، ولكن بفهم وفقه النصيحة وفي إطاره الطبيعي ...

أما أن أسمعه من منافسين للإخوان ويعتبرون الإخوان من ألد الأعداء ، وانحازوا للعسكري وأكدوا وجوده بسدة الحكم بثورة مضادة وانقلاب على مبادئ الحرية والديمقراطية ، فلا يمكن أن أضعه أبداً في مصاف إحسان الظن أو الاعتراف بما يقولون .

وحين أقارن حال هؤلاء ومعهم كثرة أهل الإعلام ( حتى من يظهر منهم بقنوات دعم الشرعية أو ما شابهها ) بحال ثلاثة من أكثر من اختلفوا مع الإخوان واختلف معهم الإخوان ( حازم صلاح أبو إسماعيل - عصام سلطان - أبو العلا ماضي ) ثم أرى خلق ومروءة وشرف هؤلاء الثلاثة في الانحياز لمبادئ الثورة وتحمل الضريبة كاملة ، ويشكرون ربهم على وقوفهم في هذا الخندق ، أعلم الفارق ، وأتيقن كذلك من صحة ما أتحدث عنه .

أنا لا أثق ولا أحسن الظن ولا أوافق على هذا الطرح الإعلامي المكثف والذي يختار أوقاتاً عجيبة للحديث عن أخطاء الإخوان ، وأشعر فيه بمزيد التربص لمن يتناول هذا الطرح ، فما علاقة خطأ محرر بموقع الإخوان حتى أربط بينه وبين أخطاء إدارة الإخوان وأدشن البوستات والحملات والبرامج حول هذا الموضوع ؟

هل ظهور هذا الطرح وازدياده متعمدٌ في هذا التوقيت الذي بدأ فيه تأييد العسكري في الانحسار ، والمد الإخواني إلى ازدياد ، مع تصاعد الحراك الطلابي وما بثه من روح وأمل في نفوس الثوار ؟

في مقابل كل ذلك لم .. ولا أرى أحداً يتحدث عن خطايا فصائل الثورة الآخرين وجرائمهم وعظيم جنايتهم التي ارتكبوها والتي سأفصلها في النقطة التالية إن شاء الله ، فما هذه المفارقة ؟!

لا يحدثني أحد عن أن الإخوان هم الفصيل الأكبر ولا أنهم تولوا الحكم وبالتالي فمن الطبيعي أن يتحدث الجميع عن أخطائهم لكونها أشد تأثيراً ، فما رأى هؤلاء أبداً الإخوان على أنهم فصيلاً أكبر ، وما تولى الإخوان الحكم يوماً ما ، بل كانت واستمرت ولا زالت عناصر الدولة العميقة متحكمة ومتجذرة في مفاصل المؤسسات إلى أن نفذوا الانقلاب والثورة المضادة باقتدار وبمساعدة هذه العناصر التي انهالت معاولها الكلامية وعلى الأرض لتحطيم الإخوان والرئيس الإخواني ، فليس مقنعاً أن يصدر مثل هذا الطرح منهم .

ثانياً أخطاء فصائل الثورة الأخرى :

أما أخطاء فصائل الثورة الآخرى فهي خطايا وجرائم وجنايات ، ولولا قدر الله الغالب بوجود مثل هذه الأخطاء ما نجح الانقلاب وما استطاع العسكر الخائنون من إنفاذه ..

إنها موبقات وفظائع لا يتحدث عنها أحد ، بدأت بافتراض المنافسة مع الإخوان بدلاً من الشراكة في الثورة واستمر ذلك المعني إلى الآن بمفهوم ( عداوته ما حييت ) ، ولقد استمعت إلى أحد الطلاب المنتمين لكيان يقوم بالثورة على المزاج ويطلق عليه ( 6 أبريل ) وكان يتحدث عن بيان طلابي مشترك بين كيانه وبين بعض الكيانات التي منها طلاب التيار الشعبي ( الاشتراكي ) والمنتمين لمصر القوية فإذا بالطالب يسب ويشتم الإخوان ( المعتقلين والمطاردن والمغدورين ) أكثر مما تحدث عن بيانه الذي يطالب فيه بالإفراج عن الطلاب المعتقلين !!!!!

