أبو عماد الرفاعي: عملية تل أبيب أعطت قوةً لحوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة

من | Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين |
اذهب إلى: تصفح، ابحث
أبو عماد الرفاعي: عملية تل أبيب أعطت قوةً لحوار الفصائل الفلسطينية بالقاهرة
05-04-2005

حوار: استشهاد عز الدين

المقدمة

- باعتقادي لن تصمد التهدئة كثيرًا أمام الخروقات الصهيونية

- بقاؤنا خارج العملية السياسية الداخلية اليوم قوةٌ لنا وليست تهميشًا

- لا بد من إقران رفض التوطين بالمطالبة بحق العودة

نشأت حركة الجهاد الإسلامي في أواخر السبعينيات على يد مجموعة من الشباب الفلسطيني، أثناء دراستهم الجامعية في مصر بقيادة الدكتور فتحي الشقاقي، الذي اغتاله جهاز الموساد الصهيوني في مدينة (سليما) بمالطة يوم 26/10/ 1995 م، وللحركة عدة مبادئ تشكل إستراتيجيتها ورؤيتها تجاه القضية الفلسطينية، وتتمثل في الالتزام بالإسلام عقيدةً وشريعةً ونظامَ حياة وأداةً لفهم طبيعة الصراع الذي تخوضه الأمة الإسلامية ضد الكيان الصهيوني، وأن فلسطين- من النهر إلى البحر- أرض إسلامية عربية، يحرم شرعًا التفريط في أي شبر منها، وأن الوجود الصهيوني فيها باطل، ويحرم الاعتراف به، ويلزم تعبئة الجماهير الفلسطينية وإعدادها إعدادا جهاديًّا- عسكريًّا وسياسيًّا- بكل الوسائل التربوية والتثقيفية والتنظيمية الممكنة لتأهيلها للقيام بواجبها.

وتنفيذًا لهذا النهج قامت سرايا القدس (الجناح العسكري لحركة الجهاد) بالعديد من العمليات العسكرية والاستشهادية داخل حدود الكيان الصهيوني وفي الضفة وغزة؛ مما أدى بالسلطة الفلسطينية للتصادم معها أكثر من مرة، خاصةً بعد رفض الحركة لاتفاق أوسلو وما نتج عنه من تفاقمات، وهو ما دفع الولايات المتحدة الأمريكية كذلك إلى وضعها على قائمة الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وكانت آخر العمليات الاستشهادية لحركة الجهاد هي تلك التي قام بها أحد أعضاء سرايا القدس في مدينة تل أبيب خلال الشهر الجاري؛ مما أدى إلى تفجير التهدئة التي عقدها أبو مازن مع الصهاينة خلال مؤتمر شرم الشيخ في الثامن من فبراير الماضي.

وأعلنت الفصائل الفلسطينية- بما فيها حركة الجهاد- الالتزام بها؛ مما وضع العديد من علامات الاستفهام حول موقف السلطة من الحركة إثر العملية الاستشهادية، ووضْع الحركة في حوار الفصائل الفلسطينية الذي عُقد بالقاهرة في الخامس عشر من مارس الجاري، وأسباب قبول حركة الجهاد باتفاق التهدئة الجديد الذي التزمت به الفصائل في حوار القاهرة، وأخيرًا وضع الحركة على الساحة الفلسطينية، خاصةً مع عملية الحراك السياسي الكبير الذي تشهده البلاد، وتأخذ حركة الجهاد منه موقفًا حذرًا لم تتضح معالمه الكاملة بعد.

وفي محاولة لمحو علامات الاستفهام كان لـ(إخوان أون لاين) هذا الحوار مع أبو عماد الرفاعي- ممثل حركة الجهاد الإسلامي بجنوب لبنان .

