أحمد ماهر يكتب : درس سناء سيف
(1 يونيو 2016)
بصراحة، عندي حالة من الكسوف والخجل من نفسي من ساعة ما عرفت اللي عملته سناء سيف، إنها جينات عائلة سيف.. ما هذه العائلة ! أبقى كذاب لو نكرت إني ساعات بقول لنفسي إيه اللي أنا علمته في نفسي ده؟ إيه اللي جابني هنا، أنا أخدت إيه غير السجن والبهدلة، وكمان تشديد وغلاسة وتكدير ورقابة طوال الوقت، وكمان فوق دة كله ظلم برة السجن وتخوين وتشويه وتدمير للسمعة واختراع لقصص الخيانة والعمالة والتمويل، حتى التعاطف والتضامن في مصر بالمزاج وبيخضع لمبدأ الأهل والعشيرة والصحاب والخيار والفقوس، أنا إيه اللي عملته في نفسي ده؟!
أكيد الواحد ساعات بتمر عليه لحظات صعبة، إحباط وملل وبدايات يأس، أثناء فترات الغلاسة أو أثناء حملات التخوين في الإعلام أو مع قلة التضامن، أو مع زيادة الإحساس بالظلم من كل الاتجاهات، أو مع تراكم وازدياد المشاكل العائلية أو المادية
أو لما بشوف أخبار الانتهازيين اللي وصلوا لمناصب أو دخلوا البرلمان بعد ما شاركوا فى حبسنا وباركوا قانون التظاهر أو بعد ما شاركوا في حملات التشويه والتخوين وهم أكثر ناس عارفين إن كل الكلام ده كذب وتلفيق وليس له أساس من الصحة، ساعات بفتكر كانوا زمان عاملين إزاي و دلوقتي عاملين إزاي بعد الخسة والندالة وقلة الأصل .
أكيد بتيجي لحظات بداية إحباط وأسئلة زي.. هو حد حاسس بحاجة أصلا؟ هو ممكن يكون في نتيجه ممكن تحصل ولو بعد سنين، هو فعلا ممكن في يوم من الأيام الحقيقة تظهر والظلم ينجلي وإن الناس تخرج من نظرية المؤامرة ويبتدوا يفكروا تفكير منطقي بدل التفسيرات السهلة وجو المؤامرة الكونية؟ هل ممكن نلاقي إن الانتهازيين والمتسلقين يتفضحوا وتنكشف حقيقتهم ونذالتهم؟
طب هل ممكن ضميرهم يصحى لو لسة موجود أو يجيلهم إحساس بالذنب وضميرهم يؤنبهم بسبب تنفيذهم لأوامر الأجهزة الأمنية بتشويه وشيطنة الناس المطلوب تدميرهم واغتيالهم معنويا حتى وهم في السجن؟ وهل ممكن ضميرهم يصحى ويفتكروا اللي - للأسف - علمهم كلمة زمان أو – بسذاجة - وصولهم للإعلام واعتمد عليهم أو وثق فيهم ولو لحظة .
طبيعي أي إنسان يجيله لحظات إحباط وفقدان يقين في كل شئ خصوصا في لحظات زيادة الظلم، وساعات بتيجي أسئلة من نوع تاني زي.. يا ترى لما أخرج هلاقي الدنيا عاملة إزاي؟ وهاعمل ايه؟ وهل ممكن تجنب السجن تاني؟ ولو مش علشاني يبقى عشان أمي ومراتي وعيالي اللي اتبهدلوا؟ ولا هلاقي نفسي في السجن تاني بتهم هبلة قبل كل مناسبة أو حدث؟ وهل السفر ممكن؟ وهل السفر صح أصلا؟ ولا هروب وجبن؟ وهل هيسبوني في حالي؟ ولا الرغبة في الانتقام هتفضل موجودة عندهم؟ وهل الناس هاتسيبني في حالي؟ وهل أصلا مسموح أكون في حالي؟ ويعني إيه أكون في حالي؟ هل ممكن؟ وإزاي؟
أعتقد أن العظيمة سناء سيف كانت إجابتها عملية على أسئلة زي دي، مافرقش معاها بهدلة السجن، ما فكرتش في الهروب، ما حطيتش في اعتبارها كلام الناس والهري والرغي وسخافة السخفاء ومزايدة المزايدين، بصراحة الواحد مكسوف من نفسه، إنها لعظيمة تلك العائلة .
تضحيات كثيرة تتضائل أمام تضحيات سناء اللي بتقول لناس اجمدوا، بتقول لنا اليأس خيانة وإن لازم ندفع الثمن عشان الناس تبدأ تفكر وتتكسف من نفسها، يمكن ناس يراجعوا نفسهم، ويمكن ناس ضميرهم يصحى، ويمكن ناس يحاولوا يصلحوا جريمة المشاركة في تمرير قانون التظاهر، أو جريمة الإيحاء إن البرلمان كان ممكن يعدل قانون التظاهر.
سناء بتقول لسة في أمل مهما بقى عددنا قليل ومهما شوهوا فينا، بتقول لينا اعمل اللي انت مقتنع بيه ودافع عن مبادئك مهما كان الثمن، يمكن في ناس تحس على دمها، سناء بتقول لينا أن التضامن يكون مع المبدأ مش بالشخصية أو على حسب درجة الصحوبية، سناء بتقول للي في السجن اوعوا تضعفوا أو تحبطوا، وبتقول لناس كتير خلي عندكم دم واتحركوا وإلا البلد للأسف كلها هتلبس في الحيط.
المصدر
- مقال: أحمد ماهر يكتب : درس سناء سيف موقع كلمتي