أحمد الشرقاوي يكتب: النظام والفوضى في القرن الحادي والعشرين
في العام 2004 وخلال فترة عملي كمدير لمكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية في العاصمة البريطانية لندن، طلب مني رئيس المؤسسة الأستاذ محفوظ الأنصاري أن أبحث في كل مكتبات لندن عن كتاب بعنوان: تحطم الأمم، النظام والفوضى في القرن الحادي والعشرين (The Breaking of Nations- Order & Chaos in 21st. Century) للدبلوماسي البريطاني المخضرم روبرت كوبر.وطلب مني الأنصاري أن أحصل على الكتاب بسرعة وأن أرسله للقاهرة بأسرع وسيلة ممكنة.
الطلب الغريب والسريع، وبالمناسبة كان أول طلب له وربما الأخير، جعلني أبحث عن الكتاب حتى وجدته، وقررت أن أشتري نسخة إضافية لأعرف ما الذي يحويه هذا الكتاب ليثير شغف وفضول رئيس التحرير للحصول عليه وقراءته بهذه السرعة، وكان الكتاب في الأسبوع الأول من إصداره في ذات العام، وبعد فترة وجيزة من الغزو الأنجلو-أميركي للعراق وإسقاط نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
ووجدت أن الكتاب يتكون من مجموعة أوراق بحثية أعدها المؤلف روبرت كوبر ونشرها في بعض المجلات المتخصصة. وكوبر باحث ودبلوماسي بريطاني، كان أحد المستشارين المقربين من رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير قبيل الحرب على العراق، ويعد أحد الدعاة المتحمسين للتدخل العسكري من جانب أوروبا والولايات المتحدة في المناطق المضطربة من العالم بحجة الحفاظ على السلم الدولي، وهو المظلة التي سوغت الحـرب الأميركية على العراق عام 2003.
وفي كتابه يسعى كوبر إلى التبرير للفكرة قانونياً وأخلاقياً، على اعتبار أنها ضرورة لضمان الحفاظ على الاستقرار العالمي، وحتمية تقود إليها دراسة العالم المعاصر. وينسب كثير من المعنيين إلى كوبر دوراً مهماً في قرار توني بلير رئيس الوزراء البريطاني التحالف بقوة مع الولايات المتحدة في خوض الحرب على العراق، وتقديم الدعم السياسي والعسكري غير المحدود الذي أصبح مثاراً لجدل سياسي وفكري مطول داخل المملكة المتحدة وخارجها.
ينقسم كتاب كوبر إلى ثلاثة أجزاء، أولها بعنوان "وضع العالم"، والثاني بعنوان "شروط السلام: دبلوماسية القرن الحادي والعشرين"، أما الجزء الثالث والأخير فهو بعنوان: "أوروبا وأميركا". وينتهي الكتاب بخاتمة ثم تعقيب بعنوان "السلام الأميركي- Pax Americana"، والذي يتضمن دفاعاً قوياً عن السياسات الأميركية، واستخدام القوة العسكرية الأميركية لترسيخ "القيم الديمقراطية"، وإقرار السلام في المناطق المضطربة من العالم.
يقول كوبر في مقدمة كتابه: إن القرن الجديد معرض لأن تسحقه الفوضى والتكنولوجيا، فهذان العاملان المدمران للتاريخ يمكن أن يعزز أحدهما الآخر. وقد خلقت القرون الماضية ذخائر على شكل تعصب وطني وأيديولوجي وديني تكفي لتوفير بواعث للتدمير.
ويرى كوبر أن انتشار الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل على السواء يشير إلى عالم تفقد فيه الحكومات الغربية السيطرة؛ إذ يمثل انتشار تكنولوجيا الدمار الشامل إعادة توزيع هائل للقوة بعيدا عن الدول الصناعية والديمقراطية المتقدمة، ولصالح دول أصغر قد تكون أقل استقراراً وليس لديها إلا القليل لتجازف به في عالم يسوده النظام، حسب قوله.
وفي أول إجازة في القاهرة، قابلت الأستاذ محفوظ الأنصاري وحكيت له القصة، وقلت له إنني اشتريت نسخة من الكتاب وقرأتها، ففرح فرحا شديدا ودعاني على الغداء لمناقشة الكتاب في جلسة استمرت 4 ساعات في أحد المطاعم القريبة من مقر المؤسسة بوسط القاهرة، وفي هذا تفصيل آخر الأسبوع المقبل إن شاء الله.
المصدر
- مقال: أحمد الشرقاوي يكتب: النظام والفوضى في القرن الحادي والعشرين موقع كلمتي