  • بداية نعود إلى ما قبل حوار القاهرة ، وتحديدًا عملية تل أبيب الأخيرة، والأسباب التي أدت بالحركة لاتخاذ قرار تنفيذها؟
جاءت العملية في أجواء تتحدث عن التهدئة واستمرارها، في حين أن الواقع العملي يؤكد أن الفصائل التزمت مع السيد أبو مازن بالتهدئة لمدة شهر واحد فقط تمت العملية بعد انقضائه بالفعل، وكنتيجة ورد طبيعي على الخروقات الصهيونية للتهدئة على مسار الشهر السابق للعملية، والتي بلغت 1200 خرق، من بينهم استشهاد أحد عشر فلسطينيًا على أيدي الصهاينة، واستمرار المطاردات والاعتقالات لعدد كبير من عناصر المقاومة، ومصادرة مساحات كثيرة من الأراضي، والشروع في بناء 6000 وحدة احتلالية في الضفة الغربية، واستمرار العمل بجدار الفصل العنصري، والالتفاف حول عملية إطلاق سراح الأسرى.
  • ألم تسبب العملية حرجًا لبعض الأطراف، وخاصةً السلطة الفلسطينية؟ ولماذا كان ترددكم في البداية بالإعلان عن مسئولياتكم عنها؟
بالفعل قد تكون العملية- نظرًا لحجمها وضخامتها- مثلت حرجًا للسلطة وبعض الأطراف الإقليمية، ولكننا تعاملنا معها بطرق معينة لامتصاص هذا الحرج، كان من بينها التردد في الإعلان عن مسئوليتنا عنها في البداية، وكذلك التأكيد أننا على المستوى السياسي للحركة لم يكن لدينا علم بها وأنها شأن عسكري، ولكن ما يعنينا هنا أنها مثلت ردًا- لا بد منه- على العدوان الصهيوني وخرقه للتهدئة.
  • هل كانت عملية تل أبيب سببًا في الحديث الذي دار حول إقصاء حركة الجهاد من حوار الفصائل بالقاهرة ؟
لم يتم التطرق إلى هذا الأمر، فحركة الجهاد فصيل رئيسي في الساحة الفلسطينية، ولا يمكن لأحد تجاوزه أو إقصاؤه، لكن ما تم هو منع شارون لوفد الحركة بالداخل من المشاركة، وهو أمر متوقَّع من قوة احتلال واغتصاب.
  • هل أضعفت العملية من موقف الحركة خلال الحوار الفلسطيني؟
على العكس تمامًا، بل كانت عامل قوة ليس للجهاد فقط بل للحوار نفسه؛ حيث وجهت رسالةً للصهاينة وللعالم أجمع أن المقاومة حين تلتزم بتهدئة ليس ذلك عن ضعف أو عدم قدرة على الاستمرار في برنامجها وحماية أرضها وشعبها ومقدساتها، وإنما لأننا نسعى إلى المصلحة الوطنية، وترتيب البيت الفلسطيني، وقطع الطريق على فتنة داخلية يجرُّنا إليها الجانب الصهيوني.


حوار الفصائل الأخير بالقاهرة

  • وما الضمانات التي تلقيتموها في حوار القاهرة وتحول بين تكرار الخروقات الصهيونية للتهدئة؟
باعتقادي ليس هناك ضمانات حقيقية حتى من الدولة راعية حوار الفصائل (مصر)، فالكيان الصهيوني لم يقدم أي ضمانات أو يلتزم بشروط مع الدول التي بينه وبينها اتفاقات ومعاهدات كمصر والأردن والسلطة الفلسطينية، فكيف سيلتزم بالتهدئة التي التزمتها الفصائل؟!، ومن ثم فلدينا قناعةٌ أن الصهاينة سيخرقون هذه التهدئة، ولن تستمر حتى نهاية العام، ولكننا وافقنا على التهدئة للأسباب التي ذكرتها من قبل، إضافةً إلى أن الرئيس أبو مازن رأى أنها ستدعم موقفه في حواره مع الأمريكان والأوروبيين، مع الاحتفاظ بحقنا في الرد والمقاومة على أي خرق أو اعتداء صهيوني، وحددنا سقفًا زمنيًا للتهدئة حتى نهاية العام الجاري.
  • بالرغم من إعلانكم الالتزام بالتهدئة مع عدم وجود ضمانات لالتزام الطرف الصهيوني بها.. إلا أن هذا لم يكن مُرضيًا للإدارة الأمريكية والصهيونية، فطالبوا بتفكيك البنى التحتية للمقاومة ونزع أسلحتها، وعرضوا عدة بدائل لاحتواء عناصر أجنحتها العسكرية، كتوظيفهم في الجهاز الأمني للسلطة الفلسطينية، ونقل المطارَدين إلى أريحا تحت رقابة السلطة، وعدم خروجهم منها مقابل وقف المطاردة، وإسقاط الأحكام الصادرة ضدهم.. فما تعليقكم على هذا؟
نحن على قناعة تامة بأن نتائج الحوار لن تُرضيَ هذين الطرفين؛ لأنهما لا يريدان سوى فرض أجندتهما علينا، والتي تهدف إلى القضاء على روح المقاومة وليس نزع السلاح فقط، وهذا تحدٍّ كبير لا يستهدف فلسطين وحدها وإنما المنطقة ككل، ونحن ندرك هذا جيدًا، ونرى أن الحل هو التفافنا حول قضيتنا، وتوحيد صفوفنا، وترتيب بيتنا الفلسطيني وتحصينه؛ حتى لا تنزلق السلطة نحو أي من المربعات التي يريد الصهاينة والأمريكان دفعَنا إليها، ولن نقبل بحال من الأحوال دمجَ أجنحة المقاومة في السلطة، سواء وظائف إدارية أو عسكرية، طالما بقي الاحتلال على أرضنا، ولم يتحرر كامل التراب الفلسطيني، وتقام عليه الدولة المستقلة كاملة السيادة.
أما بالنسبة لمسألة نقل المطارَدين والنشطاء لأريحا، والذين بلغت أعدادهم في تقدير البعض ما يزيد عن الأربعمائة فهو أمر مرفوض تمامًا أن أطلب من شخص دافَع عن أرضه في جينين وطولكرم ومُزجت بدمائه ودماء أقرانه أن يتخلى عنها إلى مكان آخر، هذا نوع من الجنون.