كلها خطايا وجرائم بدأت بمبدأ عداوته ما حييت ومرت بالانحياز لخندق العسكر رغم أنهم عادوا الإخوان من قبل لأنهم باعوهم في محمد محمود لهؤلاء العسكر !!!!! ومروراً بمحاربة الرئيس المنتخب وعدم التفريق بين مآلات اجتهادات الإخوان والتي أسفرت عن مناخ الديمقراطية والحرية وبين النتائج الوخيمة لقرارات العسكر وتفضيلهم لقرارات العسكر عن مآلات اجتهادات الإخوان ، وانتهاءاً بالإقرار والتفويض والفرح بدماء الإخوان التي سالت .

جنايات وجرائم وخطايا وحماقات لا يتحدث عنها الإعلام ولا يطالب أصحابها بالاعتراف بها والاعتذار عنها ، في مقابل صخبهم وضجيجهم وسعارهم بمطالبة الإخوان بالاعتراف بأخطاء ( غير مسلم بها ) والاعتذار عنها ، فأي ظلم هذا وأي طغيان وأي جور ، ما هذه القسمة الضيزى ! ، هلا يعدل هؤلاء في مطلبهم وينصفوا في دعاويهم !

ثالثاً : كيف يقدر هؤلاء أخطاء الإخوان ؟

خاصة وكل من يتحدث عن أخطاء الإخوان يتناولها بما صارت إليه الأمور الآن وينظر تحت قدميه ، ولا يرى ما ستصير إليه الأمور في الغد بعد نجاح الثورة ، وهي ستنجح إن شاء الله وإن رغمت أنوف .

الناس تحكم الآن بمآلات الوقت الحاضر الذي هو موجة من موجات التدافع علا فيه صوت الباطل قليلاً بهذا الانقلاب الخسيس ، ولا ينظرون إلى جولة التدافع القادمة والتي هي للحق وأهله إن شاء الله .

كما أنهم لا يقيسونها وفق كونها أخطاء في أمور اجتهادية ( إن سلمنا بها ) ، أم هي أخطاء متعمدة في قراراتٍ الحق فيها واضح بين للعيان و ( استهبل الإخوان ) وانحازوا عن هذا الحق ، والباطل فيها لا يختلف عليه اثنان و ( تآمر الإخوان على أنفسهم وعلى ثورتهم وعلى بلدهم ) وقرروا أن يختاروا الباطل .

كذلك لا يقيس هؤلاء تلك الأخطاء المزعومة المظنونة بدوافعها ، وهل هي في طور الإصلاح ولكنها حملت اجتهاداً مخطئاً أم أنها مقصودة لتسهيل سرقة وفساد وتحكم ورشوة ومحسوبية ... الخ الخ

كذلك لا ينظر هؤلاء للآلية ولا الطريقة ولا كم الدراسات والاستشارات التي اتخذ بها الإخوان قراراتهم وكم الجهد والدأب الذي بذلوه لتكون مآلات القرارات سليمة وعلى حق وهدى ونور .

لم يوضح لنا كل أولئك الذين يطالبون الإخوان بالاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها كيف قاسوا تلك الأخطاء ولا كيف قدروها ، أزعم أنهم هم المخطئون وهم الذين يسيئون التقدير ، وهم المنخدعون بعلو صوت الباطل في جولة تدافع ، ولم يروا النجاح الذي حققه الإخوان بالحفاظ على كون العلاقة والتدافع ضد العسكر والدولة العميقة على أنه حالة ثورية متأججة ، ولم يروا كيف تغلب الإخوان محطة بعد محطة على خداع العسكر ومحاولتهم الدائبة لسرقة البلد بصورة ناعمة ودون أن يظهر الأمر على أنه ثورة مضادة أو انقلاب ، فما كان من الإخوان إلا أن أفشلوا ذلك واضطروا العسكر وسحبوهم سحباً رغم أنفهم إلى الانقلاب وإلى الوضوح في الجريمة بما فيها من دماء وانتهاكات وإلى كونها ثورة مضادة باقتدار ... مما ساعد على إحياء المد الثوري من جديد وبقاء روح الثورة كما هي في البلد ...

