أحمد شوبير يكتب: اضربوا بيد من حديد على الفاسدين
هل آن لثورة ٢٥ يناير أن تمتد لكل الميادين لتضرب بيد من حديد على من تسول له نفسه نشر الفساد وسرقة أصول وأحلام المصريين.. هل آن لثورة ٢٥ يناير أن تمتد إلى المصالح الحكومية لتقتل الرشوة والإكراميات وتعيد الصورة الجميلة للموظف المصرى هل آن لثورة ٢٥ يناير أن تمتد إلى الشوارع، فتعيد الانضباط إلى إشارات المرور وتعيد الهدوء إلى شوارع القاهرة،
وتعيد السيارات للركن صفاً واحداً وتعيد الهدوء بعيداً عن الضجيج والإزعاج المستمر وتعيد النظافة من جديد إلى شوارعنا بعد أن قاربت جميعها أن تصبح مقلب زبالة كبيراً هل آن لهؤلاء الشباب الذين رفعوا أطنان القمامة من ميدان التحرير بأنفسهم بعد نجاح ثورتهم والذين أعادوا الجمال إلى بعض الشوارع فى الدقى والمهندسين والزمالك وبعض شوارع الإسكندرية هل آن لهم أن يقوموا بثورة جديدة لتعليمنا ثقافة الانضباط والنظافة والهدوء والاختلاف باحترام بعيداً عن الضوضاء والإزعاج هل آن لثورة ٢٥ يناير أن تخرس ألسنة المتطاولين الذين ملأوا الشاشات والبرامج رذاذاً سافلاً منحطاً ودنيئاً لا يعبر إلا عن بيئة فاسدة تربوا فيها وعليها ووجدوا من يحيطهم بالرعاية والأضواء..
هل آن لثورة ٢٥ يناير أن تعيد الناس إلى أعمالهم، فيجدوا ويكدوا ويتعبوا حتى يفوزوا فى النهاية بإنتاجهم وتفوز معهم مصر كلها باقتصاد حر يكون ملكاً لنا لا لغيرنا، فلا تحتاج لمعونات أو مساعدات من أحد، فلسنا أقل من الهند أو كوريا أوماليزيا أو تركيا، بل إننا أفضل بكثير فقط نتعلم من هؤلاء الشباب الذين أعطونا الدرس الأكبر فى حب الوطن وأكدوا لنا ما كنا نسمعه ولا نعيه فى الأغانى لأم كلثوم وعبدالوهاب وشادية وعبدالحليم، فعرفنا لأول مرة أن حب الوطن فرض علينا أن نفديه بروحنا وأعيننا، ففعلها أبناؤنا الشهداء الذين جاوزوا الثلاثمائة بكثير،
فافتدوا الوطن بأرواحهم حتى نعيش نحن وعرفنا أيضاً ما قالت أم كلثوم عندما غنت: «أنا الشعب لا أعرف المستحيل ولا أرتضى بالخلود بديلا»، فذهب الشهداء إلى الخلود وبقينا نحن نحاول أن نكفر عن ذنوبنا وأخطائنا التى امتدت لسنوات طويلة كنا نظن فيها أن حب الوطن يعنى ما جاء على لسان شادية فى: «يا حبيبتى يا مصر» فقط لا غير، ولكن جاء هؤلاء الشباب بنين وبنات ليفضحونا جميعاً وليؤكدوا أنهم الأكبر قيمة والأعلى هامة فى تاريخ مصر كلها لأنهم لم يكتفوا مثلنا بأن يجلسوا فى مقاعد المتفرجين،
بل أحياناً المشجعين، فصمموا على النزول إلى أرض الملعب والاشتراك فى المباراة بل الفوز بها ليس لأنفسهم، ولكن لمصر ومستقبلها، فأكدوا أن شباب مصر هم ثروتها وكنزها الحقيقى ويكفى ما قاله كل زعماء العالم بدءاً من الرئيس الأمريكى أوباما الذى قال إننا نتعلم من المصريين لقد أثبتوا أنهم أفضل شعب فى العالم وعلى نهجه سار كل الرؤساء والزعماء فى كل أنحاء العالم، لذلك أرى أن ثورة ٢٥ يناير لابد أن تستمر كل يوم، بل كل دقيقة، فلا يجب أن تتوقف عجلة العمل ولا يجب أن نتفرغ للمظاهرات والاعتصامات،
فكل ما يحدث الآن يفسد مسيرة الإصلاح ويجهض ثورة طالما حلمنا بها وهى ثورة العمل، فالثورة ليست فى تغيير رئيس أو إبعاد حكومة، ولكن الثورة الحقيقية فى تغيير أسلوب الحياة، فليس من المعقول أن نصرخ جميعاً على ماما وبابا يعنى الحكومة وأعوانها لأن اقتصادنا هو بالأساس اقتصاد القطاع الخاص وليس كل رجال الأعمال فاسدين قليل منهم فقط، أما الباقون، فكلهم شرفاء يعشقون الوطن ويعملون من أجله،