نرفض دمج الأجنحة العسكرية للمقاومة في مؤسسات السلطة

  • بماذا تعلل ضعف مشاركة حركة الجهاد على الصعيد السياسي الفلسطيني، رغم وجودها بقوة على ساحة المقاومة وتحديدًا فيما يخص موقفكم من الانتخابات البلدية والتشريعية؟
القضية الفلسطينية قضية سياسية بامتياز، ونحن جزء من هذا العمل، سواء على مستوى مشاركتنا في حوار الفصائل أو مواقفنا المختلفة، وليس لنا موقفٌ مضادٌّ للانتخابات البلدية، فهي تُعنى بالشأن الخدمي لشعبنا، ومقاطعتنا للمرحلة الأولى منها تعود للاعتراض على شكل الانتخابات وقانونها، وقد نشارك في المرحلة القادمة بعد التعديلات التي أقرها إعلان القاهرة، أما بالنسبة للانتخابات التشريعية فإننا لن ندخل في اللعبة السياسية الداخلية على مستوى المؤسسات الفلسطينية لاعتبارات خاصة بكون المجلس التشريعي مكبلاً باتفاقات مع الجانب الصهيوني.. نحن نعترض عليها من الأساس، وبالرغم من ذلك فإن موقفنا من المشاركة في الانتخابات التشريعية لم يتحدد بعد، ولكن الأرجح أننا لن نشارك، وهذا لا يعني أننا لسنا في عمق العمل السياسي في المجتمع الفلسطيني.
  • اتفقت (حماس ) معكم من حيث المنطلقات والرؤية للإطار الذي تسير فيه القضية الفلسطينية، واتحدت مواقفكما في العديد من المناسبات، فلماذا يختلف اليوم بالنسبة للانتخابات التشريعية؟
اسماعيل هنية
نعم.. نتفق نحن والإخوة في ( حماس ) في كثير من الأمور، وخاصةً الأساسية منها.. مثل موقفنا من الاحتلال، وإسلامية القضية، وضرورة استمرار المقاومة، وحدود فلسطين من البحر إلى النهر.. لكن لكل منا رؤيته في شأن الانتخابات، ونحن نرى أنه طالما بقي الاحتلال جاثمًا على صدورنا فلن نشارك في عملية سياسية ومجلس يلتزم بسقف أوسلو، بالرغم من انتهائه عمليًا، بل ويحكم الحوارَ السياسي أو التفاوضي اليوم سقف أسفل من أوسلو، وهو خارطة الطريق، فإذا تغيرت هذه العوامل سنكون جزءًا أساسيًّا من العملية الانتخابية.
  • ألن يؤدي ذلك الموقف إلى تهميشكم على الساحة السياسية الفلسطينية؟
بل قد يكون نوعًا من القوة أن نبتعد في هذه المرحلة بالذات عن التجاذبات الداخلية، وألا ندخل لعبةً سياسيةً غير واضحة المعالم، وأن نبقى في حال تيقظ، بعيدًا عن تجاذبات المصالح والمكاسب السياسية، وهو ما يحقق تطلعات الناس والتفافهم حول حركة الجهاد اليوم.
  • اخترتم طريق المقاومة فالتفَّت حولكم الجماهير الفلسطينية، واليوم في ظل الحراك السياسي الذي تمر به فلسطين يخشى أنصارُكم أن يأتي العمل السياسي على حساب برنامج المقاومة، فهل هذا أحد العوامل التي تحُول بينكم وبين المشاركة في الانتخابات التشريعية؟!
بالفعل هذا جزء رئيسي من موقفنا، فنحن نرى أن فلسطين لم تحرر بعد، وبالتالي الدخول في العملية السياسية الانتخابية قد يمثل لنا حرجًا في بعض المواقف، ويبعدنا عن تطلعات شعبنا، خاصةً بالنسبة للمقاومة، وهذا جزء من رؤيتنا وفهمنا لواقع وطبيعة الانتخابات والمجتمع الفلسطيني والاحتلال الصهيوني.
  • وماذا عن انضمامكم لمنظمة التحرير الفلسطينية؟
ليس لدينا مشكلة في الانضمام إليها، شريطةَ أن تعاد هيكلتُها وفق ضوابط واضحة تعزز الميثاق الوطني الفلسطيني الذي تم الإعلان عنه في مطلع الستينيات، وتلك الخطوة أيضًا ستكون في إطار وحدة الشعب الفلسطيني وتنظيم صفوفه.