لم يرى مطالبوا الإخوان بالاعتراف بأخطائهم والاعتذار عنها كل ذلك ، وأخذوا يرددون في موجات متتالية متلازمة كأنهم يعزفون ، وهو عزف نشاز ، أخطأ الإخوان .. أخطأ الإخوان .. أخطأ الإخوان ..

رابعاً : نعم أخطأ الإخوان :

وأنا أقول لهم : نعم أخطأ الإخوان .

لقد أخطأ الإخوان لأنهم علمونا أن مصلحة الأوطان فوق مصلحة الأشخاص والجماعات والهيئات ، وأن العمل لصالح بلادنا وأوطاننا في سبيل الله هو أسمى الأعمال وهو من مراتب الجهاد .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم علمونا أن حياتنا وأنفاسنا وأموالنا لا تعني شيئاً أمام غاياتنا وأهدافنا ومصالح بلداننا وأوطاننا .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم عودونا البذل من أنفسنا وأوقاتنا وأعمارنا ونسترخص ذلك أمام حبنا لديننا ودعوتنا ووطننا ، وعلمونا ألا نمن بذلك على أحد ، وعلمونا أن هذا العطاء وهذا البذل وهذه التضحية هي من نعم الله علينا أن هدانا لهذا الطريق فالمنة والفضل كله لله العظيم .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم علمونا حب الخير للناس ، فلا نعادي أحداً أو نكرهه مهما لاقيناه من الأذى أو التنكيل أو الانتقاص من أعراضنا وسمعاتنا ، ونحب الهداية له أكثر مما نحب القصاص منه .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم قدموا آلاف الشهداء وآلاف المعتقلين وآلاف المطاردين من أجل نجاح هذه الثورة التي أتت لمصر بالحرية والكرامة والعدالة .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم قدموا التضحيات من النفس والمال والعرض بلا حساب ولا منة ولا كلل ولا يأس .

نعم أخطأ الإخوان لأنهم علمونا الحب بغير حدود ، نحب الله سبحانه ونحب الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالح والصالحين والمجاهدين على مر العصور والأزمان ، ونحب كل من يحمل الخير لبلدنا ووطننا .

فاللهم ارحم الإخوان وأزواج الإخوان وأبناء الإخوان ومن يحب الإخوان .

اللهم أمتنا مع الإخوان واحشرنا مع الإخوان في زمرة أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم الواردين على حوضه والمحشورين في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ... آمين .. آمين .. آمين

يتبع إن شاء الله ...

كبسولة :

الخائن محمد إبراهيم يقول أنه يخشى أن يجري انتخابات الآن لأن الذي سينجح فيها هم الإخوان والسلفيون ، والله العظيم لو عاوز يثبت إنه زور انتخابات الرئاسة الانقلابية واستفتاء دستور إلهام ما كان له أن يوفق إلى هذا القول ... يخرب بيت الغباء ..

لكن ليست هذه هي المشكلة .. المشكلة هي كيف استطاع هذا الغبي هو ورئيسه الهاشتاج بهذه الإمكانيات الذهنية من خداع رئيسنا وبطانته الذين معه وهم من هم من الفراسة والذكاء .... سبحان الله ...


hazemsa3eed@yahoo.com

رابط الجزء الأول :هل كانت ثورة 25 يناير صنيعة المجلس العسكري ؟

المصدر