بل على أتم الاستعداد أن يقدموا هم أيضاً كل أنوع الفداء من أجل الوطن من هنا وجب على ثورة ٢٥ يناير وشباب ورجال وشيوخ هذه الثورة أن يحافظوا عليها وأن يعضوا بالنواجز على كل مكسب فيها راعوها وكبروها واجعلوها العنوان الدائم لمصر الجديدة مصر العمل والاحترام مصر الثقافة والالتزام اقرأوا قصائد الشعر الجديدة لعبدالرحمن يوسف وهشام الجخ ذاكروا قصائد الأبنودى وجمال بخيت غنوا ألحان الشريعى شاهدوا برامج محمود سعد وعمرو أديب اسمعوا نصائح عمرو خالد وصفوت حجازى ذاكروا كتب علاء الأسوانى وطارق البشرى اقرأوا مقالات عادل حمودة ومجدى الجلاد وإبراهيم عيسى راجعوا كل ما كتب الرجل مجدى مهنا استعينوا بنصائح العلامة الشيخ محمد الغزالى
وأعيدوا تفسير الشعراوى والجندى للقرآن الكريم وخذوا العظة من البابا كيرلس وخلفه البابا شنودة ارسموا لوحات صلاح جاهين وصلاح طاهر ذاكروا تاريخ وصف مصر لجمال حمدان تنفسوا حرية وأزجال أحمد فؤاد نجم وبيرم التونسى خوضوا تجربة طلعت حرب ومصطفى كامل استمعوا لصوت أم كلثوم وتعلموا من إصرارها أعيدوا كاريزما عبدالناصر فى بدايات الثورة ونجاحات السادات فى انتصار أكتوبر وحسنى مبارك، صاحب الضربة الجوية، والمشير أحمد إسماعيل، قائد النصر، والجمسى، مخطط المعركة،
والشاذلى، صاحب مدرسة الفنون العسكرية، انزعوا الغل من قلوب بعض المصريين واجعلوه عملاً وروحاً وأملاً واذكروا شهداءكم فى ميدان التحرير والسويس والإسكندرية والعريش والغربية وكل محافظات الجمهورية ارفعوا رؤوسكم للحرية واخفضوها بحب واحترام وأنتم تتكلمون مع الآباء وأولياء الأمور اقتربوا كثيراً من بعضكم اقتلوا الفتن ومن يحرض عليها أنسونا للأبد كلمة مسلم ومسيحى فى مصر، وتذكروا كلمة البابا الخالدة «إن مصر ليست وطناً نعيش فيه، بل هى وطن يعيش فينا» زيدونا من دروسكم بدرس جديد وهو حب العمل والإنتاج أرجوكم لا تجعلوه شعاراً نختبئ جميعاً خلفه،
بل اجعلوه ميثاق حياة اجعلونا نشعر بالأمان والاطمئنان فى بيوتنا وشوارعنا ومساجدنا وكنائسنا فى كل مكان، فأنتم الذين حميتم هذا الوطن وقت أن وقعت المؤامرة بعد أن أخرجوا المساجين والبلطجية وأطلقوهم على الشعب ليفاجأوا بوحوش هبوا للدفاع عن العرض والشرف والأمانة، فاستمروا حافظين للأمان والوطن..
اجعلوا من الأذان بهجة ومن دقات أجراس الكنائس فرحة دعونا نعيش فى أمن وأمان لأن خلفنا وأمامنا أبطال ٢٥ يناير تسامحوا ولا تصنفوا الوطن ولا أبناءه وابدأوا صفحة جديدة مع الجميع ولكم فى رسول الله أسوة حسنة عندما فتح مكة بعد أن أخرجه أهلها منها ليعود منتصراً فاتحاً وليطلق قولته الشهيرة «اذهبوا وأنتم الطلقاء» إنه يوم الرحمة وخذوا العبرة من المسيح عندما هم الجميع بقتل مريم المجدلية، فقال لهم قولته الشهيرة «من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر» وبالطبع لم يرجمها أحد..
خذوا من القرآن والإنجيل والتوراة وحكمة الحكماء ابنوا بلدكم، فقد تكون الفرصة الأخيرة لتعود مصر مع الكبار أعيدوا فتح الفنادق فى كل مكان وعمروها سافروا إلى شرم الشيخ والغردقة وكل مكان فى مصر لنعيد الثقة لأبناء مصر.
المصدر
- مقال:أحمد شوبير يكتب: اضربوا بيد من حديد على الفاسدينجريدة المصرى اليوم