القرار 1559 يستهدف تصفية القضية الفلسطينية

  • بصفتك ممثل حركة (الجهاد) بجنوب لبنان.. ما تداعيات اغتيال الحريري وتفعيل القرار 1559 على القضية واللاجئين الفلسطينيين؟
القرار 1559 لا يستهدف سوريا فقط، وإنما المقاومة اللبنانية والفلسطينية، وشطب حق عودة اللاجئين، وسحب سلاحهم، رغم أنه سلاح فردي خفيف، وليس كما صوَّرته وسائل الإعلام، وقد تم الاتفاق عليه مع اللبنانيين بعد دخول الجيش اللبناني إلى المخيمات الفلسطينية عام 1991 م وسحب أسلحتهم الثقيلة، كما يهدف القرار إلى تمرير مسألة توطين اللاجئين، سواء في لبنان أو الدول العربية، وحماية الأمن الصهيوني ، خاصةً في شمال فلسطين .
كما أن للقرار علاقةً بإعادة رسم المنطقة كلها من جديد وفق الرؤية الصهيوأمريكية، وهو ما يجب أن ينتبه إليه الشعب اللبناني بكل طوائفه وأحزابه واتجاهاته، وموقفنا تجاه قضية توطين اللاجئين واضح، رغم ما نعانيه من ظروف اجتماعية واقتصادية صعبة للغاية، فإننا لن نخرج من لبنان إلا إلى فلسطين ، وهو ما نعلنه ونؤكد عليه في كافة محادثاتنا لجميع الأحزاب والقوى السياسية ب لبنان ، وأننا لن نكون ورقةً يلعب بها طرف ضد الآخر على حساب قضيتنا وحقنا في العودة إلى ديارنا، ونطالب كل من يتفق معنا في رفض التوطين أن يقرنه بحق العودة؛ حتى لا يسقط هذا الحق فلا نعود إلى ديارنا ولا نوطَّن بغيرها، وبذلك نتحول إلى الشتات، وهو ما لن نقبله.
  • هل يُفهم من ذلك أن هناك تنسيقًا بينكم وبين (حزب الله) لمواجهة هذه التداعيات والاستهداف؟
نعم.. هناك تنسيق بيننا وبين (حزب الله ) وكافة ألوان الطيف السياسي بلبنان ، وكذلك قوى المقاومة والممانعة في أنحاء الأمة، ولن يمكنني التصدي للتوحش الأمريكي وتربص المتربصين إلا بهذه الوحدة، والالتفاف حول مصالح الأمة، فأمريكا لن تبقى على عنجهيتها إلى ما لانهاية، وطالما هناك شعوب تريد أن تتحرر فستفعل.
  • هل أتت نتائج القمة العربية الأخيرة لصالح القضية الفلسطينية؟
نحن لا نعوِّل على القمة العربية، فلا زالت الأنظمة العربية مفككةً داخل بلادها، وفي علاقتهم المتبادلة شروخ يصعب رأب الصدع فيها، وكذلك كل نتائج القمم السابقة كانت مؤسفةً تجاه القضية، حتى وإن صدرت قراراتٌ إيجابية تبقى حبيسة الأدراج ولا ينفَّذ منها شيء، وقبيل كل قمة يضع الشارع العربي يدَه على قلبه أن تقدم القمة الجديدة تنازلات أكثر مما قدمت سابقاتها، ربما لا زالت الشعوب العربية قويةً، ولديها ممانعة تحول دون هرولة حكوماتها للتطبيع مع الكيان الصهيوني ، لكننا قلقون جدًا من البعض الآخر، ونخشى أن يأتي اليوم الذي يقدِّم فيها ما بقي من القضية الفلسطينية على مائدة القمة العربية لقمةً سائغةً للصهاينة.

المصدر